استراحة 14 اكتوبر
يعتبر الزواج المبكر فى المجتمع اليمنى من الظواهر التى تستحق البحث والدراسة، فبالرغم من أنه يعد قيمة اجتماعية محببة تنتشر بشكل واسع سواء فى الريف أو الحضر وذات علاقة وثيقة بنظام القيم السائد فى المجتمع اليمني، فانه يُنظر إليه باعتباره صيانة من الانحراف واستكمالا لنصف الدين، وكثر الحديث عنه كظاهرة لها انعكاسات سلبية تؤثر على حياة الأفراد بشكل خاص وعلى المجتمع وتنميته بشكل عام.وتزايدت فى الآونة الأخيرة التحذيرات من المخاطر الصحية والنفسية والاجتماعية التى قد تلحق بالفتاة اليمنية بسبب الزواج المبكر ،الذى يتسبب فى ارتفاع نسبة الوفاة لدى الأم والطفل على السواء، حيث كشفت دراسة ميدانية أنجزها فريق من الباحثين المتخصصين بمركز دراسات المرأة والتنمية بجامعة صنعاء بالتعاون مع منظمة “ أوكسفام” انتشار الزواج المبكر فى اليمن بين أوساط النساء بنسبة 52،1 فى المئة والرجال بنسبة 6،7 فى المئة، ووجود فجوة عمرية كبيرة بين الزوجين تتمثل فى كون الأزواج أكبر من النساء بـ 7 - 10 سنوات.وكشفت الدراسة التى شملت “1495” فردا من الذكور والإناث فى محافظتى الحديدة وحضرموت “المحافظات الأكبر من حيث ارتفاع نسبة الزواج المبكر”أن هناك اختلافا فى سن الزواج حسب المنطقة الجغرافية.. حيث أن الفتيات فى الحديدة وحضرموت يتزوجن فى عمر الثمانى سنوات فيما يبدأ زواج الفتيات فى المكلا فى سن الـ10 سنوات...فى حين أظهرت الدراسة أن المناطق الحضرية ينخفض فيها الزواج المبكر ولكنه انخفاض غير كاف ففى حالة الفتيات يشكل الفرق نسبة 2،2 فى المئة فى الفئة العمرية أقل من 18 سنة و0،9 فى المئة فى الفئة العمرية أكبر من 18 سنة.. بينما يشكل فى حالة الفتيان بالمناطق الحضرية نسبة أقل من المناطق الريفية بـ 2،1 فى المئة للفئة العمرية أقل من 18 سنة وتزيد النسبة فى المناطق الحضرية عنها فى المناطق الريفية بـ 0،2 فى المئة فى الفئة العمرية أكبر من 18 سنة. وحسب الدراسة المذكورة التى اعتمدت على قياس الرأى العام حول الزواج المبكر فإن الأغلبية ممن استطلعت آراؤهم فى الفئة العمرية أقل من 18 سنة ترى أن سن الزواج الأنسب للفتاة هو بين 15 و16 سنة وللفتيان ما بعد حصولهم على العمل أو توفير المهر، بحسب رأى 67،1 فى المئة من الذين شملتهم الدراسة على مستوى الحضر و72،1 فى المئة على مستوى الريف فيما رأى ما نسبته 60،7 فى المئة من الحضر و2،5 فى المئة من الريف فى الفئة العمرية أكبر من 18 سنة أن سن الزواج المناسب لبناتهم هو سنّ ما بعد الـ 18 سنة.وكشفت الدراسة أن هناك علاقة بين الفقر والزواج المبكر حيث أرجع 32،91 فى المئة من المبحوثين منهم 247 امرأة و285 رجلا من بين 1738 مبحوثاً الزواج المبكر للأولاد الذكور إلى توفير الإمكانيات المادية، وعلى العكس من ذلك فإن توفر الإمكانيات المالية لدى الأسرة لا يعد شرطا ضروريا لتزويج الفتاة فى سن مبكرة.ولفتت الدراسة إلى أن سن الزواج بالنسبة إلى الأولاد يتحدد بناء على القدرة على دفع المهر، وهو ما حدده نحو 532 مبحوثاً ومبحوثة رأوا إن توفير المهر وتيسير الأوضاع الاقتصادية للأسرة يمثل السبب الأول الذى يدفع الأسر إلى تزويج أبنائها الذكور فى سن مبكرة، معتبرين أن الفقر يساهم فى رفع متوسط سن الزواج للأولاد الذكور، وهو ما يدفع الأسر الفقيرة إلى الضغط على أبنائها الذكور للبدء بالعمل قبل تزويجهم.وأشارت الدراسة إلى أن 22،32 فى المئة من أجمالى المبحوثين يؤكدون أن الفقر يمثل السبب الرئيسى فى تزويج الفتيات فى سن مبكرة وأن الأسر الفقيرة تسعى إلى تزويج بناتها بمجرد وصولهن سن البلوغ، مرجعين السبب فى ذلك إلى أن الأسر تعتبر البنت عبئاً على موارد الأسرة، بينما الأولاد يعتبرون أحد هذه الموارد.وبينت أن 21،92 فى المئة من إجمالي المبحوثين يرون أن المعتقدات والاتجاهات تعتبر أحد أسباب الزواج المبكر للفتيات لكونها تؤكد قيم العفاف والطهارة وتجنب التمرد عليها بسبب تأخر الزواج المبكر ويلى هذا السبب أسباب أخرى كالخوف من العنوسة، أو وجود عرض من شخص غني، أو الإهمال من قبل أفراد الأسرة.