[c1] وضع عدن قبل الاستعمار [/c]اثار عدد كبير من الباحثين والمؤرخين العرب والاجانب الذين كتبوا عن تاريخ مدينة عدن تساؤلات مثيرة للتأمل أبرزها : هل كان فعلا العام 1839م العام الفعلي لاحتلال عدن؟ وأشارت بعض الدراسات التاريخية الى أن العام المذكور أعلاه لم يكن إلا العام الذي وضعت فيه بريطانيا يدها بشكل كامل ومطلق ورسمي على أراضي عدن، فيما أكدت دراسات أخرى أن عملية احتلال الانجليز لعدن كانت قائمة قبل هذا التاريخ وذلك من خلال التواجد البريطاني الفعلي على أرض عدن وتدخلهم في الكثير من أمورها واستحداثهم لمناطق خاصة لم تكن تخضع لسيادة سلطان لحج، لذلك فإن تقييم حالة الاحتلال لعدن بأنها تبدأ منذ ذلك العام يراها بعض المؤرخين بأنها قد تكون دعوى يجانبها الصواب بحسب بعض التحليلات التي تشيرالى أن عدن لم تكن ضمن اهتمام الانجليز كمدينة قابلة للاحتلال وتنطلق هذه التحليلات من واقعة تاريخية تفيد أن الرحالة (البوكرك) وصل جزيرة سقطرى وبنى فيها قلعة صغيرة ومن ثم أراد الانجليز أن يتخذوها محطة لهم على طريق الهند عام 1830م لكنهم تخلوا عن ذلك وتحولوا الى عدن لأنها محاطة بصخور مسننة عالية لايمكن الاقتراب منها.ومما له دلالة أن التحليلات تتفق على أن تاريخ المحميات أو السلطنات والمشيخات يعود إلى سلسلة الاتفاقات التى عقدت بعد 1839م وتطورت إلى معاهدات تتضمن الحماية لكل مقاطعة ومنع الاتصال والتفاوض مع أي دولة غير بريطانيا . والمقصود بذلك دولة اليمن التي ظلت منذ استقلالها عن الدولة العثمانية تتمسك بالهوية اليمنية للسلطنات والامارات المتعاهدة مع الاستعمار البريطاني، حيث تعهد الأمراء والسلاطين باستشارة بريطانيا قبل اتخاذ أي إجراء فيما عدا الأمور المتعلقة بالدين الإسلامي والتقاليد المحلية وبرزت المحميات رسميا من الوجهة السياسية إثر مرسوم ملكي بريطاني صدر في الثامن من مارس 1937م حيث قسمت إلى محمية غربية وشرقية.[c1]ظهور مشروع اتحاد الجنوب العربي[/c]شهد النصف الاول من القرن العشرين المنصرم صعوداً متنامياً للحركة الوطنية اليمنية على خلفية الانتشار الواسع للافكار التحررية والقومية بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 م في مصر بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر . ويسجل المؤرخون أن أحداث شهر مارس 1956م كانت محطة مهمة في مسار الصراع بين تطلعات وأهداف القوى الوطنية في الجنوب اليمني المحتل من جهة وبين الاهداف والمخططات والمصالح الاستعمارية من جهة اخرى . ففي هذا الشهر شهدت مدينة عدن انتفاضة مارس الشهيرة على إثر ظهور الطبقة العاملة كقوة سياسية واجتماعية منظمة في نقابات، حيث ارتفعت في تلك الانتفاضة ولأول مرة شعارات تطالب بالاستقلال الوطني الناجز والوحدة اليمنية ، الامر الذي اثار قلقاً واسعاً في اوساط الادارة الاستعمارية والكيانات السلاطينية التي ارتبطت مع الاستعمار البريطاني بمعاهدات صداقة وحماية مع حكام السلطنات والامارات والمشيخات في الجنوب اليمني المحتل .