صباح الخير
في المعارك الانتخابية التي طفت على السطح في عالمنا اليوم، لاتخلو هذه المعارك من هنات هنا وهناك، رغم اقرار الجميع بانها الوسيلة المثلى لتبادل الادوار، وفي تجديد وتعاقب القيادات بصورة سلمية، ووفقا للدساتير والقوانين والنظم المتعارف عليها عالميا، وهذا في حد ذاته مؤشر على مغادرة العنف لاحداث اي تغيير او تبدل في الاوضاع احتكاما للارادة الشعبية العامة.وتجربتنا على هذا الصعيد في اليمن لاتزال ناشئة، ويوما عن يوم، ستكتسب ولاشك هذه التجربة، محتوى ومضمونا اكثر نضجا مما هي عليه اليوم، وسيتعمق هذا التقليد ويترسخ في الممارسة السياسية السليمة والمجدية بالنسبة للناس، والصعود الى مواقع المسؤولية هو مغرم وليس مغنما، ولايهم الناس، من يصعد ومن يهبط من الافراد في هذا الحزب او ذاك، بل يهمهم بالدرجة الاولى اي البرامج الانتخابية اكثر ملامسة لقضاياهم وهمومهم ومصالحهم وحاجاتهم واكثرها قابلية للتطبيق ومقنعة للناس متلفعة بالمصداقية.لم يتبق للانتخابات المحلية والرئاسية غير خمسة اشهر فقط، وخلال هذه الاشهر ينتظر الناس ان يسمعوا ويروا ويقرؤوا تلك البرامج الانتخابية ويسمعوا المناظرات حولها، جدلا ونقاشا، يشترك فيها بفعالية كل جماهير المواطنين، جنبا الى جنب مع الترتيبات الادارية والفنية للعملية الانتخابية وبعيدا عن الصراخ والضجيج المفتعل، وبعيدا عن الاتهامات واجترار سلبيات الماضي، وبدلا عن ذلك ينكب الجميع لمعالجة قضايا الحاضر والمستقبل المنشود الذي كان ولايزال يطمح الناس الى تحقيقه في واقع حياتهم العملية والمعيشية.ومعطيات انتخابات اليوم، غيرها بالامس، ذلك لان لكل مرحلة مهماتها الجديدة والملحة، وهكذا وفقا لترتيب الاولويات، واولويات اليوم تقتضي ايجاد عمل لكل مواطن في كل القطاعات الاقتصادية القائمة والجديدة، وضمان مقعد دراسي لكل طفل، وضمان صحة كل مواطن، وكذا السكن، رواتب واجور تتناسب مع معيشة المواطن، وان تصل الكهرباء والمياه والطرقات والمجاري والاتصالات الى منزل كل مواطن، وكل ذلك قابل للتحقيق اذا حمينا مواردنا من الاهدار، وانفاقنا من الاسراف والابتذال، ومعاقبة الفاسدين والمفسدين اي كان موقعهم في المجتمع.فالتغيير والتبديل الذي ننشده من خلال الانتخابات هو تغيير في العقلية التي ندير بها شؤوننا العامة وتغيير الاساليب والطرق التي نعمل بها ونعيش وتغيير مناهج التفكير والممارسة ونمط الحياة، ونظام العلاقات الاجتماعية برمته، لنرتقي اكثر فاكثر في سلم التطور الاجتماعي، والتقدم الاقتصادي والسياسي، ونكتب ثقافة حياة اجتماعية افضل واجمل مما مضى.وفي كل الدورات الانتخابية المتعاقبة لاينبغي ان يغيب عنا ولو للحظة الهدف الاستراتيجي لشعبنا من قيام الثورة والنظام الجمهوري، وفي تعزيز الوحدة الوطنية الديمقراطية بآفاقها الانسانية الرحبة، وفي اشاعة الخير بين الناس واشراك كل الشعب في الحكم والادارة، وصناعة القرار على كل المستويات، هذا هو ما يهم الناس من وراء كل الانتخابات وتجديد القيادات والتي ينبغي ان تخضع للحساب والعقاب في الدنيا قبل الآخرة.