تعتبر القرصنة البحرية الملاحية وقطع السبيل والطرق البحرية اليوم, واحدة من أهم المشاكل البحرية الملاحية الإرهابية التي تواجه العالم بأجمعه حتى هذه اللحظة, ويبرز السؤال هنا بقوة, ما هي العلاقة المباشرة التي تربط نظام القرصنة البحرية بشبكة الربط الملاحي العالمي؟؟؟ وكيف يمكن لبلد صغير, يُُعد من أفقر دول العالم علميا وإقتصاديا كالصومال, يمكنه من القبض واالسطو وإختطاف ناقلة نفط عملاقة على بُعد ( 450 ميلا بحريا ) من شواطئ كينيا؟؟!! في حين أن الوسائل المُتاحة للقراصنة الصوماليين, تُعد بالمعيار العام بسيطة جدا, وهي تتمثل أساسا في محاولتهم المستميتة لمعرفة وإستكشاف المناطق البحرية غير المُعرضة للقبض على القراصنة بشكل متكرر, والتي تجعل القراصنة الصوماليين, على يقين إن بامكانهم الإبحار لمسافة 450 ميلا بحريا بقوارب محدودة القدرة!! دونما عوائق تُذكر!! كنتيجة مؤكدة لديهم سلفا لنجاحهم بعملية القرصنة ودونما فشل مُحتمل!! مع علمهم ويقينهم سلفا من خلال أجهزة ملاحية متطورة كثيرا ومرتبطة مباشرة بالأقمار الإصطناعية يتعرفون من خلالها على نوعية السُفن وأسمائها وبياناتها كاملة, والبواخر التي هم بصدد ممارسة عملية القبض والسطو المسلح والقرصنة ضدهم تحديدا دونما غيرهم!! على الرغم من معرفتهم مسبقا للسفن القريبة إليهم نسبيا من الساحل الصومالي بالمقارنة مع سفن تبعد عنهم بمئات الأميال البحرية!! ويعلمون سلفا ما إذا كانت السفينة التي سيسطون عليها ناقلة نفط عملاقة أم سفينة حاويات أو سفينة صب أم سفينة تحمل بضائع عامة, ويعلمون سلفا عن بُعد, إسمها والعلم الذي تحمله!!! ويتعرفون سلفا على كل تلك المعلومات من خلال الأجهزة الملاحية الموجودة لديهم على ظهر قواربهم!!! بحسب المعلومات المؤكدة من خلال المنظمة البحرية العالمية (IMO, 2008 ), فان القراصنة المهاجمين عادة ما يستخدمون إحدى وسيلتين لمهاجمتهم للسفن في عرض البحار والمحيطات, ومن خلال مسافات محددة من الشاطئ الصومالي, واضعين بإعتبارهم من خلال بيانات ملاحية وأجهزة رصد بحرية لديهم, بإمكانهم من خلالها معرفة ورصد ما إذا كانت السفينة التي سيسطون عليها كما يُطلق عليها المُصطلح ( سفينة أُم ) وهي من السفن التي بالضرورة أن يتبعها أسطول تجاري معروف جنسياته, ليتمكنوا من طلب فدية مالية كبيرة تقدر بملايين الدولارات للسفينة وأطقم السفينة يحتجزونهم كرهائن!! كما حدث لدى حالة ناقلة النفط العملاقة ( سيريوس ستار ) المحملة بالنفط في المحيط الهندي على مسافة 450 ميلا بحريا من شواطئ كينيا, كما يسطون ويختطفون كذلك من ناحية أخرى على سفن على الحدود البحرية الإقليمية للساحل الصومالي, وأحيانا أمام مرأى ومسمع من سفن خفر السواحل العسكرية الصومالية الكينية خارج حدودها البحرية. كل هذا على الرغم من صدور القرار الأممي 1816, والذي لم يتم تنفيذه وتفعيله حتى يومنا هذا, في ما يخص القرصنة البحرية والسطو والإختطاف المُسلح, في إشارة إلى عدم إلتزام الحكومات الموقعة على الإتفاقية وكسر وخرق القانون والمعاهدات الدولية البحرية في هذا الشأن. القانون ( 19 ) من إتفاقية حفظ الأرواح والسلامة البحرية (SOLAS ) البند الخامس, يشير بوضوح إلى ضرورة أن تحمل جميع جنسيات السفن التي تبحر في البحر, أن تحمل من الأجهزة الملاحية الضرورية لسلامة السفن والأرواح البشرية بحسب كل سفينة دونما إستثناء. المنظمة البحرية العالمية (IMO, 2002 ) في عام 2002, أقرت متطلبات أخرى جديدة كجزء من الفصل أو البند الخامس, لضرورة أن تحمل جميع السفن على ظهرها بالإضافة لأجهزتها الملاحية, أن تحمل جهاز الربط بالأقمار الإصطناعية الجديد (AISs ) ضمن شبكة ربط بحرية عنكبوتية ( GMDSS ), ومهمة هذا الجهاز هو قدرته على