وفي أول رد فعل من قبل الادارة الاستعمارية على رفع شعار الوحدة اليمنية في انتفاضة مارس العمالية أدلى حاكم عدن السير( توم هيكنوتام ) بتصريح رسمي يتضمن رغبته في إيجاد نوع من الاتحاد بين محميات الجنوب العربي ، مؤكدا«أن سياسة الحكومة البريطانية في المحمية كما في غيرها هي مساعدة جميع الأقطار التابعة لبريطانيا من أجل الوصول إلى أقصى حد من الإنماء الاقتصادي والتطور السياسي الذي تسمح به ظروف هذه الأقطار، وحكومة صاحبة الجلالة تشاطر الرأي القائل إن دول المحمية إذا اجتمعت أجزاؤها الصغيرة الضئيلة السكان القليلة الموارد في كيان مشترك أمكنها أن تصل إلى رفع درجة التطور الاقتصادي والسياسي، ومن أجل ذلك يقتضي عليها أن تسعى الى إقامة نوع من الاتحاد، فيما بينها للمساعدة والمساندة المتبادلة وتقوية الاقتصاد الداخلي والتنظيم الاجتماعي.وعلى الرغم من المعارضة الواسعة لمشروع اتحاد الجنوب العربي من قبل الحركة الوطنية اليمنية في الجنوب المحتل والحكومة اليمنية المتوكلية في الشمال واصل الحاكم البريطاني الجديد السير وليم لوس المعين في اغسطس 1956م سيره في نفس المخطط السياسي الذي وضعه سلفه.وفي فبراير1959 صدر بيان مشترك من الحكومة البريطانية وحكام السلطنات والامارات جاء فيه : «نعتقد أنه عندما يصبح الاتحاد دولة عربية إسلامية مستقلة تتمتع بالمساواة التامة مع شقيقاتها الدول العربية ستكون النتائج لمصلحة بلادنا وشعوبها، كما أنها ستكون بمثابة خطوة أولى نحو الوحدة الشاملة وإننا نتخذ الآن الخطوات الضرورية لإنشاء حكومة اتحادية».[c1]كيف شكل اتحاد الجنوب العربي؟[/c] دشن الاتحاد في 11فبراير 1959م بستة كيانات هي إمارة بيحان، السلطنة العوذلية، السلطنة الفضلية وإمارة الضالع ومشيخة العوالق وسلطنة يافع بني قاصد.ثم انضمت السلطنة العبدلية (لحج )إلى لواء الاتحاد في 12مارس 1960م ثم انضمت ثلاث امارات هي سلطنات العوالق السفلى ومشيختا العقارب ودثينة.وكان أول اجتماع للمجلس الاتحادي الأعلى في الرابع من ابريل 1959 ثم أول اجتماع للمجلس الاتحادي في 9نوفمبر 1959م. واعتبر المحللون حينها أن معارضة فكرة الاتحاد الفيدرالي كونها من صنع الانجليز أمراً مستبعداً منطقيا في تلك الفترة محتكما للرأي العام الواقعي المؤيد للوحدة أو الاتحاد، لأنه موقن أنها الطريق نحو العدالة للشعب والمخطط القويم المؤدي الى الرخاء والاستقرار.وقال:«لواستفتي أبناء الجنوب العربي استفتاء حراً بعيداً عن الضغط والتهديد والدسائس والوعيد لجاءت النتيجة حتما إلى جانب الوحدة الشاملة، لاسيما في هذه الظروف التى يتجه بها العالم نحو التكتل» .[c1]عدن وحكومة الاتحاد[/c]لم يطل الوقت على إنشاء الاتحاد بين إمارات محمية عدن الغربية حتى بدأت المباحثات مع حكومة عدن حول انضمامها إليه وتبودلت الرسائل بين حكومة الاتحاد وحكومة عدن والحكومة الانجليزية في أغسطس 1962م.