نظرة عربية عن الإصلاحات السياسية والديمقراطية في الوطن العربي
[c1] د/ فايز الطروانه :المطلوب هو الإصلاحات السياسية في العالم العربي وإعادة هيكلة المنظومة السياسية القائمة بهدف احداث تغييرات نحو الاحسن..[/c]صنعاء / عماد محمد عبداللهإن الحديث عن عملية الاصلاحات السياسية والديمقراطية مليئة بالتعقيدات حيث يرتبط الحديث عن الاصلاح بقدرة الدول العربية على اختيار الاسلوب والطريقة الناجعة في تحقيق عملية الاصلاحات التي ينتظرها الشعب العربي.ولاشك بان خير عملية الاصلاحات ليس في صالح الانظمة العربية لان التغييرات الدولية القائمة سوف تدفع في هذه الاتجاه بقوة تسونامي ويتجلى ذلك بالدعوات التي تطلقها الولايات المتحدة الامريكية من وقت لآخر .. لذا نجد ان الانظمة العربية مطالبة اليوم اكثر من ذي قبل في الشروع بالاصلاحات النابعة من حضارة وثقافة الامة العربية ... وهناك آراء مختلفة سوف نستعرضها على النحو التالي:-[c1] أمريكا والاصلاح في الوطن العربي[/c]- لايخفى على احد مادعت اليه الولايات المتحدة الامريكية بعد احداث 11 سبتمبر - أيلول الى ضرورة الاصلاح السياسي والاصلاح الديمقراطي للدول النامية وبالاخص المنطقة العربية لما لها من مصالح حيوية.. حيث اصبحت امريكا ذات القطب الاوحد المتفردة بالسياسة الدولية في ظل المتغيرات السياسة الدولية التي تفرضها وترسم معالمها والتي يعيشها العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي » سابقاً«:ويؤكد الدكتور/ غالب الفريجات- الاردن ان كل الدعوات الامريكية للاصلاح في الوطن العربي تبدو فارغة من مضمونها ومحتواها لان السجل الذي تعرفه الشعوب للولايات المتحدة الامريكية في حق تطلعات الشعوب وحريتها واستقلالها واضح للعيان حيث تقف في طريق التقدم الانساني وفي الحرية والديمقراطية و حقوق الانسان.ويضيف وليس هناك من دعوة صادرة من امريكا الا وتفوح منها رائحة ليست في مصلحة تطلعات الشعوب وبشكل خاص شعوب العالم الثالث.ومما يؤسف له ان الانجازات المتعلقة بالحرية والديمقراطية وسيادة القانون وقيام دولة المؤسسات وغياب مؤسسات الفرد الواحد على الارض الامريكية والتي تحتاجها عمليات الاصلاح الحقيقي في العالم الثالث تجد لها عداء كبيراً في السياسة الخارجية الامريكية وهو مايؤشر على ان الطابع الامبريالي الاستغلالي الجشع هو الذي يكيف العقلية السياسية الامريكية.ويوضح ان النظم الوطنية التي تملك برامج وطنية لصالح حركة الشعوب وهي انظمة استطاعت السيطرة على الثروة الوطنية .. وقد حققت شيئاً ملموساً على صعيد التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية .. وتطلعت بصدق للتنمية السياسية من خلال اشراك اصحاب المصلحة الحقيقية في القرار السياسي..وخلقت قاعدة شعبية عريضة من المنتفعين من الاصلاحات التنموية .. وحاربت النفوذ الاجنبي على اراضيها .. وحرمت الشركات الاحتكارية من ممارسة النفوذ والسيطرة على مجريات القرار السياسي .. وبنت جيوشاً وطنية للدفاع عن المكتسبات الوطنية .. واستطاعت عزل كل الفئات الطفيلية والرجعية والانتهازية عن التأثير في مسيرة المجتمع .. وأخذت الجماهير تعيد الثقة بنفسها وبقدرتها على انها قادرة على فعل ماتصبو اليه في ظل قيادة نظيفة لم يسجل عليها على الأقل في الصفوف الاولى منها اي نوع من انواع الفساد المالي والخلقي.. وبرهنت انها ممثل حقيقي للشعب وامينة على مصالحة وهي المؤهلة لمسيرة الاصلاح الشامل التي تطمح اليه الشعوب..