-1 مدخل :في مطلع الأربعينات ظهرت في بعض أقطار الوطن العربي حركة نضالية عربية، تربط بين الكفاح ضد الاستعمار على الصعيد العربي، وبين النضال ضد التجزئة والتخلف والواقع الطبقي القائم على الاستغلال والاضطهاد.وقد دعت هذه الحركة إلى تحقيق الوحدة العربية، وإقامة النظام الاشتراكي وتحرير الوطن العربي من الاحتلال والسيطرة الأجنبية.وكانت ترى أن تحقيق هذه الأهداف من الشروط الأساسية لتحقيق الانبعاث للأمة العربية، وبوساطة هذه الأهداف يمكن حل التناقضات التي تعرقل مسيرة الأمة العربية، وتعرقل طاقات الجماهير، ونضالات شعوبها، لخلق المجتمع العربي الموحد الاشتراكي المتحرر.وقد ظهرت هذه الحركة أول ما ظهرت خلال الأعوام (1940 – 1947 ) كرد فعل على ضم لواء الاسكندرونة السوري إلى تركيا واغتصاب اليهود لفلسطين، وكانت بداية ظهورها بين أوساط بعض الطلاب الذين التفوا حول بعض أساتذتهم أمثال ميشيل عفلق وصلاح البيطار.. وغيرهما، وشكل هؤلاء الطلاب وأساتذتهم تجمعاً عرف باسم ( البعث العربي ) توج بانعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب في دمشق في الفترة ما بين 7-4 إبريل/ نيسان 1947م وتحول هذا التجمع فيما بعد إلى حزب سياسي له برنامج ونظام داخلي ووثائق سياسية، ومن حينها صار يعرف باسم (حزب البعث العربي).وفي الفترة ما بين (1947 – 1958) شهد الحزب تطورات كبيرة من الناحيتين الفكرية والتنظيمية، خصوصاً بعد اندماجه بـ ( الحزب العربي الاشتراكي ) في نهاية عام 1952م الذي كان يرأسه حينذاك أكرم الحوراني، وصار أسمه بعد ذلك يعرف بـ ( حزب البعث العربي الاشتراكي ) ومن حينها اتسعت قاعدته وازداد أنصاره، وانضم إليه أعداد غفيرة من المثقفين العرب والطلاب في القطر العربي السوري، وفي غيره من الأقطار العربية، وانتقل نشاطه من سوريا إلى بعض الأقطار العربية، وصار له أنصار ومؤيدون في بعض الأقطار العربية الذين أسسوا فروعاً للحزب في أقطارهم.وفي عام 1954م انعقد المؤتمر القومي الثاني للحزب تم فيه انتخاب أول قيادة قومية للحزب، ومن حينها صار نضال الحزب نضالاً قومياً من أجل مقاومة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، ومحاربة الأحلاف العسكرية الاستعمارية، ودعم نضال الشعوب العربية التي تناضل من أجل تحرير أقطارها، وفعلاً قام الحزب بمساندة الثورة الجزائرية، ودعم الشعب المصري في تصديه للعدوان الثلاثي على مصر، وسعى الحزب من أجل تحقيق الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958م.وفي الستينات بدأ الحزب يشهد تصدعات في بنيته الداخلية بسبب الصراعات التي تجمعت في صفوف قيادته، وبروز بعض التناقضات فيما بين القول والممارسة، خصوصاً بعد الانقلاب السوري الذي أدى إلى انفصال سوريا عن مصر، وفشل الوحدة الاندماجية بين القطرين الشقيقين، وظهور خلافات حادة بين قيادته بسبب المواقف المتعارضة من التجربة الوحدوية، فكان لذلك أثره على فرع الحزب في الأقطار العربية الأخرى، خصوصاً بعد الخلافات الحادة مع الزعيم جمال عبد الناصر.