دراسة/ أ- د/ نورية احمد [c1]1- الاعتراف والاهتمام بدور المرأة : [/c]إن قضية المرأة ومشاركتها الاجتماعية والاقتصادية تحتل اليوم أهمية كبيرة على مختلف المستويات والأطر العلمية والاجتماعية والثقافية، وغدت المرأة موضوعاً حيوياً وهاماً في كثير من الكتابات العلمية والبحوث الميدانية ومن أجلها عقدت اللقاءات والندوات والمؤتمرات، وتكونت الهيئات والمنظمات الرسمية (الحكومية)، وغير الرسمية ( الجماهيرية) التي تختص بقضايا المرأة والتنمية وتسعى باتجاه النهوض بواقعها الاجتماعي والاقتصادي.وحقيقة أن هذه الاهتمامات التي نجدها اليوم تنشط بشكل كبير في كل بقاع العالم بما في ذلك الأقطار العربية ومجتمعنا اليمني واحد منها، إنما هي تنم عن التأكيد والاعتراف بأهمية المرأة وأهمية أدوارها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتأكيد على ضرورة الإرتقاء بها خاصة أنها تعرضت كثيراً للتهميش والتخلف والحرمان.من المعلوم أن المرأة في كل زمان ومكان كائن بشري حيوي وهام، تتكامل مع الرجل وتتقاسم معه هموم الحياة، فهما على الدوام شريكاً حياة ومصير، كما أنها منذ عصور بعيدة وأزمنة موغلة في القدم تقوم بأدوار أساسية وهامة في جميع مجالات الحياة الاجتماعية الاقتصادية والسياسية، فهي على الرغم من الأوضاع الصعبة التي عاشتها في المجتمعات القديمة، وقسوة الأنظمة الاجتماعية والثقافية والقوانين والأحكام الصارمة التي تعاقبت عليها في مجتمعاتها إلا أنها لم تكن يوماً ما سلبية في حياة أسرتها ومجتمعها، فقد كانت معطاءة على الدوام، كما أنها ساهمت إلى جانب الرجل في نشوء وتطور الحضارة الإنسانية وكانت عاملاً مهماً في الحياة الزراعية والاقتصادية، فقد ذكرت بعض كتب علم الاجتماع والأنثروبولوجيا أن الزراعة اختراعاً أنثوياً حيث توصلت إليها المرأة نتيجة لحياة الاستقرار التي كانت تعيشها والتي اتاحت لها فرصة ملاحظة دورة الحياة في النباتات البرية، فأبدعت وتفننت في أمور الحياة الزراعية والاقتصادية.وبصورة أكثر تحديداً وإنصافاً للمرأة يمكن القول : بأن المرأة كانت ولاتزال وعبر تاريخها الطويل تؤدي دورين في الحياة الإنسانية وهذين الدورين هما :1- الدور الإنجابي : الذي لم تتنصل منه يوماً ما في حياتها بل أنها تؤديه بثقة عالية، فهو دور في جزء كبير منه متصل بطبيعتها وبتكوينها الأنثوي ويتمثل في عمليات الحمل والإنجاب والتنشئة الاجتماعية والرعاية الأسرية.وهذا الدور الإنجابي يمكن للرجل أن يشارك فيه بمدى واسع ويقدم المساندة اللازمة للمرأة من خلاله كزوج وقريب وعائل ومسئول في أسرته.[c1]2- الدور الإنتاجي :[/c] ويتمثل في الإسهام الاقتصادي وإنتاج السلع والخدمات وهو ليس حكراً على الرجل - كما قد يتصور البعض - بل للمرأة نصيب فيه ولها قدر هام من الإسهام والمشاركة، كعضو مسئول تجاه المجتمع وتنميته.وبهذين الدورين الهامين (الإنجابي - الإنتاجي) يمكن القول : أن المرأة باستمرار تشكل وحدة إنتاج هامتين : وحدة إنتاج البشر والمحافظة على المواردالبشرية، ووحدة إنتاج القوت والسلع والخدمات، وبهذين الدورين تكتسب أهميتها الاجتماعية والاقتصادية. كما أنها منذ الزمن الماضي تضطلع بهذين الدورين، ولم تشكل الأدوار المزدوجة معضلة لها، وكانت توازن موازنة دقيقة بين أدوارها الأسرية وأدوارها الاجتماعية والاقتصادية.2- فما تقييم مجتمعات اليوم لأدوار المرأة المتعددة، وبخاصة مجتمعاتنا العربية؟؟