في جمعية تنمية الثقافة والأدب – عدن
في ليلة من ليالي جمعية تنمية الثقافة والأدب – عدن, بجديرها المستنير لكل ما تصبو إليه النفس من فنون المعرفة الجادة, والمتنوعة, وبجدية الاستمرار نحو المزيد من التواصل, والفعل الفكري, والسلوكي, أبت الجمعية إلا أن تستنطق ألفاظاً أكثر وضوحاً, وألطف إشارة, ومعانٍ تتزاحم على الجمل كما تتزاحم الفراشات على النور, في باقات فواحة من زهور مواضيعها العطرة.وهي في ذات الوقت درر نفيسة من المضامين, تسرع الخطى كل يوم أربعاء باتجاه تحقيق آمال ثقافية, وطنية وإنسانية تداعب الخيال الطموح, يحف بها رواد شغفون بجمال الأسلوب والعبارة المليحة. مما يؤكد صحة التخطيط والمتابعة للبرامج الفصلية الثقافية للجمعية.. وقبل هذا وذاك الصبر والمحبة.وبسبب من ازدهار مواضيعها, وتزايد جمالها مع الأيام, يخف إليها روادها كل أربعاء, لا حباً في جبر الخواطر, لكنها النفوس الطامحة إلى الجد, تفيد, وتستفيد.على أن ما قلناه, وما لم نفصح عنه, يمنح الجمعية المزيد من الحب والثقة.متابعة / محمد نعمان الشرجبي:[c1] روايات وآراء ومواقف اجتماعية وسياسية الشخصية الفنية والواقعية في روايات أديب نوبل[/c][c1]* انتقاء بديع:-[/c]مساء أربعاء الأسبوع قبل الماضي, وكعادتها أحيت جمعية تنمية الثقافة والأدب – عدن, الذكرى الخامسة والتسعين لميلاد الأديب الروائي الكبير نجيب محفوظ, بمقرها الواقع في حي الشهيد جلال مبارك, مديرية دار سعد.تنوع التناول لشخصية محفوظ وإبداعاته بطرائق متقدمة على مواضيع أخرى سبقتها, فيما جرت وقائع الندوة المنتقاة بعناية فائقة في حضرة جمع طيب من الشعراء, والمثقفين, والمتخصصين, إلى جانب عشاق قصص وروايات نجيب محفوظ, يتصدرهم الضيف سعادة القنصل المصري بعدن, السيد عماد الدين فائز, والشاعر عبدالله با كداده, مدير عام مكتب الثقافة بعدن. وأدار الندوة بجهد مليح الباحث خالد قائد, متنقلاً بين التقديم, والمشاركة والإجابة.[c1]*روايات وآراء ومواقف:-[/c]المتحدث الأول, الزميل صالح حنش, العامل في مجالات الإبداع, قدم مداخلة ملحوظة البذل, للذة فائدتها متعة, قال فيها بعد التوطئة.., إن ما تحظى به كتب وكتابات ( محفوظ ) من رواج واستحسان بين قراء العربية في الوطن العربي, إلى جانب الدوافع التي قادت إلى ترجمة بعض أعماله, ومؤلفاته إلى عدد من اللغات الأخرى, وبخاصة الانجليزية, وفوزه بالعديد من الجوائز التقديرية والتنافسية الوطنية ( المصرية ), والعربية والعالمية, لعل أبرزها جائزة ( نوبل ) للآداب عام 1988م, وكلها تدل دلالة واضحة على وصول هذا المبدع الفنان إلى درجة عالية من الإتقان والقدرة على الإمتاع. مشيراً إلى مجموعات محفوظ القصصية في الثلاثينيات ومحدودية رواجها. وأوضح اهتماماته بعد ذلك بالتفصيليات والجزئيات في أعماله الإبداعية, ومراعاة الثوابت والأساسيات إلى جانب الشكل والمضمون. وتعرض إلى مفهوم الرواية, وتعامل الكاتب الروائي معها, أكان على مستوى الحدث أو اختيار الشخصيات.إلى قوله.. وحسبي أن الشخصية الفنية عند ( نجيب محفوظ ) قد شكلت أبرز وأهم فنه الروائي, ونجاح رواياته, وتمكن باقتدار من خلق علاقة متينة, وثيقة ومنطقية, بين الشخصية الفنية والواقعية على أرضية المجتمع الإنساني, مع التأكيد على أنها لم تقتصر على المحيط العربي والشرقي, بل تجاوزت حدودها الجغرافية والاجتماعية إلى فضاءات واسعة, لتضيف إليها السمات والخصائص العالمية والإنسانية. وأنا على اقتناع بأنك لو اعتمدت الشخصية الفنية في أدب محفوظ كمقياس للحصول على جائزة ( نوبل ) للآداب, لكفت للاستحقاق وبجدارة.وفي إجابته عن السؤال هذا.. من هو نجيب محفوظ؟