في دفاعه عن رسالة الدكتوراه الموسومة بــ (بلاغة أدب المتنبي)
[c1]رسالة الدكتوراه رصدت مكانة عقل المتنبي وأحوال خواطره .. من خلال أساليب القصر[/c] جرت صبيحة يوم السبت الماضي الموافق العاشر من يونيو الجاري مناقشة ودفاع لرسالة دكتوراه موسومة بـ (أساليب القصر في بلاغة أدب الشاعر العربي الكبير المتنبي ) قدمها الباحث والمدرس لمادة البلاغة بقسم اللغة العربية في كلية التربية في جامعة عدن الأخ أحمد مكرد عبده العزعزي حيث منح على إثرها درجة الدكتوراه من قبل لجنةالنقاش .لقاء/ عبدالله الضراسي [c1] الكلمة رمز مجسد بأذهاننا - لماذا تحملتم مشقة عناء رسالة دكتوراه في لغة الصورة البلاغية ؟[/c]- تأتي أهمية اختيارنا لهذا الموضوع لأن الكلمة في التركيب النحوي رمز يجسد في أذهاننا صورة الشيء المدلول ، نستشعره ونستحضره وتتحرك خلاله معطيات الحواس ، انفعالاً أو دهشة ، اعجاباً أو إعراضاً ولهذا فإن تنظيم الدال صوتياً أو صرفياً أو تركيباً لايجري اعتباطاً ، وإنما هو جزء من البرهنة على الدلالات المستفادة منه وجزء من جماليات النص الذي يرد فيه ذلك الدال فالكلمات داخل النص الشعري تقترن بدلالات اكثر شمولاً وجمالاً وتأثيراً ، لأن لغة الشعر الجيد لاتتصل بقشرة الأشياء وإنما بعمقها وتستدعيها لتجعل منها صوراً آسرة ومعاني نابضة بالحركة والمفاجأة والتأثير .إن الكلمة في التركيب تمثل جزءاً من مظاهر واتجاهات وأفكار وحالات نفسية أو شعورية معينة ، هذا على مستوى الإيحاء ، أما على مستوى (الاذلال ) واعني به نقل المعاني من المبدع إلى المستقبل فإننا على المستوى البلاغي والنحوي والادبي انما نستعمل بنيات وتراكيب وأساليب معينة تشكل بجملتها ما يمكن تسميته بـ (تقنيات الإقناع بالكلام ) ، ولإقناع هذا الشاعر أو الكاتب أو الخطيب .[c1]التركيز على أسلوب القصر- ولماذا كان الاتجاه البحثي في رسالة الدكتوراه على أسلوب القصر؟[/c]- لأن أسلوب القصر من مباحث علم المعاني في البلاغة العربية ،وعلم المعاني يشرح ـ فيما يشرح ـ نظرية النظم عند عبدالقاهر الجرجاني ، لذلك كان الغرض الذي يؤذيه القصر غرضاً جوهرياً رئيساً يتعلق بمعاني الجمل واحوال بنائها وإذا كنا نبحث في شعر المتنبي عن (المتنبي) نفسه فليس (مرادنا) أحداث حياته أو قصة سيرته ، وإنما مرادنا خبر عقله وأحوال خواطره من خلال أساليب القصر ، لأن البحث في هذه الخواطر أو في هذه الأساليب هو البحث نفسه في أحوال المباني .[c1]شاعر شغل الدنيا !- هل موضوع رسالة الدكتوراه عن المتنبي لأنه شاعر عربي كبير شغل الدنيا ؟[/c]- هذا صحيح .. ومن الذائع المشهور إن المتنبي قد أشتدت حوله الخصومة وثار من اجله الجدل ودارت في ميادين أشعاره المناظرات وتكاثرت الدراسات والتي تناولته بالنقد والفحص تكاثراً عظيماً منذ القرن الرابع الهجري وحتى اليوم ، ولكن مع تلك الكثرة التي تزاحمت على أدبه ونقده اصالته وتقليده فلا يزال شعر الرجل يتسع لدراسات اخرى خاصة في الجانب البلاغي والذي لم تمتد إليه أيدي الباحثين كثيراً ، ومن ثم يجيء اختياري لهذا الموضوع (أساليب القصر في شعر المتنبي بين النحو والبلاغة ) إيماناً مني بأن مثل هذه الدراسات البلاغية النحوية الاسلوبية التي تتناول الشعر تفتح الباب أمام بحوث اخرى تتناول الفنون البلاغية في نظم الشعر عامة ، وفي نظم الرجل خاصة وتقدمها في صورة فنية جديدة لاستكمال حلقات البحث التي دارت عن المتنبي .