على الرغم من وضوح وأهمية دور كل من الرجل والمرأة في بناء الأسرة وبناء المجتمع وتنميته، إلا أننا اعتدنا في مسيرة هذا البناء أن نجد للمرأة في أوقات كثيرة متخلفة بمسافات عن الرجل كزوج وكقريب وزميل في العمل، وتأتي أوقات نجد فيها إسهاماتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تتراجع كثيراً، وينطبق الحال على المرأة العربية وشقيقتها اليمنية التي كانت في الزمن الماضي شريكاً فاعلاً مع الرجل أسهمت في صنع الحضارة اليمنية وبرزت كملكة وحاكمة وشاعرة.حقيقة لقد اختلفت وتباينت المجتمعات في تقييم أدوار المرأة، وأخص بالذكر هنا المجتمعات العربية، وذلك وفقاً لمكونات الحياة الاجتماعية، ووفقاً للفهم السائد لأدوار النوع الاجتماعي وتقسيم العمل الذي يعد في معظمه من صنع المجتمع والثقافة السائدة.وعلى الرغم من أن المرأة في واقعنا العربي - واليمني تتعامل وتتكامل مع الأدوار الإنجابية والإنتاجية خاصة مع تزايد دخول النساء إلى سوق العمل الخدمي والإنتاجي المأجور نقداً، إلا أنها (كامرأة) لا تزال تعاني من إشكاليات ومعوقاتها في تعاملها مع الدورين أو ما يمكن أن نطلق عليه (بالدور المزدوج). وبدلاً من أن تعينها هذه المجتمعات على أدوارها المتعددة نجدها كثيراً ما تكرس التمييز بين أدوار النساء والرجال، كما نجد من يقلل من الأعمال التي تؤديها المرأة، حتى إذا ما أوكنت إليها من أعمال ذات طابع اقتصادي إنتاجي كما هو الحال في الريف العربي، فأن هذه الأعمال غير مقيمة أو محتسبة لها ولا ترصد في إسهاماتها التنموية وتعد في نظر البعض امتداداً لأعمالها الأسرية.وفي مسألة توزيع الأدوار بين الرجال والنساء وبتدخل المجتمع وثقافته، نرى أنه لا خلاف مطلقاً في أن توجد أدوار للمرأة وأدوار للرجل تختص بطبيعتها الجنسية، فالإنقسام الجنسي، والأدوار الجنسية ضرورة حياتية وقدرة إلهية، ولا يمكن التغيير والتأثير في الأدوار الجنسية ذات الأساس البيولوجي، ولكن الخلاف في نظرنا هو ذلك الإصرار في الاعتراف بالدور الإنتاجي والسياسي للرجل دون المرأة وتهميش المرأة في الأدوار الإنتاجية وحصرها في الأدوار الإنجابية التي تتسع هي أيضاً للرجل الأمر الذي ينعكس على أوضاع المرأة وتقدم إسهاماتها في الحياة الاقتصادية، ويكرس من فجوة النوع وعدم التوازن في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.وهنا يمكننا المجيء بتقسيم يوضح أكثر الفرق بين النوع الاجتماعي، والجنس، أو الفروق بين الأدوار الجنسية وأدوار النوع الاجتماعي التي يبدو فيها التميز :الدور الجنسي أساسه بيولوجي يولد الإنسان به لا يكن تغييره المرأة وحدها تحمل وتلد [c1]والرجل وحده يستطيع إنتاج المني [/c]دور النوع الاجتماعيأساسه اجتماعي (يتشكل اجتماعياً)لا يولد الإنسان بهيمكن تغييرهالمرأة تستطيع القيام بالوظائف التي يقوم بها الرجل، والرجل يتمتع بالقدر نفسه من القدر مثل المرأة في رعاية الأطفال وإدارة شئون المنزلمن هذا التقسيم السريع يتضح أن الجنس (أو الدور الجنسي) يولد مع الإنسان ولا يمكن إنكاره أو تغييره فيه بينما دور النوع الاجتماعي هو دور متعلم يتأثر بالثقافة السائدة وبالتقسيم الاجتماعي للعمل ويمكن التدخل فيه وتطويره في صالح كلاً من الرجل والمرأة وفي صالح المجتمع وتنميته.