المسر اليمني
قضية إحياء المسرح ، وإعادة الحياة الى الحركة المسرحية التي كانت سائدة خلال العقود الماضية في عدن ، وبلغت ذروتها في مطلع السبعينات والثمانيات حتى خواتم التسعينات وتعتبر قضية لا تزال تستحق منا قدراً غير يسير من التناول والدراسة الموضوعية لها .. وهي أكبر من أن تثار في مجالس القات او المنتديات على الرغم من محدودية وفاعلية هذه المنتديات ، وإننا لن نخرج في مجمل نقاشاتنا تلك ، عن قضية ركود المسرح ، كونها مجرد آراء سريعة وانطباعات آنية لا تمت الى الجدية في البحث والتمحيص بأي صلة.للوصول الى معالجات موضوعية، ولأن المسرح في عدن بخاصة من بداية العقد السابع من القرن المنصرم حتى بدايات التسعينات منه وبرغم ما قدمه في حصيلةمتراكمة نمت عن سنوات ذروة من الابداع فقد شخصه البعض بأنه إنما كان مجرد ظاهرة عابرة في حياتنا الثقافية والفنية خطرت ولبثت فترة ثم غابت ونامت لتحل في كهوف الذاكرة او طيات النسيان في حين لم يدر بخلد من كانوا قائمين عليه بأن أعمالهم تلك إنما كانت إنجازات ثقافية وفنية حقيقية ارتبطت بمجموعة من التصورات والخطط في حقبة سياسية معينة سادت ثم بادت سواء حققت اهدافها حينها فاستمرت أو دون أن تسجل شيئاً ففشلت وكنت ، أو بقى بعضها مؤثراً فاعلاً ولو بالقدر الذي لا يؤمل منه تماماً ، ولو بشكل مباشر وبدرجة خافتة توقفه عن ممارسته كالذي نشاهده في المناسبات أمام قدر هائل من التسارع والاندفاع والتحول الى حياة مختلفة في ظل نظام اجتماعي مغاير لما كان سائداً وخطاب ثقافي جديد كان من نتائجه معاملة المسرح ورموزه معاملة فيها الكثير من الظلم والضيم والجحود والنظرة نحوه بدونية .. مما أدى الى هجر ثقافة شعبية عظيمة مؤثرة لم يبق منها سوى ذكريات وحكايات نتصفحها في الجرائد والمجلات ننعتها فيها بأنها كانت تراثاً واصولاً فكرية وايديولوجية .. كما أن الناكرين لثقافة المسرح كانوا يرونها بأنها كانت تخدم مرحلة كان يغلب عليها الفكر الايديولوجي ولذلك فإنها كانت فاشلة حسب اعتقادهم ، فأنكرت قلوبهم المختومة وعقولهم الخاوية زمن المسرح الذهبي من خلال نوعية تناولاتهم لتلك الفترة وتعاملهم معها باعتبارها حركة مسرحية - مؤدلجة- ظهرت لحاجة ثم غربت وأفلت فبالغوا في نكرانها والاساءة إليها فكان أن ورثنا اليوم بسبب افكارهم تلك وضعية سيئة مؤلمة لا نحسد عليها ، وتناسوا أن المسرح اليمني في المحافظات الجنوبية آنذاك كاد أن يزاحم مسارح عربية سبقتنا في تجاربها قروناً لا عقود رغم أن تاريخ مسرحنا اليمني وثقافتنا المسرحية قد قارب القرن من الزمان أو أنه تجاوزه .. وخرج عن حدود المحلية الى المهرجانات العربية وأحرز مكاناً لائقاً متميزاً امتدت انشطته بعدها الى أوروبا الشرقية وافريقيا وشرق آسيا من خلال مهرجانات التبادل الثقافي .. فكان له سجلات فنية راذعة أعترف الكثيرون بمكانته ووجوده وحضوره .هذا الحديث ذو الشجون إنما كان ردة فعل مساندة لبعض رموزه في محافظة عدن ممن سعدت بلقياهم خلال الاسبوعين لما آل إليه مسرحهم اليوم ، الذي لم يبق منه سوى الذكريات العطرة .. رغم أن عزيمتهم لم تلن وأن كادت تشيخ اجساد بعضهم بسبب العمر ، أطال الله في أعمارهم ومتعهم بالصحة إلاّ أن عقولهم الوقادة المتقدة وفكرهم المستنير ما زالت وفية - لأبي الفنون والثقافة- المسرح .. على أمل أن يجدوا من يأخذ عنهم همهم ويرعوه طالما هم قادرين ليحمل بعدهم شعلة التتابع بعد أن يكونوا قد حملوا الامانة واخذوا عنهم من خبراتهم المتراكمة ليوقدوا بها ماخبأ ويعود الاشتعال مرة ثانية الى جذوة المسرح اليمني فنشعر بدفئه ونوره في عقولنا وسلوكياتنا التي بدأنا نفقدها .. والأهم في أن تتوحد رؤانا التي يجب أن لا يختلف عليها إثنان .إن إنتعاش نشاطنا المسرحي مرهون بإشتراك كل اطرافه المعنية فلا غنى عن الفرق المسرحية الاهلية ولا للخبرة الكبيرة المتراكمة لديها ، ولا لدور وزارة الثقافة ممثلة بمكتب الثقافة ومديره العام الاستاذ عبدالله باكداده المتعدد المناحي الثقافية ودائرة المسرح التابعة له والقائمين عليها .. ولكم استمعت مراراً الى طموحات ومشاريع وآمال الاستاذ باكداده بشأن إحياء النشاط المسرحي في عدن .. وهي كبيرة ومشروعة .. إلاّ أنها لن تتحقق ما لم تقتنع الجهات الفوقية من أصحاب القرار وعلى رأسها الاستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة .. وبأن عليهم واجب وطني تجاه المسرح اليمني ومسرح عدن خصوصاً .