يحدث في بلاد العرب
القاهرة/14اكتوبر/وكالة الصحافة العربية:الإحباط والرغبة في الانتقام من العوامل التي قد يصاحبها إلحاق أذىً بدني أو نفسي أو كليهما معاً ..ونتيجة ذلك هي أحد أشكال العنف الذي نعرفه جميعا ً،فدرجة العنف تزداد عندما يحدث ذلك داخل الأسرة الواحدة فيحدث العنف ضد الزوجة أو الزوج أو المسنين أو حتى الأطفال. في هذا الإطار يؤكد علماء النفس والاجتماع أن العنف الأسري أو العائلي تفشى في مجتمعاتنا العربية بدرجة كبيرة ، ولابد له من علاج.يقول د . عادل مدني أستاذ الأمراض النفسية بكلية الطب جامعة الأزهر:إن الأبحاث أثبتت أن الفئات الأكثر تعرضا للعنف هي النساء وكبار السن والأطفال وأن %73 من العنف الأسري الموجهة ضد المرأة يقوم به الزوج في حين يقابله %11 توجهه الزوجة للزوج أما الأشكال الأكثر شيوعا من الزوج لزوجته فتتمثل في العنف الجسدي والنفسي.ويرى أن الأسباب تعود للتفرقة في النوع الاجتماعي بين الولد والبنت أثناء التربية فالموروث الثقافي يؤكد أن الولد هو الأعلى والأفضل والبنت مسخرة لخدمته وعندما يعنفها وتأخذ خطوة الشكوى لأمها توهمها أنه يفعل ذلك من أجل مصلحتها ولأنه يحبها فيرتبط الحب في ذهنها بالعنف وهكذا تكمل دورها عندما تصبح زوجة فتحمل زوجها على كفوف الراحة لأنه الرجل وتتشكل منظومة من طرف أعلى وأخر وأدنى وهكذا يصبح ضرب الرجل لزوجته شيئاً طبيعياً للأسف .. والمدهش أننا عندما سألنا هذه النوعية من الأزواج الذين ضربوا زوجاتهم عن رد فعلهم في الموقف نفسه إذا كان بطله جاراً له رفضوا استخدام الضرب!!لكنهم وجدوا أن المرأة أضعف وأكثر استسلاما وتطبيقا “لضرب الحبيب كأكل الزبيب” إلى جانب المفهوم الديني الخاطئ عن “واضربوهن” والذي جعل %86 من المبحوثات في دراسة أجرتها د .. ليلى الزناتي بالجامعة الأمريكية يقبلن أن يضربهن الزوج وكان من بينهن %54 تعرضن لهذا الفعل ولو لمرة واحدة والمؤكد أن هذه ثقافة خاطئة يفرضها الرجل لصالحه في مجتمع ذكوري.رغم أن هذه الآية نزلت في المرأة التي يخشى نشوزها وهي المرأة التي تأتي بأفعال متكررة ومتعمدة لشق الحياة الزوجية وقد قال الله تعالي في البداية “فعظوهن” وأقر العلماء أن هذه المرحلة تستغرق ثلاثة أشهر هي شهور العدة لتبدأ بعدها مرحلة الهجر في المضاجع ولمدة ثلاثة أشهر ثانية وتشترط أن يكون الهجر في الأسرة فقط أما خارجها فإن العلاقة مستمرة وهناك تواصل.[c1]أزمة حضارية وثقافية[/c]ويضيف د . مدني : وأخيراً تطرح فكرة الضرب التي قال عنها بعض العلماء: إن المقصود منها الإضراب أوالامتناع في حين قال البعض الآخر: إنه الضرب بالسواك ليس بهدف الإيلام ولكن الإعلام بأن الخطوة القادمة ستكون بالاستعانة بحكم من أهله ومن آخرأهلها وسيتم الإفصاح عن أسرارهما للآخرين.ولابد أن نتذكر أن كل هذا يحدث مع المرأة الناشز أما عنف اليوم فأسبابه طلب نقود لشراء احتياجات المنزل الأساسية أوالتأخير في عمل الطعام أووجود ملح زائد به أو التجرؤ على الزوج بالمناقشة وهو شيء يرفضه تماماً! لتتحول المسألة إلى أزمة حضارية وثقافية علينا أن نتوقف لدراستها وأن نعيد تفكيرنا بشكل مختلف وبمكيال واحد فلا نشجع الولد على أن يكون “روش” ويعرف الكثير من البنات في الوقت نفسه الذي نجرم فيه هذا على البنت.