وفي واقع الحال أنا ما تحتاجه المرأة في مجتمعاتنا العربية السائرة اليوم في طريق التقدم، وفي ضوء هذا التوزيع والتنوع للأدوار الاجتماعية هو الاعتراف بتعدد أدوارها وبحيوية هذه الأدوار بالنسبة لها. وبإمكان المجتمع العربي، بما فيه من مؤسسات وهيئات تربوية واجتماعية واقتصادية وسياسية وتنظيمات اجتماعية مدنية، أن يعينها في تجاوز معضلة الدور المزدوج وأن يمنحها فرصاً أوسع للقيام بالأدوار والممارسات العملية التي تمكنها من النهوض بواقعها وواقع أسرتها والمشاركة الجادة في تنمية مجتمعها الذي هو بحاجة إلى طاقات أبنائه من الذكور والإناث على حد سواء.[c1]3- أوضاع المرأة اليمنية "بعض ملامح التطور والجهود المبذولة" :[/c]بالوقوف على حال المرأة اليمنية، وما هي عليه اليوم في سياق عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فإن الأمر المؤكد والذي لا يمكن أن يختلف عليه أثنان هو أنه قد حدثت تحولات هامة وكبيرة في أوضاع المرأة اليمنية ومركزها في الأسرة والمجتمع، وجادت هذه التحولات كنتاج مباشر للتغييرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يشهدها وتعايش معها المجتمع اليمني منذ ما يقرب من أربعة عقود (35 سنة فأكثر) وهي تحولات بدأت بسيطة متواضعة ثم تنامت وتطورت بشكل كبير. وتعتبرحقبة التسعينات 1990م من أكثر الحقب القريبة تأثيراً في أوضاع المرأة اليمنية حيث خلالها شهد المجتمع اليمني تحولات في مجال الديمقراطية، والمشاركة الشعبية، وتأسيس المجتمع المدني، وشهد تطوراً في مفاهيم حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة والطفل بشكل خاص، فما كان من هذا كله إلا أن ساعد كثيراً على خلق ظروف موضوعية وجديدة لتحفيز استخدام قدرات المرأة وتوسيع مساهماتها في مختلف الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبوتيرة أعلى عما كان عليه حالها في وقت مضى. وأصبحت المرأة تأتي في صدارة الاهتمامات الرسمية، وغير الرسمية، وقد زنجز المجتمع أموراً كثيرة في حياتها ولصالحها وصالح أسرتها ومجتمعها، لعل من زهم هذه الإنجازات ما تضمنه الدستور من حقوق متساوية في جواهر الأمور المتصلة بقضايا التنمية والتحديث، وما جاءت به القوانين تباعاً من أوجه مساواة في مجالات التعليم، والعمل، والمشاركة الاقتصادية، والمشاركة السياسية، ولا يوجد في نصوص القوانين التشريعات ما يفيد التمييز في هذه المجالات الهامة والحيوية بل لا نبالغ إذا قلنا أن التطور التشريعي يسير االيوم باتجاه صالحالمرأة وحقوقها الاجتماعية والاقتصادية أكثر من أي وقت مضى، بل أن هذا التطور التشريعي أتاح للمرأة "نفسها" مزيداً من التطلع والاهتمام والمطالبة بتشريعات وقوانين أكثر تطوراً وعدلاً وفي إطار ما قد ضمنته الشريعة الإسلامية الغراءللمرأة، وفيما يسير عليه المجتمع من مفاهيم وثوابت. ومن أوجه الإنجازات أيضاً انضمام اليمن إلى جملة من الإتفاقيات والمقررات والإعلانات الدولية والإقليمية التي اختصت بقضايا المرأة والنهوض بأوضاعها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً. وقد زادات هذه الأطر من