بعـــــد أن أصبـــــح غـــــولاً
القاهرة: مـــن : وكالة الصحافة العربية:حذر اقتصاديون عرب من الغزو الاقتصادي الإسرائيلي للدول العربية عن طريق قضايا الإغراق التي تحاول بها تقويض صادرات وواردات التجارة العربية في الدول الأوروبية ، ومحاولتها الحصول علي حصته من المياه العربية وذلك لحاجتها الشديدة للماء الذي تطور به مجالات الزراعة والصناعة والبحوث المتطورة·كما حذروا من عملية التطبيع الكامل مع إسرائيل والانتظار حتي تزول كل المخاوف من طبيعة إسرائيل العدوانية وحتي يتحقق السلام الكامل، لأن إسرائيل تسعي لفرض مخططها الذي يرمي إلي الهيمنة الإسرائيلية علي المنطقة وتصبح القوة الأعظم والأكثر تأثيراً·رغم أن السلام في منطقة الشرق الأوسط لم يتحقق بعد، إلا أن خبراء الاقتصاد العرب بدأوا مرحلة التفكير بصوت مسموع حول مرحلة ما بعد السلام وما يمكن أن تصير عليه اقتصاديات المرحلة في حالة الوصول إلي اتفاق نهائي بين العرب وإسرائيل، ورغم أن الأمر تحدده عوامل ومستجدات يفرضها الواقع والزمن، إلا أن بعض الخبراء حذروا من غزو غير مسبوق لبنوك أجنبية وعدم التسرع في التطبيع الكامل مع إسرائيل حتي تزول كل المخاوف من الطبيعة العدوانية لها·· كما حذر البعض من عدم الإنسياق وراء المخطط الذي ترمي إليه إسرائيل من الهيمنة·يقول د· حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي: إن إسرائيل تسعي للتعاون الاقتصادي والإقليمي في الشرق الأوسط لأسباب كثيرة منها فتح أسواق الدول العربية أمام منتجاتها للتغلب علي ضيق حجم السوق بها، وعدم تناسبه مع حجم الإنتاج المحلي، بدليل أن تل أبيب طالبت في قمة عمان بإلغاء المقاطعة العربية لمنتجاتها، حيث تحقق نتيجة ذلك مبيعات تصل إلي مليار دولار سنوياً، كما ترغب في تحقيق التفوق الاقتصادي بما يضمن لها استمرار القوة العسكرية بإمكانيات ذاتية بدلاً من الاعتماد علي المعونات الخارجية·· وفي المقابل لابد من وجود استراتيجية عربية للتعاون الإقليمي في المنطقة، من خلال تطوير شبكات النقل والمواصلات والاتصالات بين الدول العربية وتأسيس هيئة عربية لنقل التكنولوجيا تتبع جامعة الدول العربية وإقامة سوق حرة للمنتجات في منطقة الشرق الأوسط·وأضاف: إن النظام الشرق أوسطي يكمن في جوهره التطبيع العربي الكامل مع إسرائيل، بدءاً من فتح الحدود أمام انتقال الأشخاص والسلع والخدمات حتي اندماج إسرائيل عضوياً في نسيج إقليمي جديد لا قومي، وتمثل فيه إسرائيل الموقع القيادي المخطط والمتفوق الذي لا يفرض قبوله كشريك اقليمي فحسب بل يفرض تقبله كمركز دولي مهيمن اقتصادياً وسياسياً وتكنولوجياً وعسكرياً وعملياًَ·· كما أن رفض إسرائيل لإقامة حدود بين دولتين منفصلتين علي أرض فلسطين لتبقي الضفة الغربية وغزة سوقاً للمنتجات الإسرائيلية، ولتغدو لاحقاً في حال إتمام اتفاق السلام مع الدول المجاورة الجسد الرئيسي لتمرير المزيد من الصادرات الإسرائيلية الرئيسية والبطالة وضيق السوق المحلية·وكما توقعت إسرائيل فقد بلغت الاستثمارات الأجنبية في العامين التاليين لاتفاق أوسلو حوالي ملياري دولار سنوياً، وإن كانت قد انخفضت كثيراً عام 1996 عندما تلكأ العرب في الهرولة إلي السلام بعد أن أدار الإسرائيليون ظهورهم له مما يبرهن علي أن الاتفاقيات الإسرائيلية العربية لا تجلب الخير إلا لإسرائيل، هذا الخير الذي يتضاعف حجمه إذا ما أخذنا بالحسبان أرباح إسرائيل من ابتلاع الحقوق العربية الكبيرة المفرط بها عربياً بموجب هذه الاتفاقيات، والفائدة الأخري التي تجنيها إسرائيل هي الفتح الإسرائيلي للاقتصاديات العربية·وأشار د· عبدالعظيم إلي أنه إذا كان العرب لم يعودوا يملكون الكثير ليمنعوا إسرائيل من جني ثمار التجارة مع البلدان العربية واجتذاب