كيف يرانا الآخر وماذا نحن فاعلون؟
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية: لا تزال صورة العربي في الغرب كما هي في أدني صور التحضر فهي نظرة دونية دعمتها أكاذيب الصهيونية المسيطرة على الإعلام في العالم منذ نصف قرن، وقد زادت هذه الصورة سوءاً بعد أحداث سبتمبر وما تبعها من تداعيات، فمازالت النظرة الغربية للعرب هي النظرة إلى الإنسان البدائي، الذي يعيش في الصحراء ويرتدي العباءة، وفي الوقت الذي نعلم فيه هذه الصورة التي يرانا بها الآخر إلا أن الإعلام العربي فشل تماماً في تغيير أو تحريك هذه الصورة، وإننا نتحمل العبء الأكبر في عدم نقل حقيقتنا كعرب إلى العالم الذي لازال ينظر إلينا كرعاة غنم نركب الجمال ونسير في الجبال وزادت الصورة سوءاً بأن راكب هذا الجمل أصبح إرهابيا يحمل كلاشينكوف يصوبه إلى صدر الأبرياء بلا مبرر، والشهادات الحية على ذلك متعددة نرصدها في هذ التحقيق : “مونيك مارتي” مسؤولة المرأة بالاتحاد العالمي للطباعة تقول : لم أكن أعرف عن بلاد العرب كثيراً وأنا ببلدي كنت أتخيل الرجل العربي وهو يمتطي جواده أو يركب الجمل، فالحضارة والمدنية توقفت عند حد معين، فالمصري مثلاً دائم التباهي بحضارة سبعة آلاف سنة وما أنجره الفراعنة القدماء، لقد ظل العالم العربي يعيش في أمجاده الماضية حتي توقف به الزمن فجأة، وأصبح عليه أن يلهث بأقصى سرعة كي يدرك عقله ما يحدث في العالم من حوله من التطور إن ما يطلق عليكم من أنكم دول العالم الثالث بأيديكم أن تغيروه ولو اهتممتم بالعلم واحترمتم الوقت وتوحدتم وتضامنتم فيما بينكم، فالزمن لديكم ليس له قيمة، ما يمكن إنجازه في ساعة ينتهي بعد يوم أو يومين بالإضافة إلى التقاعس المستمر في أداء دوركم نحو البحث العلمي والعلماء النابغين لديكم يهاجرون بعقولهم إلى الخارج، لأنهم لا يجدون من يتبني أفكارهم القيمة فمن أين يأتي التقدم وعقولكم مهاجرة للخارج؟أما “ريك ماك تاجرت” مدير برنامج الوكالة الكندية، فيري أن التبعية والتقليد فيروس سريع الإنشاء يقضي على كل جديد ويلغي العقل وهذا ما يحدث بالنسبة للعرب فهم دائمي التقليد لا يجهدون أنفسهم في ابتكار الجديد أو تبني فكرة حديثة.ويضيف “تاجرت” موجهاً كلامه للعرب : أنتم دائماً قلقين من النتائج والعواقب تفتقدون لروح المغامرة، بل إن المغامرة بالنتائج لديكم حرام تنتظرون من يجرب أولاً وإذا نجح تقلدوه ولذلك أنتم تابعين استبدلتم روح المغامرة بروح المؤامرة وتخيلتم أن العالم يتآمر عليكم ويريد نهبكم وهلاككم، فأصبح الخوف والحرص الخطوة الأولي أمام أعينكم.[c1]فشل إعلامي[/c]وتقول إستيفان بينك مهندسة ديكور “إنجلترا” إنني منذ صغري وأنا أسمع آبائي وأجدادي وهم يتحدثون عن العرب أنهم هؤلاء الذين يرعون الغنم ويركبون الجمال لا يمكلون أية علوم أصحاب ثقافات تقليدية ووهمية لا يدركون شيء عن التقدم العلمي والحضاري على الساحة الدولية فهم متخلفون ورجعيون يحاولون تقليدنا الغرب، ورغم ذلك إلا أنهم مازالوا في أقصي مؤخرة العالم، فمن خلال الإعلام العربي التقليدي المتواضع تظهر صورتهم من خلال الإعلام العالمي سوى أنهم إرهابيون يسفكون الدماء وأن التحضر والمدنية عندهم شرب الخمر والتباهي بعدد الزوجات، وعلى الرغم من معرفتهم بأن هذه هي صورتهم لدينا إلا أنهم لا يسعون لتغيير هذا النمط السييء التقليدي من خلال إعلامهم حتى وإن لم تكن هذه هي صورتهم الحقيقية لكنها لا تصل إلينا في هذا الشكل، فالإعلام العربي يحتاج الكثير والكثير من التعديل والتغيير في كافة البرامج والقنوات الفضائية الخاصة لتحسين الصورة لتصل إلينا على حقيقتها واضحة وخالية من التشويه، لكن لا أستطيع أن أنكر أن هناك نوابغ علمية تظهر أيضاً إلا أنها حالات نادرة فردية.