في ندوة “المرأة والسياسة” بجامعة القاهرة:
القاهرة/ 14 أكتوبر / وكالة الصحافة العربيةأكد المشاركون في ندوة “المرأة والسياسة”، التي أقيمت ضمن فاعليات مؤتمر “حقوق المرأة وقضايا النوع الاجتماعي في الوطن العربي: بين الواقع والمأمول” ، والذي نظمه مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والمالية بالاشتراك مع منظمة العمل العربية والمركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر بالجماهيرية الليبية ،أن نوع النظام الانتخابي المعتمد في أي دولة يؤثر علي الفرص الانتخابية المتاحة للمرأة، وأن هذا النظام يتأثر بالأوضاع والنظرة الاجتماعية للنساء، وكلما كانت أكثر تقدمية حرصت أكثر علي إدماج النساء عبر الفرص المضمونة.وأشاروا إلي أن التغيرات العالمية نحو الديمقراطية منذ فترة الثمانينيات والتسعينيات، خلقت حاجة للبحث عن نماذج لمؤسسات تمثيلية مناسبة، وشهدت التسعينيات تفجرا في الإبداعات والإصلاحات في النظم الانتخابية، خاصة في الديمقراطيات الجديدة في أفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية، وأقبلت هذه الديمقراطيات علي دراسة واقتباس التجارب المتميزة لتدعيم الديمقراطية والتمثيلية من الخارج.وأوضحوا أن الانتخابات تعد مدخلا للديمقراطية، وأنه بتحديد المبادئ المحورية والآليات التمثيلية الصحيحة التي تنتهجها، يضمن الشعب عدم تفريغ الديمقراطية من مضامينها.وأكدت د. حورية توفيق مجاهد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي في البلد الذي تعيش فيه أصبح مطلباً ملحاً ولا بديل عن السعي وراء إدراكه، ليس من منطلق الحرص علي مصلحة المرأة بل لما تمثله هذه المشاركة من إضافة مهمة للغاية، تضيف بعداً غائباً عن السياسات التي تتبعها الحكومات.وأوضحت أن هذا الأمر يقتضي تنفيذ التشريعات والقوانين التي تساعد علي الحد من تكبيل حرية المرأة لتحقيق أكبر قدر من الأمن النفسي والاجتماعي، مما يساعد علي انطلاق طاقات المرأة وصفاء ذهنها وتفرغها لأداء أدوارها المتعددة والمتنوعة، طبقاً لقدراتها واختياراتها، خاصة أن الدراسات العلمية، التي أجريت في هذا الشأن أثبتت أن قهر المرأة بسلاح القوانين والتشريعات الظالمة، والوقوف في وجه حقوقها المشروعة لن يؤثر سلباً علي المرأة فحسب، بل سوف يؤدي أيضا إلي فقدان نصف طاقة المجتمع على الاكتشاف والابتكار والإبداع.وطالبت بضرورة الاهتمام بالتعليم المدني للمرأة أو التعليم السياسي، وذلك لبناء قدراتها وتنمية مهارات المرأة العربية حتي تصبح قادرة علي المشاركة السياسية الفعالة والممارسة الواعية لحقوقها، هذا مع ملاحظة أن التعليم المدني للمرأة لا يقع علي عاتق المؤسسات التعليمية وحدها حكومية أو غير حكومية أو المنظمات الشبابية، بل يمتد إلي جميع منظمات المجتمع المدني والمشاركة في التنمية السياسية للمواطنين كالأسرة ودور العبادة والنادي والمنظمات الأهلية التطوعية وأجهزة الإعلام، موضحة أن هذا الأمر سوف يترتب عليه توسيع مفهوم العمل السياسي والمشاركة الشعبية، وبث روح العمل التطوعي لدي المواطنين بما يحقق الانتماء للوطن.[c1]الأنظمة الانتخابية[/c]أما د. عبد النبي العكري أستاذ العلوم السياسية بجامعة البحرين فأكد أنه قد تزايد الاهتمام مؤخرا بدراسة الأنظمة الانتخابية بغرض اختيار أفضلها وأكثرها حكمة وتمثيلا وعدالة، وكثيرا ما يقال إن النظام الانتخابي هو المؤسسة السياسية الأكثر عرضة للتلاعب، سواء للأفضل أو للأسوأ، موضحاً أن عملية اختيار النظام السياسي هي عملية سياسية بحتة، لا تعتمد علي خبرات المتخصصين المحايدين وإجاباتهم بأن هذا النظام أو ذلك هو الأفضل.وأشار إلي أن المصلحة السياسية تلعب دورا مهماً وأساسيا في الاختيار، بل أحيانا تلعب هذه المصلحة الدور الرئيسي والوحيد، وكثيرا ما تلعب حسابات المصلحة علي المدي القريب دورا تخريبيا وتعطيليا للمصلحة العامة علي المدي البعيد، وأن الوعي يتزايد بانتظام بين المهتمين بأنه بالإمكان تصميم نظم انتخابية تحقق التمثيل الجغرافي المناطقي.وأوضح أنه في نفس الوقت تكون هذه النظم الانتخابية تناسبية، تحفز علي تأسيس الأحزاب الوطنية القوية، وتضمن تمثيل النساء والأقليات المحلية، وتهندس التعاون والتكامل والاندماج في مجتمعات تعاني من أسباب مختلفة للتفرقة بتوظيف الحوافز والشروط المعينة، ومن ثم ينظر لها علي جانب بالغ من الأهمية والتأثير في قضايا الحاكمية والحكم الصالح.