وذات السياق يقول الدكتور/ غالب الفريجات ان هذا النوع من النظم السياسية قد واجه عداء امريكياً- صهيونياً - رجعياً .. وأخذت وسائل الاعلام الامبريالية الامريكية والصهيونية تسعى لتوقيف مسيرة الاصلاح في الجانب السياسي او تجميدها و الاصلاح عملية شمولية لابد وان تتكامل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية لهذا فان كل انجازات الاصلاح في هذه النظم ثم تجاهلها لصالح الجانب السياسي الذي شهد معوقاً كبيراً بسبب العداء الامبريالي الامريكي وحلفائه من صهاينة وقوى رجعية وانتهازية..[c1] الاصلاح وغياب المشروع العربي[/c]أدت الدعوات المتزايدة نحو الاصلاح السياسي والديمقراطي التي اطلقها الرئيس الامريكي دبليو بوش .. إلى خلق حالة من القلق والخوف بين الدول النامية بما فيها الدول العربية من أن تفقد خصوصياتها في ظل سياسة العولمة.. وهنا بدأت هذه الدول برفض هذه المشروع الامريكي على اعتبار ان الاصلاح يجب ان يكون من داخل هذه الدول وفق خصوصياتها وثقافتها وليس من خلال استيراد الاصلاحات من امريكا.ويقول في هذا الجانب الدكتور/ فايز الطروانه هل المطلوب منا هو الاصلاحات السياسية في العالم العربي او اننا نهدف الى إعادة هيكلة المنظومة السياسية القائمة بهدف احداث التغييرات نحو الاحسن لتتواءم مع متطلبات القرن الحادي والعشرين والتتكيف مع المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية؟ويضيف لقد جاءتنا دعوات التغييرات من الغرب من خلال ما أسموه بـ » Reform « فعانينا من سوء الترجمة لأن الترجمة الحرفية لهذه الكلمة ليس الاصلاح »Repair« بل إعادة التشكيل او الهيكلة بادخال مزيد من الديمقراطية وتوسيع هوامش الحريات والمشاركة الشعبية والانفتاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وحكم القانون..ويواصل الطروانه حديثة عن الاخطاء في الترجمة مثل الدعوة التي اطلقت نحو التغيير الشامل في نهج الحياة السائد وبخاصة منذ مبادرة الشرق الاوسط الاوسع »Greater Middle East« وليس الشرق الاوسط الواسع وهو سوء ترجمة ايضاً.ومن جانب آخر يوضح الدكتور/ محمد المقداد ان الامة العربية تعيش في ظل غياب مشروع الامة الحضاري وتخلفها عن المسيرة الانسانية الفاعلة في التقدم و العطاء العلمي وواقع الحياة المعاشة وماتعانية من وهن ينخر في جسم الامة بكاملها .. فان ذلك يخلص الى تهديد لوجود الامة قبل حدودها وباعاقة لنهوضها قد يكلفها قرنا من الزمن او اكثر يؤدي الى تدمير ماتبقى من معالم حضارتها وفكرها وتراثها.ويقول اصبح واضحاً لابناء الامة العربية بغض النظر عن مراكزهم- حكاماً ومحكومين- ان ايجاد برنامج موضوعي لتغيير واقع الحال بان مسألة تبحث فيها كافة الاطراف بشقيها الشعبي والرسمي فيذهب البعض بالقول ان المدخل الصحيح لتغيير الواقع العربي هو الحوار المتكافئ بين النظام والفرد- والنظام ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة .. لآن بذلك يكون الاصلاح الديمقراطي الحقيقي واخرون يرون بان ترسيخ القانون والمساءلة وإقامة دولة المؤسسات وأن تكون الإدارة قريبة من المواطنيين وفي خدمتهم .. وبالتالي فصل حقيقي بين السلطات جميعها- هي الادوات الحقيقية للنهوض بواقع الامة- لتسلك المسار الصحيح نحو التقدم.