المنسق المقيم للأمم المتحدة في صنعاء لـ ( 14 اكتوبر ):
لقاء/ محمود دهمس/ ترجمة/ يزن الصغيريأجرت صحيفة 14 اكتوبر حواراً ضافياً مع السيدة فلافيا بانيسري المنسق المقيم للأمم المتحدة تضمن جملة من القضايا والموضوعات المتصلة بنشاط الأمم المتحدة في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي يقودها فخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح ـ رئيس الجمهورية.ودور الأمم المتحدة في بلادنا يتجسد في تنفيذ جملة من المشروعات التنموية وكذا دعمها لأهداف الألفية في اليمن بالإضافة الى دور المنظمة الدولية في تنفيذ السبل التي وجدت من أجلها بمناسبة مرور 62 عاماً على تأسيسها والحصيلة في الحوار الآتي:[c1]- و نحن على مقربةٍ من الاحتفال بالعيد الـ 62 لتأسيس الأمم المتحدة و الذي يصادف الـ 24 من أكتوبر الجاري ... يا ترى، هل تمكنت المنظمة الدولية من تحقيق الـ 60 سبيلاً التي أنشئت من أجلها في مختلف أنحاء العالم؟[/c]- على مدى السنوات الـ62 ، كان هناك الكثير من التطور الحاصل في عددٍ من المجالات، و هذا أمرٌ ينبغي علينا جميعاً أن نقر به. و لكن علينا أيضاً أن نكون واقعيين بأن ندرك أن هناك أمامنا الكثير من العمل.إذا أردنا أن نعدد بعض المجالات التي تمكنت الأمم المتحدة من لعب دورٍ بناءٍ فيها، نستطيع أن نتحدث عن مجال التنمية، حيث استطاعت المنظمة أن تضع معايير محددة قادرة على تنظيم أطر العمل الداخلية المحلية و الدولية، كما استطاعت أيضاً أن تتجاوب مع الأزمات البشرية. و على صعيد الدور السياسي للأمم المتحدة، أعتقد بشدة أن هناك الكثير من النجاحات الإيجابية في عددٍ من الدول في مجالات: إرساء الديمقراطية، السلام، الاستقرار، و النمو، لكن هذا لم يحصل في كل مكان. في المنطقة العربية، بدون شك، نحن ندرك ضرورة أن نعمل بجد لفرض حالة الاستقرار في هذه المنطقة. [c1]- كمنسقة للأمم المتحدة في اليمن، كيف تنظرين لمستوى العلاقة مع الحكومة اليمنية بشأن الأنشطة و البرامج التي ينفذها البرنامج الإنمائي في اليمن؟[/c]- من الأهمية بمكان أن لا نركز فقط على دور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. نحن نعمل لدى الأمم المتحدة التي تتمثل في عددٍ من الكيانات، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هو واحدٌ منها، لكن هناك غيره كمنظمة الأغذية و الزراعة، برنامج الأمم المتحدة للسكان، منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، برنامج الغذاء العالمي، منظمة الصحة العالمية، كلها لها برنامج كبيرة. هناك غيرها التي تطبق مشاريعاً في هذا البلد. كأممٍ متحدة، جميعنا لدينا علاقات ممتازة مع السلطات المحلية و مع المنظمات غير الحكومية و ممثلي المجتمع المدني. أعتقد أن الفضل في ذلك يعود لليمنيين أكثر مما يعود إلينا، حيث أننا وجدنا مناخاً مرحباًً بعملنا مع نظرائنا، و حواراً منفتحاً في بعض القضايا. إن مستوى هذا الحوار يدفعني للقول أنني لم أجده في كثيرٍ من الدول التي تم تعييني فيها سابقاً. و بسبب هذا التفاعل في مناقشة التحديات و السعي لوضع الحلول، أعتقد بشدة أن لدينا علاقةً بناءة متينة و هناك فرصة لإيجاد حلولٍ لبعض المشاكل التي يعاني منها هذا البلد. [c1]- ما هو تقييمكم لجملة المشروعات التي نفذتها المنظمة الدولية في اليمن؟