مع الأحداث
لماذا يلف التناقض حياتنا؟ولماذا نترقب رأي الآخرين في سلوكياتنا؟ ولماذا نبني قراراتنا المصيرية على رأي الناس ونتخوف من انتقاداتهم؟ أكثر ما يتضح تناقضنا يكون مع أبنائنا حيث يبدو الأبناء في عمر المراهقة خاصة متحررين من سلطة المجتمع ولذلك فهو لا يقبل أي ممنوع دون أن يفهم لماذا، ثم يكبر ويصبح أكثر رفضا في مرحلة الشباب الأولى لتقاليد وأعراف المجتمع. وغالبا لا نجد جوابا لهذا الممنوع إلا إن المجتمع لا يقبل هذا السلوك مع ان الدين لا يمنع هذا السلوك. صحيح إن علينا أن نعلم أبناءنا احترام تقاليد المجتمع ولكن المشكلة في تقديسه وليس احترامه بمعنى أن يتحول المجتمع بأفراده إلى قوة ضاغطة تمنع الإنسان أن يعيش حياته بحرية كفلها له الدين بتنظيم معتدل للحياة. مؤخرا اطلعت على تحقيق صحفي في إحدى المجلات يتحدث عن هجرة الشباب العربي إلى الخارج شدني كثيرا أن يكون ضمن الشباب الذين يودون الهجرة أبناؤنا فالذي اعرفه إن من أولويات هجرة الشباب العربي بحثه عن لقمة العيش وتحسين الدخل وتأمين المستقبل. وفيما أتوقع رغم بطالة الشباب لدينا إلا إن الوضع لا يصل إلى حد الهجرة. لما اطلعت على إجابات شبابنا في ذلك التحقيق الصحفي أدركت معنى أن يتحول المجتمع إلى سلطة خانقة وليست ضابطة. مجمل مبررات شبابنا لرغبتهم في الهجرة كانت تدور حول طلب الحرية والخصوصية والإحساس بالكينونة وهي مطالب مشروعة. من حق الشباب أن ينعم بالحرية، فقط علينا أن نعلمه معنى الحرية المسئولة بوضع ضوابط، ومن حق الشباب أن يشعر بخصوصية نحترمها دون التدخل السافر من قبلنا حتى في أحلامه، ومن حق الشباب أن يشعر بأهمية وجوده في المجتمع بأن نمنحه الثقة ونشعره باحتياجنا له. نبرة الإحباط التي وضحت بين سطور التحقيق الصحفي أشغلت تفكيري كأم قبل أن أكون كاتبة. الشباب هم نتاجنا والإحباط الذي يعيشونه نحن من أهم أسبابه لأننا لم نعلمهم معنى الحياة الصعبة وقيمة الكفاح. ليست كارثة أن لا يجد الشاب عملا بسهولة الكارثة أن يشعر بالاضطهاد وهو يعيش في بلده حتى وان كان إحساسه غير مبني على قواعد صحيحة يكفي انه فقد الانتماء لبلده وفكر في الهجرة. علينا أن نهتم بتعزيز الانتماء للوطن في بلادنا، اتركوا المناهج، اتركوا المحاضرات والخطب الرنانة في معنى الانتماء.... الشباب بحاجة إلى قلوبنا قبل عقولنا. [c1] * صحفية سعودية عن/ جريدة (الرياض ) اليومية[/c]