أربعة أعوام مليئة بالأحداث يعيشها الطالب في الجامعة ,أحداث لها أثرها البالغ في تكوين شخصية الفرد وبلورة أفكاره التي سيحملها _ وربما_ يدافع عنها بعد التخرج في حياته العملية. اليوم نناقش قضية تهمنا جميعاَ. اسمحوا لي باقتناص هذه الفرصة للتحدث عن ظاهرة, تبدت على إستحياء وخجل وهي اليوم تتفشى بكل بجاحة, ألا وهى ظاهرة الحزبية والتحزب داخل الجامعة, وهي الظاهرة التي تظهر عند كل فعالية أو نشاط طلابي وتكون أكثر بروزاً وبجاحة بين طلاب العام الأخير, خاصة إبان الإعداد والتحضير للاحتفالات التوديعية للطلاب الخريجين, وهى ظاهرة لا تقتصر على طلاب كلية بعينها بل تعم طلاب كل الكليات و كل الجامعات, وإذا ما لاحظنا أن الهدف الحقيقي من الأنشطة الطلابية هو الحصول على الفائدة وتقوية العلاقات بين الطلاب وو..وو.., فإن عكس هذا تماما هو ما يحدث وينتج عن هكذا أنشطة وفعاليات أصبحت عرجاء و مبتورة وعديمة الفائدة في ظل مثل هكذا أجواء متكهربة بالحزبية المقيتة.فآثار هذه الظاهرة السلبية صارت تعكر صفو الحياة الجامعية برمتها وبمختلف مكوناتها سواء أكانت هذه المكونات طلاباً, أساتدة, معيدين أو حتى إداريين أو.... إلخ. فهذه الظاهرة أصبحت تثير الحساسيات وتولد الاحتكاكات إلى حد طفح منه الكيل وأصبح لزاما على الجميع و بدون استثناء وبخاصة القائمين على الجامعة الوقوف عند هذا الأمر و دراسته ومعالجته. خاصة أننا في صرح من صروح التعليم الذي يجب أن يكون انتماؤنا فيه للعلم والمعرفة بعيداَ عن أي شيء آخر .لا يستطيع أحد إنكار وجود ظاهرة الحزبية في الوسط الطلابي الجامعي فهي رغم سلبياتها حقيقة قائمة وإن معالجة هذه المشكلة تكون تدريجيا وبخطط مدروسة ولعل أول خطوة للحد من سلبياتها ومحاربة تفشيها بين الأوساط الطلابية هي العمل على ترسيخ مفهوم وحقيقة أن الجامعة مكان لتلقي وتحصيل العلم فهي مكان للعلم وليس ((للعمل الحزبي)) والمهاترات العقيمة ومحاولة فرض القوة ولابد من إدراك أن هذه الظاهرة ابتداءَ ما هي إلا إحدى إفرازات و احتقانات مشاكل المجتمع السياسي الكبير خارج إطار الجامعة .ولكي نعرف لماذا هذا كله لابد من إدراك إن المجتمع الجامعي تتوافر فيه صفات جاذبةٌ للتيارات الحزبية دون استثناء، فطلاب الجامعة كلهم شباب ويتمتعون بثقافة مناسبة، ومن بيئات مختلفة، حيث إن الشباب هم الأكثر قدرة على التأثير والشباب أيضا هم الدينمو المحرك فهم النشاط وهم الطموح وهم الطاقة وهم القدرة والشباب أيضا هم القوة الكامنة اليوم والفاعلة غدا, والجامعة هي المكان الذي يكتمل فيه تشكُّل شخصية الطالب وفي الجامعة تتبلور الأفكار التي سيحملها الفرد بعد تخرجه ومن هذا كله نعلم لم يسعى الكل للتأثير على هذه الساحة.الجامعة ليست المدينة الفاضلة , ففيها الكثير من المشاكل التي من بينها الحزبية والحق يقال إن الحزبية ذاتها ليست المشكلة لكن المشكلة تكمن في أن تمارس في مكان مقدس كالجامعة وهذا زاد واستفحل لسببين اثنين الأول الفهم المغلوط للحزبية بأنها عداء للآخر وثانيهما أو ما زاد الطين بلّة كما يقال هو مكان وقوعها فالجامعة هي محراب علم يجب أن يبقى أبعد ما يكون عن الحزبية والتحزب, بل أن نقل المشاكل بين هذه الأحزاب وإعادة إنتاجها داخل المجتمع الجامعيِّ ليخلق بدل التنافس تناحر يفرق الأصدقاء ويكره في الآخر خاصة إذا وصل لمرحلة التواجه بين الطلاب على طريقة ما يحدث وهو ما شاهدته في جامعتي من سب وشتم ومكايدة وعدم احترام للدكاترة وتعارك..... وغيرها من الأفعال غير المؤدبة التي لا تؤدي إلا إلى طريق نهايته واحدة حتى وإن تعددت واختلفت بداياته... هي الكراهية .أما إذا اعتقد البعض أن قيامهم بخلق المشاكل وعرقلة الآخرين أو الاعتداء عليهم بسبب خلاف حزبي هو نوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو هو نوع من الجهاد فهذا حقاَ هو بأس مسلط علينا, وهذا فعلا ما يؤكد وجود خطأ ما في عقول من يقوم بهذا العمل . وأنا هنا أؤكد أهمية أن تكون الجامعة منبرا للعلم البعيد كل البعد عن الحزبية لان إدخال العمل الحزبي إلى الجامعة له سلبياته التي تطمر وتغمر بل وتدمر أية ايجابية ...وتأسيسا عليه نقدر جهود إدارة الجامعة السابقة, ونشد على يد الحالية لمواصلة السير في هذا المسلك الذي فيه من الخير الكثير والذي تقتضيه مصلحة الطلاب الجيل القادم وصناع قرار الغد , حيث عملت مشكورة على استصدار اللائحة المنظمة لشئون الطلاب والتي فيها منع للممارسة الحزبية داخل الجامعة, وبقي التفعيل العادل والحقيقي أكرر الحقيقي والعادل لهذه اللائحة والحق يقال إن هذا لم ولن يتم إلا بتعاون جميع أو أغلب مكونات الحياة الجامعية وبخاصة المجتمع الطلابي وأقطابه وهذا لن يتأتى إلا بإدراك سلبيات العمل الحزبي داخل الحرم الجامعي سواء على المستوى الشخصي الفردي أو الاجتماعي .
كلام في التحزب الجامعي
أخبار متعلقة