الشاعر عبدالقادر فدعق
أنا وحيد ممن قرأ بعض قصائد الشاعر عبدالقادر فدعق،ومما وقع في يدي من مقالات كتبت عنه في الصحف المحلية وساعدت الصدفة أن قدمني له الفنان الأنيق عوض أحمد،قبل حوالي أسبوعين من كتابة هذا الموضوع،وعن قرب عرفته لطيف المعشر،وأخلاق بالود تتعاشر.وإذا أبي أمام شاعرٍ أجبرني على تمثل قول الشاعر محمد سعيد جراده فيه: أنا وحيد ممن قرأ بعض قصائد الشاعر عبدالقادر فدعق،ومما وقع في يدي من مقالات كتبت عنه في الصحف المحلية وساعدت الصدفة أن قدمني له الفنان الأنيق عوض أحمد،قبل حوالي أسبوعين من كتابة هذا الموضوع،وعن قرب عرفته لطيف المعشر،وأخلاق بالود تتعاشر.وإذا أبي أمام شاعرٍ أجبرني على تمثل قول الشاعر محمد سعيد جراده فيه:(ورأيتهُ سحرً الجمالِ، وفتنةَ الغزلِ الرَّبيبْ) [c1]غزل الهوى وربات الغزلِ[/c]فكان عندي شاعر يتنعَّم على ديباجات ضيمات،الخليل في سندس الشعر،واستبرقه.يغازل الهوى حيناً في شغل عن أربابه،وحيناً يغازل ربات الغزل،قلما يغضون الطرف عنه في نشوةٍ من الدّلال والتثّني،إلى ثمالة العشق،مفتونون بأحاديث من عذب فمه تتقطر من صَبّ يملأ الأذن والعين.قال ذات مرة:1 - مجنون قالوا علياَّ وماله2 - خلهم يقولون مجنون مجنون3 - مادمت أنته مصدر جناني4 - يانور عيني دعهم يقولونفرّقت له القلوب،واشتجنت العيون،واشتجن هو متسائلاً:5 - من هو يعاتب من ضاع عقله؟6 - من هو يعاتب من صار مرهون؟7 - ليه ما عتبتوا على قيس قبله؟8 - أو قيس فارس ورأسه بمليونأبيات تستقرئ من معانيها أن الشاعر يتكلم كمن لا يشعُر،ولكن يؤكد على قوة سلطان النساء على من ابتلي بالحب،من مفهوم أن العاشق،(يعلّق آمالاً كبيرة على من خفق قلبه له)وبالتالي يقفل سمعه عن لوم العواذل،لأن أخلاقية الحب عنده ترتكز أو أن لها الأحقية الأولى في سعادة المحبوب.هذا ما يُنبئنا به المعنى المقارن للأبيات سالفة الذكر،ويقودنا إلى أنّ(الحب)،منذ عرفته الناس أصبح حديثها،في سمراتها وأشعارها،وأحوالها،وأخلاقها وسيظل كذلك.[c1]الشاعر وزعيم الحب العذري[/c]كلام الشاعر الذي لَحِق المقطع الأول من غزليته،يفصح عن فضاء روحه الرحبة،والمفعمة بفهم العشق،ومعانيه جعله يطرح السؤال،ويعطيه بُعداً إنسانياًُ،وأخلاقياً،وانسجاماً عاطفياً.كل هذا يتضح من الأسئلة في ضياع العقل،وارتهان القلب،ولوم عاشق ليلى،قبل عشق الشاعر،وأم أنّ غشق قيس المجنون يعادل مليون عاشق.نعم أنّ قيساً كما ذكرت،عاشق تملكه الحب واستبد به وصرعه.صرع أبن الملَّوح الذي شبّ على حب بنت عمه ليلى فعرف بقيس ليلى،ومجنون ليلى،فهام به ا وهامت بها،وقال فيها شعراً أغضب أهلها،فرفضوا زواجها منه،فهاجم فاستتعْدَوْا عليه مروان بن الحكم والي المدينة،فما أفزعته إلا تثبيتاً لحبها بقوله:لقد نبتتْ في القلب منكم محبةكما نبتت في الراحتينِ الأصابعُوفوق إهدار دمه،أجمع أهل ليلى ومن والاهم على تكفيره لقوله:قضاها لغيــري وابتـــلاني بحبهـــافهلاَّ بشيءٍُ غير ليلى ابتلانياولي أنْ أصدق الشاعر الجميل عبدالقادر فدعق،القول بأن قيساً عندي(زعيم شعراء الحب العذري)،وأن كان عند غيري،جميل بن معمّر،عاشق بثينة القائل:وأولُ ما هاجَ المحبة بيننابوادي(بغيضٍ)يا بثينَ سبابفقالت لنا قولاً فقلت بمثله لكل حديثٍ يا بثينَ جوابُولعلّ(وادي بغيضٍ)،هو(وادي القرى)بالحجاز،والذي ولد فيه جميل بثينة.