الطيب فضل عقلانالشاعر الغنائي الجميل “أحمد غالب الجابري/ أبو نبيل” كتلة من التألق ووهج الإبداع في شعر الأغنية اليمنية بدأ كبيراً منذ بدايته ولازال طالباً في الجامعة بمصر العربية، كانت الخطوات الأولى عندما التقى بفنان كبير وإن كان حينها لازال طالباً في المعهد العالي للموسيقى الفنان/ أحمد بن أحمد قاسم من خلال أغنية “المي والرملة” و”أغنية يا مركب البندر” وانطلقا معاً إلى قمة الأغنية التي تحمل صبغة اللون العدني في الأغنية اليمنية الجميلة، رغم أن الجابري كان يدرس الحسابات وإدارة الأعمال، إلاَّ أنه وللحقيقة حسبها صح وقدم النص الغنائي الخالد النص الذي يعيش رغم متغيرات الأمور لأنه يكتب من هَمّ الناس من معاناتهم وصدق المشاعر .. ماذا اتذكر من تلك الأغنيات فإذا كان ديوانه الشعري “الجاهز للطبع” والموسوم “كرم على الدرب” حتى عنوان الديوان يوحي إلى الشاعرية الجميلة، الديوان يحتوي على “72” نصاً على ما اعتقد وهو رصد دقيق لمشاعر الناس وحبهم وعشقهم .. اغان ظلت وستظل في الذاكرة لسنوات “على امسيري، اخضر جهيش، عدن عدن، نقشة الحنا” والتي أعيد ملكيتها له بعد أن ظلت فترة من الزمن في ظن البعض “إنها للمبدع الراحل أحمد بومهدي” لم يكتب الجابري نصاً غنائياً لم ينجح ولا أبالغ في ذلك فقط عليكم العودة لكل نتاجه الفني وستكون المصداقية بذلك واضحة غنى من كلماته الكبار الكبار، أحمد قاسم، المرشدي، محمد سعد عبدالله، أيوب طارش، الدكتور عبدالرب أديس وغيرهم بل وحتى الأجيال التي تلتهم والتي جاءت بعدهم غنوا وأبدعوا من كلماته لأنه يكتب بصدق الأحاسيس وبفيض المشاعر يغني للناس ويغنوا ابداعه ويحبوا ويطربوا ويعشقوا من خلال تلك الكلمات العذبة واللغة السلسة والأسلوب الواقعي للحياة وكل من غنى أو لحن أضاف إلى الإبداع أبداع وإلى التألق جمال فألبسوا نصوص أغانيه روعة اللحنة الجميل تكامل راقي بين الكلمة والنغم وبين الأداء الراقي الممزوج بالشجن والشوق، أحمد الجابري كما عرفته خجول وبسيط رغم عظمة عطاءه لايحب الإعلام والبهرجة والنرجسية المريضة وهو يستحق الاهتمام بل ودراسة تاريخه عطاءه الذي تخلد في نفوس كل محبيه، حتى اختياره للصوت الذي يطلب منه أداء نص غنائي يختار له ما يتناسب وصوته من خلال حدسه ومتابعته الدقيقة في الأنسب لهذا الصوت أو ذاك وكان محقاً وصائباً في الاختيار، الجابري بعيد عن الشطحات الإعلامية التي تجعل من القزم عملاق وتبرز المتشنج كشاعر وهؤلاء هم وراء النكسة التي تعيشها أغنيتنا اليوم .. الجابري كتب بكل لهجات اليمن العدني، الحضري، التهامي والتعزي وحتى الصنعاني، أنه ينقل خرير الماء وحفيف الشجر وزقزقة العصافير يرصدها بالكلمة الرشيقة التي يمكن لها ان تتراقص مع النغمات الجميلة والأصوات المعبرة حتى الوطن يغنيه الجابري بشاعرية وانتماء “لمن هذه القناديل” نموذج لعشق الوطن والنماذج كثيرة، الجابري عاش سنوات الاغتراب بجسه فقط وظلت روحه ممتزجة بالوطن بالناس بالأرض بالزراعة بالبحر ترجم مشاعر الشوق وشوق الشاعر بمحبة ومودة بعيداً عن “المزايدة والتملق” ورغم كل مغريات الاغتراب إلا أنه احب ان يتمرغ بتراب الوطن وإن كان الوطن تاج عشقه الجابري وكتب بتلك الفترة أجمل الأغنيات وأحلى النصوص بأصوات عنادل اليمن، منذ الخمسينات وعطاءه يتجدد “أطال الله بعمره” هكذا الجابري فكيف نحن عشاق ومسؤولين نعم ما الذي عملنا له المطلوب وبشكل الزامي وعادل طباعة كل نتاجه والمفروض أن تكون هناك بحوث ودراسات فيما أبدعته قريحته الرائعة، جريمة أن نهمل هذا الإنسان الذي امتلك السبق في كيفية جعلنا نعشق ونحب الوطن والأرض والحبيب، الجابري شكل عالم شعري مستقل كان حوله عدد كبير من فطاحلة الشعر الغنائي أو بقية الأنواع لم يكن ينافس الأخرين أو يبرز عضلاته بل كان يكتب لنفسه لروحه المنبعثة من عمق الإنسان تعلم ممن سبقوه واستفاد من الآخرين فنجحوا ونجح لم يتعال فاعتلى، ترك