فضاء
كان الزواج يتم قديماً عن طريق الأهل بصورة تقليدية فالرأي الأول والأخير للأسرة لدرجة ان الزوج لايرى زوجته إلا بعد عقد القران!ونظراً لتطور المجتمع وتعليم الفتاة وخروج المرأة للعمل وتغير الاحوال اصبح الزواج يتم عن طريق الفتاة والفتى وهو ما أطلق عليه " الزواج الحر" سواء في الجامعة أو في موقع العمل وبالرغم من التقدم الكبير الذي طرأ على المجتمع نجد ان الزواج التقليدي اصبح ظاهرة منتشرة رغم التطور ورغم مساواة المرأة بالرجل في كثير من الحقوق .. ترى ماهو السبب في عودة هذا النوع من الزواج؟ هل لأنه اثبت نجاحه ام انه نتيجة لانتشار بعض الظواهر الغريبة في المجتمع المصري ام أن هناك اسباب اخرى؟وهل يصلح فعلاً لهذا الزمان ام ان له جوانبه السلبية على الاسرة والمجتمع؟إن هناك عدة اسباب لعودة هذا النوع من الزواج.السبب الأول :تدهور القيم داخل المجتمع وزيادة الانحرافات فاصبح الناس يخشون بعضهم نتيجة ازدياد صور التزييف والتجميل والمظاهر الخداعة التي اصبحت تخفي حقيقة الافراد فقديماً كان المظهر الخارجي يدل على الفرد وسلوكه وبيئته وتربيته وكانت الأسر تعرف بعضها عن طريق العلاقات الطيبة بين الافراد وعلى مستوى الاسر .. أما الآن تدخل المظاهر وازديادها جعل الناس يلجأون إلى الزواج التقليدي لأنه يتم بواسطة مصدر موثوق به في وقت زادت فيه الانحرافات والمشاكل وتشهد قيم المجتمع انهياراً واضحاً .ويتضح من الدراسات ان الزواج التقليدي قديماً قد اثبت نجاحه بدليل انه مع استعراض بعض حالات الزواج في فترة الخمسينيات والستينيات نجد أنها زيجات معمرة وقليلاً ماكان يحدث فيها طلاق لان مجرد كلمة طلاق كانت تعني كارثة على الأسرة بأكملها .أما الآن مع التطور الذي طرأ على المجتمع وتغير المفاهيم والمعتقدات فاصبح الزواج التقليدي لايستطيع ان يصمد امام التطورات الحالية.إذا نظرنا إلى الزواج الحر ـ زواج الحب ـ نجد أنه انتشر في فترة معينة ولكنه لم يثبت نجاحاً نتيجة لان الشاب اصبح يجري وراء المظاهر التي تخفي الحقائق وبعد الارتباط يصدم كل طرف في الاخر فلاتجد الفتاة في الشاب فتى احلامها والعكس ايضاً لذلك زادت نسبة الطلاق وتغير مفهومه فاصبح الطلاق كلمة تعكس اللامبالاة وهذا يعتبر منتهى الخطورة على الأسرة ويهدد كيانها .ومن هنا نجد ان الزواج التقليدي اصبح لايتناسب مع تطور العصر وايضاً الزواج الحر مع تغير القيم وتغلب المظاهر نتيجة اختلاف الشرائع الطبقية الذي عمقه تزايد طرق الكسب غير المشروع واصبح من الصعب التعرف على أصل وفصل الفتى أو الفتاة فتحدث الفجيعة بعد الارتباط .. ثم الطلاق .أما زواج الاكراه فلايقع تحت التقليد وتأثيره سواء على الفتاة او الفتى سلبي إلى ابعد الحدود لانه يخالف طبيعة الانسان النفسية فلايمكن لانسان ان ينتج أو يثمر ويسعد بهذا الانتاج في أي اتجاه من اتجاهات حياته إلا اذا توفر له عنصر الموافقة .ايضاً زواج الاكراه يخالف الشرع تماماً فلا يمكن ان يتزوج شخص فتاة دون ارادتها فالشرع ينفي ويمنع هذا وقد اعطى للمرأة حق الاختيار تماماً كما اعطاه للرجل بالعكس فقد اعطاه للمرأة بصورة اكثر تكريماً فاذا اعطى للفتى حرية التقدم للفتاة فان العقد لايتم إلا اذا قالت بلسانها : زوجتك نفسي فإذا قالت يجب ان يكون هذا الكلام نابعاً من حرية كاملة .فزواج الاكراه بهذه الصورة سيؤدي إلى فقدان احد الزوجين عنصر القبول والموافقة وبالتالي يكون فاقداً الدافع البناء في الزوجية والسعي إلى تطوير الحياة الزوجية إلى الأفضل لذلك يؤدي إلى الفشل في غرس ماهو مطلوب في بناء شخصية اطفالهم وسينتج جيلاً مهزوزاً يحمل من التشوهات النفسية الكثير نتيجة التشوه في أسلوب العطاء الذي قام به الوالدان كالتشوه الخلقي تماماً .