شخصيات خالدة
هو أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي ، يقال أن أصله من خوارزم التي تقع اليوم في أوزبكستان، فيما يشير الطبري في تاريخه إلى نسبة أخرى في اسم الخوارزمي، وهي إلى قطريبل الواقعة قرب بغداد بين النهرين. ونحن نجهل عام مولده، غير أنه عاصر المأمون. أقام في بغداد حيث ذاع اسمه وانتشر صيته بعدما برز في الفلك والرياضيات. اتصل بالخليفة المأمون الذي أكرمه، وأحاله للعمل في "بيت الحكمة" الذي أسسه الخليفة للعلماء، وأصبح من العلماء الموثوق بهم. وقد توفي بعد عام 232 هـ. ترك الخوارزمي عدداً من المؤلفات أهمها: الزيج الأول، الزيج الثاني المعروف بالسند هند، كتاب الرخامة، كتاب العمل بالإسطرلاب، كتاب الجبر والمقابلة الذي ألَّفه لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم، وفي مقاسمتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكرى الأنهار والهندسة، وغير ذلك من وجوهه وفنونه. ويعالج كتاب الجبر والمقابلة المعاملات التي تجري بين الناس كالبيع والشراء، وصرافة الدراهم، والتأجير، كما يبحث في أعمال مسح الأرض فيعين وحدة القياس، ويقوم بأعمال تطبيقية تتناول مساحة بعض السطوح، ومساحة الدائرة، ومساحة قطعة الدائرة، وقد عين لذلك قيمة النسبة التقريبية ط فكانت 7 / 31 أو 7/ 22، وتوصل أيضاً إلى حساب بعض الأجسام، كالهرم الثلاثي، والهرم الرباعي والمخروط.ومما يمتاز به الخوارزمي أنه أول من فصل بين علمي الحساب والجبر، كما أنه أول من عالج الجبر بأسلوب منطقي علمي.لا يعتبر الخوارزمي أحد أبرز العلماء العرب فحسب، وإنما أحد مشاهير العلم في العالم، إذ تعددت جوانب نبوغه. ففضلاً عن أنه واضع أسس علم الجبر الحديث، ترك آثاراً مهمة في علم الفلك وغدا ( زيجه) مرجعاً لأرباب هذا العلم. كما أطلع الناس على الأرقام الهندسية، ومهر علم الحساب بطابع علمي لم يتوافر للهنود الذين أخذ عنهم هذه الأرقام. ويمكن القول أن نهضة أوروبا في العلوم الرياضية انطلقت ممّا أخذه عنه رياضيوها، ولولاه لكانت تأخرت هذه النهضة وتأخرت المدنية زمناً ليس باليسير.انصرف الخوارزمي إلى دراسة الرياضيات والجغرافية والفلك والتاريخ. فألف كتبه قبل العصر الذي ازدهر فيه النقل عن العلوم اليونانية. وكان الخوارزمي أحد منجمي المأمون، وقد اشترك في حساب ميلان الشمس في ذلك العهد. وتناول أيضا مسائل في التنجيم من الناحية العملية. وبحث إلى أي حد وصل اقتران الكواكب برسالة النبي صلى الله عليه وسلم عند مولده. كما أعد الخوارزمي أيضا مجموعة من صور السموات والعالم نزولا على طلب المأمون. وقد استطاع الخوارزمي أن ينسق بين الرياضيات الإغريقية والهندية، فمن الهندية أدخل نظام الأرقام بدلا من الحروف الأبجدية. كما أدخل على الأعداد النظام العشري، واستخدم الصفر . ومن أهم أعماله أيضا أنه وضع جداول الجيوب والتماس في المثلثات، والتمثيل الهندسي للقطوع المخروطية وتطوير علم حساب الخطأين الذي قاده إلى مفهوم التفاضل. كما قدم الخوارزمي إسهامات في الجغرافية والخرائط الجغرافية. وكتب عن المزاول والساعات الشمسية والأسطرلابات. ولقد أثر الخوارزمي في الحضارة الغربية كثيرا، حتى ارتبط اسمه الخوارزمي بمصطلح “الخوارزميات" ويعني أحكام خطوات حل المسائل الرياضية. وقد عرف هذا المصطلح في اللغات الأوروبية بـ Algorithim (اللوغاريثمات) كما كان له الفضل لدخول كلمات أخرى غير الجب، مثل الصفر Zero إلى اللغات اللاتينية.