ويوضح الدكتور/ المقداد أن المطلب الاساسي لتحقيق الاصلاح بمحاوره المختلفة » السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية « لايمكن ان يتم الا من خلال ترسيخ مفاهيم التنمية الشاملة ومن خلال التنمية السياسية القائمة على التعددية السياسية بشراكة الافراد ومؤسسات المجتمع المدني حتى يتسنى للجميع المشاركة الفاعلة والمرسخة بديمقراطية قائمة على العدالة والمساواة .كما ان احلال سلطة القانون محل اجهزة الامن في تنظيم الحياة السياسية بات مطلباً جامعاً لابناء الامة العربية اضافة الى مسؤولية التطور الحكومي في الوسائل الذي يعتبر روح الاصلاح وبالتالي التغيير من أجل التطوير - هو الاخذ بمبدأ المسؤولية ومن كافة الافراد ومع اختلاف مراكزهم- بهدف الاحساس بالواجب الوطني القومي وبعيداً عن معايير الولاء الفردي والارضاء العشائرية والحزبية.[c1]الجامعة العربية وقضايا الاصلاح[/c]سعت الجامعة العربية منذ ان تم انشاءها الى محاولة حل القضايا العربية من خلال البيت العربي.. الا ان هذا الوضع لم يكون تحت سيطرت الجامعة العربية. وذلك بسبب النظام وآليات العمل التي ينظم عمل الجامعة العربية .. مما جعل قراراتها غير ملزمة على قادة الدول العربية وكذلك كان انعقاد دوراتها ياتي في سياق دعوات من القادة العرب الى عقد قمة عربية اي لم يكون بصفة دورية.ويقول في هذا الموضوع الاستاذ/ الحبيب الجنحاني - باحث من تونس لقد راج الحديث منذ مدة عن مشروعات اصلاح هيكل الجامعة العربية وعلى ضرورة تحديث ميثاقها .. مشيراً الى انه لم يسمع عن مشروع تتبناه الجامعة العربية باسم الدول العربية الاعضاء لمعالجة اشكالية التحديث السياسي والاصلاح الديمقراطي في الدول العربية.وهنا يطرح نفسة السؤال التالي :- هل حدث ذلك صدفة ؟ وهل تفطنت النظم العربية بين عشية وضحاها ان الدول العربية في حاجة ملحة الى مسيرة التطوير والتحديث وان اوضاعها السياسية كانت في الاعوام الماضية على احسن مايرام وهي بالتالي لاتحتاج الى مشروعات اصلاحية !موضحاً انه من الطبيعي ان تطرح هذه الاسئلة عندما ينزل المتابع للشؤون العربية ووثيقة مسيرة التطوير والتحديث في زمانها السياسي العربي والدولي فهل من الصدفة ان تعقد الندوات عن قضايا الاصلاح في الوطن وان تتحدث الجامعة العربية في وثائقها الرسمية عن التطوير السياسي وعن الحريات والديمقراطية وهي مفاهيم لم تعرف طريقها الى ادبيات الجامعة العربية طوال عمرها المديد.. فهل من الصدفة ان يحدث ذلك عام 2004م وبعد ان تهاطلت على المنطقة العربية مشروعات الاصلاح من الخارج وبعد ان حاولت الولايات المتحدة الامريكية تبرير احتلالها للعراق بانه سيكون بداية لعصر جديد ينعم فيه الشعب العربي ينعم الديمقراطية.. وسيقدم العراق المحتل النموذج الامثل للنظام الديمقراطي في المنطقة العربية ؟!ويضيف قائلاً انه لايصدق الساذج خرافة الصدف فضلاً عن العازفين بما في الزوايا من خبايا ... حُيت استبشر المواطن العربي رغم ذلك خيراً ان هناك إرادة حقيقية لمواجهة التحديات المطروحة والتصدي لسياسة الاملاء الخارجي من خلال رصد الصفوف الداخلية بتعبئة قوى المجتمع المدني ذوداً عن حرية القرار الوطني .. وذلك بفتح حوار صادق وجري حول القضايا الكبرى المطروحة في هذا البلد العربي أ وذاك تسهم فيه جميع القوى الوطنية دون اقصاء او تهميش.