هموم الدنيا وتعاستها بعيداً وكتب بحب وتفاؤل وأشاد به الجميع، وهاهو اليوم كما يحلو لبعض أن يقول “انه في منفاه” حيث يعيش في مدينة “الراهدة” متوحداً مع الكلمة وممتزجاً بالأدب وغارقاً في الثقافة وودع “ الاه والأح والوجع” قانعاً بحب الناس وراضياً بعطاءه على مر”60” عاماً ولازالت جعبته مليئة ولازالت لديه أعمال كبيرة لم تر النور بعد “أحمد غالب الجابري” يعتبر أحد المعالم “العدنية” واليمنية، يقف الرجال الشرفاء والمبدعين أمامه باجلال واحترام وتقدير ويستحق الكثير وعلى الجهات المختصة في دولتنا الفتية أن تفكر في كيفية تكريمه بصدق على أن لايكون التكريم “باطلاق اسمه على شارع من الشوارع” أو منحه شهادة تقدير، نريد ان يكون التكريم بطباعة إبداعه وتوفير سبل العيش الكريمة وان يحيا بوطنه كإنسان معزز ومكرم شامخاً وهو يعيش الفاء ورد الجميل ويستحق ذلك بل وأكثر ومنحه أ‘لى “وسام وطني” فدوره نحو الوطن وحريته ووحدته لايتنكر لها إلا جاحد أو متملق وكم في بلانا من عظماء يستحقون منا الوفاء وليكن الجابري بداية هذا المشوار الذي سيرفع من قيمة الدولة والنظام السياسي الحكيم، نأمل ذلك![c1]نماذج من إبداع [/c]أغنية “اليها” والتي كتبها في القاهرة وهو لازال طالباً في شهر مايو 1960م .. والذي يطالب فيها معالجة قضايا المرأة .. وقد قوبلت بمعارضة قوية من أهل الدين .ز تقول كلماتها .. وقد لحنها وأداها الفنان محمد مرشد ناجي:لاتخجلي ودعي الخمارّ دعيه لاتتصنعيايسوا أني قد طلبتُ الهوى بتسرعيوخشيت أهلك إن دروا أن قد أتيت هنا معيتتحدثين عن الهوى ما أنت إن لم تصنعيفالحب أن أدعوك جهراً كي ترين توجعييغفو على عيني ويصحو مرة في مدمعيماذا إذا زعموا الهوى إثن بما لم ندعيألجهلهم يفنى الهوى ويموت خفق الأضلعما أنت أول من أبت أو كنتِ آخر من تعي[c1]وله أيضاً “ألا يا طير” [/c]الا يا طير لو تندي الجناحبشله يوم وبحمل به الجراحإلى المحبوب في “صنعه” غزاله في الجبل يرعىيعــدد في النجـــــــوم تسعــــــه ومحـــــــــــد منهم سمعهوحظ الجابري في معارضة قصائده لقى نصيب لنجاح ما كان يقدم ولجودة المضمون ولم تهزه تلك “الترهات” وواصل عطاءه بجمالية رائعة وقد لقيت اغنيته المشهورة ايضاً معارضة “هربوا جاء الليل” والتي غناها الراحل أحمد قاسم بلحن تراتي:[c1](هربوا جاء الليل) [/c]المطـــــــــر يسكب مويفيد نصــــــــــــربوالذئـاب تقـرب هــربوا جاء الليل[c1]وتعملق أيضاً بأغنية “ياغارة الله” [/c]كيف قــــلت أسكت والهو يوجعـــــه لمن فؤاده عليــــــــلسالت دموعـــــــه حين ما ودعـــــــه ولا التفت لـــــــه قليليا ناس ما أفعل وكيف أصنع معــــه يكفي عذابي الطويــلإن صح ما قيل عنه ياغارة الله منـه يفعل كــــــذا بالقتيـلوهكذا يتواصل الجابري في عطاءه الإبداعي كثيراً وقد ورد اسمه وعطاءاته في العديد من المؤلفات المتخصصة في اللون الغنائي العدني على سبيل المثال كتاب “اغنيات وحكايات” للفنان محمد مرشد ناجي ولمحات من تاريخ الأغنية لمؤلفه الفنان الراحل طه فارع .. وهناك كثير من النماذج لهذا المبدع الذي اعتز كثيراً في أن اتناوله بهذه العجالة للعلاقة الأخوية الخاصة التي تربطني به .. وبأغنية “عدن” اختتم بعد ن أهديها لجميع القراء ولنا مع أحمد غالب الجابري أكثر من عودة لما يملك من كنز إبداعي عظيم.عدن عدن ياريت عدن مسير يومشاسير به ليلة مشرقد النومشوقت له .. كم لي سنين، وشصبرمن يوم سرح، قلبي قلت مشدر[c1] *** [/c]مر الغمام .. قالوا عدن قبالهلو به جناح شاطير أشوف خيالهنوم الحمام، تبكي بنار عذابهفوق الجبال تسأل عن غيابه[c1] *** [/c]وجه المليح طلعة قمر على الجاحيضوي الصباح من بسمته ويرتاحمحلي السمر بالليل .. وعود أخضرإن قد نسى، قله لمو تكبرشوقي أنا للأمس، شوق إنسانشوق الجهيش للخير فوق مجانقد غاب علي، كم له، يا ليته يسمعلا الدمع يفيد، ولا الحبيب يرجع
أخبار متعلقة