[/c]- أعتقد أن الكثير من الأعمال الإيجابية تم إنجازها. دون أدنى شك، إن التزامنا بأن نكون شركاء لدعم اليمن تُرجم إلى عددٍ من الإنجازات. لكن، مجدداً، لا من إنجاز الكثير مما تبقى. من الأهمية بمكان أن نؤكد أن هذه العلاقة هي علاقة شراكة، نحن نعمل معاً، مع الحكومة و مع المجتمع المدني لتحقيق أهدافٍ مشتركة. أهداف وضعها البلد بنفسه. لم نأت إلى هنا بأفكار معينة عن ماهية الاحتياجات، نحن نعمل معاً مع الشركاء، من أجل تعريفها. سأتناول بضعة أمثلة عن المساهماتٍ الإيجابية التي قامت بها منظومة الأمم المتحدة على مدى سنواتٍ عدة. أعتقد أن هناك تقدماً نحو تعزيز الديمقراطية اليمنية، و التي تم دعمها من قبل الأمم المتحدة، من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على وجه التعيين، على سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن ننظر إلى الانتخابات. أيضاً، كان هناك تطور ملحوظ في زيادة تعليم الفتاة و تسهيل وصولهن إلى المدارس، من خلال اليونيسيف و أيضاً بجهود برنامج الغذاء العالمي عبر تقديمه (غذاء مدارس). ازداد الاهتمام بصحة الأمومة، مع ضرورة التذكير بما تبقى من عملٍ في هذا المجال، بفضل برنامج الأمم المتحدة للسكان و منظمة الصحة العالمية، التي كانت بدورها فاعلةً بشكلٍ كبير في مكافحة أمراض الملاريا و السل. منظمة الأغذية و الزراعة كانت فاعلةً بشكلٍ كبير في تعزيز قطاعات الزراعة و الأسماك، هذا القطاع الذي يعتبر مصدراً هاماً في البلد. و أخيراً، دعوني أنوه بدور المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، و التي تعنى بشؤون اللاجئين القادمين إلى اليمن، و هذا لا ينظر إليه كتحدٍ تنمويٍ داخل البلد فحسب، لكن، في ذات الوقت، يمثل الحاجة للأخذ بعين الاعتبار حقوق اللاجئين الإنسانية و تأكيد أن ظروف حياتهم في اليمن هي خير ما أمكن. إن انفتاح الحكومة على استقبال اللاجئين، بخاصةٍ الصوماليين، يمثل جهداً و التزاماً كبيرين للبلد، يسعدنا دعمهما. من خلال كل تلك النشاطات، أعتقد بشدة أننا كنا قادرين على تقديم مساهماتٍ إيجابيةٍ على صعيد التنمية، و نحن نود أن نقدم أكثر من ذلك بكثير، لكننا مقيدون بتوفر الموارد، و أيضاً، إلى حدٍ ما، بإمكانية قدرتنا على تحقيق ما نرغبه من انتشار في البلد. لا يزال هناك أيضاً بعض القيود في مجال القدرات (الكوادر) و التي تقف عائقاً في وجه نشاطاتٍ أكثر تأثيراً، لكننا نعمل على معالجة هذا الأمر أيضاً. في نهاية الأمر، كل ما نقوم به من عمل يصبو إلى هدفٍ واحد وهو تمكين السلطة الوطنية أن تمتلك كل مقومات التنمية، بأن تضع أولوياتها، تبحثها بتمعن، و أن تقدم النتائج للشعب اليمني. [c1]- الأمم المتحدة تواصل جهودها في تنفيذ أهداف الألفية الإنمائية منذ الإعلان عنها في العام 2000م، يا ترى ما هي أوجه التقدم الذي أحرزته حتى الآن بهذا الخصوص على الصعيد العالمي بوجه عام، و اليمن بوجه خاص؟