تقدم المرأة وإسهاماتها وجعلها محوراً في كل من الخطط والبرامج الإنمائية والاستراتيجيات الوطنية ونذكر من أهمها :** السياسة الوطنية للسكان وخطة عملها، حيث أفردت محوراً أو مكوناً للمرأة مركزة فيه على موضوع العدالة والرنصاف، وتمكين المرزة، ومن خلاله استهدفت السياسة الوطنية للسكان (للفترة من 2001 - 2025) تحقيق العدالة بين الجنسين في الحقوق والواجبات وتمكين المرأة من تحقيق كامل إمكاناتها وتعزيز مساهماتها في التنمية المستدامة وفي تقرير السياسات وحصولها على الخدمات الأساسية من تعليم وصحة، ووصولها إلى مواقع العمل والإنتاج وإتخاذ القرار.. الخ.** وفي الخطة الخمسية الثانية (خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدولة 2001 - 2005) برز فيها مكون المرأة وقد اشتمل على عدد من الأهداف والسياسات ومن أهمها ضرورة مشاركتها في رسم سياسات التنمية الاقتصادية، وصنع القرار وتشجيع عملها في المجالات الاقتصادية المختلفة وتسهيل استفادة النساء في المناطق الريفية والنائية والحضرية من الخدمات المالية، والقروض الصغيرة للاستثمار مع تبسيط الممارسات والإجراءات، وشدد مكون المرأة في الخطة الخمسية على التعليم وتكافؤ الجنسين، ورفع المستوى الصحي.. الخ.** ولقد أنشأت العديد من الوسائل والآليات المؤسسية الرسمية وغير الرسمية التي تختص بشئون المرأة وتنمية أوضاعها، وتعمل باتجاه تحقيق التوازن في مجال النوع الاجتماعي ( التوازن في الأدوار والمسئوليات والإسهامات الاقتصادية).ومن هذه الآليات على سبيل الذكر والمثال لا الحصر :ـ إنشاء اللجنة الوطنية للمرأة وهي هيئة حكومية تتبع رئاسة الوزراء ومن مهامها رسم السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالمرأة وقضايا التنمية والنوع الاجتماعي وترتبط بعلاقة جيدة وشراكة تنموية مع عدد المنظمات الشعبية الاجتماعية والسوية. ومن أهم إنجازاتها إخراج تقرير سنوى عن أوضاع المرأة ثم استراتيجية النوع الاجتماعي التي أقرت في المؤتمر الوطني للمرأة وهي بصدد التنفيذ.- إنشاء المجلس الأعلى للمرأة.- إنشاء المجلس الأعلى للأمومة والطفولة.- إنشاء وزارة لحقوق الإنسان (وعلى رأسها امرأة وزيرة).- تأسيس إدارت عامة للمرأة في معظم الوزارات والهيئات والمؤسسات الرسمية.- إيجاد مراكز تختص بالبحث العلمي ودراسات المرأة في كل من جامعتي صنعاء وعدن.أما على المستوى الجماهيري (منظمات مجتمع مدني) فهناك آليات كثيرة منها:- إتحاد نساء اليمن- جمعية رعاية الأسرة اليمنية- جمعية تنمية المرأ والطفل- جمعية المعاقات- جمعية إدماج المرأة اقتصادياً- ملتقى المرأة- منتدى الشقائقإن ملامح التطور هذه والجهود المبذولة في مجال النهوض بواقع المرأة وتطوير قدراتها إنما تعكس مسلكية متطورة للمجتمع بمؤسساته وتنظيماته الرسمية وغير الرسمية في التعامل مع المرأة، وهي جهود لا شك أنها تنطوي على تبريرات وتأكيدات على أنه لم يعد اليوم هناك مجالاً لتهميش المرأة أو إقصائها عن حركة نمو وتطور مجتمعها، كما أن واقعها اليوم يفرض نفسه بقوة في هذه الجهود فخي تشكل نصف تعداد السكان كما أنها مسئولة عن النصف الآخر إنجاباً وتنشئة ورعاية وبالتالي فإن الاهتمام بها والنهوض بواقعها الاجتماعي والاقتصادي والإرتقاء بخصائصها السكانية أمر لا محالة منه، خاصة وأن المجتمع اليمني يسير اليوم بخطى حثيثة باتجاه التطور والإندماج في مسار العولمة التي ينسحب اليوم تأثيرها على مجريات الحياة الاجتماعية والاقتصادية ويتطلب معها أمة واعية مدركة بالتأثيرات المعقدة للعولمة، ولا نتصور المرأة إلا متفاعلة بوعي مع كل هذه التحولات مدركة الإيجابيات والسلبيات في مسيرة التحول والعولمة.