من نتاجات الواعدين
عندما جلست على مقعد سيارة الاجرة الـ (لاند روفر) كنت آخر الراكبين فيها. سائق السيارة ادار المحرك، وبدأت السيارة المشي رويدا رويدا الساعة تشير الاى الثانية والربع الجو شديد الحرارة، حاولت ان استجمع شيئا من تماسكي بعد عناء يوم طويل من العمل، الاحاديث الجانبية تملأ السيارة بمواضيع مختلفة بين الركاب الذين اصبح يألف بعضهم البعض لتكرار الالتقاء اليومي على سيارات الاجرة رغم تباعد مساكن عيشهم من قرية الى اخرى حتى اصبح البعض يدرك ان شخصا ما قد غاب او تأخر.رفعت عيني المثقلة متفحصا من يجلس امامي لعلي اتبادل معه اطراف الكلام لتمضية الوقت الذي عادة ما يمر طويلا في مثل هذا النوع من سيارات الاجرة العتيقة واذا بسواد عظيم يكسو فتاة لايرى منه سوى عيناها وتحمل بين يديها بعض الكراريس وكتابا في القانون استطعت بحدسي ودون مساعدة من احد ان اعرف انها طالبة في كلية الحقوق.جلوسها كان بشيء من الارتخاء وعلامات التعب بادية على جفونها وكعادة بعض الشباب اوبشيء من الفضول رحت اتفحصها وامعن النظر فيها وقد ساعدتني على ذلك الرياح التي تتلاعب ببرقعها يمنة ويسرة حظيت في غفلة من الآخرين رؤية وجهها الجميل. والسيارة تقف بين الفينة والاخرى لينزل الركاب كل في محطته الاعتيادية البعض من الركاب يحاول ان يشركني في احاديثهم لم استطع ان اعي المواضيع التي يخوضوه فيها لذا تأتي اجاباتي لهم مقتضبة جدا بـ (نعم) او (لا) وعيناي لاتبرحان النظر الى الفتاة حتى جاء دورها لتنزل نظرت اليها وهي تحول قطع الطريق السريع متجهة الى حيث يوجد منزلها .. ليأتي صوت يخاطبني من بين ما تبقى من الركاب حاملا نوعا من المزاح (كلها كلها) نظرت الى الاتجاه الذي جاء منه الصوت .. لم تثرني الكلمات لانها من شخص اعرفه تمام المعرفة لذا اكتفيت بالايماء له برأسي سرحت بافكاري بعيدا جدا متناسيا كل المؤثرات التي حولي بما فيها ذلك الصوت المزعج للسيارة حتى وصلت الى محطتي التي كان يجب ان انزل فيها وبعد اجتيازها بعدة امتار عاد ذلك الصوت ينبهني بوصولي نزلت متجها الى منزلي ليأتي صوت آخر هذه المرة من سائق السيارة الذي يطلب اجرة التوصيل ضحك من كان في سيارة الاجرة وضحكت معهم ودفعت اجرة السيارة على استحياء للسائق الذي همس الي بلطف (خليها على الله).