[/c]- قبل كل شيء علينا أن نلاحظ، بأسف، أننا نمر تقريباً بمنتصف المهلة المحددة، و لكننا متأخرون. و هناك تقرير صدر مؤخراً يؤكد أننا إذا أردنا أن نحقق هذه الأهداف على المستوى العالمي، فلا بد من عمل الكثير. ما حدث هو أن هناك فجوة بين الدول متوسطة الدخل و التي تقبع في صدارة عملية تحقيق تلك الأهداف، هذا إن لم تكن حققتها بالفعل، و بعض الدول منخفضة الدخل، و التي تعتبر العملية فيها أقل من المطلوب. لا يجب أن يحرفنا التقدم الحاصل في مجال مكافحة الفقر في الدول الكبيرة، ذات الكثافة السكانية العالية كالصين و الهند، عن رؤية أن بقاعاً أخرى من العالم، و خاصة الصحراء الكبرى في أفريقيا – و هي ليست المنطقة الوحيدة بالمناسبة – تسير في درب تحقيق تلك الأهداف بصورةٍ بطيئة. من الضرورة بمكان التركيز أكثر على وضع السياسات المناسبة، و على توفير الموارد الملائمة، و على الالتزام بالعمل بين الحكومات و المانحين لتحقيق تلك الأهداف. بالنسبة لليمن، نحن بشكلٍ أو بآخر بوضعٍ مشابه. هناك محدودية في الموارد مما يعيق إمكانية تحقيق تلك الأهداف بوضعنا الحالي. في حقيقة الأمر، ربما، فقط هدف التعليم الأساسي، في العالم، الذي يبدو ممكن التحقيق، غيره من الأهداف تمثل تحدياتٍ أكبر. لهذا، فإن الأمم المتحدة كانت و لا زالت تدعو مع المجتمع الدولي إلى انخراطٍ أكبر في اليمن، لأن اليمن وضعت السياسات و الخطط لتحقيق تقدمٍ نحو أهداف الألفية الإنمائية، لكن ينبغي علينا جميعاً أن نساعد.[c1]- ما هي أبرز المشروعات التي ينفذها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في اليمن؟ و هل هناك صعوبات تذكر؟[/c]- السيدة بانيسيري: دعني لا أنظر إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الأمم المتحدة ليست فقط برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أعتقد أن المشاريع التي نطبقها تنضوي تحت تصنيفاتٍ معينة أوسع :أولها: هو مجال الحكم: فمثلاً يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في قطاع العدل، و يعمل اليونيسيف في دعم حقوق الأطفال في التعليم و الصحة و غيره. هناك دعم برنامج الأمم المتحدة للسكان للحكومة من خلال إجراء إحصائيات و تحليلها ، كي تتمكن الحكومة من وضع سياسات أكثر دقة. أيضاً يدعم برنامج الغذاء العالمي في غذاء المدارس للفتيات. أما منظمة الصحة العالمية، فإن كل دعمها موجه لوزارة الصحة، و قد تم تحديد هذا الدعم لتسهيل احتياطات الخدمات الصحية العامة للجميع، و ينطبق هذا المثال على عمل منظمة الأغذية و الزراعة في مجال الزراعة. هناك منظماتٌُ أخرى تعمل في اليمن، دعونا ننظر مثلاً لمنظمة العمل العالمية، فهي تدعم حصول كل فرد على عملٍ مناسب و ملائم و تدعم أيضاً زيادة نسبة مشاركة النساء في قطاع العمل، و هناك برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز، والذي يتعامل مع تحدي مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، و الذي يعتبر تحدياً حقيقياً ينبغي على الجميع في اليمن الانتباه له، لأنه لا يشكل حالة طوارئًٍ بعد، و عليه، ينبغي علينا أن نعمل من الآن، حتى لا يتحول إلى حالة طوارئ. و برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز،مع الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز، و السل و الملاريا، يعملان بجهد لدعم هذا البلد. أما منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة فهي تعنى