د. زينب حزاملست أدري لماذا ارتبطت الحلي الشعبية في ذهني بالعادات والتقاليد اليمنية، كلما رأيتها في المتاحف الوطنية المتعلقة بالعادات والتقاليد اليمنية، وكلما تمعنت بصناعة هذه الحلي وزخرفة الفنان اليمني وجودة صناعتها البسيطة، يبقى السؤال الذي راودني يقول : هل جودة هذه الصناعة البسيطة للحلي اليمنية قدرت على منافسة الحلي المستوردة والصناعة الحديثة لها؟. إن إعادة التفكير جعلت السؤال يتكرر بالفعل بتاريخ الإنسان اليمني من عهد ( الملكة بلقيس ) حيث اهتم اليمنيون بصناعة الحلي من الذهب والفضة واللؤلؤ والخرز وتطورت صناعة الحلي في اليمن، حتى أنهم كانوا يصدرونها إلى الخارج ومازالت المتاحف اليمنية تحتفظ بهذه الحلي من مختلف الحضارات التي شهدتها اليمن.لقد كانت صناعة الحلي الشعبية اليمنية إحدى ابتكارات الفنان المبدع في اليمن، وكان يمكن أن تختفي هذه الصناعة لولا اهتمام الدولة اليمنية بالحفاظ على الموروث الشعبي في المتاحف وتوثيقه وتطويره. لأننا نحن اليمنيين أكثر شعوب الأرض حفظاً لموروثها الشعبي، حتى بعد التطور الهائل الذي أحدثته الثورة الصناعية والتكنولوجية وتطوير وسائل الإعلام والاتصال والمواصلات؟!.وقد ظلت الحلي الشعبية تلعب دورها في التقدم الاجتماعي والثقافي، وأصبحت أداة ثقافية واجتماعية لا تفقد أهميتها أو دورها لمجرد أداة – أو أدوات أخرى ظهرت – وما دام المجتمع بحاجة إليها وهي تلعب دوراً في المظاهر الاجتماعية والعادات والتقاليد التي تميز المجتمع اليمني عن غيره من المجتمعات.[c1]لماذا بدأت الحلي الشعبية بالاختفاء[/c]إن الدور الاجتماعي الذي تلعبه الحلي الشعبية لا يزال مطلوباً باعتباره أداة اجتماعية مهمة في العادات والتقاليد اليمني التي ما زالت محفوظة في الريف اليمني، وهي أداة فاعلة في المحافظة على التراث الشعبي اليمني وهي نتاج ثقافي واجتماعي يرتبط ارتباطاً عضوياً في الجماعة الإنسانية نفسها ولا تزال تحتفظ بقيمتها التاريخية، وفنها وبأشكالها الموروثة، لأنها إنتاج شعبي يعبر عن الصورة المتعددة التي يحتفل بها في التقاليد الاجتماعية مثل حفلات الزواج والميلاد وزينة المرأة اليمنية إضافة إلى قيمتها الاقتصادية المالية.إن صناعة الحلي في اليمن حازت على العديد من الجوائز الإبداعية نظراً لجودة صناعتها، وهي من الحرف اليدوية في اليمن وتحتوي على عدد من النقوش والزخارف. وهي من الصناعات التقليدية، وتزين بأشكال مختلفة، وأشتغل بها أهل اليمن منذ القدم بالتجارة بها إلى الهند وشرق أفريقيا، ثم أصبحت من الصناعة اليدوية التي يتوارثها الأجيال، وهي من الحرف التقليدية التي يحترفها الرجال والنساء معاً، ومعظم النقوش في هذه الحلي مستوحاة من الطبيعة اليمنية ومن النباتات والحيوانات.وفي الوقت الحاضر، نرى الحلي بشكلها الجديد المتطور الذي بدأ ينافس الصناعات العالمية، وأصبحت صناعتها تتطلب التدريب والمهارة والممارسة الدائمة.وصناعة الحلي للزينة تتطلب رعاية من قبل الدولة اليمنية لأنها ضمن التراث الشعبي.لقد اعتمدت النساء في اليمن على صناعة الحلي، لأنها من الحرف اليدوية الموروثة وعملت الدولة على منح القروض المالية لهن من أجل توفير العمل للمرأة وتطوير هذه الحرفة اليدوية، وتدريبهن على مهارات جديدة تتفق واحتياجات المجتمع المعاصر. هذا أولاً.ثانياً : ازدياد الوعي لدى أفراد المجتمع اليمني بأهمية التراث والمحافظة عليه كثروة قومية.ثالثاً : ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق الدولية، أثر على الحالة المعيشية في المجتمع اليمني، بمختلف طوائفه، وأبرزت تكاتف الناس وتعاونهم في جمعيات عملية إنتاجية من أجل تأمين احتياجاتهم المعيشية اليومية.