[c1]تميز بوضع الألفاظ- وماذا اخرجتم بصدد هذه الرسالة من معان ٍ ؟[/c]- لافت للنظر أن طريقة النظم عند المتنبي تتميز بوضع الألفاظ في الموضع المحكم الذي لايمكن أن تتقدم عنه ولا تتأخر وهي محتفظة بالأداء الأمثل للمعنى مع الدقة المتفوقة في اختيار الأساليب وانتقاء الألفاظ لأداء ما يراد لها تأديته بحيث لاينهض غيرها في القيام بما تقوم به من توفية للمعنى وتنميته وتصويره ورسم الظلال والالوان من حوله حتى ولو اتفقت في الوزن والمعنى .[c1]منهج البحث- وماذا عن منهج البحث لرسالة الدكتوراه ؟[/c]- لقد قمت بتقسيم منهج البحث لرسالة الدكتوراه ، على مقدمة وستة فصول وخاتمة ، فالفصل الأول فصل تمهيدي كان في (مصطلحات القصر ومصادره) .. وفيه مبحثان ، المبحث الأول (في مصطلحات القصر ) والمبحث الثاني في (مصادر القصر ) وفي هذا الفصل تابع البحث تطور أساليب القصر منذ أن كانت جذوراً بعيدة في حقل الدراسات اللغوية عند (سيبويه) و (الفراء) و (أبن جني) ومضى يتعقبها في رحلة التطور والنماء إلى أن وصلت إلى (الإمام عبدالقاهر الجرجاني) وكذا (الزمخشري) و(الفخر الرازي) و(السكاكي) ثم (الخطيب القزويني) .أما الفصل الثاني ففي (أسلوب القصر بالنفي والاستثناء في الجملة الاسمية) وفيه مبحثان : المبحث الأول (قصر المبتدأ على الخبر) والمبحث الآخر (قصر الخبر على المبتدأ) و (ألخبر على القيود) ودرس البحث في هذا الفصل ثلاثة وعشرين شاهداُ شعرياً تمثل ثلاث هيئات تركيبة للقصر .وأختص الفصل الثالث في بيان (أسلوب القصر بالنفي والاستثناء في الجملة الفعلية) وفيه مبحثان، الأول (قصر الفعل على الفاعل - قصر الفعل على المفعول الأول - قصر الفعل على المفعول الثاني- قصر الفعل على المفعول لأجله) .والمبحث الآخر (قصر الفعل على الجار والمجرور - قصر الفعل على الظرف - قصر الفعل على الحال - قصر الفعل على النعت ) وفي هذا الفصل تناول البحث ثمانية وعشرين شاهداً شعرياً تمثل ثماني هيئات تركيبة للقصر .واستوفى الفصل الرابع (أسلوب القصر بإنما ) وله مبحثان : المبحث الأول (أسلوب القصر بإنما في الجملة الاسمية) و (قصر المبتدأ على الخبر - قصر الخبر على المبتدأ) والمبحث الثاني (أسلوب القصر بإنما في الجملة الفعلية ) و (قصر الفعل على الفاعل - قصر الفعل على المفعول به - قصر الفعل على الجار والمجرور - قصر الفعل على الظرف - قصر الفعل على المفعول لأجله- قصر الفعل على الحال - قصر الفعل على المفعول المطلق ) ، وفي هذا الفصل تناول البحث خمسة وعشرين شاهداً شعرياً تمثل تسع هيئات تركيبية للقصر .وجاء الفصل الخامس في أسلوب القصر بحروف العطف (لا ، بل ، لكن ) وفيه مبحثان ، الأول ( أسلوب القصر بالعطف في الجملة الاسمية) و (قصر المبتدأ على الخبر - قصر المبتدأ والخبر على القيود ).والمبحث الثاني (أسلوب القصر بالعطف على الجملة الفعلية ) و(قصر الفعل على الفاعل - قصر الفعل على الجار والمجرور - قصر الفعل علىالحال - قصر الفعل على المفعول لاجله - قصر الفعل على النعت ) وفي هذا الفصل درس البحث ثمانية عشر شاهداً شعرياً تمثل سبع هيئات تركيبية للقصر .