بمساعدة اليمن لحماية موروثه الثقافي الأروع و الأغنى، و كذلك، يدعم مكتب مكافحة الجريمة و المخدرات اليمن بفاعلية في وضع أطرٍ تنظيمية أساسية لمواجهة تلك المشاكل. هناك بعض التحديات المشتركة التي نواجها، و هي تتعلق بشكلٍ رئيسي بتوفير مواطنين يمنيين مؤهلين و على درجةٍ عاليةٍٍ من الكفاءة. نود أن يكون لدينا الكثير من اولئك على جدول الرواتب الخاص بنا، و في مشاريعنا، لكننا نجد في ذلك بعض الصعوبة، بسبب البيئة المحلية التي لا تشجع على ذلك بشكلٍ كافٍ، سواءً في الخدمة المدنية بسبب الرواتب، أو في القطاع الخاص بسبب بعض الصعوبات في البنية المؤسسية له. لذلك، فإننا نجد الكثير من اليمنيين المؤهلين الذين يعملون بجد و اجتهاد، يعملون في الخارج، و نحن نرغب بعودتهم، أن يكونوا هنا، و أن يعملوا معنا في تنمية هذا البلد، أعتقد أن هذا التحدي هو أكبر التحديات التي نواجهها. نقوم بمحاولات تدريب لبناء القدرات، لتعزيز قدرة نظرائنا على التوجه بمسؤولية أكبر نحو تخطيط و تطبيق البرامج. [c1]- ما هي أهم المشروعات المعتمد تنفيذها خلال الفترة المقبلة؟[/c]- لقد بدأنا مع مطلع هذا العام بدورة برامج جديدة. بشكلٍ عام، تعمل الأمم المتحدة على أربعة محاور رئيسية: أولها: في مجال الحكم: نعمل بتوفير بنية مؤسسية تسهل إنجاز عملنا في دعم قطاعات العدل، حقوق الإنسان، البرلمان، الانتخابات و غيرها. المحور الثاني هو احتياطات الخدمات العامة: و هي مجال عمل منظماتٍ كمنظمة الصحة العالمية و اليونيسيف و غيرها، لأننا نريد شعباً مثقفاً و معافى كي يساهم بفعالية في عملية التنمية. لكن، لا بد من توفير الخدمات، و يجب أن تكون تلك الخدمات مدفوعة الأجور. و بناءً عليه، لا بد من دعم النمو الاقتصادي، و هو مجال عمل منظمات كمنظمة الأغذية و الزراعة و منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية و منظمة العمل العالمية. إننا نريد أن ندعم بيئة ملائمة و داعية للاستثمارات الأجنبية، من أجل جذب الموارد. إننا بحاجة لتسهيل خلق مشاريع صغيرة لتمكين الناس من الحصول على أعمالٍ مدرةٍ للدخل بشكلٍ أكبر. و هذا أمرٌ أساسي. و ينبغي علينا جميعاً أن نتأكد من أن تكون عملية التنمية حاميةً البيئة و لا تؤثر على الموارد. أخيراً، المحور الرابع و هو (مساواة النوع الاجتماعي و تمكين المرأة). إن النساء لهن حق المساهمة في تنمية هذا البلد، كما أنه واجبٌ عليهم كذلك. ينبغي أن نجعل ذلك ممكناً من خلال وضع السياسات، و بناء القدرات، و العمل معاً، مع شركائنا، كي نتعامل مع الحواجز الثقافية الذي لا تزال ظاهرةًً في هذا البلد. و أصفها بالثقافية عمداً، لأنه لا توجد حواجز مرتبطة بالدين، الإسلام عبر التاريخ، كان و لا يزال ديناً مشجعاً و منفتحاً بشكلٍ كبير، لكن لا تزال هناك عوائق ثقافية تمنع مشاركة المرأة بشكلٍ كامل في المجتمع. إن عملنا مع شركائنا في هذا المضمار، ينبغي، طبعاً أن يكون بطريقةٍ تحترم الواجبات الدينية، و لكن بنفس الوقت تجعل النساء قوة تطوير.[c1]- كيف تنظرون لدور الأمم المتحدة في دعم برامج و أنشطة المرأة اليمنية؟