[c1]2 - ظهور منظمة البعث العربي الاشتراكي في عدن :[/c]كان بعض الشبان اليمنيين قد درسوا في سوريا ومصر والعراق، وتأثروا بمبادئ حزب البعث، وانخرط بعضهم في صفوف الحزب، وشكلوا خلايا بعثية من الطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج، وعندما عاد هؤلاء الطلاب إلى اليمن، سعوا إلى تشكيل خلايا حزبية أخرى من بعض المدرسين والموظفين والطلاب والعمال وصغار التجار وبعض ضباط الجيش والشرطة، وبالذات في مدينة عدن، حاضرة المدن اليمنية حينذاك.وقام هؤلاء الطلاب بتشكيل خلايا بعثية للتوعية السياسية وتوغلوا في صفوف الحركة النقابية، وحاولوا التأثير على بعض قيادات مؤتمر عدن للنقابات، واستطاع بعضهم الوصول إلى قيادة بعض النقابات العمالية، ثم قيادة المؤتمر العمالي.وبوجود بعض البعثيين في قيادة مؤتمر عدن للنقابات فقد تحول المؤتمر إلى أداة بأيديهم، وعمل هؤلاء على إزاحة العناصر المنافسة لهم من قيادة بعض النقابات العمالية، غير أنهم اصطدموا بهم، ولم يتمكنوا من إزاحتهم، فدخلوا في صراعات حادة معهم، وبقيت الحركة العمالية مشلولة بسبب ذلك.ومن أجل تعزيز موقع منظمة البعث في عدن سعى بعض أعضائها وبتوجيه من القيادة القومية إلى تشكيل بعض التنظيمات الطلابية والتجمعات النسائية في مدينة عدن، غير أن التنظيمات الأخرى المنافسة حاولت هي الأخرى تشكيل تنظيمات موالية لها، فدخل العمل السياسي في صراعات جانبية، بسبب تلك المنافسة، غير أن هذه المنافسة انحصرت في مدينة عدن، وفي حين بقيت المناطق الريفية في معزل عن أي نشاط سياسي لمنظمة البعث، وقد أتاح ذلك الفرصة لحركة القوميين العرب لبسط نفوذها في المناطق الريفية، خصوصاً بعد الصراع الذي نشب بين القوميين والبعثيين في منتصف الستينات، بسبب معارضة البعثيين لسياسة الزعيم جمال عبد الناصر، وانتقادهم لتجربته في الحكم، في حين كان القوميون متحمسين لتلك السياسة، ويدافعون عن التجربة الناصرية.وقد ارتبطت منظمة البعث في اليمن بعلاقة حميمة بحزب الشعب الاشتراكي، واستطاعت من خلال هذه العلاقة توجيه بعض الصحف التي كانت تصدر عن حزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي بعدن، مثل صحف ( البعث )و(القات) و (الفكر) و ( النور ) و ( الحقيقة ) ثم ( العامل ) ومن بعدها ( العمال ).وكان مثقفو البعث في اليمن عموماً وعدن خصوصاً ينشرون أفكار ومبادئ حزب البعث في هذه الصحف، ويعرضون فيها وجهات أنظارهم إزاء بعض القضايا الوطنية والقومية، فنشروا فيها المقالات والتعليقات السياسية.. وغيرها. ولقربهم من قيادة حزب الشعب الاشتراكي.والمؤتمر العمالي، فقد استفادوا من وسائل النشر المتاحة لهاتين المنظمتين وتمكنوا من نشر مبادئهم وأفكارهم على نطاق واسع، فقد كانت مطبعة (البعث)وجريدتها تنشر لهم البيانات في المناسبات المختلفة كما نشرت لهم الكتب والكتيبات وفيها طبعوا النشرات والمنشورات واستطاعوا بذلك ان يؤججوا الشعور القومي وتوجيه الرأي العام وفقاً لرؤية حزب البعث ومبادئه وكانوا يعممون منشورات القيادة القومية لحزب البعث، ويعقدون الندوات لشرح تلك التعميمات وتوضيح كل مايستجد على الساحة العربية من متغيرات ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، توزيعهم مجاناً كتاب لمنيف الرزاز، يحمل عنوان(معالم الحياة العربية) وكذا توزيعهم لمحاضراته مثل محاضرته التي بعنوان(لماذا الاشتراكية الان) وقد طبعت هذه المحاضرة في مطبعة البعث عدة طبعات، وكانت توزع بالمجان.