غضون
* توجد على وجه الأرض أكثر من (192) دولة عضوة في الأمم المتحدة.. أي المعترف بها دوليا كدول مستقلة وذات سيادة.. الدول ذات النظام الجمهوري (150) دولة والملكية (31) والأميرية والسلطانية والإمبراطورية والبابوية والجماهيرية والاتحادية نحو (12) دولة.. وفي هذه الدول هناك من يملك ولا يحكم وهناك من يترأس الحكم حتى يموت ويعقبه خلفه، وهناك من يحكم لمرة واحدة ومن يحكم أو يترأس لفترتين فقط، وفي بعض الأنظمة تحدد فترة الرئاسة بأربع سنوات وأخرى خمس وأخرى ست وأخرى سبع، ويبقى الباب مفتوحاً للترشح مرة ومرتين وثلاثاً وأربعاً للرئيس المنتهية ولايته ولأي مرشح غيره.عندنا في المنطقة العربية نماذج لذلك كله.. ملكي جمهوري أميري سلطاني.. ومبعث القلق هو الجمهوري.. فالسلطة والمعارضة مشغولتان بتحديد مدة الرئاسة، هل أربع أم خمس أم ست أم سبع؟، وهل تحدد الدورات بواحدة أم اثنتين أم يبقى الباب مفتوحاً للجميع؟.* إذا حددت مدة الرئاسة قال الإسلاميون: هذا مخالف للشرع لأن كل واحد من الخلفاء الراشدين ظل يحكم إلى أن فارق الحياة، أي لا يوجد في الشرع الإسلامي شيء اسمه (تحديد) مدة لحكم الحاكم، أما إذا حددت مدة معينة للرئيس وبعدها تتيح الفرصة له ولغيره للترشح للرئاسة قال غير الإسلاميين: هذا توريث.. تصفير للعداد.. استبداد.. تكريس للحكم الفردي! كما يحدث اليوم عندنا في اليمن.. مع التذكير ان فكرة حصر ولاية الرئيس في فترتين بدرت من الرئيس علي عبدالله صالح ولم تحصر الرئاسة أو الترشح في شخصه بدليل أن المعارضة كان لها مرشحها في الانتخابات الماضية.. الآن مع وجود توجه نحو إلغاء فترة (الولايتين) كما يقال عادت المعارضة إلى الخطاب ذاته رغم أن هذا التوجه يخدمها، وهو بنظري ليس توجها جيدا حتى لو كانت هناك سوابق كثيرة تدعمه في العالم العربي وغير العربي.* أود الوصول من هذا كله إلى استخلاص قصير.. وهو أن الشواهد في العالم من حولنا تظهر أنه ليس المهم تحديد مدة الحكم ولا فتراته بالنسبة للرئيس المنتخب، خاصة في ظل وجود ضمانات دستورية تساوي بين الحاكم ومنافسه على الحكم في الفرص ، بل المهم هو الطريقة أو المنهج.. أي الممارسة الديمقراطية والقبول بنتائجها.كذلك الأمر في اختلاف أنظمة الحكم.. ليس المهم بالنسبة للشعوب أو المواطنين أن يكون ملكياً أو جمهورياً أو إمبراطورياً.. المهم بالنسبة لهم تلبية الاحتياجات.. فالنظام في اليابان إمبراطوري وهو قائم على ارث أسطوري يتقاطع مع العلم لكنه صنع من اليابان دولة وأمة تتمتع بالرفاهية.. نظام مماثل في مكان آخر ليس له هذا الفعل.. نظام جمهوري انزل شعباً إلى الحضيض وآخر رفعه إلى أعلى المستويات.. أنظمة ملكية دمرت أوطانها واستعبدت شعوبها وأخرى فعلت العكس من ذلك تماماً.