منوهاً الى انه لم يحدث ذلك لاقبل تبني وثيقة مسيرة التطوير والتحديث ولابعدة وفقد وضعت إذن لتعلن النظم العربية الرسمية للعالم ان لها مشروعها الخاص. وقد حرصت ان تؤكد ان تحقيق تقدم المجتمعات العربية نابع من إرادتها الحرة.ويؤكد الحبيب الجنحاني ان الاصلاح السياسي والديمقراطي المملي من الخارج فقد تبناه مشروعان: مشروع تكثيف التعاون بين الاتحاد الاوروبي والشركاء المتوسطيين في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان.ومشروع الشرق الاوسط الكبير وقد اعتمد اعتماداً كبيراً على التنمية البشرية العربية لعامي 2002م-2003م.وهما المشروعان اللذان اسالا حبراً غزيراً في وسائل الاعلام العربية وحركا السواكن في الاوساط الرسمية والعربية وكذلك ضمن مكونات المجتمع المدني.كما دعا الجنحاني بقولة لابد ان تسعى قوى المجتمع المدني في البلدان العربية جاهدة من اجل الدفاع عن كونية بعض المفاهيم السياسية مثل مفهوم الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وان اية محاولة لتنفيذها باسم الهوية او الخصوصية الثقافية او معطيات محلية معينة تغني افراغها من محتواها الحقيقي وتحويلها الى شعارات يتزين لها الخطاب الرسمي العربي.[c1] الاصلاح السياسي العربي تفرضه التطورات الدولية[/c]ارتضت الدول العربية على نفسها التقوقع في سياساتها التي لم تحقق عملية الاصلاح السياسي والديمقراطي .. الا ان في الاونة الاخيرة بعد احداث 11 سبتمبر - ايلول من القرن الحادي والعشرين بدأت الولايات المتحدة الامريكية التلويح وتصدير فكرة ضرورة الاصلاح السياسي والديمقراطي.ويشير الاستاذ/ خالد الخيرو- كاتب بحريني الى كثرة الحديث عن الاصلاح السياسي في عدد من الدول العربية سواء بصيغة مطلب شعبي او عبر فكر ثقافي او من خلال قنوات السلطة السياسية مبدأ الاصلاح يطرح فكرة طيبة من حيث الجوهر قائمة على اساس تثبيت حالة من الخلل في اداء الدولة لوظائفها الامر الذي يستلزم معالجة مواضع الضعف او الخطأ في الاداء الجمعي للدولة في المحصلة النهائية.ويرى الخيرو بهذا المعنى ان الاصلاح ظاهرة صحية يجب ان تكون محل ترحيب ومباركة من النظم السياسية العربية.وهنا يحدد النظم العربية لان الجماهير غالباً ماتطرح هذا المطلب بالصيغ المناسبة وبعض الاحيان بصيغ مرفوضة من لدى الانظمة السياسية العربية ... ويقول ان أهمية الاصلاح في النظام السياسي العربي لاتكمن في قضية الحداثة او العراقة او القدم إنما هي ضرورة تفرضها طبيعة التطورات الدولية التي باتت تتسارع بخطى كبيرة جداً.وفي السياق ذاته يقول هذا مايفرض بالمقابل التعجيل في قرار الاصلاح وتجسيده على ارض الواقع العربي.. وان طرح هذه القضية لايشكل سبة او إساءة الى احد ويجب ان تكون موضع ترحيب وتقبل ايجابي لكونها تشخص مواضع خلل لم يعد بالامكان غض الطرف على طريقة النعام واطلاق يد الامن لتقطع الالسن وتكبل الافواة وتعمر السجون.العالم قد تغير كثيراً وجملة القيم الاساسية المحددة للسلوك الانساني الجمعي هي في تغيير ايضاً.. وهنا يجب ان لايفهم ان كل تغيير قد يكون ايجابياً.