وجاء في المذكرة الموجهة من وزراء الاتحاد ووزراء عدن إلى وزير المستعمرات مايلي : «نأمل عن طريق زيادة قوتنا الاقتصادية واستقرارنا السياسي أن تقترب الوحدة بين عدن والاتحاد لنيل الاستقلال التام الذي نعلق عليه أعظم الأهمية».ورد وزير المستعمرات : «وإنني أرحب بهذه الفرصة لأؤكد نية الحكومة البريطانية للسير بشعب الاتحاد بأسرع مايكون ذلك عمليا إلى الاستقلال في السيادة».[c1] وضع عدن في اتحاد[/c]في مارس 1963م أصبحت عدن إحدى ولايات الاتحاد وانتقلت من طور الاستعمار إلى طور الحكم الذاتي وحظيت بامتيازات في تشكيل الحكم الاتحادي الذي يتألف من المجلس الأعلى ومن مجلس الاتحاد. وكانت كل ولاية تمثل بسبعة أعضاء في المجلس الاتحادي وهو (المجلس التشريعي أما عدن فكان يمثلها أربعة وثمانون عضوا وتتمتع كل ولاية في المجلس الأعلى اي مجلس الوزراء بوزير واحد لكل ستة من الأعضاء في المجلس الاتحادي.وقد دار صراع حاد حول ضم عدن الى اتحاد امارات الجنوب العربي الذي اقامه الاستعمار البريطاني عام 1959م ووقع مع حكومته معاهدة الصداقة والحماية حيث خاضت الحركة الوطنية في الجنوب اليمني المحتل كفاحاً مريراً ضد ضم عدن الى هذا الاتحاد ،وبلغ هذا الكفاح ذروته بالزحف الشعبي الكبير على مبنى المجلس التشريعي لولاية عدن اثناء اجتماع المجلس التشريعي في عدن يوم 24 سبتمبر 1962م لإقرار ضم عدن الى اتحاد امارات الجنوب العربي حيث تم تغيير اسم الاتحاد الفدرالي بعد ان اصبحت ولاية عدن عضواً فيه الى اتحاد الجنوب العربي ، فيما قامت الحكومة البريطانية بتوقيع معاهدة جديدة للصداقة والحماية مع هذا الاتحاد وكان الهدف الرئيسي من هذا المخطط الاستعماري هو ضمان ربط اتحاد الجنوب العربي بالمصالح الاستعمارية من خلال الموقع الاستراتيجي لعدن كحارس يحمي الثروة البريطانية (كجبل طارق) حيث ترى القوافل تمر ناقلة إلى المملكة المتحدة واوروبا الذهب الأسود المستخرج من باب الجزيرة العربية، ولدى وصول ناقلات النفط تأخذ مصفاة عدن حصتها وفي استطاعة مصفاة عدن تزويد الأسواق القريبة في افريقيا الشرقية والمحيط الهندي وحتى سيلان بالبترول». كما تعطي السلاح الجوي الملكي البريطاني اكثر من 400 ألف طن من البنزين سنوياً، إلى جانب أهمية ميناء عدن الذي كان بمقدوره استقبال 12 سفينة دفعة واحدة وإمدادها بما تحتاج من تموين وأن يقوم بالترميمات اللازمة ما يعني أن الميناء كان يعيش حالة ازدهار اقتصادي كبير تجعله ينافس أقوى الموانئ العالمية في تلك الفترة.وكانت بريطانيا قد فرضت مجلساً تشريعياً في مدينة عدن حيث تم تعيين أعضائه من قبل المندوب السامي ( حاكم عدن ) وسط رفض وتذمر من قبل ابناء عدن الذين رفضوا هذا المجلس التشريعي المزيف .وقد أدركت بريطانيا التذمر الذي ساد المنطقة، فحاولت فرض سلطاتها القهرية بمنع المظاهرات والتجمعات، بالرغم من تهديد بعض العناصر الوطنية حل المجلس التشريعي بموجب التفويض الذي منحهم الشعب اليمني بعدن، والمطالبة بالاستقلال والحكم الذاتي، وإلغاء الحكم الاستعماري بوصفه حكما أجنبيًا قام على غزو المنطقة بالقوة.