بعد عام من الأزمة العالمية
دبي / متابعات :دعا خبراء ومختصون الى ضرورة اعادة هيكلة سوق العمل في منطقة الخليج لمواجهة تداعيات الازمة العالمية، وقالوا أن ايجاد الوظائف في المنطقة هو «التحدي الحقيقي» في المستقبل رغم سرعة حكومات المنطقة في الانفاق على عدد من المشاريع. وشدد محللون وخبراء على أهمية الشفافية عند الحديث عن آثار الازمة على المنطقة، معتبرين ان كشف الحقائق كفيل بسرعة المعالجة من اجل معرفة واقع سوق العمل، كما دعوا الى اعتماد استراتيجية خليجية موحدة لمعالجة سلبيات فائض العمالة الوافدة، والعمل على تنظيم جلبها.وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي البحريني محمد الصياد أن «الازمة العالمية كشفت عن قصور في جانب المعلومات حول سوق العمل فليس هناك بيانات واضحة تبين لنا كم هي حجم الخسائر التي اصابت الشركات، وكم عدد الشركات التي افلست، وكم عدد العمالة التي فقدت وظائفها بسبب الازمة، كل هذه الاسئلة لا نجد اجابة عنها لمعرفة تاثير الازمة على سوق العمل الخليجي». وأكد الصياد ان «سوق العمل هو القطاع الاكثر تاثرا بالازمة وهذا ما رايناه وسمعناه حول تخلي العديد من الشركات والبنوك في البحرين عن موظفين قضوا فترات زمنية طويلة، اضافة الى ان قطاع الانشاءات كان المتضرر الاخر بسبب الازمة فالكثير من المشاريع الغيت، واخرى تم تاجيلها وحسب ماهو متوفر من معلومات فان العديد من الشركات العقارية في منطقة الخليج قد تم تعويمها لتلافي الخسائر المتفاقمة». وبحسب الصياد فان «الذي غطى على الجانب السلبي في تاثير الازمة على سوق العمل وعدم تفاقم تداعياتها المستقبلية هو التحسن المفاجئ في اسعار النفط والذي بات يحلق حول السبعين دولارا، ما ادى الى اعادة الثقة في الاسواق وضخ المزيد من الانفاق على عدد من المشاريع، في الوقت ذاته احسنت بعض الدول في المنطقة في ادارة الازمة عبر استخدام الادوات المالية في تجنب آثار الازمة، ومنها ادارة سوق العمل والسيطرة على انفلات العمالة او تسريحها من وظائفها».ودعا الصياد الى اعادة هيكلة سوق العمل الخليجي في اطار مشروع شامل يرفع من مستوى العمالة الماهرة ويستوعب الكفاءات الجديدة، وقال «ان المضي في هذه الاجراءات سوف يرفع من معدلات النمو الاقتصادي في المنطقة وسيخلق فرصا جديدة». واشاد الخبير الاقتصادي الصياد بسياسة حجم الانفاق التوسعية التي اطلقتها دول الخليج اخيرا وعلى راسها السعودية والكويت والامارات واعتبر ان هذه الخطوة ستشكل داعما لسوق العمل، وقال ان سياسة التوسع في الانفاق سوف تؤجل حالة الركود الاقتصادي لفترة طويلة. واضاف إن القطاع الخاص في دول الخليج اصبح يعتمد بشكل اساسي على الانفاق الحكومي، وبالتالي فاننا سنرى كيف ستسير الامور في هذ الجانب، موضحا بانه «اذا لم تلتفت دول الخليج الى تفعيل القطاع الخاص في حركة التنمية فاننا سنواجه متاعب في سوق العمل».وشدد على ضرورة الاهتمام بدراسة تداعيات الازمة على سوق العمل على مستوى دول مجلس التعاون، مشيراً الى أنه لم يظهر حتى الان ماهي المعالجات التي سوف تتخذها هذه الدول لمعالجة اثار الازمة على سوق العمل سوى زيادة ضخ الانفاق. فالازمة ضربت بعض اقتصادات دول الخليج بقوة ومع ذلك فالوضع فيها لم يتغير ويبدو ان بحبوحة انتعاش النفط انست هذه الدول التوجه المستقبلي لمعالجة الازمة، على حد تعبيره. الى ذلك قال الخبير الاقتصادي السعودي محمد العمران في حديثه لـ»الاسواق. نت» ان هناك العديد من الشركات تاثرت نتيجة الازمة ومنها الشركات الاستثمارية، وشركات المنتجات البتروكيماوية والتي واجهت صعوبات في تصدير منتجاتها بسبب الشروط الحمائية الصعبة التي فرضتها بعض الدول كالصين والهند وغيرها، الا ان هذه الشركات تجاوزت تداعيات الازمة في الوقت الراهن، لكن اكثر القطاعات تاثرا هو القطاع المالي، حيث قلصت البنوك معدلات الاقراض لمستوى متدن جداً ما ولد ضغطاً نفسياً وعملياً على هذا القطاع والذي بات يواجه تحديا كبيرا امام الازمة الراهنة. وأوضح الخبير السعودي أن قطاع العمالة في الخليج تأثر جزئيا، مبينا بان الضغط كان ينصب على العمالة الاجنبية بسبب تقلص انشاء المشاريع او الغائها في المنطقة. وذكر العمران ان الاحتياطيات المالية لدول الخليح وتحسن اسعار النفط دعما حالة الاستقرار الاقتصادي في المنطقة، متوقعا ان يستعيد سوق العمل نشاطه مع زيادة حجم الانفاق الحكومي والذي اخذ مداه في الفترة الاخيرة. من جانبه اشاد مدير عام «صندوق المئوية» وعضو مجلس الإدارة الدكتور هشام طاشكندي بسياسة الانفاق الحكومي في السعودية واعتبرها عاملا اساسيا في التغلب على اثار الازمة العالمية.واكد ان الاقتصاد السعودي قوي وقائم على التوازن وليس على ردود الافعال ولذلك تجد السياسة المالية في استيعاب اثار الازمة وطرق معالجة اثارها واضحة ومؤثرة.