وكانت صحيفة (البعث) تنشر برامج حزب البعث على حلقات وتعيد نشر خطابات وتصريحات قادة الحزب.وقد ارتكزت مبادئ وأهداف منظمة البعث العربي الاشتراكي على الأسس الآتية:-1الإيمان بان القومية العربية حقيقة حية خالدة، وبان الشعور القومي الواعي هو الذي يربط الفرد بأمته، ربطاً وثيقاً، وهو شعور مقدس وحافل بالقوى الخالقة، المحفز على التضحية، الباعث على الشعور بالمسؤولية.-2الإيمان بان الاشتراكية ضرورة منبعثة من صميم الأمة العربية لكونها النظام الأمثل الذي يسمح للشعب العربي أن يتحرر ويتوحد، وتحقيق إمكانياته، وتفتح عبقرياته على أكمل وجه.-3الإيمان بان السيادة هي ملك الشعب، وانه وحدة مصدر كل سلطة وقيادة، وان قيمة الدولة ناجمة عن انبثاقها عن إرادة الجماهير، كما أن قدسيتها متوقفة على مدى حريتهم في اختيارها.-4الإيمان بان تحقيق الأهداف لايمكن أن يتم إلا عن طريق الانقلاب والنضال وان الاعتماد على التطور البطئ والاكتفاء بالإصلاح السطحي يهدد الأهداف بالفشل.وترافق ذلك مع تزايد نشاط بعض الشباب من ذوي الأفكار المغايرة للفكر القومي في بعض النقابات العمالية، استطاع أن يصل بعض الشبان المتأثرين بالفكر الماركسي اللينيني إلى قيادة بعض النقابات مما آثار قلق العبثيين في قيادة المؤتمر العمالي، فدعوا لعقد مؤتمر عام يجمع كل المؤمنين بالفكر القومي في اليمن، والتلاحم لمواجهة العناصر الماركسية في المؤتمر العمالي وخارجه، كان ذلك عام 1957م.وبعد عقد اجتماعات في مقر المؤتمر العمالي بعدن أعلن عن قيام تجمع قومي أطلق عليه تسمية (الاتحاد القومي لليمن) وجاء في مقدمة ميثاقه أن مهمته(النضال حتى يبلغ الرساله الخالدة وهذا الهدف - كما هو معروف -مستوحي من شعار حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي هو: (امة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة)وهو مايدل على أن الجهة التي دعت لعقد هذا المؤتمر هي العناصر العبثية في قيادة المؤتمر العمالي، وذلك في مقال نشره في جريدة (العامل) الصادرة في عدن بتارخ 17 /9/ 1957م أشار فيه إلى ان التجمع القومي يجمع كل التجارب التي مرت بها الأمة العربية من اجل بناء الاتحاد القومي الذي لم يقم إلا ليؤدي الدور التنفيذي الذي نص عليه ميثاق تأسيسه، وهو العمل من اجل الوحدة على أعلى المستويات من اجل(الوحدة والحرية والاشتراكية) ومعروف أن هذا هو شعار شعار حزب البعث العربي الاشتراكي.وكان الدافع لقيام هذا التجمع هو محاولة تجميع القوى السياسية لمواجهة نشاط الشباب من ذوي الميول الماركسية في السعي لتأييد الجهود المبذولة لقيام الوحدة بين مصر وسوريا والتي كان قدر عارضها الشيوعيون العرب.وكان ميثاق الاتحاد القومي لليمن قد نص على أن الوحدة الشعبية لجماهير الشعب في إقليم اليمن شماله وجنوبه وحدة متفتحة منبثقة من الفهم للوحدة العربية الشاملة، وتابعة من الفهم بان الوحدة سواء على المستوى الإقليمي أم على المستوى القومي هي غاية ووسيلة الغرض منها تحقيق الرسالة الخالدة للأمة العربية انه على الرغم من ان منظمة البعث باليمن كانت تؤمن بالنضال من اجل التغيير الجذري في المجتمع، وتقف ضد الحلول الإصلاحية، غير أنها عارضت مبدأ الكفاح المسلح كوسيلة ضرورية لمقاومة الاستعمار وتحرير البلاد، فوقعت بذلك في تناقض بين الشعارات المرفوعة والممارسات العملية، وربما لهذا السبب ضعف تأثيرها في المجتمع، واتجه الناس للتعاطي مع الأفكار المنادية بالكفاح المسلح والتي كانت تطرحها حركة القوميين العرب.