أضواء
فابيولا بدويالأيديولوجيا منظومة فكرية تطبق على أرض الواقع كسلوك، وأخلاقيات تتخذ شرعيتها وقدسيتها من الدين أو العادات أو العرق أو التاريخ أو من هذه كلها. وعندما تنبع الأيديولجيا من داخل ثقافة معتنقيها، تكون أكثر صلابة وحدة وقابلية للانتشار في محيطهاحتى لا يتصور البعض أن هناك هجوما ما على وسائل الإعلام العربية، خصوصا فيما يخص المرأة. فإنني أسوق هنا أمثلة من دراسات حديثة قد توضح بعضا من السلبيات التي تقع آثارها بشكل مباشر على واقعنا الاجتماعي، فحينما يتم تشويه ما يقرب من نصف المجتمع، فإنه بالضرورة سيصبح مجتمعا مشوشا هشا متناقضا.المثال الأول خاص بدراسة للأستاذة (إحسان سعيد عبد المجيد) كلية الآداب جامعة عين شمس بمصر. وتؤكد على أن الأفلام السينمائية قد شوهت المرأة المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة، وأظهرتها بصورة غير حقيقية ولم تتعرض للقضايا والمشكلات الحقيقية للمرأة العربية وخاصة المرأة العاملة، وأن مختلف وسائل الإعلام تدور جميعها في فلك واحد وهو تقديم الصورة التقليدية للمرأة العربية والتي اقتصرت على تقديمها في دور الزوجة والأم وربة المنزل وابتعادها عن الأدوار العديدة التي تقوم بها اليوم كدور المرأة العاملة أو الدارسة أو المشاركة في تنمية مجتمعها أو المساهمة في صنع القرار السياسي أو المهتمة بقضايا مجتمعها على وجه العموم.وبذلك لعبت المرأة دورا في الأرباح التجارية للسينما من خلال الصورة السلبية دون أن تتطرق إلى الواقع الخاص بالمرأة العربية أو مناقشة مشكلاتها الحقيقية أو مستقبلها.المثال الثاني لإحدى الدراسات البحثية التي قامت بها الدكتورة هدى رمزي لمنظمة اليونيسف ونتائجها تدل على أن وسائل الإعلام قد أظهرت المرأة في ثلاث صور سلبية. أولاها، صورة المرأة التي تفتقر إلى العقلية العلمية وتتسم بضيق الأفق واللجوء إلى الغيبيات بينما يمثل الرجل الضمير المنقذ أو الشخص الموجه. الثانية، صورة المرأة التي تفتقر إلى هوية مستقلة وتلجأ في حل مشكلاتها إلى الرجل أيا كان موقعه في حياتها. الثالثة، صورة المرأة التي تخشى فقدان جمالها أو تقدمها في السن وفقدان دورها كمنجبة ومحققة لرغبات الرجل لذلك لا تتحرك إلا في أدوار رسمت لها من كونها أنثى.ولا أعرف هل يكفي ما سبق من أمثلة أم إننا في حاجة إلى المزيد كي نعترف بأن المرأة العربية تعاني في مجتمعاتها حتى إعلاميا، مما يعرضها لمختلف أشكال الامتهان والاستهانة بها، ويجعلها في حالة اغتراب دائم عن أدوارها الحقيقية المطلوبة منها على اعتبارها مواطنا مشاركا وكائناً بشرياً له حقوقه ومتطلباته.مما لا جدال فيه أن وسائل الإعلام تقف في قفص الاتهام المجتمعي كمتهم أول ساهم بجدارة في عزل المرأة عن القيام بدورها الحقيقي والجاد في تنمية مجتمعاتها، وعن تفاعلها مع حركة البناء خصوصا أن المرأة العربية مؤهلة لذلك والأمثلة أيضا كثيرة. [c1]عن / صحيفة “الوطن” السعودية[/c]