د. زينب حزام: في البدء نخلص إلى حقيقة تشكيلية هي أن الفنان التشكيلي اليمني محمد علي عارف في معظم معارضه الشخصية والرسمية أثبتت بجدارة أنه محاور أبحاث في الأسلوب والموضوع ربما لأن “ نظرته” هي أن الدنيا: الكائن البشري والطبيعة والموجودات كلها مجموعة دوائر ، لم تصل إلى جدواها في البحث المتواصل ، وانتهت إلى التجريد الذي أفقد التجربة حرارة الحس الإنساني المفترض أن يكون كامناً في كل لوحة..لذا نجد الفنان التشكيلي اليمني محمد علي عارف جسد الإنسان في معظم لوحاته الفنية بطرح أدبي صارخ ، في مقابل الجدار كطرف معادلة ، هي في الناتج الاستقصائي حالة ماضٍ ، يمكن أن تنسحب على الحاضر في هذا الجزء أو ذاك من المجتمع اليمني أو العربي ، وفي بنية العنوان خرج الفنان علينا بالشمولي ، بدلاًً من الفرعي أي انه وضع العنوان الشامل لكل أعماله الفنية بدلاً من العنوان الفرعي لكل لوحة.. وهذا التوجه هو ظاهرة اشترك فيها بعض الفنانين في الفترة الأخيرة مثل الفنان عبدالله الأمين والفنان محمد شيخ المحاضر ، وستستمر طويلاً ، ربما لان الفنانين في اتهامهم للنقاد بأنهم يكتبون ادباً عن لوحاتهم حاولوا أن يتخلصوا من الأدب في اللوحات ، إلى الموضوع الواحد ، لكنهم لم يتخلصوا كلية، ولم يكن خلاصاً نهائياً ، إذ أن استبدال العناوين موحد.. وهنا أيضاً يلتقي الفنانون مع الأدب ويستلهمونه أو أنهم يتموضعون فيه .. فهم قدموا وحدة الموضوع ، كما في تحولات القصيدة الجديدة الخمسينية قياساً على القصيدة العمودية التقليدية ، في مقابل وحدة اللوحة ووحدة البيت ، أنهم خرجوا ايضاً من صيغة مواد المجلة المنوعة إلى موضوع الكتاب المتخصص ذي المحور المركزي.. وبمعنى آخر خرجوا من خطة التناول إلى رصانة البحث وموضوعيته ، وهذا- في اللوحات المثيرة لدى الفنانين المتمكنين - ظاهرة تحول صيحة ووعي أفضل. والاهم في هذا الانعطاف لا يكمن في العنوان ، بل في البحث : العدة والإثارة والتأثير والقدرة على التوصل والإضافة. فهذه الظاهرة تشكل منذ سنوات بنمو بطيء لكنها تتبدى في كون الفنان اخذ بمنهج البحث السيكولوجي في عمق اللوحة. إنه يشكل موقفه من الإنسان ، ربما عبر اقتداره من الحاضر. انه راح يقدم الإنسان عبر اللوحة ليس زينة ولا بورتريها تذكاريا ، ولا نموذجاً جمالياً .. بل هم حضاري و سياسي أو معاناة اجتماعية. وهذا الانعطاف ناتج طبيعي لهموم الفنان الفكرية والسياسية وشدة اصطدام الأسئلة وتزاحمها في ذهنه ومحيطه وواقعه وعالمه المعاصر الأمر الذي دفعه للبحث بعيداً عن سطح الظاهر إلى جوهر الظاهرة وبشيء من التسجيلية الرؤيوية الفنية لا التسجيلية الفوتوغرافية وبصرخة تختزن الكثير من الأبعاد التعبيرية. ونحن نلاحظ في أعمال الفنان التشكيلي اليمني محمد علي عارف صورة الإنسان اليمني العامل والفلاح والمدرس والمثقف والموسيقار والمرأة الأم والعاملة والطفل والحضارة اليمنية القديمة والحديثة. والفنان التشكيلي اليمني محمد علي عارف من مواليد يريم 1980م شارك في عدة معارض محلية وخارجية ، يعمل في النحت والزخرفة وعضو مشارك في بيت الفن - يريم ويتميز ببراعة أعماله الفنية ، ويتميز ببنائية نحتية صارمة ، ورمزية مبسطة ، في منظومة تحقق التعادلية بين الشكل والموضوع. وتتحكم في وعي وتكبح جماح العواطف فالعواطف الجامحة لا يمكن أن تخلق عملاً فنياً متكاملاً ! لأنها تقف حجر عثرة في سبيل التأمل الذي يستلزمه الخلق الفني ، هذا لا يعني بطبيعة الحال أن تكون العواطف هادئة أو فاترة أو متهافتة ، والمراد هو التوازن بين الوعي والعاطفة .وهذا ما يميز الفنان محمد علي عارف ويمكنه من التعبير عما يريد بأقل ما يمكن من الجمل التشكيلية دون الإخلال بالمعنى العام فهو يملي على ريشته ما في قلبه وبإرشاد من عقله الواعي ، ففي لوحة “ شجرة البن” يتضح فهم الفنان العميق للغة الأشجار والنباتات ، فقد اوحت له الطبيعة اليمنية بكينونتها الجديدة ، فنحتتها ريشته على هذا النحو الآدمي الذي تتجلى فيه صور الحكمة التي يمثلها وجه تلك العجوز التي أخنتها السنون، ويؤكد ذكاء الفنان هنا، استخدام الألوان الترابية حيث أنها أفضل ، وخير من يضفي مسحة الوقار والحكمة على وجه هذه السيدة ، ونظرة تطلع وأمل في المستقبل مع هذه السن الطاعنة!
|
رياضة
معرض الإنسان والجدار للفنان التشكيلي اليمني محمد علي عارف
أخبار متعلقة