[/c]- كما قلت، هناك التمكين الاقتصادي، الحصول على الوظائف، و الحصول مؤهلات تلك الوظائف. هناك أيضاً التمكين السياسي و الذي يشجع مشاركة المرأة في الانتخابات و دعم ترشيحها و نحن نتابع باهتمامٍ كبير الاقتراح المقدم من فخامة رئيس الجمهورية المعني إعطاء حصة للمرأة، هذه خطوة إيجابية، شملت ستة دولٍ في هذه المنطقة و نحن نأمل أن تتحقق. و كما قلت، من المهم التعامل مع بعض الأفكار المغلوطة السائدة. أحياناً، نجد أن هناك فكرةً ما تقضي بأنه من غير الملائم انخراط المرأة في العمل، نجد تلك الفكرة تقف حائلاً أمامهن من أن يلعبن أدوارهن. فمن الأهمية بمكان العمل على تغيير تلك الأفكار. [c1]- هل هناك توجه لتعزيز دور البرنامج الإنمائي في دعم قضية تعليم الفتاة في اليمن؟ و ما هي الصعوبة التي تعترض هذا الموضوع؟[/c]- إن منظمة الأمم المتحدة للطفولة هي التي تلقي بثقلها على هذا الصعيد أكثر من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نحن منظمات أممٍ متحدة مختلفة، بصلاحياتٍ مختلفة، و بخبرات عملٍ مختلفة في عددٍ من المجالاتٍ. نحن ندرك أن هذا الصعيد مدعومٌ باتفاقية حقوق الطفل، و اليونيسيف هي التي تتصدر العمل في هذا المضمار. و يعمل اليونيسيف بفاعلية كبيرة لدعم حقوق الفتيات في التعليم، كما يقدم برنامج الغذاء العالمي الدعم كذلك في عملية غذاء المدارس، بحيث يقدمون الطعام للعائلات التي تلتزم بإرسال للفتيات للدراسة، بما يضمن إرسال الفتيات إلى المدارس، كما أنه يضمن مصلحة العائلة ككل. نحن سعداء جداً بأن نرى المنظمات الشقيقة لنا منخرطةً في مجالٍ هامٍ كهذا. بالنسبة للصعوبات، هي ذاتها: توفير القدرات و الأفكار المغلوطة السائدة. [c1]- هل يمكننا معرفة دور المنظمة الدولية في دعم المسيرة الديمقراطية في اليمن؟[/c]- الجهة الأكثر فاعلية في هذا المجال هي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد دعم البرنامج الانتخابات، و عمل على دعم حقوق الإنسان، ثم دعم مجلس الشورى، خاصةً مع الاعتقاد الدارج بأنه سيتحول إلى مجلسٍ أعلى منتخب. نعتقد في الأمم المتحدة أن قطاع العدل بما في ذلك العملية التي تبدأ من التحقيق مروراً بالادعاء و انتهاءً بالأحكام، تحتاج شفافيةً أكثر و سهولة وصولٍ أكبر للجميع. إنه مجالٌ كبيرٌ للعمل.أخيراً، أعتقد أنه من المهم أن نعلم أن الأمم المتحدة لا تأتي بحلولٍ جاهزة و مسبقة التخطيط، نحن نريد أن ندعم و نريد أن نكون جنباً إلى جنب مع العملية المنبثقة عن الدولة نفسها. نعتقد أنه بمجرد أن تتحول مرجعيتها الكاملة لتلك الدولة، هناك فرصةٌ كبيرةٌ للنجاح.[c1]- هناك توجه دولي لمكافحة الفساد في مختلف دول العالم، هل يمكننا معرفة ما أحرزته المنظمة الدولية في هذا المجال؟[/c]- أولاً، أعتقد أنه من المهم إدراك أهمية إيجاد معيار لإطار العمل. لقد بادر مكتب مكافحة المخدرات و الجريمة بوضع عددٍ من القوانين تعنى بمكافحة الفساد و مكافحة الجرائم العابرة للحدود و طرق التعامل مع غسيل الأموال و غير ذلك. تم تصميم تلك القوانين لمساعدة الدول على مستوى الأفراد و على مستوى العلاقات الثنائية للتعاطي مع تلك القضايا. إنها واحدةٌ من المجالات التي يعتبر دور الأمم المتحدة فيها مهم، لأننا نمثل إجماع المجتمع الدولي. في اليمن، هناك خطواتٍ جيدة تم تحقيقها، مع تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد، و