وقد اتخذت بريطانيا أسلوبا جديدا في سياستها حيث أعلنت إنشاء حكومة مستقلة بعدن وأصدر المندوب السامي أمرا بتكليف السيد حسن علي بيومي بتشكيل حكومة عدن ووضع دستورها وزارة المستعمرات البريطانية بلندن، لتخفيف حدة التوتر الذي ساد المنطقة واصدر الحاكم العام قراراته بتعيين الوزراء، وقرارا بإنشاء المجلس التنفيذي، ومجلس القضاء وقد ربط تعيين رئيس الوزراء ورئيس المجلس التنفيذي ورئيس مجلس القضاء بمرسوم ملكي توقعه ملكة بريطانيا ليصبح نافذ المفعول، وربط ذلك، بمجلس اللوردات البريطاني بلندن ومعنى هذا أن المجالس المعينة لا تستطيع أن تصدر قرارا أو تنفذ أمرا إلا بموافقة المندوب السامي بعدن.وقد تزامن تشكيل هذا المجلس مع قيام المندوب السامي باستدعاء السلاطين والمشايخ في المحمية الغربية في 4 يناير سنة 1954م حيث اجتمع بهم الحاكم البريطاني بعدن وألقى فيهم خطابا هذا نصه.[c1]نص الخطاب :[/c]“حضرات السلاطين والمشايخ الكرام.. إنكم جميعا حكام وقادة شعوبكم، ولهذا فإنه من الصواب أن أشاوركم سرا وعلانية في جميع المسائل التي تهمكم وتهم بلدكم، وبناء على ذلك فقد استدعيتكم اليوم لمقابلتي، لأن عندي اقتراحا أقدمه لكم يؤثر كل التأثير على مستقبل بلادكم وشعوبكم”.“لقد ارتبطت حكومة صاحبة الجلالة معكم ومع أسلافكم بمعاهدات منذ سنين عدة، وفي أثناء هذه المدة نشأ شعور متبادل من الاحترام والتفاهم بين حكوماتكم وحكومتي. ولقد قطعنا شوطا في توطيد الأمن في المحميات، لولاه لما أمكن تحسين بلادكم وتقدم شعوبكم، ويرجع الفضل في ذلك إلى هذا الاحترام المتبادل، وبقيادتكم لشعوبكم، وإلى معاونتكم الوثيقة معي ومع مستشاري، ونتيجة لهذا الأمر بالذات تحقق الاستقرار السريع، وتوسعت الخدمات الاجتماعية وجلب التقدم الزراعي الخير لبعضكم، ولقد كان معظم هذا التقدم نتيجة مباشرة لسياسة حكومة صاحبة الجلالة التي اعتمدت مصروفات سنوية لشؤون دفاعكم وللمحافظة على أمن بلادكم، ولموظفي الزراعة، والتعليم، والصحة، والسياسة، الذين طالما عاونوكم وأرشدوكم، كما اعتمدت مساعدات مالية لأجل استمرار خدماتكم الاجتماعية وتوسيعها لتحسين أراضيكم، وستستمر هذه السياسة مهما كانت نتائج محادثاتنا في هذا الصباح، ولقد تعاونتم من جانبكم بنية خالصة، وكان من دواعي سروري أن أرى تقدما في إداراتكم بالرغم من احتياجكم للموارد المالية الكافية، ولقد أثمرت جهودنا المشتركة، فقطعنا شوطا في الطريق المؤدية إلى السعادة والرفاهية، إلا أن الطريق لا يزال أمامنا طويلا، ولقد بلغنا على كل حال نقطة يصعب بعدها تقدم إن لم تحدث تغييرات أساسية، ولن نجد القوة التامة ما لم تحدث هذه التغييرات.