د. فهد محمود الصبريتعتبر وفيات الأطفال من أهم المؤشرات الصحية والديموغرافية التي تعكس بشكل حقيقي رفاهية البلدان والمناطق وتقدمها، كما تعطي صورة واضحة عن مستوى الوعي والخدمات والتعليم في تلك البلدان، لهذا كانت أهم أهداف البرامج والخطط الصحية والسكانية ترتكز على تخفيض عدد الوفيات، حتى إن الأهداف الدولية والعالمية مثل أهداف الألفية تسعى إلى تخفيض الأطفال الرضع وما دون خمس سنوات.ومن أهم أسباب وفيات الأطفال الالتهاب الرئوي الحاد الذي يعتبر مسؤولاً عن 19 % من حالات وفيات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخامسة.ومرض الالتهاب الرئوي هو التهاب في أنسجة الرئة بسبب وصول ميكروب معين، وعادة يكون مسببه نوعاً من أنواع البكتيريا، ولكن في أحيان أخرى يكون السبب فيروسات أو فطريات، وعندما يستقر الميكروب في الحويصلات الهوائية للطفل فإنه يبدأ بالتكاثر وتمتلئ الرئة بالسوائل وكرت الدم البيضاء لمحاربة هذه البكتيريا. ونستطيع أن نقول إن من أهم الأسباب الكامنة وراء الالتهاب الوبائي العدوى عن طريق تنفس رذاذ هواء محمل بالميكروبات والتي تأتي عن طريق سعال أو عطس المريض، كما تحدث العدوى عن طريق (الشرقة عند الإرضاع أو الأكل أو الشرب أو الضحك) ما يسبب دخول البكتيريا من خلال إفرازات الفم أو الأنف أو الحلق، وأحياناً تحدث الالتهابات الرئوية نتيجة لمصدر ميكروب موجود عند التهاب الجلد، أو التهاب الأذن أو الحمى القرمزية، وفي الحالات العادية يقوم الجسم بمقاومة الميكروبات وطردها إلى الخارج عن طريق السعال، وعن طريق الجهاز المناعي الذي يقاوم البكتيريا أو الفيروسات، ويمنع حدوث الالتهاب، ولكن من الممكن أن يحدث الالتهاب الرئوي للطفل السليم بدون أي أسباب أو مقدمات خاصة، وعند الإصابة بالفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي كنزلات البرد والتهاب الحلق فإن هذه الفيروسات تفتح الطريق وتقلل المناعة لمقاومة حدوث الالتهاب الرئوي، حيث أنها تصيب الغشاء المبطن للجهاز التنفسي وتضعف مناعته.كما أن هناك فئة من الأطفال تزيد عندهم احتمالات الإصابة بالالتهاب الرئوي، وهي حالات الضعف العام ونقص المناعة، ونقص التغذية الشديد أو أمراض القلب التي تؤدي إلى احتقان الرئتين، وكذلك حالات التحسس الصدري (الربو الشعبي)، وكذلك الحالات التي تصاحبها مشكلات في البلع أو ارتجاع في الطعام أو الحليب من المعدة، وكذلك الأمراض العصبية التي يصحبها صعوبة في البلع أو السعال، حيث إن إفرازات الفم أو حتى الطعام قد تتجه إلى القصبة الهوائية والرئتين بالخطأ، أو استنشاق جسم غريب مثل المكسرات أو بذر الفاكهة أو أي أطعمة صلبة أو حتى استنشاق أي بودرة تحتوي على الزنك التي من الممكن أن تؤدي إلى الالتهابات الرئوية.تجدر الإشارة إلى أن الالتهابات الرئوية تشيع في فصل الشتاء، وفي حالات كثيرة عند إصابة الطفل بالالتهاب الرئوي يمكن للأم الحفاظ على صحة وحياة الطفل إذا تعرفت على هذا المرض وعلاماته، حيث أن الالتهاب الرئوي يظهر عادة على شكل ارتفاع في درجة الحرارة مع إعياء عام وفي بعض الأحيان قد يشتكي الطفل من ألم في الصدر، ويزيد هذا الألم عند أخذ نفس عميق، ويستريح الطفل إذا نام على الجانب المصاب، وقد تكون الكحة جافة في البداية ثم تتحول إلى كحة مصحوبة ببلغم، وأحياناً يصاحب المرض رعشة وصعوبة في التنفس تظهر في سرعة معدل التنفس، أو حدوث صوت مع الزفير أو حدوث توسع في فتحتي الأنف مع الشهيق، أما التهاب الفص السفلي من الرئة فتصاحبه آلام حادة بالبطن، والتهاب الفص العلوي يصاحبه تشنج بالرقبة، ومن الممكن في الحالات الشديدة أن تحدث زرقة.. ويجب على الأم من استشارة الطبيب عند إصابة الطفل دون الخامسة بكحة مصحوبة بارتفاع في درجة الحرارة، أو أن تلاحظ سرعة في معدل التنفس، خاصة إذا كانت سرعة التنفس أكثر من 60 مرة للدقيقة في الوليد دون سن الشهرين، وأكثر من 50 مرة للدقيقة في الرضيع من عمر شهرين حتى السنة الأولى من العمر، وأكثر من 40 مرة للدقيقة من عمر سنة إلى خمس سنوات، وإذا لاحظت أيضاً انسحاب الجزء السفلي من القفص الصدري، أو انكماش الأضلاع مع الشهيق ففي حالة وجود أي من هاتين الحالتين يجب أن تسارع بأخذ الطفل لأقرب طبيب أو مستشفى متخصص وإعطاء الطفل الدواء كما وصف لها بدقة، كما ننصح الأمهات بإبعاد الطفل عن مصادر العدوى والميكروبات مثل الأماكن المزدحمة، وكذلك عن الأشخاص المصابين بنزلات البرد والسعال، ويجب أن تهتم الأم بتغذية الطفل وتراعي ألا تقدم له الأغذية الصلبة التي قد تصيبه بالشرق، والاهتمام بالعلاج المناسب عند إصابة الطفل بنزلات البرد والعدوى الفيروسية.
الالتهاب الرئوي عند الأطفال
أخبار متعلقة