لا يختلف اثنان على أن النشء والشباب هم الشريحة الأكثر تأثراً في مختلف مجالات الحياة، إذ تولى هذه الشريحة اهتماماً بالغاً من قبل العديد الباحثين والعلماء والمسؤولين في كل المجتمعات وبخاصة مجتمعات الدول النامية، ولعل هذا الاهتمام يرجع إلى ما يمثله النشء والشباب من قوة للمجتمع، إذ تشغل هذه الشريحة السكانية وضعاً متميزاً في الحجم السكاني وفي بنية المجتمع، وهم أكثر الفئات حيوية وعطاء، وهي عماد المجتمع في إيجاز أهدافه، ومصدر أساسي من مصادر التغيير الاجتماعي، كما أن للنشء والشباب من وجهة نظر سكانية أهمية خاصة في تحديد معالم الوضع السكاني في الوقت الحاضر بخصائصه الديموغرافية والصحية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وفي تشكيل اتجاهاته المستقبلية.ومع سرعة التغييرات التي تشهدها المجتمعات الإنسانية في هذا العصر في العديد من المجالات الإنسانية والتقنية فإن الشباب هم أكثر الفئات المتأثرة بالتغييرات الحاصلة في مجال العمل والعلاقات الأسرية والهجرة والتحضر ومخاطر الأمراض الجديدة وعولمة تبادل المعلومات وغيرها من القضايا والمستجدات.بناءً على هذا والأهمية شريحة النشء والشباب في حياة ومستقبل المجتمع نجد أن السياسة الوطنية للسكان وبرامج عملها، تؤكد في أهدافها على العمل الجاد لتعزيز صحة جميع الأطفال والشباب والمراهقين وتطوير إمكاناتهم وتلبية الاحتياجات الخاصة بهم، مع إيلاء الاهتمام والواجب لقدراتهم الخلاقة، وتقديم الدعم لهم على صعيدي الأسرة والمجتمع، وتوعيتهم بمخاطر الإنجاب المبكر والمتكرر والمتأخر وحالات الحمل عالية الخطورة، وتوجيه قدراتهم لتوصيل المعلومات والخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية للسكان، بما فيها المعلومات والخدمات المتعلقة بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والأمراض المنقولة جنسياً ومرض نقص المناعة البشرية المكتسبة (الأيدز).وقد أتى إعداد وإقرار الإستراتجية الوطنية للطفولة والشباب والقرارات التي خرج بها المؤتمر الوطني للطفولة والشباب المنعقد عام 2006م، والذي شارك فيه عدد كبير من الأطفال والشباب أنفسهم ليؤكد اهتمام الحكومة بهذه الشريحة وضرورة تركيز الجهود لتنمية قدراتها وتوجيهها نحو العمل المثمر، ولن يتم ذلك بدون.تكاتف كل الجهات الرسمية والمجتمعية ذات العلاقة بالطفولة والشباب.وتعريف السياسة الوطنية للسكان النشء والشباب في خطة العمل السكاني (2001 ـ 2005م) بأنهم الشريحة السكانية التي تقع أعمارهم بين (10 ـ 24) سنة وهو تعريف ينسجم مع ما هو متعارف عليه في العديد من البلدان، وتتصف هذه المرحلة العمرية للفرد بأنها تغطي مرحلة الطفولة والمراهقة مروراً إلى مرحلة النضج النفسي والاجتماعي والبيولوجي، وبناءً على هذا التعريف يتضح ايضاً أن هذه الفترة الزمنية من عمر الفرد هي فترة حاسمة في حياته يكتسب خلالها العديد من المعارف والاتجاهات والمهارات والممارسات الهامة والمؤثرة على مستقبله، ومن وجهة نظر سكانية فإن هذه المرحلة العمرية يدخل الفرد فيها مرحلة البلوغ، وغالباً بداية تكوين الأسرة والإنجاب وبالتالي فإن العمل في تطوير معارف واتجاهات وممارسات هذه الفئة العمرية الإنجابية والديموغرافية يعتبر استثماراً هاماً ومفيداً للأسرة والمجتمع، كما أن تحسين الخصائص التربوية والتعليمية والمهنية لهذه الفئة السكانية يؤثر إيجابياً على الخصائص التربوية والتعليمية بشكل عام، وبالذات في المجتمعات النامية التي تتميز بارتفاع نسبة هذه الفئة بالنسبة لإجمالي عدد السكان، بسبب معدل الخصوبة البشرية العالية، واليمن هي إحدى هذه البلدان التي تتميز بكبر حجم الفئات السكانية صغيرة السن، حيث أن حوالي (47%) من إجمالي السكان هم تحت عمر (15) سنة، وتتمثل فئة النشء والشباب في الأعمار (10 ـ 24) سنة حوالي ثالث حجم سكان البلاد عام 2004م، أي أن عددهم نحو (6,5) مليون نسمة، في حين أن نسبة هذه الفئة السكانية لا تمث سوى بين (6,5) مليون نسمة، في حين آن نسبة هذه الفئة السكانية لا تمثل سوى بين (20 ـ 22%) في الدول المتقدمة، وبحسب البيانات المتوفرة فإن عدد سكان اليمن سيتضاعف خلال الخمس والعشرين سنة القادمة وتستمر الزيادة السكانية حتى لو أنخفض معدل الخصوبة عن مستواه الحالي البالغ (6) أطفال لكل إمراة وذلك بحكم ما يسمى بقوة الدفع السكاني التي يسببها دخول الفئات الصغيرة (أقل من 15 سنة) سن الإنجاب، الأمر الذي يدل على استمرار المشكلة السكانية كونه تحدياً اساسياً أمام اليمن في المستقبل المنظور رغم التحسن في بعض المؤشرات السكانية.وما يجب الإشارة إليه هنا أن الزيادة السكانية في اليمن بدأت تشق طريقها نحو الزيادة لصالح الفئات العمرية في سن العمل، بينما بدأت تنخفض نسبة عدد الأطفال أقل من (15) سنة، حيث انخفضت هذه النسبة من (50%) من إجمالي عدد السكان في منتصف التسعينات إلى حوالي (46%) عام 2005م مقابل ارتفاع في نسبة الفئة السكانية في عمر (15 ـ 64) سنة من حوالي (46%) إلى (50%) من إجمالي السكان، مع ارتفاع نسبي طفيف في الفئة العمرية الأخيرة أي (65) سنة فأكثر. هذا التغيير في التركيب العمري للسكان قد يخلق فرصة سانحة للنمو الاقتصادي والاجتماعي لتدني نسبة الإعالة لصغار وكبار السن، وكذلك لزيادة الادخار والاستثمار في المستقبل إذا تزامن من هذا التغيير مع سياسات مناسبة تستهدف الفئات العمرية الشابة وتستغل طاقاتهم وقدراتهم في العمل والبناء، وقد تصبح نتائج هذه الظاهرة السكانية سلبية إذا لم يتم التعامل معها بشكل جيد، حيث يمكن ان تؤدي إلى زيادة البطالة والطلب على العمل والهجرة، وبالتالي تفاقم مشكلات اجتماعية واقتصادية. هذه الظاهرة السكانية أسهمت إيجابياًَ في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها بعض دول شرق أسيا (ماليزيا وسنغافورة) خلال الفترة (1970 ـ 1990م) حيث توفرت قوة العمل المؤهلة، وتم التخطيط لاستيعاب واستثمار قدراتها في العمل المنتج والمفيد، وتعرف هذه الظاهرة بـ (النافذة والديمقراغرفية)
النشء والشباب أكثر الفئات حيوية وعطاء
أخبار متعلقة