[c1] 3 - ظهور حركة القومين العرب في عدن:[/c]في أعقاب نكبة العرب في فلسطين عام 1948م ظهرت بعض الدعوات المنادية للنضال من اجل التجزئة البغيضة في الوطن العربي، والداعية إلى الاستنهاض القومي والوحدة العربية الشاملة، والمطالبة بالقضاء على الاستعمار بشتى اشكاله والتحرر الكامل والقضاء على إسرائيل والثأر للكرامة العربية المهانة.وكانت هذه الدعوات تجد صداها في أوساط طلبة الجامعة الأمريكية في بيروت، الذين آمنوا بفكرة القومية العربية خاصة بين الطلبة الفلسطينيين الذين شكلوا تنظيماً عرف باسم) الشباب القومي العربي) هدفه الأساسي تحرير فلسطين والثأر من الصهاينة المحتلين ولم يكونوا حينذاك يؤمنون بالاشتراكية ولا بالصراع الطبقي لأنهم يرون أن الدعوة إليها في تلك المرحلة ستؤدي إلى صراعات بين العربي مما يعوق المعركة ضد إسرائيل.وفي عام 1953 في مصر الدعم والتأييد والمساندة مامكنها اليمن وصارت من حينها تعرف باسم(حركة القوميين العرب) ووجدت في شخص الزعيم الراحل جمال عبدالناصر قوة لها واتخذت من وسائل الإعلام المصرية وسيلة لنشر أفكارها ومبادئها حتى عمت دعواتها سائر أنحاء الوطن العربي.وكان شعار هذه الحركة (الوحدة ، التحرر ، الثأر) وهي تؤمن بأن الوحدة العربية هي الطريق إلى تحرير فلسطين. وقد نشط زعماء حركة القوميين أمثال جورج حبش، وهاني الهندي، ووديع حداد وغيرهم، نشط هؤلاء في نشر حركة القوميين العرب في صفوف الطلاب والشباب، وكتبوا عدداً من المقالات والتحليلات السياسية في كثير من الصحف والمجلات التي كانت تصدر في بعض البلاد العربية ، كما أصدروا عدداً من الكتب والكتيبات التي تشرح أو تحلل أفكارها.وفي النصف الثاني من الخمسينات كانت الحركة قد اكتسبت شعبية في الوطن العربي لوقوفها ضد الأحلاف العسكرية الاستعمارية في الشرق الأوسط كحلف بغداد عام 1955م ولتأييدها وترحيبها بالوحدة بين مصر وسوريا عام 1958م وكذا لدعمها سياسة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ،الاقتصادية والاجتماعية، ومعارضتها خصومة السياسيين، وهو ماعزز موقفها ووسع من دائرة نشاطها، فأخذت تتطور بإنشاء الفروع في الأقطار العربية، كلبنان والأردن، ومصر ، والكويت ، وسوريا، والعراق ، واليمن.. وغيرها.وكان بعض الطلاب اليمنيين الذين درسوا في لبنان والقاهرة وغيرهما، قد تأثروا بمبادئ حركة القوميين العرب، وصاروا يناصرونها ويدعون إلى تأييدها وتبني أفكارها، وعندما عاد هؤلاء الطلاب إلى اليمن أستقر بعضهم في عدن، فعملوا على نشر مبادئ الحركة وأفكارها، في أوساط الناس، فلقيت دعواتهم استجابة من قبل بعض المثقفين، خاصة أن الناس في عدن وعموم اليمن كانوا مبهورين بالتجربة الناصرية ذات الاتجاه القومي، فكانوا يعتبرونها مجسدة لطموحاتهم القومية، خاصة بعد معركة السويس عام 1956م