الرصد عن بُعد لجميع بيانات السفن في محيط الإبحار للسفينة, كشبكة ربط ملاحية دولية وتبادُل المعلومات, يرتبط هذا النظام بشبكة ربط مباشر مع محطات الرصد الأرضية في معرفتها لجميع السفن المحيطة بشبكة المعلوماتية بالمحطات الأرضية, مبينا بيانات كاملة عن السفن, من إسم ونوعية السفينة إلى بياناتها كاملة كل على حده بشبكة ربط مباشر بالأقمار الإصطناعية تغطي كوكب الأرض. الإتفاقية الدولية ألزمت كذلك كل السفن المُبحرة بهذا النظام, الربط الجديد (AISs ) لجميع السفن حمولة 300 طن كحد أدنى لحمولة السفن, ويتصاعد ليشمل كل السفن التي تجوب البحار والمحيطات ويسري على جميع السفن بأنواعها دونما إستثناء بغض النظر عن أحجامها. هذه الإتفاقية تعتبر سارية المفعول وتم إقرارها من جميع الدول, ولتطبيقها على جميع السفن إعتبارا من 31/11/2004 بناء على توصيات المنظمة البحرية العالمية (IMO, 2002). الإتفاقية تتطلب تركيب نظام الربط بالأقمار الإصطناعية (AIS ) ليوفر الآتي: • يوفر معلومات واضحة تشمل إسم السفينة- نوعها- موقعها- إتجاهها وخط سيرها- سرعتها- وعدد من البيانات لوسائل الأمان للسفينة, تُربط بشكل تلقائي مباشر بمحطات أرضية يتوفر لديها كل تلك المعلومات الضرورية لسلامة السفن والأرواح في البحر والعائمات البحرية في داخل الموانئ والحدود البحرية الإقليمية وخارجها. • يستلم النظام المعلومات أولا فأول بشكل تلقائي من نفس السفن التي ألتزمت بالمعاهدة البحرية ومن خلال نفس أجهزة الربط بالقمر الإصطناعي, بحيث يوفر شبكة ربط تكون قاعدتها المحطات الأرضية والإتصال بخفر السواحل مباشرة لتدارك أية أخطار مُحتملة لتوفر سرعة عملية الإنقاذ بمجرد إستلام إشارة إنقاذ أو إستغاثة. • يوفر النظام تبادُل المعلومات بين الأطراف في إطار شبكة المعلومات هذه, مع الجهات المختصة بسلامة الإبحار والإنقاذ البحري والتدخلات السريعة لتفادي أية أخطار مُحتملة. في نوفمبر 2001, بعد شهرين من أحداث وهجوم 11/ 9 على برجي التجارة العالمي في أمريكا. المنظمة البحرية العالمية (IMO) قامت بدراسة وتحليل للوضع الأمني البحري, لمحاولتها تفادي أية إعتداءات إرهابية وقرصنات مُسلحة, تهدد سلامة الملاحة الدولية وللحفاظ على السفن والأرواح في البحر تحديدا. النتيجة كانت من خلال تطويرها لنظام ربط السلامة بين البحر واليابسة ( محطات الرصد الأرضية البحرية ) الذي تم تطويره إلى شبكة رصد متكاملة لكل أشكال القرصنة البحرية أو أية تهديدات أو جرائم السطو المسلحة الإرهابية المُحتملة التي بالإمكان رصدها من خلال هذه الشبكة الملاحية العنكبوتية بين البحر واليايسة ( GMDSS ) تلتزم بها جميع الدول والحكومات, وتختص بحماية كل دولة على حده لحدودها البحرية الأقليمية وإرتباطها بحدود ملاحية دولية بالإتفاق بين الأطراف بإتفاقيات مُلزمة تضع أولى أولوياتها سلامة الإبحار والملاحة الدولية وحفظ الأرواح في البحر, ومن خلال فيما إذا تعرضت سفينة ما لهجوم مُسلح أو قرصنة بحرية, يتم محاصرتها مباشرة في حينه ودونما تباطؤ, من خلال نظام شبكة الأمان البحري هذا ولمجرد إستلامهم لإشارة هجوم أو قرصنة مُحتملة من أية سفينة ترسل إشارة إنقاذ أوإستغاثة, ويحدد النظام موقع السفينة مباشرة ومرصود ضمن إطار الشبكة العنكبوتية بين البحر والبر, لتتمكن سفن البحرية العسكرية وخفر السواحل لرصدها وملاحقتها والقضاء عليها مباشرة. بعد 1/ 7/ 2004, معظم سفن الركاب وجميع السفن وناقلات الزيت, يجب بالضرورة أن تكون قد جُهزت وأرتبطت مباشرة بنظام شبكة الربط الملاحية العنكبوتية ( GMDSS), لإرسال رسائل مباشرة للمحطات الأرضية حول سلامتها وطواقمها وخط سيرها كل بحسب هوية السفينة وموقعها, وخاصة عندما تشعر إنها تحت أي خطر تهديد