[c1]4- المرأة والرجل شريكاً حياة وفي تكامل ضروري :[/c]قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال)، ونجد في هذا القول الدليل الحاسم على أن المرأة تشكل مع الرجل حلقة هامة ومتينة في بناء المجتمع الإنساني، وأنها أخت الرجل في الإنسانية، فالدين الإسلامي الحنيف تعامل مع المرأة كإنسان وليس كأنثى وإن كان يقر بوجودها كأنثى وأنها تختلف في خصائصها عن الذكر، ومجرد هذه الرؤية الإسلامية للمرأة تعكس عمق النظرة الإنسانية من الإسلام للمرأة الذي لم يشك مطلقاً في إنسانيتها بل يؤكد على أنها والرجل متساويان في الإنسانية كما أنها هي والرجل :- يؤلفان شطري الإنسانية (وهذا اوجه التشابه بينهما).- هما أيضاً مختلفان كرجل وكمرأة (وهذا أوجه الإختلاف بينهما).- هما مكملان متممان بعضهما البعض (وهذا وجه الإختلاف بينهما).5- أين تكمن مشكلة المرأة اليمنية؟ ولماذا هي ما تزال متخلفة في المجالات التي يتقدم فيها الرجل :على الرغم من التحولات الإيجابية التي حدثت في واقع المرأة اليمنية إلا أن هذا التحول يظل غير كافٍ، خاصة في مجال التخفيف من فجوة النوع، كما أنه لم يقد إلى كثير من الطموحات المرجوة للمرأة وأسرتها، كما أن المرأة اليوم هي في أشد الحاجة إلى التعليم والتأهيل والتدريب، فالمعطيات الواقعية والإحصائية تشير باستمرار إلى تخلفها وتأخرها بمسافات عن أخيها الرجل وبخاصة في المجالات الحيوية، في التعليم، والعمل، والصحة. كما أنها لم تمنح بعد الفرص الكافية الاقتصادية والسياسية، الأمر الذي يجعلها غير متمكنة التمكن الكافي في الاستقلال والاعتماد على النفس والثقة بقدراتها، إلا من قلة قليلة استطاعت أن تصل إلى مستويات متقدمة.* مشاركة المرأة محدودة جداً في رسم السياسات والخطوات الإجرائية.* قلة الفرص المتاحة للمرأة في مجال التدريب سواء في الداخل أو في الخارج.* يتركز حجم المرأة العاملة في المجموعة الخامسة أو التي تشمل الوظائف الهامشية.* تمثيل المرأة في الوفود الرسمية الخاصة بالدولة قليل جداً.ويرى الكثيرون (وغالبيتهم من النساء) أن التواجد الضعيف للمرأة في مجال المشاركة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يرجع إلى أن الذكور في المجتمع لم ينظروا بعد إلى المرأة كشريك فاعل متكافئ في عملية التنمية، وبالقطع فإن هذه النظرة إذا ما استمرت سوف تؤثر في قرات المرأة وإسهاماتها وستظل بعيدة عن المشاركة الفاعلية في رسم السياسات وبناء خطط التنمية.- ولمزيد من التوضيح حول واقع المرأة اليمنية وخصائصها الاجتماعية والاقتصادية يمكننا الوقوف على بعض الإحصاءات والمؤشرات ذات الدلالة والأهمية وذلك على النحو التالي :- تشكل الإناث في المجتمع ما نسبته 49 % من السكان مقابل 51% ذكوراً.- معدل الخصوبة عند المرأة 6.5 مولود حي طيلة فترة حياتها الإنجابية.