وقيام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958م وغير ذلك من الإنجازات التي حققها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، إذ تعلق به بعض المثقفين اليمنيين، وأعجبوا بتجربته الثورية، وتحمسوا للقومية العربية التي دعا إليها، بل إن بعضهم شرع في تأسيس خلايا وتجمعات قومية في أنحاء مختلفة من اليمن، وكانت مدينة عدن – المستعمرة حينذاك- مركز أشعاع لتطوير الفكر القومي ، وقد ساعدها في ذاك وجود أعداد غفيرة من المدرسين والطلاب والعمال فيها، وكانت تجمعهم ظروف سوء المعاملة من قبل سلطات الاحتلال، والمتمثل في تمييز أبناء الجاليات الأجنبية عليهم في التعليم والوظيفة وفرص الحصول على العمل .. إلخ. كما أن ظروف اشتداد النضال لأجل إفشال المشاريع الاستعمارية، وإسقاط نظام الحكم المتخلف في الشمال قد عمل على توفير إمكانيات مناسبة لتشكيل أو تجمع قومي في عدن عام 1960م. وتهيأـ الظروف فيما بعد لتأسيس فرع لحركة القوميين العرب في عدن، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيادة المركزية في لبنان.وعلى الرغم من الارتباط الوثيق بين فرع الحركة في عدن والقيادة المركزية في بيروت، إلاَّ أن برنامج الفرع في اليمن كانت له خصوصيته المحلية، بما يلبي متطلبات النضال الوطني لتلك المرحلة.ولقد سعى فرع الحركة في اليمن عموماً وفي عدن خصوصاً من أجل تحرير المنطقة من الاستعمار، وطالب بجلاء قواته عن عدن، وعمل على محاربة عملاء الاستعمار في المنطقة، والتصدي لمشاريعه، والوقوف ضد التنظيمات التي لاتؤمن بالقومية العربية أو تناصبها العداء.وبوحي من أهداف حركة القوميين العرب سعى فرعها في عدن للنضال من أجل إفشال المشاريع الاستعمارية في المنطقة، ومقاومة مخططاته، والتصدي للحكام المحليين الذين يسيرون وراء مخططاته أو يستجيبون لمشاريعه، وعمل على كشف المخططات وفضح المتعاملين معها من السلاطين والحكام المحليين.وفي أوائل الستينات كان فرع الحركة في عدن قد وسع نشاطه وامتد تأثيره إلى المناطق الريفية في جنوب اليمن ، وإلى المدن الرئيسية في شماله، وكان يوزع الكتب والكتيبات والنشرات التي تصله من القيادة المركزية على جميع المناطق، ويعمل على تعميمها على الأعضاء في الخلايا التنظيمية المختلفة. وقام فرع الحركة كذلك بإصدار عدد من الكتب والنشرات التي تتناول أوضاع المنطقة وتعالج القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. وغيرها. ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر كتاب (نظرة في تطور المجتمع اليمني) لمؤلفه سلطان أحمد عمر، وكتاب)الاستعمار البريطاني ومعركتنا في جنوب اليمن) لقحطان محمد الشعبي، وغيرهما.وحتى عام 1964م ظل فرع عدن مرتبطاً بالقيادة الرمزية في بيروت وكان ينفذ توجيهات القيادة دون مناقشة عملاً بشعار(نفذ ثم ناقش) فكان يلتزم التزاماً صارماً بأسلوب الحركة التنظيمي، وقد أنعكس ذلك على سلوك الأعضاء، إذ كانت خلافات الحركة في المركز مع بعض الأحزاب العربية في أي قطر عربي تنعكس على فرعها في عدن ومنها ينتقل الخلاف الذي نشأ بين حركة القوميين العرب وحزب البعث العربي الاشتراكي حول تقويم كل منهما للتجربة الناصرية، إلاَّ أن فرع الحركة في