غضون
- نهاية الأسبوع الماضي “غمزت” الصحيفة الأولى في البلد غمزة في وجه مسؤول عن أحد الصناديق، ولم تسمه طبعاً، لكن قالت إنه هو ذلك الذي نهب من الأموال العامة في الصندوق ما يزيد على مئة مليون ريال!وأزعم إن “المغامزة بالغدرة” لا تصح في مشكلة خطيرة مثل الفساد، فمكافحة هذه الآفة تتطلب شفافية في التشهير بالفاسدين ومساءلتهم ومعاقبتهم، لأن هؤلاء الذين يمارسون الفساد في الوزارات والهيئات العامة وفي مجالات الأراضي والضرائب والجمارك والصناديق والمتاجرة بالدرجات الوظيفية لن يرتدع أحد منهم بغمزة أو رسالة مشفرة، وينبغي إدراك أن زيادة أعداد الفاسدين كان مرده إلى شعور الفاسدين المتعاقبين أن ممارستهم للفساد أو السطو على الأموال والممتلكات العامة واستغلال الوظيفة العامة لتحقيق مصالح شخصية أو عائلية لا يؤدي إلى مخاطر شخصية محتملة، وأن أكبر عقاب يطال فاسداً هو أن يعزل من الوظيفة بعد أن يكون قد نهب ما يغنيه عن الوظيفة وما يؤمن معيشة مرفهة للعائلة حتى الحفيد السابع، وحتى العزل من الوظيفة لم يعد أداة فعالة لقمع سلوك الفاسدين إذ يعزل أحدهم سنة ويعين في وظيفة أعلى مدة عشر سنوات.. ومثل هذه التدابير غير مجدية، الأمر الذي جعل الفاسدين يشعرون بالأمان الذي تحسدهم عليه حمائم المسجد الحرام!- منذ سنوات عدة اعتاد المسؤولون في جهاز الرقابة والمحاسبة إلقاء بيانات حول إنجازاتهم.. يقولون ضبطنا كذا ألف قضية فساد بلغت أضرارها على المال العام مليارات الريالات وملايين الدولارات ومئات الألوف من اليورو.. ولو أحصينا أضرارنا خلال عشر سنوات لوصلت إلى أرقام من ذوات الخمسة عشر، وهو مال عام لو وظف في قطاع الزراعة لكنا الآن محصنين ضد مشكلة الغذاء التي تكاد تتحول من الآن إلى المشكلة القومية الأولى.- من المؤكد أن الفاسدين يتصرفون كالمجرم الذي يخطط لارتكاب الجريمة من دون أن يترك أي دليل للوصول إلى الجاني من قبل منفذي القانون، لكن نادراً ما ينجو مجرم مهما كان ذكاؤه، والفاسدون إذا كانوا يتحالفون ويحمون بعضهم البعض ويطمسون الأدلة، فهم غير قادرين على النجاة من القانون، إذا كان القانون يعمل، ومنفذوه يتمتعون بقوة وصلاحيات وحماية تفوق ما يتمتع به الفاسد.