في تقرير التنمية البشرية 2007م -2008م
صنعاء / عبد الواحد الضراب :يمثل تغيير المناخ تهديداً للبشرية بأسرها وسيتحمل الفقراء الثمن البشري الأفدح والأكثر إلحاحاً على الرغم من أنهم غير مسئولين عن الدين الأيكولوجي المتراكم ، ويتجه العالم اليوم نحو نقطة فاصلة يمكن أن تلقي بالدول الأكثر فقراً في العالم ومواطنيها الأكثر فقراً في هاوية سحيقة ، سيعاني فيها مئات الملايين من البشر من سوء التغذية وندرة المياه والتهديدات الإيكو لوجية والخسائر الهائلة في الارواح ، ويشكل تغير المناخ تهديدات خطيرة تواجهها البشرية وتتمثل في انهيار النظم الزراعية ، نتيجة لزيادة التعرض للجفاف وارتفاع درجة الحرارة وسيتعرض نحو (600) مليون شخص لخطر سوء التغذية ، كما ستواجه مناطق جنوب الصحراء الكبرىوالمناطق شبه القاحلة خطر هلاك الإنتاج الزراعي فيها بنسبة (26%) بحلول عام 2060م ، كما سيواجه (1.8 بليون شخص آخرون ندرة مصادر المياه ، مع نشوء المخاطر الصحية وتعرض ما يقرب من (400) مليون شخص لخطر الإصابة بالملاريا . ويقول تقرير التنمية البشرية 2007 -2008م الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن أكثر من بليون من سكان العالم يعيشون على أقل من دولار واحد يومياً ، كما يعاني حوالي (28%) من أطفال البلدان الأقل نمواً في العالم من نقص الوزن والتقزم ، ويمكن لـ 32 دولة من (147) تحقيق هدف الألفية للتنمية الخاص بوفيات الأطفال ،وهناك أكثر من (80%) من سكان العالم يعيشون في بلدان تزداد فيها فجوة الدخل بين الفقراء والأغنياء.إن تغير المناخ هو قضية التنمية البشرية التي تقف نصب أعين أجيالنا القادمة ، وسيؤثر سلباً على الجهود الدولية لمكافحة الفقر، ونحن نشهد اليوم وبشكل مباشر ما يمكن أن يكون بداية انتكاسة كبيرة في التنمية البشرية في حياتنا حيث يضطر الملايين من أفقر البشر في العالم في الدول النامية إلى التكيف مع آثار تغير المناخ ، لكن التعرض المتزايد للجفاف والعواصف الشديدة والفيضانات والتوتر البيئي يعيق جهود فقراء العالم لبناء حياة أفضل لأنفسهم ولأطفالهم.ويعتبر الاحترار العالمي دليلاً مع أننا نحمل جو الأرض فوق طاقته على التحمل وتتراكم مخزونات الغازات الدفيئة التي تحبس الحرارة في جو الأرض بمعدل لم يسبق له مثيل ، ومن الممكن أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في العالم خلال القرن الحادي والعشرين بأكثر من 5 درجات مئوية ،إن الإحترار العالمي يحدث بالفعل وقد زادت درجات الحرارة العالمية بحوالي (0.7) درجة مئوية منذ بداية الحقبة الصناعية ومعدل الزيادة في تسارع.ويشير التقرير إلى أنه في حالة زيادة درجة حرارة الأرض بمقدار (3 - 4) درجات مئوية سيضاف ما بين (134) و(332) نسمة إلى عدد السكان المتضررين من فيضان البحر على المناطق الساحلية ، ويحتمل أن تحدث عواقب لارتفاع منسوب البحر بمقدار متر واحد ففي دلتا مصر إمكانية نزوح (6) ملايين من السكان وغمر حوالي (4500) كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية ،أما في فيتنام فسيتم نزوح (22) مليون من السكان وفي بنغلادش (18%) من مساحة الأراضي يمكن أن يغمرها الفيضان بما يؤثر في حياة (11%) من السكان ،أما جزر المالديف فأكثر من (80%) من مساحة الأراضي تقع في منسوب أقل من متر واحد فوق مستوى سطح البحر .