بمناسبة العيد (39) للاستقلال الوطني
[c1]* د. محمد سالمين برقة لـ (14 أكتوبر) : الاستقلال وإن غمت عليه بعض السحب فهو رمز ثابت للتضحيات ولليمن[/c]أجرى اللقاء / احمد علي عوضهاهو العيد التاسع والثلاثون للاستقلال الوطني يعود وقد شهد التعليم في بلادنا - خلال جميع مراحل مسيرة النضال - نمواً متصاعداً وتطوراً مزدهراً نوعياً على المحورين الأفقي والرأسي،ويمثل امتداداًللانتصارات المتواصلة لشعبنا العظيم وما تحقق له من منجزات شملت العديد من المجالات ونواحي الحياة على كافة المستويات والأصعدة بامتياز والتي قضت بدورها على مؤامرة التشطير والانقسام بين أبناءالوطن الواحد.وللتعرف على الملامح العامة لمجالات التعليم وما أثمر عنها من تطورات ومتغيرات إيجابية استطاعت أن ترتقي بمستوى الفكر والثقافة والتعليم،التقينا بالاخ/د.محمد سالمين برقة الأستاذ الأكاديمي في جامعة عدن/كلية الاداب/قسم التاريخ وأجرينا معه هذا الحوار اليكم ملخصه.[c1]* ماذا يمثل لكم عيد الاستقلال التاسع والثلاثين؟[/c]- تمثل ذكرى الاستقلال/ذكرى خلاص شعب تجرع حياة الظلم والقهر والإستبداد وكبت الحريات على إمتداد أكثر من(139)عاماً بما رافق تلك السنوات من حلم ورغبة في التغيير ولم الشمل،ومن تضحيات جسيمة قدمها هذا الشعب العظيم الحر واختلطت أحلامه بعناوين مختلفة ومتعددة بعضها مدمي وبعضها مفرح وما تبقى منها لا يزال يحمل لون الرماد.عموماً فإن الاستقلال - وإن غمت عليه بعض السحب فهو رمز ثابث للتضحيات والانتصار للقضية الوطنية اليمنية.ونحن في هذه الذكرى وبهذا الجو اليمني الصفو والاحتفالي ليس لنا ألاَّ أن نتقدم بأحر التحايا وأطيب الأمنيات لأولئك الكبار الذين رووا هذه الأرض الطيبة بدمائهم الطاهرة والزكية،ومكنوا في وضع مدماك قوي تحقق عبره أحلام اليمن المتمثله في وحدة أراضيه وتوحيد شعبه من خلال تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو 90م التي توجت بالانتخابات الرئاسية والمجالس المحلية في 20 / 8 / 2006م تؤكد على المعاني القيمة لبردوني اليمن في بيت الشعر التالي:"لكنها رغم بخل الغيث مابرحت....حبلى وفي بطنها قحطان أو كربُ" والأمل مأمول وقوي في قدرة قيادتنا السياسية الرشيدة في إستيعاب هذه العبرة المعقودة بما يحمله المستقبل من بشائر للجميع . ومداواتها لكافة الجروح التي أعترضت مسار المسرح السياسي بمختلف المراحل مما جعلها إحداث تسوية عادلة لجميع المشكلات بإقتدار مثالي تمكن من إنقاذ البلاد وحفظ الأنفس. [c1]* ماهو تقييمكم لواقع التعليم عبر جميع مراحله؟[/c]- يقول أحد الشعراء موضحاً أهمية الدور الذي يلعبه التعليم بإعتباره أساس كل تغيير لأي أمة من الأمم،والثروة الطبيعية الحقيقية لها: بالعلم والمال يبني الناس ملكهموا... لم يبنَ ملك على جهل وإقلالِ حيث أن هذا البيت الشعري يذكرني بأحد الدروس الذي كنت أقدمه لطلابي في كلية الاداب في أحد الايام السابقة الذي كنت أبين فيه أن من أهم العوامل والمرتكزات التي مهدت لانطلاقة الثورة الفرنسية في عام 1789م هو أخذها بأسباب العلم والتربية الأغريقية العريقة التي خلقت بشكل أو بآخر كلاً من هوجو،وفولتير وغيرهم من عمالقةومحضري تلك الثورة.والعلم في اليمن يكفي أن نذكر منه ومن ثقله المعرفي الذي ورثه عن صحابة الرسول(ص) وتابعيهم قول الإمام الشافعي حين كان يبحث في أمهات الكتب العلمية الشرعية عن أحد أحاديت الرسول (ص) حينما تعددت رواياته وبقيت رواية غائبة عنه وعرف بوجودها في اليمن،فقال قولته المشهورة: (لا بد من صنعاء وإن طال السفر).وبالرغم من إحساسي بخروجي عن الموضوع،فإنما أردت بذلك عوداً على بدء والتعريف إلى اليمن هي مقر المعرفة والعلم وأن بطنها وباطنها مليء بتجاربها الحضارية الإنسانية سواء أن تلك التي كانت سائدة في صنعاء أو حضرموت أو زبيد أو تريم أو غيرها من المناطق اليمنية الأخرى التي علت فيها منارات العلم الشرعي والدنيوي وحظيت بمدارسهما خلال أحقاب طويلة من الزمن.