“إنكم يا رؤساء المحميات وشعوبكم من دين واحد وجنس واحد ووطن واحد ومع هذا فأنتم مفرقون إلى أقاليم منفصلة، بعضها كبير وبعضها صغير، وبعضها غني وبعضها فقير، وكل واحد منكم ينفرد بقوة أمنه وبتشكيلاته الصحية وبمدارسه وجماركه، وينفق عليها في الغالب من موارده القليلة. إن كل واحد منكم يباشر سلطاته ضمن حدود بلاده، ولكن ليس لأحدكم بصفته الشخصية أي كلمة في شؤونكم كمجموعة لماذا؟؟ لأنكم متفرقون تفصلكم حدودكم ومنازعاتكم القبلية وأحيانا خصوماتكم القديمة، وببقائكم على هذا التفكك ستجدون صعوبة متزايدة في المحافظة على كيانكم الاقتصادي”.“ولست أدري كيف تستطيع بلادكم أن تتطور سياسيا وأنتم على هذا الحال، فمنذ مجيئي إليكم كحاكم عام كان هذا الموضوع شغلي الشاغل، ولقد وضعت مع مستشاري مشروعا لمستقبل المحميات يرمي إلى إزالة الفرقة، تلك العقبة الكؤود التي تقف في سبيل التقدم. وفي رأيي أنه من الضروري أن تتحدوا، لأنه بدون قوة الاتحاد سوف تفشلون حتما. ولن تتمكنوا من احتلال المنزلة اللائقة بكم في هذا العصر الحديث. ستبدأ صورة التوحيد التي في بالي وبال مستشاري في صورة متواضعة. وهي مرسومة بصورةٍ تمكنكم من الاحتفاظ بسلطاتكم ضمن حدودكم القبلية بينما توحدكم كشعب. إن الاتحاد الذي يجول بخاطري قد أعد بحيث يعطيكم نصيبا متزايدا في أن تسير المحميات كمجموعة، وبحيث تستفيدون اقتصاديا عن طريق توحيد بعض المرافق.“وبهذه الطريقة وبها فقط كما أرى، يمكنكم تأمين مستقبل شعوبكم. وقد تتساءلون عما إذا كانت هناك أي خطط للاتحاد قد وضعت ؟؟ فأجيب على ذلك : بأن خططا قد وضعت فعلا بتفصيلات تامة، ولسوف أطلب مشورتكم بشأنها. في نيتي أن أستشير منكم خير من يستطيع تقديم المشورة دون تحمل مشقة. وأرى أن أعطيكم اليوم صورة عامة فقط لنواياي، فسيكون هناك كما أتمنى اتحادان أحدهما في الجهة الغربية من المحميات والآخر في الجهة الشرقية منها. أما اليوم فإن الجهة الغربية هي التي تهمنا، وهي الجهة التي فيها بلدانكم ولسوف تقوم سلطنات المحميات الشرقية بتوحيد نفسها، وإني أعلن أن المباحثات تدور الآن بين رؤساء تلك السلطنات والمستشار المقيم هناك، وأود هنا أن أدلي ببيان فيما يتعلق بالبلدان التي لها الحق في عضوية الاتحاد، وجميع ما يترتب عن الاتحاد من فوائد. إنني أرى أن البلدان التي لها الحق في عضوية الاتحاد، هي فقط التي ترتبط بمعاهدات استشارية مع حكومة صاحبة الجلالة.. أما البلاد التي ليس لها الحق فستظل تتلقى الإرشاد والمعونة بواسطة المعتمد البريطاني للمحمية الغربية كما كان الحال في الماضي، وعندما تكتسب هذه البلاد مؤهلات العضوية سيتوقف اشتراكها في الاتحاد على موافقة دول الاتحاد”.