أيضاً قبول اليمن (بمبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية). الكثير من المانحين جاهزين لتقديم الدعم. فبينما تتابع الأمم المتحدة و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي باهتمامٍ كبير التطورات في هذا المجال، نحن سعداء برؤية شركاءٍ آخرون ينخرطون بالعمل. لسنا نحن الوحيدين الذين نعمل في اليمن، و نحن سعداء جداً بأن البنك الدولي و الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية و إدارة التنمية الدولية البريطانية و غيرهم من المانحين، يعملون بكثيرٍ من الاهتمام في هذا المجال، و يقدمون الدعم.[c1]- ماذا عن المبادرة الدولية لاستعادة أموال الدول النامية المنهوبة؟ إلى أي مدى يمكن أن تسهم هذه العملية في مجريات العملية التنموية في تلك الدول؟[/c]- لا تزال هذه المبادرة جديدة، و ليس لدينا دروسٌ كافية منها كي نستطيع أن نقفز إلى نتائج ما حققته من نجاح، أو حتى إمكانية نجاحها. برغم ذلك، فإن لها أوجهاً هامة: أولاً، الاعتراف بأن سرقة موارد الدولة أمرٌ لا يمكن التغاضي عنه. غير ذلك، أن نعلم حقيقة أنه من أجل اتخاذ إجراءٍ ما، الأمر يتطلب شراكةً بين الدول النامية نفسها التي يحصل فيها ذلك، و كذلك من الدول الصناعية التي صارت تلك الأموال فيها؛ إما مودعةً لديها أو مستثمرةً هناك. إذا كانت تلك الأموال، و التي كانت مخصصةً لتطوير تلك الدولة، قابلةً للاستعادة، فمن الواضح أنها ستلعب دوراً هاماً في دعم التنمية. و لذلك، بدون شك، إن الأمل يحدونا بأن تلك المبادرة، بغض النظر عن بعض العقبات الحقيقية التي لا بد لها من تجاوزها، من الممكن أن تتطور و تصبح أكثر فاعلية.[c1]- في الوقت الذي يتزايد فيه دور الأمم المتحدة في حفظ السلام، نرى العديد من الدول غير مستقرة سياسياً و اقتصادياً، يا ترى، هل هناك إستراتيجية دولية لحل هذه المشكلة؟[/c]- أنت على حق، لقد ازدادت عمليات حفظ السلام بشكلٍ واضح في السنوات السابقة، و هذا يعتبر في الواقع مصدر قلق لأنه يدل على زيادة الصراعات و التوترات في العالم، بينما، في ذات الوقت، يعتبر مصدر تشجيع، لأنه يدل على اهتمام المجتمع الدولي لدعم الدول التي تعاني من قلاقل كي تجد حلولاً سلمية للتحديات التي تواجهها. من الصعب وضع إستراتيجية شاملة للجميع، لأن كل دولةٍ تعاني من أزمةٍ، هي في واقع الأمر تعاني من حالةٍ خاصةٍ بذاتها. ينبغي أن تكون الحلول بأن تعالج أسباب الأزمات على المستوى المحلي، لا يمكن أن يكون هناك حلولٌ من الخارج. لا يمكن أن يكون هناك حلولٌ مفروضةٌ من شركاء خارجيين. إن أي حلٍ ملائم و متين لا بد أن يشترك فيه أطراف الصراع، يجب أن يجد طرقاً للتعاطي مع أسباب الصراع، و يجب أن يبني مستوى ما من الثقة المتبادلة التي ينبثق عنها حوارٌ أولاً، من ثم التعايش، ثم تدريجياً العمل معاً، إن أمكن ذلك. على هذا الصعيد، أعتقد أن وجود عمليات حفظ السلام، أو عمليات بناء السلام من الممكن أن تلعب دوراً مهماً جداً، لكن المساعدة لا تقف عند هذا الحد. حالياً، بالنظر إلى التركيبة الحالية في العالم، نجد أننا نتحول إلى موقع التحدي عندما ننتقل من موقع حاجةٍ إنسانيةٍ ملحة، إلى موقع مشاركةٍ طويلة الأمد في عملية تنموية. غالباً