ويؤكد أن تغيير هذه المفاهيم أمر حتمي لتجنب آثار العنف الأسري من اكتئاب وعدوانية شديدة تجاه الزوج والأولاد أو تجاه المجتمع مع عدم الشعور بالأمان وعدم القدرة على المبادرة وظهور الأعراض (النفسجسمية) من القولون والصداع وآلام الظهر والأعراض الاجتماعية كالطلاق والتفكك الأسري وتسرب الأولاد من المدارس وجنوحهم.[c1]الأسباب كثيرة[/c]ويشير د . يحيي الأحمدي أستاذ علم التربية بجامعة المنيا إلى أن المسألة لا تتوقف على عنف الزوج للزوجة فهناك %10 من الزوجات يمارسن العنف ضد الزوج وكذلك هناك عنف من الأبناء تجاه الوالدين.. أما الأسباب فكثيرة ومنها الزيادة السكانية وضيق ذات اليد والمسكن غير المريح والفضائيات وتعدد مصادر السلطة داخل الأسرة الواحدة عكس ما كان موجودا في الماضي.وتقول د . صفاء الأعسر الأستاذ بكلية الآداب جامعة عين شمس: إن هناك عنفاً صامتاً وآخر صريحا وعلينا أن نرى بداخلنا الشخصية “اللاانهزامية” التي تمتاز بالمرونة وتجاوز المشكلات والقدرة علي التعامل معها دون حدوث خلل نفسي، تضيف أن الشخص الذي يمارس العنف هو شخص تربى على هذا النموذج فوالده كان يضرب والدته أو يضربه وطبيعي أن يضرب هو زوجته عندما يصبح مسؤولا عن أسرة إضافة إلى عجزه عن إيجاد بدائل حلول لمشكلاته غير العنف فهو شخص ضعيف.[c1]أدوار متغيرة[/c]وتوضح د هبة عيسوي أستاذ الأمراض العصبية والنفسية بجامعة عين شمس أن كلا منا يكون في وقت هو صاحب القرار والمسئول عنه كما أنه يتحول في وقت آخر إلى تابع فكلنا لنا أدوار كثيرة ودون شك أن مركب الأسرة يحتاج أن يجدف جميع أفرادها في اتجاه واحد لكي تتقدم للأمام فليس عيباً مثلا أن يكون القرار الأسري في وقت ما للابن فكلنا نتعلم من أولادنا الكثير وهو شيء إيجابي ودون شك فإن الثقة بالنفس هي بوابة الصحة النفسية للفرد وهي السبيل للابتعاد عن العنف ويدعمها الحوار والتواصل فالمؤكد أن وصول الحياة الزوجية إلي طريق مغلق من عدم التواصل هو بداية النهاية التي يجب أن ننتبه إليها ونتعامل معها من خلال الإرشاد الأسري وبرامجه التي تختلف باختلاف الحالة فالزوج العنيف بطبعه وبسبب تربيته في أسرة كانت تفرق بين الولد والبنت غير الزوج الذي يلجأ للعنف ردا على تعليقات زوجته السلبية والتي تشعره بالإحباط مثلا والشيء نفسه بالنسبة للزوجة. وتقول : المهم أن نعلم أن العنف الأسري عبارة عن علاقة معقدة جدا أطرافها الأب والأم وأحيانا الأبناء وأن العلاقة الأسرية هي منظومة (من وإلي) في إطار مثلث لابد أن نحافظ على سلامة أضلاعه حتى لا ينهار.أما د . عفاف حامد خليل رئيس مركز للطب النفسي فتتعرض إلى عنف أسري من نوع آخر يتمثل في غضب المراهقين الناجم عن غياب الأب والأم معظم الوقت بحثا عن الرزق ما يجعل الأولاد في هذه المرحلة يتجهون إلى ذويهم لبحث مشكلاتهم واتخاذ اتجاه مخالف لرغبات الأسرة .. ويدعم هذا غياب الحوار بين هذا الجيل وبين المدرسين بالمدارس وغياب القدوة الحسنة والتثقيف الديني الذي لا يلائم المراحل العمرية المختلفة لخلق الضمير.و تضيف : أن عنف المراهقين وغضبهم ملامحه تبدو في فوضى الشارع وعدم الحفاظ على النظام وسهولة الانضمام للجماعات المتطرفة وفقد الاحترام الأبوي والإدمان مما يوجب الانتباه من الجميع.