وهذا أدى إلى نشاط الحرف اليدوية مثل صناعة الحلي والمنسوجات والتطريز والزخرفة وصناعة التحف والتماثيل والتصوير وغيرها من الحرف البسيطة. وهذه الحرف أدت إلى استمرار الفنان اليمني المبدع في العطاء والإبداع.ولا يحتاج إلى التشجيع ورعاية أعماله والاهتمام بإنتاجه وتطوير استعمالات بعض الحرف، إن التأمل الواعي لزخرفة الحلي كنوع من التعبير الفني عن المشاعر الإنسانية وعن ولاء الإنسان وارتباطه بالأرض والتاريخ وعن التزامه بالوطن والتراث والتقاليد والقيم عبر فهم جديد لكل هذا. وصناعة الحلي وزخرفتها واهتمام الفنان اليمني بها منذ القدم - تقودنا إلى إدراك ومعرفة ما لا يمكن معرفته بالبساطة من خلال النقوش البسيطة التي تزين الحلي مثل ( السلوس - والحلق والخواتم، والغوايش ).إن النقوش التي تزين هذه الحلي تعطينا ببساطة التجربة الروحية للفنان اليمني وتعبر عن الانفعالية المختزلة لكل جماليات التجارب العفوية الصادرة عن ذات مرهفة مؤخذة تجاه الصوت الإنساني الخالد.ولكن ونحن ننظر إلى مستقبل صناعة الحلي وزخرفتها، نحتاج أن تضاعف قيمتها المالية والتاريخية معاً، وليس في مجال الاستثمار المحلي فقط، بل نريد منتجاتنا من الحلي المزخرفة بأجمل النقوش أن تصل إلى جميع أنحاء العالم، خاصة أن الثورة المعرفية وتطور التكنولوجيا في مجال الاتصال أداة تحريك الاقتصاد حتى بات الكمبيوتر أهم من مصنع الحديد الصلب.. وأًصبحت هذه الثورة التكنولوجيا أهم أداة اتصال وتتحكم بالعالم..ولتجارة وصناعة وزخرفة الحلي نصيب من هذا التقدم التكنولوجي ويساهم في تطوير صناعته وزخرفته، وهذه علامة من علامات التطور والرقي الإنساني لتطوير الاقتصاد الوطني.إن توفير البيئة المناسبة لصناعة وزخرفة الحلي وتطوير النقوش عليها، ودعم الفنان اليمني في تطوير صناعة الحلي وإجادة زخرفتها، ويشارك في عرضها في المعارض الدولية حتى ترتفع القيمة الاقتصادية لهذه الصناعة التي تنال إعجاب زوار اليمن من الأجانب مما يساهم في توفير بيئة جيدة للاستثمار الأجنبي وتوفير الجو الآمن له.. إذا أرادنا أن يكون المستقبل للصناعة المحلية. وحتى لا تكون زورقاً في مهب رياح عالمية تتحكم في صناعتنا لموروثنا الشعبي.[c1]هل نحتاج إلى التأهيل ؟ [/c]مازالت صناعة وزخرفة الحلي حرفة وتوارثها الأجيال، رغم التطور الصناعي للحرف الأخرى، غير أن الأزمة الحقيقية، وبكل ما تفقده هو أننا فقدنا هويتنا الحضارية، بإدخال بعض النقوش الغريبة في صناعة الحلي الشعبية، مثل النقوش الهندية والصينية.أننا في الوقت الحاضر نمتلك شركات صغيرة محلية للصناعة وزخرفة الحلي الشعبية منتشرة في معظم محافظات الجمهورية، والفنانين في زخرفة هذه الحلي في أمس الحاجة إلى التأهيل الفني في مجال الزخرفة والنقوش حتى نفتح أمامنا أبواب التطور في هذا المجال الإبداعي والاقتصادي، ونستفيد من الخبرات الأجنبية في مجال صناعة الحلي وأخيراً كانت صناعة الحلي الشعبية وزخرفتها ونقوشها تعتمد على خبرة الفنان وتصنع بطرق قديمة، أما اليوم تغلب الخبراء في هذه الصناعة على الصعوبات الفنية في صناعة الحلي، وتوصلوا إلى حل لها، بإدخال بعض الأجهزة الحديثة التي تزيد من لمسات الجمال والأناقة ويتزين بها النساء الغنيات والفقيرات معاً.. ولا ننسى براعة الفنان اليمني في زخرفة ونقش هذه الحلي الشعبية حتى يرتديها جميع طبقات المجتمع وهي تحمل الطابع الروحي اليمني الشعبي.
أخبار متعلقة