تختلف الدول بشكل كبير من حيث مساهمتها في الانبعاثات التي تزيد من حجم المخزونات الجوية من الغازات الدفيئة ، فالدول الغنية التي تمثل (15%) من سكان العالم تتحمل مسئولية ما يقارب من نصف إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بينما يقود النمو المرتفع في الصين والهند إلى تقارب تدريجي في الانبعاثات الإجمالية.ويؤكد تقرير التنمية البشرية 2007 - 2008م أن الفقراء يعانون وسيعانون أكثر من غيرهم بسبب تغير المناخ ، حيث يعتبر المناخ مسألة مستعجلة وضرورة ملحة تقتضي التدخل الفوري ، وعلى الدول الغنية أن تخفض انبعاثاتها بنسبة (30%) بحلول عام 2020م وبنسبة (80%) بحلول عام 2050م.ولفت التقرير إلى أن تزايد درجات الحرارة العالمية بمعدل 3 - 4 درجات مئوية سيؤدي إلى نزوح (332) مليون شخص بشكل دائم أو مؤقت بسبب الفيضانات ، ويمكن أن يتأثر جراء ذلك ما يزيد على (70) مليون شخص في بنغلادش و 6 ملايين في شمال مصر و22 مليون في فيتنام ،ويمكن أن يتعرض 220-400مليون شخص إضافي للملاريا وهو مرض يؤدي إلى وفاة حوالي مليون شخص سنوياً.وبينما يتحمل الفقراء في عالم اليوم معظم وطأة تغير المناخ ،ستواجه الإنسانية جمعاء مخاطر أثر الاحترار العالمي في المستقبل القريب ،وسيتغير التراكم السريع للغازات الدفيئة في جو الأرض بشكل أساس التنبؤ بالمناخ بالنسبة للأجيال القادمة.ويذكر التقرير بان تزايد إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون ترفع حجم المخزون وترفع درجة الحرارة حيث تزايدت تركيزات غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو بمقدار (1.9جزء في المليون سنوياً) بحيث ناهزت (379جزء في المليون عام 2005م. وتم تقدير ميزانية الكربون للقرن الحادي والعشرين بحوالي (1.456)جيجا طن لتفادي تغير المناخ الخطر.ويقدر مسار المستدام للإنبعاثات المطلوية منسوباً لعام 1990م كالتالي ، على مستوى العالم تخفيض الانبعاثات بمعدل النصف بحلول عام 2050م ) حيث تصل الانبعاثات إلى أعلى مستوى عام2020م ، أما على مستوى الدول الغنية فسيكون تخفيض الانبعاثات بنسبة 20% بحلول عام 2050م وعلى مستوى الدول النامية سيكون تخفيض الانبعاثات بنسبة (20%) بحلول عام 2050م).توصياتويوجه التقرير دعوته إلى الحكومات بتبني وتعزيز معايير أكثر حزماً على إنبعاثات المركبات والإنشاءات والأدوات الكهربائية .كما يوصي التقرير الدول النامية بتطبيق أهداف بروتوكول كيوتو ضمن الفترة المحددة مع وضع اتفاقيات إضافية لخفض إنبعاثات غازات الدفيئة بمعدل 80% على الأقل بحلول عام 2050م، كما يوصي بتطوير تعاون دولي من أجل تحسين الحصول على خدمات الطاقة الحديثة وتقليل الاعتماد على الكتلة الإحيائية التي هي المصدر الرئيسي للطاقة، وتقليل معدل الزيادة في إنبعاثات الكربون في الدول النامية من خلال تقوية إصلاحات قطاع الطاقة بدعم من التمويل ونقل التقنية ، بالإضافة إلى توفير (86) بليون دولار أمريكي على الأقل في تمويل جديد وإضافي للتكيف عن طريق التحويل من الدول الغنية الى الفقيرة بحلول عام 2016م من اجل حماية التقدم نحو الأهداف الإنمائية للألفية ،ووضع التكيف مع تغير المناخ في قلب إطار كيوتو لما بعد 2012م وشراكات دولية للحد من الفقر وتنفيذ سياسات ميزانية كربون مستدامة ،وتعزيز إطار التعاون الدولي وغيرها من التوصيات .