ومن جهته أشار د. محمد سلمان عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إلي أنه لا يمكن أن تتحقق التنمية الشاملة في أي مجتمع من المجتمعات دون مشاركة إيجابية من المرأة، فتقدم المجتمع مرهون باتساع دائرة المشاركة في الحياة العامة لكل المواطنين، دون تفرقة بين الرجال والنساء، وأن دعم المشاركة السياسية للمرأة هو جزء لا يتجزأ من عملية الإصلاح السياسي الشامل الذي تسعي إليه مجتمعاتنا.وقال: انطلاقاً من ذلك، شهد النصف الثاني من القرن الماضي اهتمامًا متناميا بدور وقضايا المرأة في مختلف أنحاء العالم، بداية من إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار عام 1975 سنة دولية للمرأة، مرورًا باعتماد الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز ضدها في عام 1979، وعقد مؤتمر نيروبي الدولي عام 1985، انتهاءً بعقد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة عام 1994، ومؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في كوبنهاجن عام 1995.وأضاف: جاءت مناقشات مؤتمر المرأة العالمي الرابع الذي عقد ببكين سنة 1995 ووثيقته بمثابة مرجعية عالمية لهيئة الأمم المتحدة فيما يخص قضايا المرأة، وأخيراً مؤتمر نيودلهي للمشاركة السياسية في فبراير 1997، والذي عقد بمبادرة من الاتحاد البرلماني الدولي الذي حرص علي متابعة مقررات بكين في مجال الممارسة السياسية للمرأة، وذلك عبر عدد من المؤتمرات المتخصصة، غير أن هذا المؤتمر أضاف فيما يتعلق بقضية المرأة يتمثل في تحريك الأخيرة علي المستوي البرلماني والشعبي، ودفع هذا الاهتمام المتزايد بالكثير من الدول إلي إعادة النظر في مواقفها من المشاركة السياسية للمرأة.وأكد أنه من هذا المنطلق، تبرز أهمية دور وقضايا المرأة في الوطن العربي، الذي يشهد بعض بلدانه تجارب للتعددية السياسية والليبرالية الاقتصادية فرضت علي المرأة مواجهة العديد من التحديات، التي لا تفرضها فحسب طبيعة كل من التطورات السياسية والاقتصادية، التي تستوجب إتاحة فرص للعمل وتوسيع نطاق المشاركة السياسية، وإنما هناك تلك النوعية من المعوقات، التي يفرضها النسق الثقافي السائد بما يمكن أن يحد من المشاركة السياسية الفاعلة للمرأة.وخلص إلي أن قضايا المشاركة السياسية للمرأة في المنطقة العربية قد اتخذت طابعاً خاصاً نتيجة تأثرها بإطار قيمي يحدد مسبقاً مختلف الأدوار والتوقعات بحيث نظر البعض إلي قضية المرأة باعتبارها رمزاً للهوية القومية، وهو ما أوجد اتجاها نحو تثبيت وضعيتها بعيداً عن أي تغيرات وافدة.[c1]تحولات ديمقراطية[/c]أما د. مريم سلطان لوتاه أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات فأوضحت أن النظم السياسية العربية علي اختلاف أشكالها تشهد تحولات ديمقراطية، ومع الاعتراف ببطء هذه التحولات، وكونها تحولات شكلية لا تمس جوهر ممارسة السلطة، ولا تكفل مشاركة سياسية فاعلة، أو تداولاً سلمياً للسلطة، ولا زال نصيب المرأة في المشاركة السياسية ضعيفاً رغم كل الضغوط الخارجية بخصوص تمكين المرأة سياسياً واقتصادياً وقانونياً ومعرفياً.وقالت: وهكذا، تزامنت العديد من العوامل الداخلية والخارجية، وتداخلت تداعياتها مفرزة وضعاً ثقافياً عربياً معيقاً للحركة المجتمعية ككل، ومعطلاً لقيم المشاركة السياسية، رغم أصالة هذه القيم في الثقافة العربية برافدها العربي والإسلامي، حيث يتجلي تأثير الخبرة السياسية العربية في سيادة قيم المحافظة وتعزيز الشعور باللاجدوي من المشاركة لدي شريحة عريضة من المجتمع العربي، لطول أمد الاستبداد، ولانتكاسة المحاولات البرلمانية العربية وتراجعها وعدم قدرتها علي الصمود والاستمرارية وبلورة ممارسة برلمانية عربية قادرة علي إصلاح الواقع السياسي العربي.وأضافت: وإذا كانت تلك الحالة من تكبيل الحركة المجتمعية تمثل حالة سائدة، فإن حركة المرأة العربية علي صعيد العمل المجتمعي والمشاركة السياسية تبدو أكثر صعوبة في ظل معرفتنا بخضوعها لمركب قهر متعدد الأبعاد، سياسي واجتماعي وثقافي واقتصادي، الأمر الذي يحد من إمكانة تمكين الانسان العربي بصفة عامة، وتمكين المرأة العربية بصفة خاصة ما لم يتم تحليل هذا المركب، وفك حلقاته من خلال علاج حذورها الثقافية والسياسية بالدرجة الأولي.