يصبح التمويل مطلوباً، عندما يحتاج ذلك البلد إلى دعمٍ ثابت لتقوية حالة الاستقرار و السلام. و عليه، نحن نحتاج إلى، أن ننظر إلى العملية ككل، من منع الصراعات إلى التجاوب مع الحالات الإنسانية إلى بناء السلام، و بعد ذلك إلى دعم عملية تنموية ملائمة كسلسلة متصلة واحدة، كي نتأكد أننا لن ننزلق إلى الصراع، بعد أن نكون قد اعتقدنا سلفاً أننا وجدنا له الحل![c1]- كيف تنظرون لوضع حقوق الإنسان في العالم في ظل ما يتردد عن وجود سجون سرية في بعض الدول؟[/c]- إن حقوق الإنسان تعتبر مطلباً رئيسياً للسلام. و العالم بأسره ينظر إليهم كحقوقٍ حقيقية و عالمية، كما أنه يلتزم بهم. لسوء الحظ، و الطالع، في حالاتٍ كثيرة، لا يحدث ذلك. إن أحد مصادر تزايد التوترات في العالم هو انتهاك الحقوق. أعتقد بشدة أن أحد أهم الأدوار التي يمكن للأمم المتحدة لعبها هو أن تستمر بإلقاء الضوء على واقع أن حقوق الإنسان هي حقوقٌ عالمية، غير قابلة للمساومة، و أنها يجب أن تحترم في كل البلدان و في أي سياقٍ كانت، بغض النظر عن الجنس و العرق و الدين و غيرهم. نجد أن هناك تحدياتٍ في الوقت الراهن في حالة اليأس غالباً، و التي تقود البشر إلى أعمالٍ تنتهك حقوق إخوتهم و أخواتهم. إن رسالة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا تزال سارية المفعول بأي حالٍ من الأحوال، و أعتقد أنه مطلوبٌ منا جميعاً أن ننظر إليها و نتبعها. [c1]- هل تعتقد الأمم المتحدة بأن للفقر علاقة بالإرهاب، و كيف يمكن معالجة هذه القضية الحيوية الهامة؟[/c]- إن الإرهاب غالباً يكون نتيجةً لليأس، هو نتيجة الشعور – بغض النظر إن كان هذا الشعور صحيحاً أم خاطئاً – أنه لا توجد هناك خيارات، و لا يوجد أمل. هناك عناصر كثيرة تساعد على هذا، غياب دولة معترف بها، انتهاك الحقوق السياسية و الاقتصادية، و غياب الفرص. و غالباً، من المؤسف في أيامنا هذه، يكون السبب، غياب الرغبة في الحوار. أعتقد أنه ينبغي علينا أن نتحاور مع بعضنا و نقبل واقع أنه من حقنا أن يكون لنا معتقداتٌ مختلفة، لكن لا يحق لأحد أن يفرض معتقده على الآخر. و غالباً، يؤدي غياب الحوار إلى مواقف متطرفة تتخذ أشكالاً عنيفة تشجبها الأمم المتحدة، لأنها لا يمكن التغاضي عنها. ينبغي معالجتها، ليس فقط بالقوة، بل أيضاً بإيجاد طريقةٍ لإقناع ألئك الذي يؤمنون بالإرهاب كحلٍ وحيد، كيف أن الإيمان بالحياة أفضل من الإيمان بالموت.[c1]- العالم يواجه صعوبات و تحديات كبيرة في المجال البيئي .... يا ترى إلى أين نحن سائرون في الحفاظ على البيئة؟[/c][c1]- أنا قلقةٌ أيضاً، إلى أين نحن سائرون؟![/c]نرى التغير المناخي، نعلم أنه يسبب صعوباتٍ كبيرة للجميع، و خاصةً للدول الفقيرة التي لا توجد لديها وسائل كافية لمعالجته و التعاطي معه. لكن أعتقد أن هناك جانباً إيجابياً، وهو أننا أخيراً اعترفنا به كمشكلة، و بدأنا الحديث عنه، هذا أمرٌ جيدٌ جداً. الآن، ينبغي علينا أن ننتقل من مرحلة الاعتراف به كمشكلة، إلى مرحلة التعامل معه، الأمر الذي ثبت لنا أنه صعب إلى حدٍ ما. لكن وسائل التعامل معه متوفرة، و هناك زيادة في الالتزام السياسي، و أيضاً، حقيقة أن موضوع حماية البيئة بدأ يطفو على الكثير من المنابر السياسية كقضية هامة