ولعل تجارب اليمن في المرحلة الراهنة أشهد دليل على ذلك، وفيما بدأته في تاريخنا المعاصر منذ العام 1962م في صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من اكتوبر في عام 1963م ويليهما يوم الثلاثين من نوفمبر عام1967م،وماقامت من تجارب عديدة من أجل نيل المعرفة التي غابت في دياجين الحكم الامامي الكهنوتي المظلم والعهد الإستعماري المستبد - وإن كان للمستعمر حظ مؤقت في نشر العلم في عدن - والعلم هنا يقصد به العلم النفعي الذي يخدم المستعمر وينفذ مصالحه بأدوات عميلة إنما يأتي في إطار رغبة في نفس يعقوب قضاها وهي خدمة المستعمر.وملخص القول: إن عموم التجارب التي خاضتها اليمن بشطريه منذ 22 / 5 / 90م أو ما قامت بها الدول العربية التي عانت ويلات الغزو والاستعمار إنما هي قبيل إستعادة جميع تلك الاقطار لتاريخها المعرفي والعلمي المهدور خلال فترات الحكم الاستعماري.على أن جديداً من الارهاصات والاستبشارات التي بدأت تتجلى بل ونعيشها كواقع ملموس اليوم في بلادنا من خلال وحدة مناهج التعليم الاخذة بأسباب الوصول - ومقومات الرقي والتقدم - إلى ما وصل إليه عقل المعرفة العلمية الحديثة والمعاصرة مع بقاء مسألة لازالت تؤثر في مسيرة التطوير والتغيير التعليمي ولاتعيقه وهي إنعدام وجود التوازن المكافىء بين الحجم الهائل للمقدرات المالية والتخصيصات الداعمة لإعداد وبناء الكادر التربوي والتعليمي لهذاالمنهج ومستوى التأهيل لهذا الكادر الذي لم يبلغ حد النفقات المصروفة ولم يرتق إلى مستوى ما خصص له من مال وبناء وإعداد وحلم،بإعتبار أن مانقوم به من وصف لحالة التعليم وتقييمه هو في مجمله يبنى على النتائج.ولعل حاضر اليوم وما تسعى الدولة إلى تحقيقه هو خير شاهد على رغبتها الصادقة في إحداث عملية التغيير الإيجابي في تمثيل رغبة شعبها وإختراق حاجز الزمن لاستعادة بلقيس اليمن.[c1]* بصفتكم أستاذ أكاديمي في جامعة عدن،وأحدالمؤرخين البارزين المهتمين بتاريخ التعليم في اليمن نود أن نطرح عليكم سؤالاً آخر يمثل منحى جديد على هدي إنتصارات شعبنا بهذا الشأن... بماذا يوحي لكم واقع التعليم الجامعي والأكاديمي في ظل المعطيات المتوفرة لدى الدولة اليوم؟وماهي افاق المستقبل؟! [/c]- قال أحد الشعراء:شبابٌ قُنَّعٌ لا خير فيهم....وبورك في الشباب الطامحين نعود ونكرر بأن حلم اليمن السعيد لا يمكن له أن يتحقق إلاَّ من خلال وجود الشباب الطامح،إذ أن لا خير في الشباب القنع الذين يكتفون بحال من الوسط أو من الوصول.وتفادياً من الحصول على الطرف الثاني من الشباب فقد دأبت بلادنا منذ أكثر من عقد من الزمان على بناء الاساس المتين لبنيان الصرح الجامعي المهيب وفتحت أبواب التحصيل التعليمي في هذا الاطار على مصراعيه بآفاق تتطلع نحو تهيأة المناخات المناسبة أمام المتقدمين،كما تم رفع أرتفاع الصرح الجامعي من خلال فتح باب التأهيل الاكاديمي في العديد من التخصصات سواء في صنعاء أو في عدن،ولعلني هنا أراهما(جامعة صنعاء - وجامعة عدن) الحجة الدافعة والدليل القاطع على ذلك.حيث أننا إذا أردنا الغوص في سبر تقيم وتقويم العمل الاكاديمي للجامعات اليمنية فإننا نقول:(وإن كنَّا قصَّر عن سبر هذا الغوص) بأنه لايزال في المراحل الاولى لطور الطموح - بالرغم مما يبذل من جهد طيب ومحمود لوزارة التعليم العالي بما يشمل سابقي وزراءها أو حاضرهم اليوم ممثلاً بالاستاذ /د.صالح علي باصرة.على أن مالدينا من أدوات ومفردات لغة الوصول إلى هذا الطموح يشو بها التقصير،ولعل بعضه يتعلق بالكادر الاداري للجامعات ومنه مايتصل بالموروث الثقافي والعلمي لكادر الهيئة التعليمية (في صنعاء وعدن)،أو لعله ما أرتبط بالتخصيص المالي والانشائي للجامعات العلمية المستوفاة بمراكز البحوث والتي لا تفي بتغطية الوظيفة العظمى التي تقوم بها الجامعات العلمية ولا تتناسب وحجم ما تملكه من قدرة على بلوغ أقصى غايات الطموح وتجسيد الحلم المأمول.ومن ناحية أخرى يوجد هناك ثمة إختلالات تتبدى أحياناً من خلال التفكير في الاسراع بإنشاء جامعات جديدة في مناطق مختلفه من أرجاء البلاد قد لا يكون الوطن بحاجة لها بهذا الكم وفي إتجاه آخر فإن تعدد الجامعات في محافظة واحدة لايمثل..بأي حال من الاحوال وتحت أي ظرف - الاسلوب الامثل لتحصيل المنتجات الناضجة كما أنه لا يشكل بظاهرة إيجاب .لأنه لو تم وضع كافة مخاصيص الجامعات المستجدة وإنفاقها لجامعة واحدة أو إثنتين أو في حده الأعلى ثلاث جامعات لأثمرت نتائجها ولتمكنت الجامعات المحدودة من تحقيق طموحاتها الجامعية في مدد يسيرة وفترات قصيرة الأجل.