منبر التراث
[c1]آراء متباينة[/c]" لا بد من صنعاء وإن طال السفر " هذا المثال ما زال حتى يوم الناس هذا لا يعرفون من قائله فالبعض يعزو تلك العبارة أو المثال إلى الأمام الشافعي المتوفى سنة (204هـ / 819 م ) ، والبعض يقول رأي آخر أنها تنتسب إلى الأمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة ( 241هـ / 855 م ) , والبعض يرى أنه من المحتمل أن يكون ذلك المثال أو العبارة تعود إلى ما قبل الإسلام وعلى وجه التحديد عندما كانت القوافل تخرج في الشتاء من مكة المكرمة إلى صنعاء للتجارة , وفي الصيف إلى الشام والذي ذكرها القرآن الكريم برحلة الشتاء والصيف . أي أن ذلك المثال من قول العرب . [c1]أقدم مدن الأرض[/c]ويقال أن صنعاء أسسها سام بن نوح بعد الطوفان , وهي بتلك الرواية ـ إن صحت ـ تكون أقدم مدن الأرض . ويقال سميت صنعاء وذلك بسبب أنها حوت الكثير من الصنائع والتي ذاعت شهرتها في العالم القديم ـ وقتئذ ـ . ولقد شاهد الرحال الألماني كريستين نيبور سوقها منذ أكثر مائتي عام في أي في سنة 1763م , ووصف سوق صنعاء بأنها كان عبارة عن أسواق مستقلة حيث كانت تباع في كل واحدة فيها سلعة أو بضاعة معينة فهناك سوق لبيع الأخشاب والحطب ، والعنب ، وأماكن أخرى لبيع الحبوب , والزبدة ، والملح , والخبز ، وأماكن تباع فيها البهارات ، وأنواع الفاكهة الطازجة .ويعقب الرحال نيبور ـ بعد أن شاهد سوق صنعاء وأنبهر به قائل : " ربما لا يجد المرء بلدا تكثر فيه الأسواق كما تكثر في اليمن ". [c1]لا طال عنب اليمن [/c]وذاع صيت عنب صنعاء والذي كان تقريبا أكثر من عشرين نوعا إلى شتى البلدان العربية ، ودليل على شهرته ذلك المثال الشعبي المصري الذي يقول : " لا طال عنب اليمن ولا بلح الشام " . [c1]من يشبهك من ؟[/c]وفي الحقيقة أن صنعاء سحرت بجمالها الأخاذ و الباهر والعريق الكثير من الرحالة العرب والأجانب . وهذا الدكتور المصري الأثري أحمد فخري الذي زار صنعاء في سنة ( 1366هـ / 1947م ) الذي أنبهر بتصميم عمارتها النابعة من التراث الإسلامي الأصيل والتي تكاد تكون أشبه بطراز بغداد في أجمل صورها في أوج عهد الخلافة العباسية ، فيقول عنها : " لا توجد في مدن الشرق مدينة تشبه صنعاء لنقارنها بها ، فهي فريدة في موقعها ، وفريد في طراز بنائها ، وفريدة في أسوارها ، وفريدة في مظهرها الشرقي الخالص الذي يجعل السائر في طرقاتها يحس بأنه انتقل بضع مئات السنين ، فيتصور نفسه في بغداد أو في غيرها من مدن الحضارة الإسلامية " . [c1]المدينة المقدسة [/c]وهذه الطبيبة الفرنسية كلودي فايان عاشقة اليمن والتي زارت اليمن لأول مرة في سنة ( 1370هـ / 1951م ) . وصفت صنعاء وصفا غاية في الروعة , قائلة عنها بما معناه : " أن طرازها المعماري العريق المتمثل بمبانيها السكنية ومساجدها , وقبابها ، ومآذنها ، وشوارعها ، وحماماتها كل تلك الصور والمشاهد تأخذ العين أخذا " . وتضيف قائلة : " أن إيقاع الحياة السريعة لم تتجرأ الأقتراب منها , وأن وجمال وجهها لم يشوبه شائبة حتى هذه اللحظة ـ أي في سنة 1951م ) . وأما الرحال الألماني هانز هولفريتز الذي زار صنعاء في سنة ( 1355هـ / 1936م ) فقد أطلق عليها المدينة المقدسة لكونها كانت تحمل بين ثنايا صدرها أكثر من أربعين مسجدا , وأكثر من ثلاثين كنيسة ليهود. ولقد ذكرنا في الأسبوع الماضي في منبر التراث والذي حمل عنوان( الطبل في الحوطة والشرح في سفيان ) أن الأمثال والحكم الشعبية لا تقال جزافا وإنما وراءوها وقائع وأحداث تاريخية حقيقية كعبارة (( لا بد من صنعاء وإن طال السفر)) .