[img]Cimg0067.jpg[/img]“سيكون في مشروع الدستورين الموضوعين للاتحادين كثير من النقاط المتشابهة، ففي المشروعين مثلا : سيصبح الحاكم العام لعدن والمحميات مندوبا ساميا للمحميات، وسيكون المجلسان متشابهين، أما الشكل العام لإدارة الاتحاد المقترح فهو كما يلي :“مندوب سام يتمتع بنفس السلطات التي يتمتع بها الحاكم العام. ومجلس رؤساء يضمُ إليه رؤساء البلاد الداخلة في الاتحاد، ومجلس تنفيذي يتألف من اثنين من أعضاء مجلس الرؤساء، وعضوين من المجلس التشريعي والمستشار المالي والمستشار القانوني تحت رئاسة المستشار العام، وسيكون المستشار العام اللقب الجديد للمعتمد البريطاني. ومجلس تشريعي يتألف من أعضاء يمثلون البلاد الداخلة في الاتحاد وأعضاء يمثلون الإدارة. لا أود أن أشغلكم اليوم بكثيرٍ من التفصيلات إلا أنه ينبغي أن تعلموا ما هي اختصاصات المندوب السامي والمجالس، فبالاختصار سيكون المندوب السامي رئيسا للاتحاد وفي خدمتكم في كل حين كما هو الآن يقدم المعونة والإرشاد ويكون مسؤولا عن علاقاتكم الخارجية وشؤون أمتكم واتخاذ الإجراءات اللازمة المناسبة في الطوارئ الخطيرة”.“أما مجلس الرؤساء فسيكون المجلس الأعلى للاتحاد وسيُعالج سياسة الاتحاد والمشاريع العامة، كما أنه سيكون الهيئة التي تقر القوانين”.“أما المجلس التنفيذي فسيعالج شؤون الإدارة اليومية ويتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سير الاتحاد كما ينبغي”.“وسيضطلع المجلس التشريعي بالمهام التي يدلُ عليها اسمه، أي أنّه سيكون الجهة التي تدرس فيها التشريعات التي يقدمها المجلس التنفيذي ويناقشها بحرية تامة قبل الموافقة عليها”.“وهذا ما يتعلق بالشكل العام”.[img]Cimg0068.jpg[/img]“والآن فلنتنقل على أعمال إدارة الاتحاد، والأمور التي سنعالجها في هذه المرحلة محدودة، وهذه الأمور هي التعليم والصحة والمواصلات والجمارك والبرق والبريد، أما بقية الأمور فستعالج كما في الماضي، إما بواسطتكم إذا كانت تخص شؤونكم الداخلية أو بواسطتي فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية والدفاع .. الخ. وستبادرون إلى التساؤل عما سيحدث لبلادكم عندما يسلم دخل الجمارك الذي تعتمدون الآن عليه إلى حد بعيد إلى إدارة الاتحاد؟؟ والجواب على ذلك هو أن إدارة الاتحاد ستتسلم المواصلات والتعليم والصحة وهي خدمات تنفقون أنتم عليها الآن، وهكذا تتخلصون من تحمل نفقات كبيرة، وفضلا عن هذا سوف لا تتكبد بلادكم خسائر مالية نتيجة لاشتراكها في الاتحاد. وأود أن أوضح هذا توضيحا كافيا، وأن أكرر القول بأنه لن يكون هناك خسائر مالية.. بل في الواقع يحتمل أن يكون هناك ربح مادي بعد تحقيق الاتحاد”.“ليس من المقترح الآن أن يصبح أي أمر آخر تابعًا للاتحاد، إلا أنكم في المستقبل سترغبون دون شك في أن تصبح أمور أخرى تابعة للإدارة المركزية. وعندما يحين ذلك الوقت سيكون لكم الحق في المطالبة بتعديل قوانين الاتحاد ليصبح ذلك ممكنا. أما ضمان حدود بلادكم فباستثناء الشؤون المتعلقة بالاتحاد، فإن سلطاتكم ستظل على ما هي عليه في الاقتراح الذي رسمته والذي أرجو أن أناقشه معكم في القريب العاجل.