مدارات
اعداد / زكي الذبحانيالاطفال بهجة الحياة وسلوتها وأغلى ما يملكه الآباء والأمهات على هذه الارض، ونحن بدورنا مطالبون ببذل كل ما يمكن لنا بذله من جهد لاجلهم ولنمائهم ونشأتهم اقوياء معافين، وألا نركن إلى ما يهدد ويبدد الجهود التي تبذل لحمايتهم من الامراض وصرف خطرها عنهم. والحصبة احد الامراض الفيروسية المعدية الاكثر فتكا وإماتة بين الامراض التي يؤمن التطعيم وقاية منها فما تخلفه من تهديد لصحة وسلامة فلذات الاكباد جعل منها مرشحة للاستهداف بالاستئصال بعد شلل الاطفال، ومن هذه التهديدات فقد حاسة السمع او البصر او الوفاة في احوال معينة لاقدر الله.ولايأتي تنفيذ حملات تطعيم ضد هذا الداء من فراغ، انما الحاجة فرضت وتفرض تعاطيا مسؤولا لايقاف هذا المرض البشع ووضع حد لانتشاره للذود عن اطفالنا من مكامن الخطورة التي تسفر عن مضاعفاته.وبذلك يجري تنفيذ حملة تحصين تكميلية نحو القضاء على الحصبة في الفترة من 24 – 29 نوفمبر 2007م شاملة كلا من (عدن – مأرب – شبوة – الجوف – صعدة)، إلى جانب مديريات (إب – الظهار – المشنة) بمحافظة إب، ومديريتي (ظليمة حبور – ثلا) بمحافظة عمران، ومديرية (بني سعد) بمحافظة المحويت ومديرية (جيشان) بأبين، مستهدفة تحصين جميع الاطفال من عمر (9اشهر – 15 عاما) بما فيهم المرضى ومن يعانون من سوء تغذية، وبغض النظر عن التاريخ التطعيمي السابق للطفل، حتى من حصنوا مسبقا ضد الحصبة او غيرها من امراض الطفولة. اذ يظل لزاما اخذهم جرعة اضافية تزيد وتقوي مناعتهم ضد المرض اكثر واكثر.إلى ذلك تتيح الحملة ايضا للفئة من (9 اشهر – 5 سنوات) فرصة الحصول على جرعة من فيتامين (أ) الداعم لنموهم ومناعتهم ضد الامراض الخطرة وعلى رأسها الحصبة.ومع ان الوقاية وتدابيرها تحد وتمنع الاصابة بالكثير من الامراض لكنها بالنسبة لمرض الحصبة لاتكتمل الا بالتحصين، فهو السبيل الاضمن والامثل لحماية الجسم من الاصابة برفعه درجة التأهب والجاهزية الدفاعية القصوى الممكنة من صد المرض ودحره عن الدخول والانتشار في الجسم، والذي نشهد له هذه الايام صدأ واسعا لما له من اهمية لايمكن على اية حال التهاون بها او اغفالها.وقد يتساءل البعض .. ما سر البدء بتحصين الاطفال ضد داء الحصبة في الشهر التاسع من العمر فما فوق؟والاجابة بكل بساطة ان العالم اجمع على هذا وأقر، فقد حرصت منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف على تثبيت هذا العمر لبالغيه من الاطفال للبدء بتطعيمهم ضد الحصبة. حيث من الواضح جدا ان الاصابات التي يتم تسجيلها قبل الشهر التاسع قليلة جدا ونادرة، ومن ثم لاحاجة لمن يقل عمره عن تسعة اشهر لهذا اللقاح.ومما يبرر الامر ايضا ان السواد الاعظم من الامهات على الارجح اصبن بالمرض مسبقا ومن ثم اكتسبن مناعة منه تنتقل إلى اطفالهن منذ ولادتهم وتستمر طيلة الستة الاشهر الاولى عبر الرضاعة الطبيعية، وبعدها تزول تدريجيا إلى ان تنتهي تماما قبل انقضاء العام الاول من اعمارهم وبالتحديد عند بلوغهم الشهر التاسع من العمر.وبذلك تصير للاطفال بعد الشهر التاسع قابلية للاصابة بالحصبة، وتستمر القابلية هذه بوتيرة مرتفعة حتى نهاية سن الخامسة عشرة، فيما تظل خطورة المرض اعلى لدى من تقل اعمارهم عن خمس سنوات.من هذا كله تعتبر الفئة العمرية من (9 اشهر – 15 عاما) الاكثر عرضة للاصابة بالحصبة، ولايعني ان الراشدين لايصابون، فمن غير المستبعد اصابة شخص في العشرين او في الخامسة والعشرين او في الثلاثين من العمر، الا انها تبقى حالات نادرة، والنادر لاحكم له.ومن يصاب بالحصبة لاتتكرر الاصابة لديه مرة اخرى، انما الاصابة مرة واحدة في العمر وحسب، ليكتسب الجسم على اثرها الوقاية من المرض مدى الحياة، ومرد ذلك إلى تعرف الجهاز المناعي للجسم على فيروس الحصبة، فاذا ما هوجم مرة اخرى تصدت له دفعاته وقضت عليه، وهذا لايمنع من تحصينهم ضد الحصبة الذي يؤكد بدوره ويقوي هذه المناعة التي تلقوها بفعل التعرض لاصابة مسبقة بالمرض والشفاء منها.وليس لنا ان ننتظر اصابة الاطفال الآخرين بالمرض ليكتسبوا بعدها مناعة، انما لابد من تحصين الجميع لان داء الحصبة حقيقة من الامراض الفيروسية الخطيرة والقاتلة، وله مضاعفات شديدة يمكن ان تؤدي إلى التهاب الدماغ وعلى اثره قد يفقد الطفل المريض بصره، او ربما يقود هذا الالتهاب إلى احداث ضرر في الدماغ وتخلف عقلي او اعاقة حركية.. هذا فقط اذا اصاب الجهاز المركزي والدماغ، وعندما يمتد إلى الاذن يؤدي إلى التهاب الاذن الوسطى المفضي إلى فقد حاسة السمع.ومن البديهي تعرض الجهاز التنفسي للالتهاب على نحو خطير نتيجة لمضاعفات الحصبة، وقد يسوء الامر مفضيا إلى التهاب رئوي حاد او ما يسمى بذات الرئة التي تسبب بدورها فشلا رئويا ومن ثم الوفاة.كذلك يمكن للحصبة ان تتسبب بالتهاب الجهاز الهضمي والاسهال الشديد والجفاف وغالبا ما تقود هذه الاصابة إلى الوفاة.اذن مرض الحصبة من الامراض الخطيرة جدا التي يجب فعلا التحصين ضدها، كون مضاعفاته خطيرة للغاية. وهو قابل للشفاء اذا ما تمكنت دفاعات الجسم من السيطرة على الموقف والقضاء على الفيروس الغازي المسبب له، لكنه مميت في بعض الاحوال عندما يعجز الجسم عن دحره وصد عنفوانه وبطشه.ومع الاسف لايوجد علاج على الاطلاق يمكن اللجوء اليه لشفاء المصابين به، ليس في اليمن وحسب، بل وفي العالم بأسره.فحسبنا ان نحصن فلذات الاكباد لنصرف عنهم الاصابة تماما ونجنبهم مخاطره المهلكة.