“ أنا والحياة “..سيرة ذاتية
د/ زينب حزام (أنا والحياة)عنوان كتاب سيرة ذاتية للأديب الراحل عبدالله سالم باوزير و الذي قام بكتابته في بداية 2002م حتى نهاية 2003م وقد نشرها مسلسلة في صحيفة (14 أكتوبر) اليومية وتم طبع الجزء الأول في مؤسسة العفيف الثقافية بصنعاء تحت عنوان “استعادة الزمن المفقود” أما الجزء الثاني فيها يحمل عنوان “عدن ثورة وإبداع” ويحمل الجزء الثالث والذي نشره مسلسلاً في صحيفة (14 أكتوبر) تحت عنوان “شخصيات على هامش السيرة الذاتية” ثم اختصره المؤلف ليكون عنوانه “شخصيات في حياتي”.ويقول المؤلف عبدالله سالم باوزير في مقدمة السيرة الذاتية إن هذا الكتاب إهداء إلى الأجيال المعاصرة والأجيال القادمة.حيث قال: “أهدي هذه السيرة التي تعتبر ليست وقائع لحياة كاتبها فحسب ولكن فيها وقائع من حياة شعبنا اليمني وصدى لبعض ما كان يجري من حولنا في الأقطار العربية الشقيقة.فإلى هؤلاء أقدم هذه الطبعة الكاملة من سيرتي الذاتية لعلهم يجدون فيها ما يفيدهم في حياتهم القادمة التي لاشك أنها ستكون أحسن من حياتنا الماضية”.لقد كتب الأديب الراحل عبدالله سالم باوزير إضافة إلى كتابة هذا “سيرة ذاتية بعنوان أنا والحياة” العديد من القصص القصيرة والروايات منها ما قدتم نشرها ومنها لم يتم جمعها في كتاب واحد وهي بمستواها الفني وبغزارتها الواضحة قياساً إلى المدة التي أنجزت فيها بقدر ما تنتمي إلى طبيعة مرحلتها في تطوير القصة القصيرة اليمنية فإنها تضمن للكاتب الراحل عبدالله باوزير مكاناً لا يصح تجاهله بين كتاب هذا الفن.إن البسطاء والفقراء والغرباء هم أبطال قصص الكاتب الراحل عبدالله باوزير كما تطرقت تلك القصص إلى رصد آثار الطفرة الاجتماعية ما بين مجتمع يسعى إلى العيش ببساطة من تجارة وزراعة وصناعة خفيفة والعيش في الغربة من أجل كسب لقمة العيش وفي هذه القصص تجلت فيها إنسانيته المتعاطفة مع الطفولة البريئة وضحايا الفقر أما الغربة فقد نجدها في العديد من قصصه القصيرة وقد تجلت قصصه في جرأته اللغوية حين يستخدم عبارات حادة مكثفة وأيضاً في إشارة للوصف واعتماده على المجاز بكثرة أحياناً.وفي كتابه الذي نتطرق إليه في موضوعنا كتاب سيرة ذاتية والذي يحمل عنوان أنا والحياة يقول نجيب سعيد باوزير “... فقد عاش في الأولى طفولته وصباه وتشرب المكونات الأولى لشخصيته وعاش الثانية زهرة عمره وسنوات نضجه وصعود نجمه كأديب يشار إليه بالبنان لم يعش في غيل باوزير إلا خمسة عشر عاماً من عمره منذ ولادته بها في 30 مارس من عام 1938م ثم غادرها إلى عدن وقد دخل في عامه السادس عشر وكان ذلك في 1954م إذا كان قد أسلم الروح في عدن في 7 أكتوبر 2004م فإن نصف قرن كاملاً من الزمان يكون قد مضى عليه هناك لم تقطعه إلا فترتان عاشهما في حضرموت الأولى في بداية الستينات عندما عمل في دار الطليعة مع خالة الصحفي المعروف أحمد عوض باوزير ودامت حوالي عام ونصف.وقد تحدث عن هذه الفترة في سيرته الذاتية التي بين أيدينا والفترة الثانية في أواخر التسعينات بين 1997م و 1999م عندما ضاقت به سبل العيش في عدن فانطلق إلى حضرموت وفتح له دكان في سوق النساء بالمكلا أطلق عليه (معرض عدن) وبعد حوالي سنتين قضاهما في المكلا عاد أدراجه إلى عدن قانعاً من الغنيمة بالإياب كما يقال وهذه الفترة التي أغفلها الكاتب ولم يذكرها في سيرته فالسيرة الذاتية عمل إبداعي يخضع لاختيارات الكاتب فيما يراه معبراً عن تجربة تستحق أن توثق ويرغب في توصيلها إلى قرائه.ويختم الكاتب نجيب سعيد باوزير مقدمته قائلاً: “رحم الله الأديب والأستاذ الراحل عبدالله سالم باوزير رحمة الأبرار فقد كان علامة مضيئة من علامات الأدب الرفيع والإخلاص للقيم الإنسانية النبيلة”.قد يصعب على الدارس للسيرة الذاتية أنا والحياة للأديب الراحل عبدالله سالم باوزير أن يجمع شتات تجارب أديب وكاتب غزير الإبداع على مدى طويل من الزمن ولكن هناك مع ذلك تجارب محورية تبرز صريحة في كثير من قصصه القصيرة أو تخلل ثناياها وتطبع أغلب التجارب والمواقف الثانوية الأخرى بطابعها الخاص.كانت تجارب الأديب الراحل عبدالله باوزير في قصصه الأولى “حكاية” وهي جزء من المجموعة القصصية الأولى “الرمال الذهبية” وهي الأقصوصة بجملها البسيطة وأسلوبها الرائع أصبحت سمة من سمات قصص عبدالله باوزير ويقول بطل القصة “وجدته غائر العينين” أشعث الشعر يبدو على وجهه الإجهاد والقلق وكان لي مدة طويلة لم ألتق به .والراحل الكبير كان نموذج الإنسان المثقف المتواضع المتريث في الحكم الذي أثر مباشرة في كل من عرفوه وأثرت كتاباته ونشاطاته بالمثقفين اليمنيين كونه من أشهر كتاب الرواية الساحرة إذا كنت قد عرفته من خلال عملي في دائرة التأليف والنشر التابعة لدار الهمداني سابقاً بالمعلا عدن وقد قمت بتوثيق العديد من أعماله حيث كان يتمتع بالأفكار الهادئة ودقيقاً في تحديده للمشكلات وفي تشخيصه لها خالياً من الاستعراضية والانتفاخ الخطابي.وقد قدم العديد من الروايات التي ساهمت في النهضة الأدبية العريضة الشاملة في اليمن حيث نجد أن هذه النهضة فيها تعدد في وجهات النظر حيث تتواكب باطراد وحذر مع الانفتاح الاقتصادي والسياسي الذي بدأ يتسلل إلى كل نواحي النشاط الإنساني في اليمن.