وفي قصة قيس وليلى،ضربوا الأمثال،وقالوا الأشعار،ومنها(كلُّ يغنّي على ليله) وكلََّ يدّعى وصلاً بليلى وليلى لا تطيقُ لهم وصالافتنا قلتها الألسن دلائلَ وشواهد حتى الآن [c1]المفاضلة في الحب [/c]تأسيساً على ما مر،ورجوعاً إلى تساؤل الشاعر في بيته هذا: ليه مـــا عتبتوا عـلى قيس قبلـــهأو قيس فارس ورأسه بمليوننلمس في سؤاله إلماحة تفيد أنه لا يجوز لأحد المفاضلة بين عشق هذا وذاك،فالحب هو الحب بعاطفته السامية،لا إباحية الشاعر كثير المال عمر بن أبي ربيعة.على أن معاني غنائته فيها كل الصدق،إذا ما فهمنا بأن للشاعر فدعق أخلاقيات عشقية تجبر وهو لا يقوى على اشتعالات نيران الجنون العشقي،تجبرُ على أن يتمنى،ويرى في آن،من يحب متسربلاً بلذة المسَرّة والإبتهاج.وفي سبيل ذلك يتحمل راضياً كل لواعج معاناته،ووجيب ضلوعه وآهاته،وهذه هي القيمة الحقيقة للممارسة الإنسانية والأخلاقية في الحب،وكأني به يردد في خلوته،(لو شفَّك الوجدُ لم تعذلْ ولم تلُمِ).[c1]غنائية ثلاثية اللقاء[/c]وللنظر في شعره الملحون دعونا نقتنص من مفكرته الغنائية واحدة جمعت بينه وبين الفنان عذب الصوت عوض أحمد،والملحن الجميل جعفر حسن.تطــول المسافــــــات بيني وبينــــــكتطول وتطــــــوللاحَــــلْ التـــلاقــي لقلبي وقلبـــــــكوالوصل أقبـــل لحظات انتظــارك تصبــــــح عنيــــدةولا ترضى تكمـللحظـــــات انتظــــارك تلعـب وتحـــرقبجوفي وتشعـليقول لنا النص قبل تفكيكه، أن الأغنية شكل من أشكال التعبير،ولأنها كذلك،من الضروري أن يندغم بداخلها،النص الشعري المليح،والموسيقى المعبرة والمنسجمة مع النص والصوت المكمل لثلاثية الأغنية ومن جانبنا سنعمل على الكشف عن هذا المعنى الثلاثي:1 - الغنائية من النوع الذي يحاكي فيها الشاعر ذاته وذات الآخر،فتصادف هوى النفوس وتوافق ميول الناس،وزد على ذلك،لبراءتها تقرأها الحسناء،ولا يحمرُّ وجهها وفي معناها قيمتها الجمالية.2 - اللحن،عذب الإنسيات،أحسب أنه جرى مجرى اشواق واشتجان المسافة،في قلب الشاعر الذي لا يرى في طولها سوى الوصل القادم بأفراحه وأحلامه ومن آماله.3 - وعوض أحمد الصوت،تجربة غنائية طربية متميزة.صوت جميل،حباله النحيلة محمله بالنغم العذب الذي مازال على فطرته الأولى،وكلما دخل صوته في عمر جديد يضفي عليه من وهج روحه الرومانسي.إذن حصيلة التفكيك الثلاثي المتكئ على النظر والإستماع،يستلزم منّا التقدير والثناء .لنا دعوة ثانية للكتابة،في حالة مسترخية ومريحة وطاقة نفسية مرفوعة على أمل العودة مع قصيدة،(مسرور مبروك)،عنوانها هكذا يستخدم فيها الشاعر فدعق أسلوب الحوار المرتكز حيناً على بعض الأسئلة للشاعر الساخر مسرور.