- وبلغ نسبة الأسر المعيشية التي ترأسها نساء 12 % مقابل 88 % للذكور.- تمثل الأسر الفقيرة التي أربابها نساء حوالي 60.3 % من إجمالي الأسر غير الفقيرة التي أربابها نساء أيضاً.- كل الأسرة الفقيرة التي أربابها ذكور حوالي 49.7 % مقابل الأسر غير الفقيرة التي أربابها ذكور.- تبليغ نسبة الأمية بين الذكور والرناث وبحسب الفئة العمرية على النحو التالي :* الفئة العمرية + 15 (عند الذكور 32% ، والإناث 69%)* الفئة العمرية 15 - 24 (عند الذكور 39%، والإناث 47%)* الفئة العمرية 25 + فأكثر (عند الذكور 47%، والرناث 84%)- وتعلو نسبة أمية النساء في الريف عنها في الحضر، حيث تصل في بعض مناطق الريف إلى 90%.- بلغت نسبة النساء الناشطات اقتصادياً 22 % مقابل 70 % Cللرجال من إجمالي القوة البشرية.ويمكن أن تلمس ذلك من خلال ما يلي :[c1]1- دور التعليم وأهميته في تغيير أوضاع المرأة والنهوض بخصائصها الاجتماعية والسكانية :[/c]يكتسب التعليم اليوم زهمية كبيرة في المجتمع اليمني فهو يشكل عصب التنمية الاجتماعية والاقتصادية، كما أنه يستند على قادعة دستورية وقانونية واضحة وذلك من حيث التأكيد على أهمية وفرصة المكفولة لجميع المواطنين ذكوراً وإناثاً دون تمييز. ومقارنة بأي وقت مضى فقد حققت المرأة فيه تقدماً هاماً حتى أن البعض قطعن فيه أشواطاً بعيدة إلى أن تمكن من نيل الشهادات العليا مثل الماجستير والدكتوراه، ولكن تظل الفجوة قائمة في التعليم بين الذكور والإناث هذا بالإضافة إلى أن تعليم الإناث لا يزال يصطدم بالمعوقات الاجتماعية والثقافية ويأتي تعليم الإناث عند بعض الأسر كخيار ثاني أو ثالث بينما هو عند كفاية الأسر الخيار الأول للأبناء الذكور.وحقيقة أن التعليم هام وضروري للإنسان بشكل عام، وبالنسبة للإناث مهما بالغنا في أهميته فلا ضرر من ذلك وأنما الضرر يمكن في عدم تعليمهن لأن تأثيره قوي على المرأة والأسرة والمجتمع ويمكن تلمس تأثير التعليم على المرأة من خلال ما يلي :- التعليم شرط ضروري لتحرير المرأة من الأمية والجيل.- التعليم هو الجسر الذي تعبر به إلى ساحة المساهمة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.- أن التعليم عامل هام وقوي في مساعدة المرأة على تحسين أوضاعها وخصائصها السكانية، ونقصد بذلك تأثيره القوي على كثير من المواقف الحياتية والتغيرات السكانية، فللتعليم علاقة بسن الزواج من حيث عدم التبكير فيه وبحيث تكون الفتاة مشغولة بالتعليم، ومهيئة للنضج الجسمي والنفسي والاجتماعي، كما أن له علاقة بتنظيم الأسرة وقضايا الصحة الإنجابية. ويكسب المرأة وعياً بكثير من القضايا التربوية والسكانية ويجنبها العادات الضارة ويجعل لها مكانة في أسرتها ومجتمعها.[c1]2- دور العمل والمشاركة الاقتصادية في النهوض بواقع المرأة:[/c]وكما للتعليم أهمية اجتماعية وثقافية وتربوية فله أهمية اقتصادية إذ أنه يقود الى بيئة عملية مناسبة ويفتح المجال أمام فرص عمل متنوعة ومشاركة اقتصادية متطورة وتخلف المرأة في التعليم يجعلها تتركز في مهن وأقل أهمية وأقل إدرار للدخل وتتواجد في مواقع غير مؤثرة خاصة من حيث المشاركة في القرار.