الكبر خلق ساقط في قراءات الفطرة والعقل والضمير والدين، لأنه ينفخ صاحبه حتى يدعه يطير محلقاً في أوهام التفوق الكذاب، والتعالي على الآخرين بغير صواب! .. وهو في ذلك أشبه ببالونة لا تلبث أن تنفجر أو يذهب بها الهواء بعيداً في متاهات الفضاء كمثل المشرك خر من السماء فتخطفه الطير، أو تهوى به الريح في مكان سحيق! . والتكبر على المتكبر صدقة "!" وهذه العبارة قيل هي كلام مشهور، وهو رأي الفخر الرازي .. وقال العلامة علي القارئ : لكن معناه مأثور وأهم ما في هذه العبارة اللطيفة هو بيان الحالة التي ينبغي أن يقابل بها المتكبر، وهو أن يتعالى عليه احتساباً لله .. فكما يرمى بالقاذورات في مصارف القمامة والنجاسات ولا تصبغ بشيء من الطيب والتكريم ، فكذلكم حال المتكبر، فإن جزاءه الحق من أخلاق الآخرين هو التعالي عليه! وهو رد صائب، لم أر خلقاً آخر مذموماً استحق أن يقابل بمثله مثله!! وهذا التعالي على المتكبر هو سمو بالنفس التي احتقرها هذا المتعالي ويضع المتكبر ساقطاً في نفس خلقه المذموم!وقد قال صلى الله عليه وسلم: يحشر المتكبرون يوم القيامة كأمثال الذّر يطأهم الناس ، ويغشاهم الذل من كل مكان!وثمة داءٌ وليد لهذا الكبر المذموم، وهو داء الغطرسة وكان سبب هلاك كثير من الجبابرة، لأنه لا يعطي وزناً لمواهب الآخرين وقدراتهم وتجاربهم .. فيقضي على التنمية الاجتماعية والفكرية والاقتصادية في عالم الإنسان.لذلك نجد من عافاه الله من رجس هذا الوباء لا يتعالى على دعوة حق تنير له الطريق! ولا يترفع عن الإمساك بحبل نجاة ينقذه من الغرق في وحل الهلاك.وللشافعي ـ رحمه الله ـ كلام جميل قال فيه: "ما أوردت الحق على رجل فقبله إلا هبته! .. ولا كابرني فيه أحد إلا سقط عن عيني!".وهو كلام كله نور يعرض دستور معرفة الرجال في شتى الميادين التي تتراءى هنا وهناك! فالخضوع للحق حسنة محسوبة لأصحابها في دواوين الاحتساب في السماء والأرض!!وهذا هو سر قوله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر!والآن، أجدني جدّ آسف أن أقول: إن هذا الداء قد بلي به كثير من الناس في مواقع المسؤولية والإدارة والقضاء والمال حتى أعماهم عن الإبصار بحقائق تمس جوهر عملهم واختصاصاتهم، مما يبقي الموازين مقلوبة، والمخارج من الأزمات ضيقة!! وليس من الغريب أن أقول كذلك : إن الفساد قرين الكبر والتعالي والغطرسة .. فقد قال الله وقوله الحق: "وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ..".فهل آن الأوان لفتح جديد بعد فتح مكة يحصد هذه الآلهة المزعومة على مقدرات الوطن والتي تسببت في خراب الحال وعرقلة التنمية وشتات الشمل. وسيكتب لهذا الفتح النصر المبين وقد وعد الله بذلك فقال: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق"!. والحمد لله من قبل ومن بعد .
|
رمضانيات
التكبرعلى المتكبر صدقة !!
أخبار متعلقة