اتكأ المتحدث حنش على إجابة محفوظ التي وردت ضمن إجابات أخرى في حوار أجرته معه, مجلة الأدب, يوليو 1963م, وآخر ساعة 2 ديسمبر 1963م... أنا كمال عبد الجواد في الثلاثية.. كمال عبد الجواد يعكس أزمتي الفكرية وكانت أزمة جيل فيما اعتقد... إن أزمة كمال عبد الجواد العقلية في الثلاثية كانت جيلنا كله.وهي إجابات كما قال حنش, كشفت عن الاهتمام البالغ الذي حظيت به الشخصية الفنية عند نجيب الروائي, مشيراً إلى المفهوم التاريخي للرواية.[c1]*خصائص وصفات:-[/c]والمتحدث, وهو يقترب من ختام القول, لم يغفل الإيماءة إلى الخصائص الفكرية, والصفات العقلية بين الشخصية الفنية, والشخصية الواقعية للروائي محفوظ, وموقع الشخصية الفنية عنده في الأدب العربي والعالمي, وكذا روعة القضية الفكرية, (المحور الحقيقي للعمل الفني وكل شيء ما عداها خادم لها.. ( هكذا قال ).وخلص إلى القول أن القارئ الحصيف, يستشف من روايات وقصص نجيب محفوظ, وبخاصة ثلاثيته ذائعة الصيت, بين القصرين, قصر الشوق, السكرية, السمان والخريف, الحب تحت المطر, القاهرة الجديدة, بداية ونهاية, ميرامار, الكرنك, الشحاذ وثرثرة فوق النيل, آراءه ومواقفه الاجتماعية والسياسية.[c1]*المواقف بإيجاز:-[/c]ومن المفيد تدوين تلكم المواقف بإيجاز, كما أوردها حنش كالتالي..* تفاقم التناقضات الاجتماعية والسياسية الناجمة عن الدفع بعجلة التطور صوب الناحية الخاطئة.* النفاق الاجتماعي والسياسي, للاستبدادية الحاكمة.* صدام المصالح الفردية والمجتمعية.* مأساة العقل المهزوم, وقضايا أخرى.المتحدث الثاني الصحفي مازن سعيد صالح, استهل القول بذكر نجيب محفوظ, وجاء بأهم الأشياء من سيرته موضحاً عدداً من أعماله الروائية والقصصية.كما تعرض لنماذج من الشخوص في الحياة اليومية المصرية, الإشارة إلى عدد من النصوص ذات النقد الفاضح.[c1]*القنصل المصري.. إضاءات وحفاوة:-[/c]سعادة القنصل العام لمصر العربية وهو يشارك بفعالية لم تكن في حسباني, أعجبني فيه تنحيه عن الدبلوماسية, واتكائه على المصاف الراقي لآداب الحديث, بوعي لا يبتعد عن التماع ضوء الشمس على صفحة المياه.بدأ حديثه بمراجعات للأدب اليمني, وذكر نخبة ممن قرأ لهم.. الشاعر محمد سعيد جرادة, الشاعر عبدالله البردوني, الشاعر لطفي أمان, القاص محمد عبد الولي.وتطوف بخطى بطيئة في أفياء ( ثلاثية القاهرة ), بين صورها الفنية, ومضامينها الاجتماعية, ودلالاتها اللغوية.ليس ذلك فحسب, لكنه تطرق إلى بعض قصصه الفنية, الدرامية, الاقتصادية, والمصورة للواقع الاجتماعي, ومنها ما انتقلت إلى السينما المصرية, ( الوحش 1954م), ( الفتوة عام 1957م), مع ذكر نخبة من الممثلات والممثلين, أحمد مظهر, نور الشريف, ماجدة, نادية لطفي.تحدث عن ( رواية الحرافيش ) ومسلسل ليالي الحلمية, للكاتب أنور عكاشة, مع تبيان الفروقات هنا وهناك, وعن شخصية وقوة إرادة المرأة المصرية في الحياة الأسرية والعملية.وأثناء حديث عماد الدين في المرة الثانية التي اختتم بها الأمسية بعد أن أنصت إلى عدد من المواضيع, والآراء المختلفة عن محفوظ, أوسع الندوة بالحفاوة والاهتمام, قائلاً :إن مناقشاتكم الإبداعية بهذه الطريقة من الجهد, والقدرة على الإضاءة, وبهذا الفهم الجيد في الانتقاء, والتوصيل, والتحليل, اعتبروني من الساعة عضواً في جمعيتكم هذه. وقول القنصل هذا عندي شهادة لفاعلية جمعية تنمية الثقافة والأدب, مدعمة بهدية تذكارية من القنصل المصري للجمعية تسلمها رئيساً المهندس محمد مبارك حيدرة.[c1]*مقامات على العود, ونجمة الفجر:-[/c]وعل مقام ( النهوند والحجاز كار كورد ) عزف على آلة العود الفنان صداق خالد بطريقة تناغمية جميلة أطربت النفوس مقطوعات مصرية لازالت تجوس في الخواطر..وبتجربة فنية طيبة, استحسنها الحاضرون غنى صادق رائعة الشاعر صالح نصيب ( ألا يا نجمة الفجر ), فأجاد وأطرب.---يتبع