غضون
* تبلورت انتقادات حول خليجي (20) في تيارين اثنين كلاهما يصدران وجهات نظرهما تحت ضغط حالة نفسية وعوج فكري. التيار الأول لديه موقف مسبق ومرجعيته الإرث الإسلامي المتخلف والجامد الذي يفترض به أن يكون ميتاً أو مودعاً في متحف العاديات .. هؤلاء قالوا إن خليجي (20) لعبة كروية فيها تنافس ولا تخدم “ الجهاد” وهي تلهي الناس، وهي لذلك حرام شرعاً من الأساس، فضلاً عن أنها افتتحت قبل صلاة المغرب، وشهدتها نساء، وممثلو هذا التيار تعامل معهم أو مع آرائهم جميع الناس بوصفها “همل” فلم يهتموا بها ولم يتأثروا .. لأن القدر المحتوم لمثل هذه الآراء الكيدية والسخيفة هو الإهمال والموت .. خاصة أنها صدرت في مواجهة مصلحة محققة.. ولمقاومة ظاهرة حضارية قدرها أن تستمر وتطور.* أما ممثلو التيار الثاني فهم الذين حصروا الغرض من خليجي (20) في إجراء مباريات بين المنتخبات الكروية الثمانية يكون الفائز بالكأس هو منتخبنا الوطني، ولذلك صدم هؤلاء عندما رأوا منتخبنا يخرج من الخليجي مبكراً ومثقلاً بتسعة أهداف. وعليه عبروا عن غيظهم تعبيراً يشفي الغليل .. صبوا غضبهم على المنتخب وطالبوا بمحاكمة هذا وإقالة ذاك وعزل وزراء .. هكذا وكأننا لم نهزم من قبل وكأن خليجي (20) ليس لعبة كرة قدم خاضعة للتقلبات والمفاجآت، وكأن هذا الخليجي لم ينظم في عدن وأبين إلا لكي نفوز بالبطولة .. وهذا التركيز على التفاصيل الصغيرة، أنسى هؤلاء النجاح الذي حققته اليمن في خليجي (20) .. وهو نجاح حقيقي وبدرجة امتياز .. سياسياً وتنموياً واقتصادياً واجتماعياً .. حتى أن أربعة مسؤولين كباراً في دول الجوار شهدوا أن هذه الدورة أفضل من كل سابقاتها.* تمثل نجاح خليجي (20) في أنه أمات كل الشائعات العدوانية التي أشاعها يمنيون وغير يمنيين حول عدم صلاحية أو جاهزية اليمن للاستضافة .. وفي إنشاء وتجهيز منشآت رياضية وسياحية كبرى .. وفي إجراء المباريات في ظل ظروف ممتازة من كل النواحي .. وفي حضور أكثر من (22) ألف سعودي وخليجي وعراقي .. وفي انتعاش تجاري واقتصادي .. وفي حضور المرأة حضوراً غير مسبوق .. وفي قهر المتزمتين .. ومظاهر هذا النجاح غير ما ذكرنا كثيرة يدركها أي متابع منصف وحصيف.قبل أيام اتصل بي زميل وهو في حالة غضب، قال : شوف بالله عليك رئيس الجمهورية يمنح المنتخب الوطني والعاملين المساعدين مكافآت.. يكافئهم لأنهم هزموا ولأنهم خيبوا آمالنا وفي وقت لم تبرد فيه حرارة الأهداف التسعة في مرمى المنتخب!.قلت له : ما فعله رئيس الجمهورية هو الصواب .. وذكرته بكلام الرئيس .. تقبلوا الخسارة بروح رياضية وأعدوا للمستقبل .. خليجي (20) ناجح بكل المقاييس .. والفائز الأول فيه هو الشعب اليمني.