“وبالاختصار فإن الاقتراح الذي أطب موافقتكم عليه مبدئيا فقط تفصيليا، هو كالآتي :“قيام نظام اتحاد تحت المندوب السامي على الأسس التي أشرت إليها سابقا، وهي تشكيل مجلس تنفيذي ومجلس تشريعي. وأن يختص الاتحاد في الوقت الحاضر بشؤون الجمارك والتعليم والصحة والبرق والبريد والمواصلات، وبالإضافة إلى ذلك ستكون لإدارة الاتحاد سلطة فرض ضرائب على الواردات إلى المحميات والصادرات منها، إلا أن إدارة الاتحاد سوف لا تتمتع بهذه السلطة إلا بموافقة المجلس التشريعي وموافقتكم كمجلس رؤساء، ويجب علي أن أنبهكم إلى أن الحصاد لا يتم إلا بالعمل الشاق، وفي الوقت الذي يريده رب العباد. فلا تتصوروا أنه بمجرد قولكم سوف نتحد، يتم الاتحاد، فالاتحاد الناجح لا يتحقق إلا بالعمل الشاق والتعاون من جانب الرؤساء والشعب، وبالرغبة الخالصة في التفاهم. إننا هنا أنا ومساعدي لتقديم المعونة والإرشاد لكم إذا رغبتم فسوف نتقدم معا لبناء الاتحاد في المحميات الغربية، والاتحاد يمكنكم من القيام بدور هام في إدارة شؤون المحمية الغربية كمجموعة. وفي الوقت نفسه تحتفظون بسلطاتكم داخل أقاليمكم، فإذا كنا متفقين على هذه الخطوط فإني أطلب منكم أن تتركوا لي ولمستشاري المهمة الضخمة. مهمة وضع التفصيلات التي سأطلب منكم المشورة بشأنها، وبعد ذلك عندما نكون قد أنجزنا هذه المهمة التي أرجو أن أنتهي منها في أول أبريل سوف أطلب منكم التشاور معي كما فعلتم اليوم. وأرجو أن أتمكن من الوصول إلى اتفاق نهائي على خطة مفصلة لرفعها إلى حكومة صاحبة الجلالة”.[img]Cimg0069.jpg[/img]وبهذا الخطاب ضرب على الوتر الحساس وجس النبض بالنسبة للشعب وتقبله للمشروع أو رفضه، وكتمهيد جديد لتنفيذ مخططاته الاستعمارية، ومعرفة رد الفعل في الأوساط اليمنية والعربية.وقد استغل المندوب السامي إثارة الخلافات المذهبية في شمال اليمن وجنوبه مستندا إلى أن المذهب في شمال اليمن مذهب الشيعة - الزيدي، وفي الجنوب مذهب السنة - الشافعي، مع العلم أن الشمال لا يزال يعلن أن الجنوب جزء لا يتجزأ من اليمن الأم، وان الدين واحد، والوطن واحد.وبهذا شعرت السلطات الاستعمارية باستياء اليمنيين شمالاً وجنوبا فجمدت مشروع الاتحاد وطرحته للنقاش، وأخذت تستميل بعض العناصر من السلاطين والأمراء، والمشايخ، والمثقفين وإغرائهم بالمواعيد المعسولة بتطور المنطقة في ظل الاتحاد.وبعد عامين فرض الاستعمار إنشاء (اتحاد إمارات الجنوب العربي) وأصدر قرارات بتعيين السلاطين والأمراء والمشايخ وزراء في دولة الاتحاد وأصبح يمارس سلطاته في ظل الاتحاد.وكان الاعتداء الثلاثي على مصر العربية عام 1956م نقطة تحول في المنطقة حيث قامت المظاهرات الطلابية والعمالية تندد بالاستعمار وأعماله العدوانية والذي يعمل دائما على تشتيت التجزئة في الوطن العربي، وعمقها طيلة تاريخه الطويل وتدعو إلى جلاء الاستعمار من الجنوب واستقلاله وإيجاد دولة مستقلة لها كيانها وسياستها ودستورها.وفي عام 1959م أعلنت بريطانيا قيام الاتحاد الفيدرالي لمناطق الجنوب وهو نفس الاتحاد الذي أعلنه الحاكم البريطاني عام 1954م إلا أنه شمل هذه المرة المحميات الشرقية والغربية وعدن، وقد فرض معاهدة جديدة قبل إعلان الاتحاد ضمانا لتنفيذ مخططاته الاستعمارية وفرضها فرضا على دولة الاتحاد.