لنا كلمة
توقفت طويلاً عند الحوار الصحفي الذي أجرته صحيفة 14 أكتوبر في عددها رقم 13581 الصادر يوم الاثنين الموافق 13 نوفمبر 2006م مع الأخ حمود خالد الصوفي وزير الخدمة المدنية والتأمينات الذي استعرض في مقابلته الصحفية عدة قضايا هامة عن الوظائف الحكومية والإصلاحات التي قامت وتقوم بها وزارته، وما قاله الأخ الوزير كلام جميل وكلام معقول لا نشك جميعاً فيما قاله، وفي أهدافه النبيلة لإصلاح الإدارة العامة + الوظيفة العامة.. والشيء الذي لا يختلف عليه اثنان هو أن هناك قد تمت إصلاحات في الإدارة والوظيفية العامة والقوانين واللوائح والأنظمة فيما يخص نظام الخدمة المدنية وعدة نجاحات تحققت في مجال تنفيذ المراحل الأولى من إستراتيجية الأجور والمرتبات.. بالإضافة إلى سعي الوزارة بإنشاء قاعدة للبيانات الوظيفية وتحديد سياسات وآليات التوظيف وإنشاء صندوق الخدمة المدنية حسبما أوضح الأخ وزير الخدمة المدنية في مقابلته الصحفية مع الصحيفة سالفة الذكر حيث أوضح أن هناك مشروع قانون جديد لنظام الوظائف المدنية والمرتبات الخاصة بذلك يجري الانتهاء من صياغتها الآن بمعرفة قيادة الوزارة المختصين في هذا المجال بالإضافة إلى إعادة هيكلة بعض الوحدات والجهات الإدارية الحكومية وفي مقدمة ذلك وزارة الخدمة المدنية والتأمينات بوضع برنامج متكامل لتحديث الخدمة المدنية في إطار التعاون بين حكومة بلادنا والبنك الدولي.. برنامج يتضمن مجموعة متكاملة من المكونات العامة تستهدف تطوير الأنظمة الأساسية لإدارة الموارد البشرية وتحسين الأنظمة المالية والتركيز على إعادة هيكلة الإدارة الحكومية لتطوير الأداء وتبسيط الإجراءات والعمل المكثف لتطوير الأنظمة ووضع أنظمة جديدة بعد أن أصبح الجهاز الإداري الحكومي الحالي مترهلاً يتميز بالروتينية والبيروقراطية الإدارية التي طالما وقفت حجر عثرة أمام الإصلاحات التي تقوم بها الدولة ليس فقط في الوقت الحالي، ولكن منذ فترة طويلة، وإذا كنا فعلاً جادين في إصلاح الإدارة التي تعد (مربط الفرس) ونريد تحقيق إصلاح الوظيفة العامة فلابد أن تكون هناك تغييرات أو تدوير في وظائف الدولة القيادية لأن بقاء المسؤول فترة طويلة خطأ كبير.. لأننا نعرف أن أبدية المنصب.. مفسدة.والتغيير سنة الحياة.. وأصبح يستلزم توفير الكفاءات الإدارية من ذوي المؤهلات والكفاءات العلمية والخبرات العملية المميزة مع المراعاة بوضع الموظف المناسب في المكان المناسب وليس وضع خريج كلية الشريعة والإسلام في مجال الإحصاء والتخطيط وغيره وغيره!!مطلوب توفير الكفاءات الإدارية القادرة على قيادة خطط النمو والتغيير بعيداً عن المحسوبية والمناطقية وسياسة الممالاة والمحاباة التي يسلكها للأسف البعض من الأشخاص الذين يفتقرون للمسؤولية كما يجب أن تأتي بالأشخاص الذين تتوفر لديهم معرفة الطرق والأساليب الحديثة في الإدارة مع معرفة كيفية تطبيق هذه الطرق والأساليب الحديثة ووضوح مفهوم الدور لدى الأفراد ووضع القوانين واللوائح والأنظمة والتعليمات موضع التنفيذ دون تفرقة بين الأفراد لأسباب موضوعية وفعالية الاتصالات الإدارية وحسن استخدام الموارد المتاحة بأشكالها المختلفة وتهيئة المناخ الملائم لجهابذة الإدارة والخبراء والعلماء والاهتمام بالموارد البشرية مع إعطاء اهتمام لتنشئة الأجيال اللاحقة (صف ثان) وفقاً لمعايير محددة ومواكبة التغيير الفعال والحث على أحداثه.. وشيء جيد أن توفي الحكومة