وبالنسبة لعمل المرأة اليمنية ومشاركتها الاقتصادية فقد أمنت القوانين والتشريعات ذات العلاقة بالعمل والخدمة المدنية الكثير من الحقوق المتساوية في العمل والاجر والترقي مع الأخذ بعين الاعتبار ظروف المرأة الخاصة التي تتصل بطبيعتها كأنثى وضمنت بعض مواد قانون العمل والخدمة المدنية هذه الظروف عندما اختصت المرأة ببعض المميزات كونها زوجة وحامل ومرضع ومنشئة لأطفالها وتتواجد النساء الحضريات اليوم في قطاعات خدمية وإنتاجية عديدة ولقد اوضحت العديد من الدراسات المحلية أن خروج المرأة الى العمل مكن الكثيرات من تخطي الحاجز النفسي الذي كان يجعلها بعيدة عن المشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية بصورة فعالة ، وأوجد لديهن وعياً بأهمية العمل ودوره في حياتهن وحياة أسرهن ومجتمعهن ، بل إن بعض الدراسات والملاحظات الواقعية قد أوضحت أن إلتحاق المرأة اليمنية بسوق العمل الخدمي والانتاجي المأجور نقداً قد ساعد بعض الاسر من تخفيف عبء الاعانة خاصة أن المجتمع يمر بإصلاحات اقتصادية وهيكلية إدارية وترتيبات معيشية أثرت بالسلب علي مستويات معيشة الاسر ، وبالتالي فهل خروج المرأة الى العمل مكنها من أن تكون شريكاً فاعلاً في ميزانية الاسرة بل إن هذا التفاعل الاقتصادي بين أعضاء الاسرة الواحدة ذكوراً وإناثاً قد أخذ يسهم في تغيير بعض القيم في الاسرة مثل تقبل الرجل زوجاً وأباً أو أخاً في أن تكون المرأة شريك في النواحي المادية للاسرة ولاشك أن هذا المعطي الجديد من المشاركة سوف يزيد من قيم المساواة والمسؤولية المشتركة في اعضاء الاسرة الواحدة ،هذا مع العلم أنه يوجد اليوم في المجتمع اليمني شريحة من النساء والعاملات في أعمال ومشاريع إنتاجية خاصة ويحققن نجاحات هامة .وخلاصة ماتقدم يمكننا القول أن ما تحتاجه المرأة اليمنية اليوم وفي ظل التطورات الحادثة في المجتمع هو مزيد من التمكين الاجتماعي والاقتصادي ، ونقصد بالتمكن هنا : هو الرفع من قدرات المرأة اجتماعياً واقتصادياً ومكافحة الفقر عند النساء وخاصة الفقر عند النساء الذي يرتبط بضعف قدرات المرأة من حيث التعليم والتدريب والتأهيل والفرص الاقتصادية ، وتمكين المرأة من المشاركة في القرارات ابتداء من القرار الاسري ، وتمكينها من الحصول على الحقوق والخدمات وعلى أن ينهج المجتمع في سياساته وبرامجه التنموية تحقيق التوازن بين الجنسين في فرص التعليم والتدريب والتأهيل والوظائف والترقي مع التقييم المستمر لاحتياجات المرأة .ونضيف الى هذا ما جاء في تقرير تنمية المرأة العربية والذي بعنوان العولمة والنوع الاجتماعي لمركز "كوثر بتونس" إن تمكين المرأة العربية اجتماعياً واقتصادياً يستوجب ثلاثة شروط ذات أبعاد معروفة هي :1- المعرفة القانونية :التي تمكن المرأة من معرفة حقوقها القانونية وممارستها وضمان مستحقاتها القانونية والعرفية .2- المعرفة الاقتصادية :التي تمكن المرأة من معرفة حقوقها الاقتصادية ومن فهم متطلبات سوق العمل ومقتضياته بشكل أفضل .3- المعرفة التقنية : التي تمكن المرأة من الوصول الى التقنيات الجديدة للاتصالات والمعلومات في عصر العولمة .ويمكننا في الموضوع التالي الوقوف على بعض مسائل تمكين المرأة اليمنية ، وذلك من خلال طرح موضوع الفقر والنوع الاجتماعي وتجربة المجتمع اليمني في مجال تطوير اوضاع المرأة اقتصادياً ، ومن خلال برامج المشاريع الانتاجية والقروض وتأهيل النساء بما يحقق الاعتماد الذاتي .