في أحيان كثيرة تلفت انتباهك بعض القصائد الشعرية هنا وهناك في بعض الصحف والدوريات إذ أنه ليس المهم أن تلفت اهتمامك تذوقك للأعمال الشعرية التي تكون بين دفتي كتاب فحسب..فالأذن الموسيقية وحاسة الذوق الأدبي لنا كعرب ليست محكومة بشيء محدد ولكنها تستثار هكذا عنوة بمجرد أن تلامس مسامعنا موسيقى الشعر بأجراسها وإيقاعاتها نتفاعل معها دون أن نكون قد عرفنا شاعرها سلفاً..لأن المعيار هنا هو ما تتركه أبيات هذه القصيدة وتلك في الإحساس الوجداني وما تحمل من مضمون أبياتها من وحدة نفسية توحي لنا كما لو أننا نشارك قائلها ببعض الأبيات..تستوقفنا عذوبة اللغة المنجبة من مخيلة خلابة سريان النهر المتدفق من ودق ماء السحاب فها هو شاعر عربي اسمه علي عبدالله خليفة عرفت أنه من البحرين وهي مدينة شاطئية كان لها حضور تاريخي مميز في مجال الشعر والشعراء بل إن عدد من فرسان شعراء العرب الأقدمين ينتمون إلى( دمون) البحرين هذا الشاعر الحديث المنتمي في أدواته إلى دور العربية المعجون بحب مفرداتها وتراكيبها الموحية استوقفته مدينة عمَّان الأردن بحالتها المخملية وطقوسها التراثية وأجوائها المشيعة برائحة الطيب والبخور والنضارة المتناهية والوجوه العربية الأصيلة استواقفته في حالة احتقائها كعاصمة للثقافة العربية عام2002م فماذا قال عنها؟في قصيدته الرائعة تلك والتي عنوانها زيتونة من جبال الله في وطنه[c1]يزهو نجم الثرياء حين يتألقفازهر الدراق في كفي وعانقني على الطريق المحتفى بي الفل والحبقوأوقفتني بيوت الأهل يسبقهاذاك البياض المصطفى وازانت به الطرق[/c]ولأن القصيدة طويلة بعض الشيء فالأحدر أن أنتقل بالقارئ إلى قمة جمالها ووجدها الرومانسي الشفيف حين يقول:[c1]طرقت باب الحب فأنفتح المدى شرفاًوانهال ما كتبوا وما جاءت به الحُرقُشعت دموع للأساطير التي رويتوانهل أشراق لآيات بها شرقغرية من سكر الاعتاب طيئتهاغيداء ما ست..في ضمأ رمانها قلقتفتر في الميدان..رقصاً وهي حانيةصوفية في عشقها الأطياف والفرقما كل غزلان الروابي رهن طاردةولا أماسي البوح تفشي سر من عشقأتبث يا عمان والأشواق راحلتيأطوي إليك الدرب والأحلام تستبققد حملتني لك الشطآن زرقتهاواللج يهديك ثماراً وشفها الشفقحقائبي ملأ من المرجان..ذا صدفوذا محارٍ بها الدر ينفلقوالنخل يرطب عندنا في الصيف حملنيالدّما يعطي وما يندي له عرق[/c]والاقت إننا نجد نفس التفعيلة ونفس أجواء القصيدة المضمنة بماء الورد المحاطة بعناقيد الفل المتضوعة والرياحين الموجية في مثل هذه القصائد التي تتقارب كثفاتها اللغوية السلسة وأطياف شاعريتها مع كل من تكون بنيان قصائدهم مستمدة من أحجار المنحنى والتل العربي وهذه السهول اليت تتلاقى أطرافها مع امتدادات رمال الصحاري منذ أمرؤ القيس وعروة والشنفرى حتى جواهر الجواهري.فتأتي مشبعة بأجواء الماضي وأكاسير الحاضر فخملية بضة لا بل ملساء مشبوبة بالصفرة كبيضة خدرلايرام خباؤها فكم هي لغتنا العربية موطن أسرار مكتشفة قد لا نقرؤها الاّ حين تكشف غواني القوم بشيء من الدلال والغنج جزءاً من موضع عفتهن ومساحات الجسد المغرية..إنهن غواني الشعر عير فرسان عربيتنا الكثر والشعر دون ريب ديوان العرب.
أخبار متعلقة