[c1]أواصر مقطوعة[/c]وتقول د·ليلي شرف وزيرة الإعلام الأردنية السابقة: إن صورة العرب في الغرب مشوهة وعشوائية فالغرب يتطلعون إلينا بنظرة دونية ليس مصدرها نحن فقط، وإنما هناك حملات دعائية منذ منتصف القرن الماضي من قبل الصهيونية العالمية ومؤيديها لتشويه صورة العرب في الغرب ولقطع التواصل بينهما وهذه الحملات أثرت في الوجدان الغربي بشكل يفسر أن ما يحدث حدث بسيط ويفسر تفسيراً سلبياً.وتضيف : للأسف نحن صدقنا مقولات الغرب بأننا يجب أن نغير صورتنا وهذا لا يبعدنا عن المسؤولية نفسها فنحن أيضاً شركاء في ذلك فالتقصير من عندنا ولكنه ليس السبب الأساسي، فالجانب الأكبر في التشويه الذي تقوم به الحركة الصهيونية التي تتحكم في العقل الغربي منذ نصف قرن تقريباً، إن الأوضاع سيئة جداً ونحن العرب نعيش في منعطف خطير ولا أعتقد أننا أعددنا أنفسنا لمواجهة هذه التحديات بشكل كاف، فليس لدينا حرية التعبير عن الآراء في الداخل ولا توجد مشاركة شعبية في صنع القرار وليس لدينا مقومات الديمقراطية، التي يشكل غيابها سلاحا ضدنا في العالم ونحن غير مستعدين اقتصادياً ولا عسكريا لمواجهة أعدائنا أضف إلى ذلك أيضاً مصالح أمريكا، فالمصالح تدفع واشنطن لشن الحرب ضدنا وتستغل أخطاءنا لتهيمن علينا وتنفذ مخططاتها عندما تجد الفرصة سانحة لتنفيذها والحقيقة أننا لم نفعل شيء على الإطلاق، فلابد من تحرير الإعلام والتخلص من لغة الوعظ والإرشاد والتبشير في قضايا الأمة الكبيرة، فعلينا وعلى الإعلام أن نحرر كلمتنا ونكتسب المصداقية مع الأخذ في الاعتبار أن الإعلام الغربي الموجه سيستخدم أساليب الحرب ضدنا، وهي من أخطر الأساليب التي تستغل عدم مصداقية إعلامنا من أجل ضرب ثقة المواطن العربي في مجتمعه، وفي نفسه أحياناً ولكن أعتقد أن الوضع تحسن أخيراً بعد ظهور بعض الفضائيات العربية ذات المصداقية، التي تمكنت من سحب البساط من تحت إقدام الإعلام الأجنبي وتغيير بعض من هذه الصور.[c1]الحور العقلاني[/c]وعن صورتنا لدي الآخر وكيف نصحح الصورة المغلوطة في الغرب عن العرب والمسلمين، والتي أكدت د·ميمونة الصباح مديرة مركز الدراسات الخليجية أن صورتنا لدى العالم الغربي والرأي العام العالمي نحن مسؤولون عنها ونشترك في أسبابها، فلابد لنا من الحوار المنطقي المتعقل معهم وإقناعهم بالمنطق والحجة بقضايانا العادلة، والتي يمكن من خلالها إقناع الآخرين على أن ذلك بمنطقهم ولغاتهم ونسعى إلى ذلك في وسائل إعلامهم وإعلامنا أيضاً، فنحن نعلم أن من عرف لغة قوم آمن مكرهم وعلينا أن نبتعد عن نظرية المؤامرة، التي سادت حياتنا وجعلتنا نصارع أنفسنا بدلاً من مواجهة التحديات الخارجية، فعلينا فهم أنفسنا أولاً وتصحيحها من الداخل حتى تظهر لدى الآخر غير مشوهة، فتصحيح الصورة للمسلمين والعرب بصفة عامة فلابد وأن يكون من خلالنا أولاً ثم بعد ذلك نبحث عن الأسباب على مستوى العالم المحيط بنا.وتقول الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد: إن مواجهة الآخر وتصحيح صورتنا أمامه يتطلب منا أن نتحدث معه بصورة واضحة ولكن ما حدث أن الإعلام العربي فشل في أن يحمل قضايانا ويواجه التحديات المطروحة علينا فمازلنا نكلم أنفسنا أكثر من الآخرين وفشل كذلك في مواجهة منظومة التضليل الصهيوني والإرهاب الأمريكي، ولذلك ستظل صورتنا أمام الآخر مشوهة وممسوخة ومغلوطة حتى نفيق ونتخذ موقف يقتضي المصارحة مع الذات وعدم ممارسة ما تمارسه قنواتنا الفضائية من هجوم وقتال في أمور شخصية بعيداً عن القضايا الحقيقية.