شخصيات خالدة
ابن النفيس هو الشيخ الطبيب علاء الدين علي بن أبي الحزم المعروف بابن النفيس ، ترعرع ابن النفيس في ربوع القرشية من أعمال حمص، ونشأ في وسط حقولها وحدائقها الغناء، وكانت حمص هذه حاضرة مهمة من حواضر العالم الإسلامي، حيث نبغ فيها علماء في الفقه والحديث، وفي علوم اللغة العربية من نحو وصرف، وبيان، ومعان وبديع ، ودرس الطب على يد مشاهير العلماء، خاصة مهذب الدين الدخوار رئيس أطباء مستشفى النوري، إلى أن استدعاه السلطان كامل إلى القاهرة لشهرته وذيوع صيته، فعمل مديراً لمدرسة الطب ورئيساً للمستشفى الناصري الملحق بها، ثم ترأس المستشفى المنصوري الذي أنشأه السلطان قلاوون، وعمل أيضا طبيباً للسلطان بيبرس. لم تقتصر شهرة ابن النفيس على الطب وحده، بل كان يعد من أكبر علماء عصره في اللغة والفلسفة وتدريس الفقه والحديث، وله كتب عديدة في هذه المجالات منها "الرسالة الكاملية في السيرة النبوية" (فاضل بن ناطق) التي جارى فيها كتاب "حي بن يقظان" لابن طفيل ولكن بطريقة لاهوتية، "طريق الفصاحة" في النحو، "شرح الإشارات" في الفلسفة والمنطق والتصوف، وغيرها من الكتب الهامة .أما في علم الطب فيعد ابن النفيس من مشاهيره، وله مؤلفات ثمينة تصبغها الجرأة وحرية الرأي، وأهم كتبه " الشامل" عبارة عن موسوعة طبية تتألف من 300 مجلد، "رسالة في أوجاع الأطفال" "مقالة في النبض"، " شرح قانون ابن سينا"، "شرح فصول أبقراط"، "بغية الفطن من علم البدن"، "شرح مسائل حنين بن اسحق"، كتاب "المهذب في طب العيون"، "الموجز في الطب" ملخص لكتاب القانون لابن سينا لكن يبقى كتاب "تشريح القانون" الذي يمتاز بأهمية خاصة، حيث تتجلى عبقرية ابن النفيس بالتفكير والاستنباط وكشف معطيات هامة جدا في علم الطب، وتحديداً في فزيولوجيا الدوران الدموي، فنجده يفصّل كيفية الدوران الدموي ما بين الرئتين والقلب (أي ما يعرف بالدورة الدموية الصغرى) وذلك قبل العالم الإنكليزي هارفي (الذي ينسب إليه اكتشافها) بعدة قرون و بكتابه هذا ينسف ابن النفيس نظرية أبقراط التي تقول بأن الأوردة هي التي تحمل الدم وأن الشرايين تحتوي على الهواء، وبهذا الكتاب يرفض رفضاً حازماً نظرية جالينوس التي تقول بأن عملية امتزاج الدم بالهواء تتم في القلب، وتدّعي أيضا نظرية جالينوس(والتي كان يتبناها كل الأطباء حتى عهد ابن النفيس) بأن القلب يحتوي على تجاويف وممرات بين البطين الأيمن والبطين الأيسر تتم ضمنها عملية مزج الدم بالهواء، لكن ابن النفيس رفض هذه المقولة بشدة وأكد عدم وجودها، وأثبت أنَّ سماكة الحاجز بين البطينين أثخن، وأن عملية تنقية الدم تتم في الرئتين وليس بالقلب أبدا، وعندما يتقلص القلب ينتقل الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين بواسطة الشريان الرئوي وهناك يحصل التماس بين الهواء والدم وتتم عملية تنقية الدم لتعود بالأوردة الرئوية إلى البطين الأيسر الذي يوزعها إلى أنحاء الجسم لتؤمن له التغذية اللازمة.كذلك رفض ابن النفيس ما كان يعتقد به كل من أبقراط وجالينوس وابن سينا وغيرهم من الأطباء العرب، بأن عضلة القلب تتغذى من الدم الموجود في البطين الأيمن، بينما ابن النفيس أكد بأن القلب يتغذى من الأوعية التي تسير ضمن عضلة القلب في البطين الأيسر ما يعرف بالأوعية التاجية.و يؤكد الأدب الطبي ثلاثة اكتشافات تعود لابن النفيس:- اكتشافه فسيولوجيا الدوران الرئوي -القلبي الدورة الدموية الصغرى. - الجزم بعدم وجود ممرات بين البطينين يتم فيها اختلاط الدم بالهواء. - التأكيد على وجود شرايين خاصة تغذي عضلة القلب الأوعية التاجية.