غضون
- خلال العقدين الماضيين نفذت في العاصمة صنعاء عشرات الحملات الدورية إلى جانب الوظيفة المعتادة يومياً من أجل ضبط حركة المرور وتحسين حالة السيارات والمركبات وتسجيل المخالفات القانونية وكشف حالات التزوير والغش في قوائم ولوائح الجمارك والتملك والترخيص و «كرت الرقم» وإجازات القيادة.. وحتى الآن لم تحقق سلطة المرور هذا الهدف، بل أن المشكلة في العاصمة اليوم أكبر مما كانت عليه قبل عقدين أو ثلاثة.- والسبب في فشل تلك الحملات يعزى إلى الفساد.. فالفساد في جهاز المرور يترعرع في البيئة الإدارية وفي أي مكان يوجد فيه رجل مرور.. ولأن رجال المرور في الإدارة وفي الشارع يستغلون المخالفات للضغط على أصحابها من أجل الحصول على رشوة مقابل التغاضي عن المخالفات.. ولأن هؤلاء فاسدون ولم يتعرضوا لأي نوع قوي من الردع، فأن من مصلحتهم زيادة عدد المخالفات أو استمرارها لأن ذلك يعني مزيداً من الكسب المالي.- الإدارة قد تتذرع بعدم القدرة على السيطرة على أداء كل هؤلاء الأفراد الكثر المنتشرين في النقاط المرورية ما دام المواطنون (المخالفون للقانون) هم أنفسهم وفي الأساس يقبلون دفع الرشاوى.- لكن المواطن يقول إن من مصلحتي أن أدفع لشرطي المرور ألف ريال لكي أتجنب إجراء قانوني يلزمني دفع عشرة آلاف أو مائة ألف ريال.. ثم أن الشرطي يقوم بذلك في الشارع العام لكونه يعرف الإدارة التي يتبعها تفعل الشيء نفسه.- لقد أضحى جهاز المرور (الذي يتعامل أفراده مع المواطنين بصورة يومية) بيئة خصبة يترعرع فيها الفساد، ومن المثير للدهشة أن هذا يحدث تحت ضوء الشمس، وليس في الخفاء كما هي عادة الفساد! ولارتباط هؤلاء الفاسدين في علاقات وحالات يومية ومباشرة مع المواطن تترسخ لديه عدم ثقة بالحكومة وتنتشر التهم الموجهة للحكومة حول الفساد حتى لو كانت هذه التهم ظالمة.