متمثلة بوزارة الخدمة المدنية بهذه الإصلاحات في مجال الإدارة والخدمة المدنية وشروطها وإجراءات التوظيف والموظفين وتحقيق الانضباط ومكافحة الفساد والتسيب والتخلص من ظاهرة الازدواج الوظيفي والعمالة الوهمية والبطالة المقنعة والحد من الاختلالات القائمة ومحاصرة آثارها كما تعمل وعملت الوزارة متمثلة بوزيرها النشيط وقيادة الوزارة على وضع سياسات وإجراءات التوظيف من خلال اتخاذ معايير موضوعية للاختيار الجيد. إلا أن لنا ملاحظة بهذا الصدد وهو أن تعمل الوزارة على تحديد الأسبقية في مجال التوظيف ومنع حدوث خروقات أثناء عملية التعيين ولضمان أفضل السبل وأنجحها لانتقاء الموظفين المعينين من هذه الفئة على أن يكونوا من ذوي الؤهلات العلمية والخبرات العملية والتقيد بأنظمة الدولة وقوانينها، والتقيد بتنفيذها، ولا نريده أن يتهاون أو يجامل على رأي المثل البريطاني: "القوانين شبكة يمر منها السمك الكبير وتحجز السمك الصغير" والحليم يعرف!!كما نطالب من وزارة الخدمة المدنية أن تراعي تكافؤ الفرص والتنافس الشريف للقبول والفوز بالوظائف المطلوب شغلها وبذل كل اهتمامها بقطع الطريق أمام الوساطات والمحسوبية والرشوة الخ وأن تعمل بصورة جادة لكشف مظاهر التلاعب بالدرجات ومحاربة الفساد بمختلف أشكاله بدون مجاملة أو هوادة وتسوييف القوانين واللوائح النافذة.لا جدال إذا قلنا إن الإدارة الحديثة والجيدة التي تتبع الأسلوب العلمي والعمل الجاد تعد بمثابة الركيزة التي تستند عليها الوحدات الإدارية الخدمية أو الإنتاجية في تسيير مقدراتها وليس ذلك فقط بل أنها هي التي تعمل على خلق مناخ صحي متكامل يتيح استثمار كافة المقومات والإمكانات وتحصيل أفضل النتائج منها مما يسهم بفاعيلة في تحقيق انطلاقها لآفاق النجاح.. ليس هناك من يجعل الواقع الوظيفي لموظفي الدولة في كافة القطاعات المختلفة ويعتقد أن الدولة تعمل ما في وسعها لارضا الموظفين.. وقد لمسنا الكثير من المراجعين على وزارة الخدمة المدنية والكثير من موظفي الجهاز الوظيفي للدولة ذلك التقدم والتحسين والتطوير وحسن الأداء الذي طرأ على ديوان الوزارة وقطاعاتها وأقسامها في الآونة الأخيرة، لكن هناك لدينا ملاحظة وهي أن هناك حاجة ملحة لاقتحام العالم النفسي للموظف من الرغبة الكامنة داخل من يسعى للوظيفة (المبري) حتى الظفر بها وممارسة دوره المعتاد من خلال الواسطة والمحسوبية إلى أن يصل إلى نهاية المرحلة، فهناك أمراض وظيفية استعصت على العلاج بالطب والأعشاب.. مثل اللامبالاة والكسل التزويد والفساد والروتين والتربح من الوظيفة كما نلاحظ أن كثير من الموظفين لايزالون يتعاملون مع المجال الوظيفي على أنه " مولد وصاحبه غائب" ان جاز التعبير بذلك.. بما معناه: مطلوب حسن المعاملة ضد هذا الروتين في بعض الدوائر الحكومية واحسبه من أهم الأهداف على الاطلاق، ذلك ان الروتين وبحسب كوادر وخبراء الإدارة هو أخطر معوقات حركة الحياة ودولاب العمل والاستثمار وبسببه بات التعامل مع أورقة الحكومة مغامرة غير مأمونة العواقب والنتائج.أحيانا يداهمني احساس بأن الروتين قد دخل في الجين الوراثي للموظف اليمني وصار التخلص منه ضربا من المستحيل والتخلي عنه ينقض الوضوء والحقيقة أن سمعة الروتين الحكومي صارت أسوء من سمعة شارون واولمرت اليهوديين المجرمين، وهذه حكاية طويلة لنا موضوع آخر.[c1]أحمد عبدربه علويرئيس دائرة تعيينات القياداتالإدارية ـ رئاسة مجلس الوزراء [/c]