مُسلح لغرض القرصنة البحرية, كما يحدد النظام أن ترتبط السفن جميعها بمحطات شبكة ربط أرضية محددة بمنطقة إبحارها بمقربة من بعض الموانئ في محيط البحار والمحيطات دونما حاجة أن تسمع إشارة إستغاثتها بقية السفن في محيطها ( كميزات خاصة بنظام الربط الملاحي العنكبوتي ), على أساس إن البند السادس من إتفاقية حفظ سلامة السفن والأرواح في البحر, تحدد إن هناك نوعين من الربط بالمحطات الأرضية, الأول يعطي لجميع السفن والمحطات في محيط شبكة الربط في حالة الإستغاثة يعطيها حق الربط المباشر وتبادُل المعلومات, والنوع الآخر يعطي إشارة للمحطات الأرضية وخفر السواحل مباشرة من خلال موقع محدد للسفينة في البحر, بالإضافة إلى إستخدام السفن لأجهزة الإتصال بالراديو ( RT - بمحطات الرصد الأرضية ) بواسطة إشارة الإستغاثة ( انقذوا أرواحنا SOS ), مما يتطلب التدخُل السريع في حالة تعرُض السفينة لأية هجومات أو مخاطر مسلحة أو قرصنة بحرية. على الرغم من التحسُن في الأداء بعد تطبيق إتفاقية المنظمة البحرية العالمية, إلا أنه تصاعدت عمليات السطو المسلح والقرصنة البحرية, بحيث تم رصد حوالي 440 عملية سطو مسلح وقرصنة بحرية, حدثت لوحدها قرابة الساحل الصومالي منذ الإتفاقية الدولية منذ العام 1984 حتى الإتفاقية الدولية 2004, كما سُجلت حوالي 120 حادثة سطو مسلح وقرصنة بحرية تم رصدها كذلك بعد الإتفاقية حتى نوفمبر 2008 لوحدها, أكثر من 35 سفينة تم إختطافها والقبض والإستيلاء عليها من خلال عملية القرصنة البحرية قرابة الساحل الصومالي وخليج عدن, وتم إختطاف كذلك عدد 600 من أطقم السفن والأرواح البشرية كرهائن, للحصول على فدية مالية كبيرة!!! حاليا يوجد عدد حوالي 14 سفينة مع طواقمها البالغ عددهم 280 شخصاً من 25 دولة تم إحتجازهم في الصومال وحدها, تم الإبلاغ رسميا عن إثنين من طواقم هذه السفن فقدوا حياتهم نتيجة لأعمال السطو المسلح والقرصنة البحرية!!! ما يعادل حوالي 293 حالة سطو مسلح وقرصنة بحرية تم رصدها من خلال المنظمة البحرية العالمية حتى 31/ 12/ 2008 , بزيادة 11 % عن العام 2007 وتم التبليغ عنها رسميا لدى الساحل الصومالي والقرن الأفريقي وخليج عدن. الإجابة على جميع الأسئلة أعلاه تبين بوضوح إن القراصنة الصوماليين يستخدمون نظام الرصد عن بُعد ( AIS ) المرتبط مباشرة بشبكة الرصد البحري العنكبوتي ( GMDSS ), في تحديد هوية السفن ونوعيتها وبياناتها كاملة مرصودة لديهم, في حين إن شبكة الربط البحرية العنكبوتية ( GMDSS ) غير مربوطة عمليا بالمحطات الأرضية كما تم الإتفاق عليها في المنظمة البحرية العالمية, والتي سرى العمل بها منذ العام 2004, بحيث يُمكَِن هذا, يُمكَِن القراصنة الصوماليين أن يتجولوا براحتهم دونما رصد لتحركاتهم لسطوهم المُسلح وقرصنتهم البحرية التي عاثوا من خلالها الفساد ودونما رادع حقيقي فعلي يرصد تحركاتهم أولا بأول. المفارقة العجيبة, إن الولايات المتحدة الأمريكية وهي تعتبر ضمن أكبر دول العالم محاربة للإرهاب العالمي, نجد إنها لم تلتزم بشكل مباشر أو غير مباشر لترتبط إلتزاما بقرار ربط الشبكات العنكبوتية البحرية الدولية ( MASTER PLAN) حتى يومنا هذا!! بالإضافة إلى إيسلندا والبرتغال, بحيث وفر ذلك من وجود خلل عالمي في نظام الربط المعلوماتي السريع والمباشر بالأقمار الإصطناعية, لمهاجمة أية أنواع من السطو البحري المُسلح وضد القرصنة البحرية, مع ضرورة الإشارة هنا, إن أعمال القرصنة البحرية لم تتوقف كثيرا على سواحل البرازيل وفنزويلا وعلى السواحل الماليزية!! على الرغم من التركيز لمواجهتها بكل الوسائل العسكرية المتاحة والممكنة.[c1]* كاتب باحث إسلامي [/c]
|
مقالات
القرصنة البحرية وشبكة الربط الملاحي العالمي
أخبار متعلقة