للنقاش. أنا متفائلة بتحقيق تقدم في هذا المضمار. أود أن أنوه بحادثٍ وقع مؤخراً يتصل باليمن مباشرة، و هو الموافقة على "آلية البيئة النظيفة" (Clean Development Mechanism)، و هي آلية تم تصميمها و تطويرها لمساعدة الدول كي تتعامل مع تغيير المناخ، كما أنها تقدم معايير لإنقاص الغازات السامة المنبعثة. و بالتزامن مع عملية الدعم، تقدم الآلية أيضاً التمويل اللازم. اليمن هي الدولة العربية الأولى في المنطقة التي قامت بوضع ترتيبات قانونية لجعلها قادرة على استحضار التمويل بما سيسمح بإجراء مشاريع لإنقاص الغازات السامة المنبعثة، و انبعاث الكربون. و أعتقد أنهذا مثالٌ جيدٌ في المنطقة العربية ككل. هناك، غالباً، تطورات إيجابية جداً في اليمن لا تحظى بالإشادة التي تستحقها، و هذه فرصة مناسبة لي كي أعبر عن سعادتنا بأن أشياءً كتلك تحدث في اليمن، و كي أعبر أيضاً عن مدى فخر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعمله مع وزارة المياه و البيئة، لتحقيق ذلك.[c1]- هل أنتم راضون عما أنجزته الأمم المتحدة في اليمن حتى الآن، و ما هي الاحتياجات و الوجهات المقبلة؟[/c]- كما ترى، الأمم المتحدة طموحةٌ جداً. إن سعادتنا ليست كاملة بما نقوم به، لأننا نريد القيام بأكثر من ذلك، أعتقد أن سعادتنا ستكون كاملة إذا تمكنت اليمن من تحقيق أهداف الألفية الإنمائية، و أصبحت دولة ذات دخل متوسط، و تمكنت من القضاء على الفقر و على جميع التحديات التي تواجه شعبها.بما أننا قلنا ذلك، نستطيع أن ننظر إلى الوراء بنظرة راضية إلى حدٍ ما، و بنظرةٍ نادمة أيضاً إلى حدٍ ما على بعض الفرص الضائعة. غالباً ما أتبادل أطراف الحديث مع الأشخاص الذي قضوا في اليمن فترةً أطول من الفترة التي قضيتها، كي أكوّن فكرة عن الوضع، كيف كان في السابق و مدى التطور الحاصل. و منذ الاستقلال، و إعادة تحقيق الوحدة، هناك الكثير من الإنجازات، ليس بسبب أن الأمم المتحدة تعمل في البلد ككل، لكننا نعتقد بشدة أننا تمكنا من المساهمة في ذلك، بمواردنا المحدودة، نحن نريد أن نستمر و نحقق أشياء أكثر في المستقبل، لأننا نرى في الوقت الحالي أن اليمن يواجه تحديات مقلقة، النمور السكاني، موارد النفط المتناقصة و نقص الموارد البديلة لها، كونها ليست متوفرة عند الحاجة. ازدياد عدد السكان المطلوب إطعامهم و إيجاد الأعمال لهم، كما أنهم يجب أن يكونوا بصحة جيدة. هذه تحديات كبيرة، و بينما نكرر تعهدنا بعملية التنمية في اليمن، نعتقد أنه من المهم أن يشترك الكثير من الأطراف، و ليست فقط منظمات الأمم المتحدة، في ذلك. - هل هناك كلمة أخيرة تريدين قولها، بمناسبة العيد السادس و الستين للأمم المتحدة.- الكثير من الأشياء تحصل خلال 62 عاماً. في بعض الدول، يحال الناس إلى التقاعد في سن 62 (تضحك). أعتقد أن الأمم المتحدة ليست جاهزة لإحالتها إلى التقاعد (بنبرة جدية). أعتقد أن العالم لا يزال بحاجة للأمم المتحدة. و عليه، فإن الشيء الوحيد الذي أستطيع تمنيه للأمم المتحدة في عيدها ال 62، أن يكون لديها أعوامٌ 62 أكثر و أكثر و أكثر، و تستمر بالتزامهاً بالمبادئ التي تعبر عن: الانخراط و العمل مع شركائها و أن تحاول أن تعمل بنجاح في تحقيق أهدافها التي وضعناها لها جميعاً.