قال التابعي الكبير - سعيد بن المسيب رضي الله عنه وكان معتكفاً في المسجد النبوي أيام وقعة الحرة المشهورة لوحده فقال منشداً : لقد ذهب الحماة وأسلموني[c1] *** [/c]فوا أسفاً على فقد الحماة ! تولوا للقبور فأسقموني[c1] *** [/c]فوا أسفاً على فقد الثقاة ! فردّ عليه هاتف من ناحية المسجد بصوت محزون وقلب مشجون يقول : فدع عنك الثقاة فقد تولوا[c1] *** [/c]ونفسك فابكها حين الممات فكل جماعة لا بد يوماً[c1] *** [/c]يفرق جمعهم وقع الشتات قال سعيد له : من أنت ؟ قال : أنا من مؤمني الجن ، كنا سبعين في هذا المسجد فأتى عليهم الموت ، فبقيت أنا ! كما بقيت أنت ! فإنا لله وإنا إليه راجعون !! . هذه الرواية كانت إبان وقعة الحرة البغيضة التي استباح فيها يزيد بن معاوية بن أبي سفيان دماء الصحابة وأهل المدينة وحرم رسول الله (( صلى الله عليه وسلم )) أثناء ملاحقة أهل البيت بعد تصفية الحسين (( رضي الله عنه )) في كربلاء بالعراق .. وكان ابن المسيب (( رضي الله عنه )) ممن ثبت وحيداً معتكفاً في الحرم النبوي - على راقده أفضل السلام - غير عابئ بإرهاب الحرب وزحف آلتها على الأخضر واليابس ! . وفيها يصور التابعي سعيد ألم فراق الصالحين من الأنصار والأحباب حينما تخطفهم المنون وتذهب بهم جميعاً إلى تلك الخنادق المظلمات تحت القبور ! وهكذا يكون حال هذه الدنيا الذي ارتضاه الله لها أن تكون .. ليكون الله هو المستحق لأن تتعلق به شغاف القلوب (( ! )) فهو الصاحب الدائم للمؤمنين . كما قال رسول الله (( صلى الله عليه وسلم )) : أنت الصاحب في السفر (( ! )) وإنما اختار السفر لأنه يقطع المسافر عن جميع أحبابه ! وإلا فهو - سبحانه - الصاحب والخليفة في المال والأهل والولد أبد الدهر (( ! )) . والناظر إلى قوافل الراحلين إلى مدن الآخرة يزداد بنقصهم قوة إيمان بعدالة مكافحة الترف والفساد في الأرض ، والغفلة عن الله وعن سبيل الجنة وما يؤدي إليها من أفعال البر والإحسان . حزب المترفين هم أعداء الله الذين توعدهم وهو يقول : (( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ، فحق عليها القول فدمرناها تدميرا )) .. لا يعرفون للتقوى دليلاً ( ! ) ولا للإحسان عنواناً (( ! )) ولا إلى الله تعالى هادياً (( ! )) لأنهم شر من تحت أديم السماء ! لا تنفع فيهم العبر (( ! )) ولا يعظهم أخبار من غبر (( ! )) وأولياء الله هم المتقون (( ! )) وهم أهل لعفوه ومغفرته ! . تضافرت هممهم على حب الله والطمع فيما عنده ! والاعتبار بفعله في خلقه ففازوا بالفلاح المبين !! . فهل يا ترى ، يعترف المحترفون للفضيلة بخطاياهم وهم يتربصون بالمؤمنين وحسن نواياهم في هذا الشهر الفضيل لكي يغرفون من بين أيديهم الحطام الفاني تارة باسم اليتامى وتارة باسم إفطار الصائم وتارة باسم الفقراء وتارة باسم الأقصى (( !! )) فإلى الله المشتكى واليه التفويض !! .
|
رمضانيات
هذه دنياكم التي تحرصون !!
أخبار متعلقة