الاستثمارات الخارجية، فإنهم يستطيعون التحكم بحجم المكاسب التي تخطط إسرائيل لاجتنائها من البلدان العربية، خاصة وتقديرات البنك الدولي تقول: حتي ولو زالت الأسباب السياسية التي تعوق التجارة البينية بين العرب وإسرائيل فلن تتجاوز 1.3 مليار دولار سنوياً أي %5 من التجارة الخارجية الإسرائيلية، وهذه النسبة تعتبر دون مستوي نسبة التجارة البينية بين العرب التي تبلغ %10 من مجمل التجارة الخارجية·[c1]تعاون عربي[/c]ويري د· عبدالحميد شرف الخبير الاستراتيجي أن كلمة سوق شرق أوسطية لم تعد مناسبة لإطلاقها علي التعاون الإقليمي الإسرائيلي بالمنطقة، والأفضل هو إطلاق التعاون مع إسرائيل وحدها مباشرة دون محاولة لإخفاء تلك الحقيقة، كما يجب ألا نقلل من المستوي الاقتصادي لإسرائيل فهي إحدي الدول المصدرة للسلاح وتعتمد علي التطوير والبحوث بصورة كبيرة ومتقدمة، تسبق فيها الدول العربية الأخري·وأكد علي أن يكون التعاون الإقليمي سواء المتوسطي أو الشرق أوسطي في صالح دعم برامج الإصلاح الاقتصادي للدول العربية منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل، ومساعدة هذه الدول علي التخلص من أعباء المديونية الخارجية علي كل من الموازنة العامة للدول وميزان المدفوعات، ومساعدتها كذلك علي تنمية تجارتها الخارجية وتوفير التمويل اللازم لمشروعات البنية الأساسية وجذب الاستثمارات الأجنبية ورفع مستوي معيشة أبنائها، والمساهمة في علاج مشكلة البطالة التي تعاني منها هذه الدول في الوقت الحاضر·وعلي ذلك فإن التعاون الإقليمي العربي أصبح أكثر ضرورة حيوية وملحة من ذي قبل، لدعم برامج الإصلاح الهيكلي في الدول العربية، في مواجهة المخططات الشرق أوسطية لجعل هذه الدول في حالة تبعية مستمرة واستنزاف مواردها لدعم صناعات أطراف غير عربية في إطار سيناريو تقسيم العمل الدولي في المنطقة لصالح إسرائيل وغيرها، وفي ظل عدم وجود تنسيق للمواقف الاقتصادية العربية يكون من السهل اصطياد كل طرف عربي علي حدة باعتباره فريسة يمكن النيل منها لتحقيق المصالح والأطماع الإسرائيلية الأمريكية في المنطقة اقتصاديا وسياسيا في آن واحد·ويؤكد محمود عبدالله الخبير في شئون المصارف العربية علي ضرورة قيام البنوك الأجنبية بدور إيجابي في إعادة الأموال العربية المهاجرة للمنطقة العربية، ولابد أن نستغل وجود هذه البنوك في تدعيم البورصات العربية إضافة إلي استغلالها في تشغيل العمالة العربية، وتلك نقطة لابد من التركيز عليها ووضعها في الحسبان خاصة وأن الاقتصاد القومي لدولة واحدة عربية لا يقدر علي مواجهة التحديات الإسرائيلية والطرق الرامية إلي الهيمنة بقوة علي الأسواق العربية واقتصادياتها ولذا لابد من التدعيم القومي العربي الكامل للحد من ابتلاع الأسواق العربية في جعبة إسرائيل·[c1]أزمة المياه[/c]ويذكر مصطفي زكي الخبير الاقتصادي أن قضية المياه والنزاع العربي الإسرائيلي حول تقسيم مياه الأنهار التي تجري في الأراضي السورية واللبنانية والأردنية سوف تكون أهم القضايا الساخنة في الفترة القادمة لأن الدولة العبرية تسعي لتوقيع اتفاقيات سلام شامل مع سوريا ولبنان بالوصول إلي اتفاق يسمح لها بالحصول علي نصيب كبير من المياه العربية، والتي تحتاج إليها إسرائيل من أجل نجاح خططها التنموية والبشرية والإنتاجية صناعياً وزراعياً وخاصة أنها تتفوق صناعياً·كما حذر من خطورة انتشار وتغلغل تكنولوجيا الزراعة الإسرائيلية علي القطاع الزراعي العربي لما تتضمنه من آثار سلبية علي الإنتاج وصحة الإنسان وهذا ما أكدته التجارب السابقة·· كما نجد أن المخطط الإسرائيلي للهيمنة الاقتصادية علي المنطقة يتركز علي قضايا الإغراق التي أراد بها أن يقوض صادرات وواردات التجارة العربية في الدول الأوروبية وخاصة