عدن استطاع بعد عام 1964م أن يتحرر نوعاً ما من سيطرة المركز، فبدأ أولاً بالعمل على عدم تمركز الحركة في عدن، وسعى لنقل نشاطها إلى الأرياف والمدن اليمنية الأخرى، وذلك عبر العمال والطلاب، وعلى وجه الخصوص عمال مصافي عدن، وطلاب ثانوية الاتحاد التي صارت فيما بعد تعرف بثانوية الشعب، لأن غالبية العمال والطلاب في هذين المرفقين كانوا من المناطق الريفية الجنوبية،كما أنتقل نشاط الحركة إلى الريف وكذلك عبر المدرسين الذين كانوا ينتدبون للعمل في المناطق الريفية، أو عبر المهاجرين الذي يعملون في بعض دول الخليج كالكويت.وكان لفرع حركة القوميين العرب في عدن فضل مساندة الثورة اليمنية عند قيامها، وعمل على دعمها بالمقاتلين، فدفع بعدد من أعضائه للانخراط في صفوف الحرس الوطني للدفاع عن الثورة، والتصدي لأعدائها، كما كان له فضل الدعوة للكفاح المسلح لتحرير جنوب اليمن المحتل، وهو الذي سعى لتأسيس الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، والتي قادت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني، منذ الرابع عشر من أكتوبر 1963م حتى أُجبر الاستعمار على الرحيل الكامل في الثلاثين من نوفمبر 1967م.وبعد الاستقلال عقدت حركة القوميين العرب مؤتمراً لها في عدن عام 1968م، ضم ممثلين عن فروع الحركة في سائر المناطق اليمنية، وفي ذلك المؤتمر تدارسوا أوضاع اليمني عموماً، وأوضاع الحركة خصوصاً، وأصدروا على أثره بياناً أعلنوا فيه قيام (الجنوب الديمقراطي الثوري) والذي أقتصر نشاطه للعمل في المناطق الشمالية بهدف إسقاط النظام السياسي هناك، والإتيان بنظام بديل يتفق في أيديولوجيته ورواه الفكرية والسياسية مع النظام القائم في الجنوب، بقيادة الجبهة القومية.وكان في ذلك المؤتمر قد صدر بيان أُعلن فيه عن استقلالية فرع حركة القوميين العرب في اليمن عن المركز في لبنان، خاصة أن فرعها في اليمن قد صار حاكماً، ولم يعد بحاجة ملحة للارتباط بالمركز إلاَّ من حيث الاستشارة، وبالذات في الأمور السياسية والأيديولوجية. ولذلك لاغرابة أن كان قادة حركة القوميين العرب أو مؤسسيها يترددون على عدن بين الحين والآخر، وبالذات عند حصول خلاف بين القيادة الحاكمة في عدن، فكان أولئكم القادة بمثابة المرجعية الفكرية والسياسية لحكام عدن على مدى عقدين ونصف من الزمن ، ولعلهم هم الذين أوحوا لهم بالأخذ بنظرية الماركسية اللينينية كأيدلوجية للحزب الاشتراكي اليمني، المنبثق هو الآخر من حركة القوميين العرب بعد اندماجه بأحزاب أخرى في المؤتمر التوحيدي، وصولاً إلى تأسيس الحزب في أكتوبر عام 1978م.[c1]* أهم مراجع هذه الورقة:[/c]1 - كتاب)عدن في التاريخ) لمؤلفه علوي عبدالله طاهر، 1997م.2 - كتيب: (شباب البعث العربي الاشتراكي في اليمن يقدم لماذا الاشتراكية الآن) لمنيف الرزاز.3 - كتاب(الحركة الوطنية اليمنية من الثورة إلى الوحدة)، لمؤلفة :سعيد الجناحي ،1992م.4 - كتاب: (تجربة اليمن الديمقراطية) لمؤلفة أحمد عطية المصري 1974م.5 - كتاب:(الاستعمار البريطاني ومعركتنا في جنوب اليمن) لقحطان محمد الشعبي، 1962م.6 - بحوث لاتزال مخطوطة لكاتب هذه الورقة.
|
دراسات
جذور الفكر القومي وتطوره في مدينة عدن
أخبار متعلقة