وأما الفصل السادس والاخير فقد جاء في (أسلوب القصر بتقديم ما حقه التأخير) ويحتوي على مبحثين الأول (أسلوب القصر بتقديم ما حقه التأخير في الجملة الاسمية ) و(القصر بتقديم المسند على المسند إليه - القصر بتقديم المسند على الخبر الفعلي ) والثاني (أسلوب القصر بتقديم ما حقه التأخير في الجملة الفعلية ) أي ( قصر الفعل على المفعول به المقدم - قصر الفعل على الجار والمجرور المقدم - قصر الفعل على الظرف المقدم - قصر الفعل على المفعول لاجله المقدم - قصر الفعل على المفعول المطلق المقدم - قصر الفعل على الحال المقدم) وفي هذا الفصل تناول البحث عشرين شاهداً شعرياً تمثل ثماني هيئات تركيبية للقصر .[c1]منهج البحث- وماذا بالنسبة لمنهج العملية البحثية والذي أتبعته في منهج الرسالة ؟[/c]- بالنسبة للمنهج والذي بنيت عليه اطروحة الدكتوراه فهو منهج وصفي تحليلي ، حاولت عبره التخلص ـ ما أمكنني ـ من جملة من الظواهر السلبية التي شاعت في كثير من الدراسات النحوية والبلاغية والأسلوبية المعاصرة وهي الجزئية بدلاً من الشمولية ، وكذا التأمل النظري المجرد وايضاً الانطباعات الذاتية العابرة بدلاً من التطبيق المستند إلى أسس نظرية وأنظمة لغوية محددة .وقد مكنني هذا من إعطاء صورة متكاملة لظاهرة نحوية بلاغية أسلوبية تتداخل انظمتها وقوانينها في شعر المتنبي على نحو يسترعي الانتباه بما انتج نصوصاً شعرية لها من الايقاع والتنغيم به والدلالات والصور بما تفرد شعر المتنبي .[c1]شكر وتقدير- وفي الأخير ماذا بوسعكم القول إزاء مناسبة حصولكم على درجة الدكتوراه بالأدب البلاغي عند المتنبي؟[/c]- ما أود قوله في الاخير إن رسالتي كانت خلاصتها إزاء أطروحة دكتوراه حاولت أن تتأمل بعض التراكيب من خلال نصوص شعرية لشاعر عربي كبير ، حاولت عبره أن أبرز الإمكانات النحوية والبلاغية والاسلوبية والدلالية في لغتنا ومن ثم أبعد النحو والبلاغة العربيين عن ان يكونا مجرد قوانين وانظمة ونظريات إجرائية غايتها ضبط اللغة فحسب.وأخيراً فإن أطروحة الدكتوراه هذه وفرت عندي إمكانية إعطاء صورة متكاملة لظاهرة نحوية بلاغية أسلوبية تتداخل أنظمتها وقوانينها في شعر المتنبي على نحو يسترعي الانتباه بما أنتج نصوصاً شعرية لها من الإيقاع والتنغيم والدلالات والصور ما يتفرد به شعر المتنبي .اخيراً فإن الشكر أولاً وآخر لله وحده الذي من عليَّ بمشرف كان الأخ والصديق والذي رافقني رحلة شاقة وطويلة كنت أركن إليه متى ما استعصى علي رأي ، أو غاب عني ضوء ، فوجدته نعم الله والموجه إنه استاذي الدكتور (هادي نهر) الذي لا أملك إلا الدعاء له بالخير والفلاح، وشكري موصول لأعضاء لجنة المناقشة الكرام والذين تجشموا عناء قراءة هذا البحث المستفيض وصبروا عليَّ فجزاهم الله عني وعن العلم خير جزاء وأخص بالذكر الاساتذة الأفاضل دكتور عبدالوهاب راوح رئيس جامعة عدن ودكتور عباس علي السوسوة ودكتور علي محمد المخلافي ودكتور صاحب جعفر أبو جناح ولايسعني إلا أن أتقدم بالشكر والعرفان إلى كل من أسهم في بناء هذه الاطروحة بالكلمة الطيبة والفعل الحسن سواء اكان ذلك في الجامعة أو في عمادة كلية التربية أو في قسم اللغة العربية وأخص بالذكر رئيس جامعة عدن ونائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحث العلمي وعميد كلية التربية والنائب الأكاديمي في الكلية ورئيس قسم اللغة العربية وزملائي من أساتذة قسم اللغة العربية الكرام ولايسعني كذلك إلا أن أتقدم بموفور الشكر والتقدير إلى من (حضر) فعالية مناقشة رسالة الدكتوراه جميعاً من دون استثناء اساتذة كانوا أم طلاباً أو مستمعين ، أشكرهم على تحملهم عناء حضورهم .