ويرى ان الكثير من التغيرات تشكل تراجعاً مرفوضاً في اصول العلاقات البشرية والانسانية وهذا مايفرض على الدول العربية تبني مبدأ التغيير ليس من باب مظهري قائم على مبدأ اقتباس تجارب سياسية محددة بل من اجل وضع المعالجات الجوهرية اللازمة لصيانة التراث الحضاري العربي وتطعيمه بالمفيد الجديد الذي يفرضه تحدي التطور العلمي التكنولوجي ... ولكن نجد ماهو ممكن واسلوب التعامل الانسب مع هذا التحدي نعود الى الواقع العربي حيث نظم سياسية مختلفة ومشاركة شعبية مقننة وقد تكون محددة في بعض الاحيان ... ومع ان اسباب الحالة السياسية العربية متفاوته بين بلد واخر الا ان الجوهر العام الذي يشكل موضع التحفظ الشعبي يكمن في احتكار السلطة من جملة محددة ورغبة قوية اخرى في المشاركة في إدارة شؤون البلاد.. هنا يلعب القانون الاساسي » الدستور« دور الفيصل في رسم معالم الأداء السياسي بالاضافة لنوع الممارسة الميداينة التي قد تكون في اطار علاقات التحاور والشورى مما يتيح اداء التوتر وعدم الانسجام السياسي ويعتبر أن القيادات السياسية غالباً ماتطرح تصوارت نابعة من رغبة في تحقيق الاهداف وغالباً مايكون الطرح موضع تلقي ونتيجة تفاعل الاراء تولد شكل ومضمون النظام السياسي المطلوب اقامته على خلفية النظام السائد قبل التغيير.ويصف خالد الخيرو عندما تأتي المبادرة من القيادة السياسية فانها تراعي الجوانب العملية وآفاق التطور الممكنة على نحو اكثر دقة وشمولية عما يمكن ان يكون علية الحال في ان تكون صيغة التغيير وصورته صاعدة من القواعد التي غالباً ماتكون بعيده عن التصور الشمولي العام لجملة العوامل الداخلية والخارجية المسببة للأداء السياسي للدولة.هذا الواقع يفرض على الجميع المشاركة بعقل منفتح في ارساء الصورة النهائية لواقع العمل السياسي في البلاد... ولقد اتثبتت تجارب العمل السياسي ان السعي لالغاء الآخر المختلف غالباً مايكون افقاً قصير النظر لايرتقي الى تحصيل ثمار عملية قيمة .. وفي ظل حالة التطور المزمن التي تفرضها الثورة العلمية والتكنولوجية التي فتحت العالم بعضة على بعض باتت عملية بناء الدولة تستلزم تفاعلاً ايجابياً بين كافة وحدات المجتمع في اطار الدولة الواحدة ... وهذا يعني اذا اردت الاختلاف فعلي ان اتميز من خلال مشاركة فعالة في عملية التطور الاجتماعي وفي اطار ما اسسه الدستور وقننه القانون .. ففي مثل هذه الحالة يكون المرء قد وضع غاياته في طريق التحقيق عبر ممارسة سياسية ميدانية مستمرة.[c1]الاصلاح في الوطن العربي[/c]لقد ساهم الاستعمار خلال فترة احتلاله للوطن العربي على تبطية عجلة التطور مما ادت هذه الى ترك تركة ثقيلة بعد خروج واستقلال الوطن العربي من الاستعمار في جميع مجالات التنمية.ويقول الدكتور/ محمود العريان- عضو مجلس ادارة المنظمة العربية لحقوق الانسان لم تات الدعوات العربية لعملية الاصلاح استجابة للضغوط الخارجية او الامريكية.. انما جاءت كحاجة وطنية ملحة اطلق دعوة الاصلاح من قبل القوى الوطنية العربية في الوقت الذي كانت فيه امريكا تدعم النظم العربية غير الديمقراطية وتعادي قوى الاصلاح ... ولم تدع امريكا الى عملية الاصلاح الا بعد احداث 11 سبتمبر - ايلول نتيجة تفسيراتها للارهاب واسبابه بل استكمالاً لمخططها في السيطرة.ويواصل الدكتور/ محمود العريان ان الاصلاح جاء نتيجة للمطالبة واستجابة للاحتياجات الوطنية العامة في تعزيز البنية السياسية والاقتصادية عبر تحقيق مشاركة اوسع لفئات وشرائح المجتمع في اتخاد القرار... وتوزيع الثروة بطريقة اكثر عدلاً مما يتيح اقامة مجتمع التقدم والمنعة في مواجهة تحديات تواجهها الامة العربية.