في 14 يوليو 2024، تعرض دونالد ترامب لمحاولة اغتيال فاشلة، كانت تهدف ربما إلى إزاحته عن مضمار السباق الرئاسي الأمريكي. في هذه الحالة فالمستفيد الوحيد من المحاولة هو جو بايدن والمجمع الصناعي العسكري الذي يقف خلفه في الغالب، فالعلاقة بين بين ترامب وهذا المجمع كانت متوترة في فترته السابقة، فذات مرة قال: " ربما يكون كبار المسؤولين في البنتاغون لا يحبونني لأنهم لا يريدون فعل شيء سوى خوض الحروب، ولذا فإن كل تلك الشركات الرائعة التي تصنع القنابل والطائرات وكل شيء آخر ستكون سعيدة”، هذ لا يعني أن الرجل لا يحب الحرب بالمطلق، بل يحبها عندما تحقق نتيجة ملموسة، فقد طالب بأن تترك إسرائيل "تنهي ما بداته في غزة" البعض فهم العبارة بطريقته الملتوية على أنها دعوة لإنهاء الحرب.
على كل حال، ليست هذه المرة الأولى التي تحدث فيها عملية من هذا النوع في الولايات المتحدة بغرض الإزاحة عن المسرح السياسي، فقد شهد التاريخ الأمريكي اغتيالات ومحاولات اغتيال استهدفت رؤساء وشخصيات عامة، وهي:
• اغتيال الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة أبراهام لينكولن في 14 أبريل 1865.
• اغتيال الرئيس جيمس أ. غارفيلد في 2 يوليو 1881.
• اغتيال الرئيس ويليام ماكينلي في 14 سبتمبر 1901.
• محاولة اغتيال ثيودور روزفلت في 14 أكتوبر 1912.
• محاولة اغتيال الرئيس فرانكلين روزفلت في 15 فبراير 1933.
• اغتيال الرئيس جون كيندي في 22 نوفمبر 1963.
• اغتيال مالكولم إكس وهو مسلم أمريكي من أصل أفريقي وناشط في مجال حقوق الإنسان، في 21 فبراير 1965.
• اغتيال مارتن لوثر كينغ جونيور زعيم بارز في مجال الحقوق المدنية، في 4 أبريل 1968.
• محاولة اغتيال رونالد ريغان في 30 مارس 1981.
لفترة طويلة استطاع جو بايدن اشغال ترامب بمختلف القضايا الجنائية من جرائم التحرش والتهرب الضريبي وازدراء القضاء إلى الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.
أعلن ترامب عن نفسه مرشحا للرئاسة لعام 2024، بصورة مبكرة ولافتة، حينها لم يكن الكثيرون ينظرون بجدية لإمكانية حدوث ذلك وفي حينها اعتبرت مزحة سياسية تدخل على قاموس العمل السياسي الأمريكي نظرا للكثير من المثالب التي تم احصاؤها على الرجل خلال فترة الانتخابية المنقضية. وخلال الفترة اللاحقة تبينت جدية الرجل فيما عزم عليه. ونظرا للطبيعة الخاصة لأسلوب الانتخابات الرئاسية الأمريكية فقد شكك مراقبون كثر في أن يتبع الحزب الجمهوري الرئيس الجمهوري السابق لأن القاعدة أن يتم التصويت على المرشحين المحتملين داخل الحزب أولا، ولكن الرجل بإعلانه المبكر عن الترشح قد شذ عن تلك القاعدة وجاءت التصفيات الداخلية لاحقة وتابعة لخطواته الواثقة بقدراته الخاصة، وقد توجت بالفعل بترشيح الحزب له خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري ومساندة خصومه الحزبيين له مثل نيكي هايلي ورون ديسانتيس، اللذين نافسا دونالد ترامب للفوز بترشيح الحزب الجمهوري، وعبرا عن دعمهما الكامل لمنافسهما السابق في الخطابات الرئيسية في مؤتمر الحزب في ميلووكي، ثم انضم إليهما فيفيك راماسوامي وتيد كروز وماركو روبيو.
أتصور، أو هكذا يبدو، أن ترامب قد وجه الضربة القاضية لخصمه الانتخابي جو بايدن. ونتيجة هذه الضربة المفاجئة هي الفوز بالانتخابات الأمريكية حتى قبل تصويت المجمع الانتخابي المزمع في نوفمبر القادم. وبصرف النظر عن الجهة التي دبرت المحاولة، فإن نجاة ترامب من محاولة الاغتيال ليس فقط رفعت من شعبيته بل ووضعت في يده ورقة الجوكر التي ستوصله حتما للبيت الأبيض.
ليس لنا هنا من مراهنة على أي من المرشحين للرئاسة الأمريكية ليكون ولو حتى وسيطا نزيها في القضايا العربية والإسلامية، فكل من ترامب بايدن قد تنافسا علانية في إظهار صهيونيتهما ولا عزاء للمتأملين خيرا من وجه الغراب. ولكن نقول إنه حتى في الديمقراطيات الغربية تجري عمليات سياسية عنيفة ضد الخصوم ولكنها تكون محدودة الثمن والأثر، فالرمية التي لا تقتل توصل للبيت الأبيض.