حلبة القراء
المهمشون أو من يطلق عليهم بالفئات الأشد فقراً، لهم تسمية أخرى شائعة تطلق عليهم لن نذكرها هنا حتى لا نكون ممن يعززون الممارسات الاجتماعية والعنصرية الظالمة تجاه تلك الفئة .والتهميش هو النبذ والتجاهل وانتقاص بعض الفئات واعتبارها فئات أقل شأناً، ما يولد عدم قدرة تلك الفئات على الاندماج في المجتمع والتكيف بسهولة مع الآخرين ويشيع في محيطهم جواً من الإحباط ناجماً عن حالة المعاناة والحرمان والفقر والبطالة والحياة في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة مقارنة بشرائح المجتمع الأخرى.المهمشون يقال إنهم من بقايا الاحتلال الحبشي لليمن في فترة ما قبل الإسلام، ولم تنته علاقتهم باليمن مع ظهور الإسلام، فقد ظلوا يعيشون في المجتمع اليمني وتفاعلوا مع الإسلام، وفي التاريخ اليمني الوسيط (الإسلامي) تمكنوا من إقامة دولتهم على أنقاض الدولة الزيادية في مدينة زبيد وسميت بالدولة النجاحية فأصبحوا ملوكاً وأسياداً، وعاشوا قروناً طويلة في اليمن وباتوا جزءاً من هذه الأرض.حالياً تجدهم في كل منطقة من مناطق اليمن المختلفة في تجمعات سكانية منعزلة، يتفشى في أوساطهم الفقر والأمية والبطالة، ويقطنون في منازل من الصفيح والأخشاب، أبناؤهم يتسربون من التعليم ومهملون اجتماعياً، وتحت ضغط الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة يضطرون إلى ممارسة مهن تزيد من ازدراء المجتمع لهم، علماً أن النبذ الاجتماعي والطبقي هو المسؤول غالباً عن تبلور السلوكيات السيئة، حتى من يستغلون كعمال في النظافة والصرف الصحي يحصلون على رواتب لا تتناسب مع المخاطر التي تواجههم، حيث يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض جراء الإهمال والتقصير والاستهتار بحياتهم نتيجة عدم حرصهم على اتباع طرق الوقاية أثناء عملهم في النظافة والصرف الصحي.أبناء الفئة المهمشة في اليمن يظلون طي النسيان ولا يحين تذكرهم إلا في وقت الحاجة إلى أصواتهم في الانتخابات، حتى إن بعض المنظمات الحقوقية تتاجر بمعاناتهم وتصبح قضاياهم سبيلاً للرزق وكسب المعونات الدولية، فلا أحد من أولئك يضع حلولاً جذرية للتقليص من حجم معاناتهم المتمثلة في الثقافة المجتمعية القاسية التي ترفض تقبلهم.ربما القلة القليلة من أبناء الفئات المهمشة من الطموحين تمكنوا من اجتياز واقعهم المحبط والبائس وأصبحوا أكثر قدرة من أقرانهم على إيصال أصواتهم ومطالبهم وتمثيل أبناء طبقتهم ومساعدتهم على تخطي الواقع الصعب بحسب الإمكانات المتاحة لهم.والتمييز القائم على أساس اللون والجنس والعرق هو مشكلة إنسانية عامة ومن الموضوعات التي شغلت الكثيرين ويقع ضحيتها عدد من الناس، وعلى الرغم من أن الدين لا يقرها ونصوص الدستور لا تعترف بها، يبقى التخلص من الموروث الاجتماعي هو الجزء الأصعب لحل هذه المشكلة.