ويرى العريان ان الطرح الذي يطرحة الحكام العرب في عملية الاصلاح ليس الا من اجل اعادة انتاج النظام السياسي الحاكم والتالي اطالة عمرة في الحكم وتجديد نخبته التي غرقت في العجز والفساد ولم تعد قادرة على مواجهة التحديات الجديدة سواء في مستواها الداخلي او في مستوياتها الخارجية ويعتبر الدعوة الامريكية التي اطلقها لعملية الاصلاح على اقامة توافق بين الدول العربية مع المصالح والسياسات الامريكية في المنطقة وعلاقات بلدانها الوثيقة مع الولايات المتحدة الامريكية ولاسيما في الجانب الاقتصادي .. هي استجابة للمشروع الامريكي لاصلاح الشرق الاوسط الكبير الذي يستهدف استكمال السيطرة الامريكية على البقعة الاستراتيجية من العالم توسيعاً وتعميقاً لاستقطابها الراسمالية المعولم والذي يتضمن بالضرورة دعوة الى اصلاح سياسي واقتصادي وتعليمي وفق قوالب محددة تخدم هدفها العام.ويشير العريان الى دعوات الاصلاح التي اطلقتها الدول الاوروبية حيث يرى ان هذه الدعوة لعملية الاصلاح في الوطن العربي تاتي في إطار قيام شراكة اوروبية - عربية هدفها نشر الفكر والاسلوب الليبرالي في الوطن العربي وبالتالي توسيع السيطرة الفكرية والاقتصادية للسوق الاوروبية المشتركة.ويؤكد الدكتور/ محمود العريان ان دعوات الاصلاح الامريكية والاوروبية مرفوضة طالما هي من الخارج ويستشهد في مايحدث الآن في العراق ويقول ان التجربة العراقية تبين وبشكل لايحتمل اللبس فشل هذه الديمقراطية او الاصلاح المستورد من الخارج في تحقيق عملية الاصلاح.واعتبر دعوات امريكا للاصلاح مخادعة فهي لاتريد الا خدمة اهدافها الامبريالية وان اية عملية اصلاح يجب ان تكون بعيدة عن التأثير الامبريالي الامريكي المرتبط بالاهداف الصهيونية المعادية ليس للاصلاح فحسب في اوضاع الامة العربية . . بل ولوجود هذه الامة وان مابرز على السطح من خلال احتلال العراق في تجنيد قوى طفيلية عملية تسعى جاهدة ان تكون خدماً للمشروع الامريكي.. الصهيوني على حساب كل القيم الوطنية والقومية والدينية ليؤكد ان امريكا وحلفائها من صهاينة وعملاء ورجعيين لايمكن ان يكونوا صادقين في كل مايتفوهون به من اصلاح ولابد من المثابرة على تعريفهم وكشف اهدافهم التآمرية ضد امتنا العربية وتطلعاتها.[c1] اليمن تشكل نموذجاً فيالاصلاح السياسي والديمقراطي[/c]لاشك بأن الوحدة اليمنية التي تحققت في 22 مايو 1990م ساهمت بشكل كبير في وضع خطط العملية الاصلاحية في جميع المجالات وهذه ماتشهدة بلادنا من تطور ونما اقتصادي واجتماعي وثقافي وغيرها من المجالات.. وقد كان فخامة الاخ / علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية باني نهضة اليمن و المحرك لها وادى هذا النهج الى تكريس مبدأ الديمقراطية من خلال المشاركة الفعالة للقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني.ويؤكد فخامة الاخ / علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية- في كل اللقاءات ان اليمن من البلدان النامية التي تشكل نموذجاً في عملية الاصلاح الديمقراطي والاصلاح السياسي بالتالي يجعلة بلداً ديمقراطياً متميزاً في المنطقة.