الناس والعيد وتحديات الأزمة الاقتصادية
استطلاع / هبة الصوفيودعنا رمضان وجاء العيد حاملا معه كل شعور جميل ومبهج مضيئا بأنواره وأشعته الفرائحية قلوب الجميع صغارا كانوا أم كبارا فاردا أجنحته على ظلال الأحزان والأقدار وتعب الحياة ، وكما حمل الناس هموما بشأن متطلبات رمضان دلف الناس خلال الأيام الأخيرة منه مرحلة صعبة جدا زادتهم أعباء فوق أعبائهم خاصة وأن رمضان هذه السنة صادف دخول العام الدراسي الجديد ما يعني احتياجاً مضاعفاً وأعباء إضافية زائدا الأزمة الاقتصادية .. وبحسب متابعاتنا عصفت الأزمة الاقتصادية بالجميع وكسرت ظهر الدول النامية والأسيوية أكثر من غيرها ، ولم يكن حال الناس في بلادنا يختلف عن حالهم في بقية الدول العربية الأخرى ،لكن تبقى احتياجات الناس كما هي سواء الآن أم في أي زمان كان ، فكيف تكيف الناس على واقع الأزمة وكيف وجد الناس لأنفسهم مخرجا من كل هذه المعوقات ، وكيف وجدت ابتسامة العيد لنفسها مكانا على الشفاه ؟؟!! هذا ما حاولنا استطلاعه ومعرفة حقيقته من خلال مشاهدات رمضانية وعيدية .[c1]عيد بأية حال عدت يا عيد[/c] رافقتني هذه العبارة كثيرا خلال الأيام القليلة الماضية ، فالوضع بدا متأزماً بالنسبة للناس على كافة المستويات في الغالبية ، هموم وقلق وحيرة بسبب الكيفية التي سينفذون بها من هذا الظرف الاقتصادي الصعب ، وقد عاش غالبية الناس على أمل إن تصرف إكرامية السيد الرئيس التي جرت العادة على صرفها منذ عامين خلال الشهر الفضيل ولم يتمكن من صرفها هذا العام بسبب الأزمات التي تعصف بالوطن .. ، وقد درج البعض على الاقتراض عطفا على مبلغ الإكرامية ، فأدخلوا أنفسهم في دوامة أعباء فوق طاقتهم وقد شكل الحديث عن هذه الإكرامية منذ دخول شهر رمضان 95 %من حديث الناس وتساؤلاتهم وانتظروها كثيرا ونسجت الكثير من الأحاديث حول هذا الأمر منهم من شطح خياله تعلقا بأمل الحصول عليها بأنها ستؤجل حتى آخر يوم من رمضان أو حتى بعد العيد وربما في عيد الأضحى !! ليتمكن الناس من شراء مستلزمات المدارس .. ولكن قبل الناس في نهاية الأمر ما قسمه الله لهم ، والعجيب أنهم شرعوا يتدبرون أمورهم بصمت كل بحسب إمكانياته ، بالرغم من الفقر الذي يعيشه الغالبية من الناس ! لكن فرحة العيد تجاوزت كل ظرف ، وكما قالت الأخت فاطمة تعمل في إحدى الدوائر الحكومية “ حقيقة لا ندري كيف تيسرت الأمور وتغلبنا على متطلبات رمضان والعيد أيضا ، والفضل يعود لله وحده ثم إرادة الإنسان في السعي والاتكال على الرب بعيدا عن التقاعس وانتظار المساعدة من الآخرين “ ما اقتربت منه فاطمة أن حال الناس بالنسبة للأعياد والمواسم يحتفظ بنفس الصورة عبر الأزمنة وما يحدث هو نتاج أيدي الناس وهمتهم وتدبيرهم لأمورهم . [c1]ابتسامة حزينة [/c]وبين زحمة الانشغال بالعيد ومقتضياته تعيش شريحة من الناس (مثقلين ومرضى وأرامل) يبتسمون من تحت الوجع ، ويرسمون لوحات أفراحهم على صنوف من الألم والظلم والقهر الذي قدر عليهم ، هذا ما وجدته في عين أم زينب، أم لتسعة أبناء مات والدهم منذ زمن بعيد وحاولت ابنتها الانتحار ، قابلتها صدفة وحكت لي وهي تبتسم بحزن أنها بالكاد توفر لأبنائها لقمة العيش ومع ذلك فهي لا تبالي سوى بعافية أبنائها وسلامتهم ، لكن زينب التي لا تخفي عيناها عمق الألم والاحتياج للعطف والمساعدة وهي تتحدث إلي أيضا مبتسمة عن العيد.. تحاول إخفاء حزنها والهروب من الإجابة عن حالها بعد طلاقها ومرضها ، وشكوى والدتها منها على اعتبار انه لم يكن يجدر بها إن تكون مطلقة في بيئة لا ترحم المرأة المطلقة وكأنها عار وفضيحة .. وهدى طفلة غلبها المرض الخبيث ومع ذلك تجدها تضحك وتتشبث بالأمل بانتظار الموت..[c1]أزمة اقتصاد وارتفاع أسعار ونهم شرائي استهلاكي [/c]صرخات هنا وهناك ضد الفقر وقلة الميزانية على المستوى الشخصي والعام ، ومع ذلك ترى الإقبال شديداً على الشراء ، في الأسواق والمحال والشركات ، معادلة صعبة حيرتني خاصة وأنها تشبه مثيلاتها في الدول العربية الأخرى.توجهت بحيرتي إلى مندوبة المبيعات في إحدى شركات القطاع الخاص فأجابت “ لقد اعتاد الناس على الأزمات وقبلوا ما لم يكونوا يقبلونه، وهم مضطرون في جوهر حياتهم للاستهلاك وفي آخر الأمر الله هو الرازق يقدر للنملة رزقها وسط الصخر ، فمثلا يوجد من اقترض بحسب علمي لتغطية رمضان والعيد والمدارس ، وهناك من يندرج ضمن جمعيات الإعانات الشهرية ، ولولا تدخل العشوائية والمحسوبية التي طالت أيضا أفعال الخير لما كثر المتسولون والمتخلفون عقليا وتسببوا في الكثير من المضايقات والإحراجات للناس في الشوارع كما لاحظتم مؤخرا .. وأشير هنا إلى إن البعض من القائمين على توزيع إعانات أصحاب الخير والنفوذ يستولون على هذه المقدرات او اغلبها مانعين بذلك وصول الحق للمحتاجين ،اما بالنسبة لأسعار المواد الغذائية توجد فعلا تجاوزات وتباينات عند البعض ، ما يستدعي تفعيل دور الرقابة بعمل دورات منتظمة في النزول الميداني الدائم لضبط المتلاعبين وتثبيت الأسعار “ .