ويستشهد بالمنجزات الديمقراطية التي تعيشها اليمن فيقول : اليمن تعيش أجواء الانتخابات الديمقراطية. الحرة حيث اجرت انتخابات نيابية لثلاث مرات وبحضور مراقبين دوليين وكذلك اجرت انتخابات محلية وانتخابات رئاسية . كما احتضنت مؤتمراً للدول الديمقراطية الناشئة ومؤتمر الديمقراطية وحقوق الانسان ودور محكمة الجنايات الدولية في بداية عام 2004م ثم احتضنت مؤتمراً لمجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في الوطن العربي وافريقيا. فاليمن شكل نموذجاً في عملية الاصلاح السياسي والاصلاح الديمقراطي الى جانب ان اليمن كان جاداً وغير مراوغٍ في عملية الاصلاح السياسي والديمقراطي وفي مكافحة الارهاب.ويضيف ان من نتائج العملية الاصلاحية الديمقراطية والسياسية انها اوجدت نظماً يحتكم إليها جميع القوى السياسية بما فيها القوى السياسية الحاكمة » الاغلبية« حيث اصبح الدستور هو الذي يحتكم اليه الجميع.كما اوجدت رقابة تتمثل في مؤسسات واجهزة الدولة الدستورية مثل : المؤسسة البرلمانية .. وهي السلطة التشريعية التي تشترك فيها كل الاحزاب السياسية وهي المؤسسة الرقابية المشرعة وتملك حق السؤال والاستجواب ونزع الثقة.ومؤسسة جهاز الرقابة والمحاسبة وهي مؤسسة محايدة .. والسلطة القضائية : هذه هي القنوات التي تحاسب كل اجهزة الدولة ومن جانب آخر يدعو الجميع الى البدء في عملية الاصلاح وان لا ينتظروا مبادرات الاصلاح المختلفة من الخارج ... مشيراً الى ان عملية الاصلاح ليست بحاجة الى » دعوة« فليبدأ الاصلاح وانا على يقين من ان الشعب العربي سيقبله ويتفاعل معه.[c1] الحلم الرشيد[/c]إن الرؤية التي ينشدها الكثير نحو عملية التغيير او نحو عملية الاصلاح تختلف باختلاف المشارب... وهذا الاختلاف في الرؤية هي ظاهرة ايجابية تساهم في اغناء وبلورة الاجراءات نحو تحقيق عملية التغيير او الاصلاح في الدول العربية.ويرى الدكتور/ محمد الحلوة - عضو مجلس الشورى السعودي- ان مفهوم الحكم بوصفة مفهوماً معرفياً فقط.. يؤكد على ضرورة التركيز على المفهوم التنموي للحكم الرشيد الذي يربط إدارة الدولة ودرجة الرخاء الاجتماعي فيها . ويشير الى ان المفهوم التنموي للحكم هو اقرب إلى إدارة الدولة والمجتمع معاً فإن هذا يعني بحسب راية انه مفهوم له بعد اجتماعي وليس حكومياً فقط مما جعلة محل اهتمام الشعوب التي تنشد التغيير نحو الافضل فهو الذي يحقق الشرعية السياسية للنظام الحاكم في الدولة من خلال تركيزه على شرعية المنجزات.حيث يربط بين انجازات الحكومة في مجالات التنمية من جانب وقدرة هذه الانجازات على تحقيق شرعية سياسية لها من جانب آخر.كما اوضح الدكتور/ محمد الحلوة سمات هذا الحكم والتي يمكن تحديدها من خلال: الامن- والاستقرار- والشرعية السياسية- وتعدد واستقلالية المؤسسات السياسية - وسيادة القانون والنظام - وفاعلية الاجهزة الحكومية- وتوسيع المشاركة في صنع القرار- وتحقيق العدالة والمساواة في المجتمع- وتفعيل مشاركة المواطن في الناتج الوطني- والشفافية- ومحاربة الفساد- وتشجيع القطاع الخاص وكذلك الحد من سلطة البيروقراطية... وغيرها ... كما يعتبر الديمقراطية خارجاً عن هذه السمات التي حددها الحلوة فهي لاتدخل ابداً وان كان هناك توجه دولي لتصبح احد مقومات الحكم الرشيد.داعياً الانظمة العربية إلى أهمية الاخذ بخيار الحكم الرشيد الذي يمثل صمام الامان لها امام موجة الديمقرطية واستيعابها والمحافظة على كيان الدولة العربية.