وفيما يلي نص المعاهدة بين المملكة المتحدة “والاتحاد الفيدرالي لإمارات الجنوبي العربي”.[c1]المادة الأولى :[/c]سوف يكون هناك سلام وصداقة دائمان وتعاون كامل وخالص بين المملكة المتحدة والاتحاد.[img]Cimg0066.jpg[/img][c1]المادة الثانية : [/c]1- سوف تشرف المملكة المتحدة ويكون لها المسؤولية الكاملة بشأن علاقات الاتحاد مع الدول الأخرى وحكوماتها والهيئات الدولية، وسوف لا يدخل الاتحاد في أية معاهدة أو اتفاقية أو مراسلات أو علاقات أخرى مع أية دولة أو حكومة أو هيئة بدون معرفة وقبول المملكة المتحدة.2 - سوف يبلغ الاتحاد على وجه السرعة المملكة المتحدة عن أي تدخل أو محاولة للتدخل في شؤون الاتحاد من قبل أية دولة أو حكومة أخرى.3 - سوف لا تدخل المملكة المتحدة في أية معاهدة أو اتفاقية تنص على أي تغيير في حدود الاتحاد أو تعترف بأي تغيير في هذا الخصوص بدون موافقة الاتحاد.[c1]المادة الثالثة :[/c]1 - ستشمل صاحبة الجلالة البريطانية الاتحاد برعايتها الكريمة وحمايتها.2- أن الترتيبات المفصلة والمذكورة في الملحق بشأن المساعدة والتعاون المشترك بالدفاع سوف يكون لها المفعول كجزء من المعاهدة الحاضرة.[c1]المادة الرابعة :[/c]1- سوف تقدم المملكة المتحدة إلى الاتحاد النصح والمساعدة المالية والفنية لكي تساعد الاتحاد في تطوره الاقتصادي والسياسي، وتأسيس وصيانة جيش الاتحاد والحرس الوطني للاتحاد، وسوف يقرر مقدار وشكل المساعدة المالية والفنية من وقتٍ إلى آخر بواسطة المملكة المتحدة بعد التشاور مع الاتحاد آخذة بعين الاعتبار كل العوامل الخاصة بالموضوع.2- سوف يسلم الاتحاد ويقدم جميع التسهيلات الضرورية للموظفين الاستشاريين والفنيين الذين تقدمهم المملكة المتحدة بموافقة الاتحاد لمساعدة الاتحاد.[c1]المادة الخامسة :[/c]1- سوف يقبل الاتحاد ويعمل على إنجاز أي نصيحة تقدم من قبل المملكة المتحدة بشأن أي قضية متعلقة بسياسة الاتحاد.2 - سوف يقدم الاتحاد إلى المملكة المتحدة نسخا من الوثائق المتعلقة بإجراءات الهيئة التشريعية والهيئة التنفيذية للاتحاد كما ستطلبه المملكة المتحدة من وقت إلى آخر.[img]Cimg0065.jpg[/img][c1]المادة السادسة :[/c]1- إن أية ولاية ليست ضمن الاتحاد حتى تاريخ التوقيع على هذه المعاهدة الحاضرة لن يسمح لها بالدخول في الاتحاد دون موافقة المملكة المتحدة أولاً على ذلك.2 . عند دخول أية ولاية في الاتحاد طبقا لشروط دستور الاتحاد ولهذه المادة ستعتبر أن المملكة المتحدة والاتحاد هذه المعاهدة الخاصة منطبقة على تلك الولاية كجزء من الاتحاد.[c1]المادة السابعة :[/c]طالما أن جميع المعاهدات والارتباطات والاتفاقيات الأخرى التي أبرمت من قبل بين المملكة المتحدة وحكام الولايات المشكلة للاتحاد غير متناقضة مع المعاهدة الحاضرة، فإن تلك المعاهدات والاتفاقيات والارتباطات الأخرى ستستمر سارية المفعول.[c1]المادة الثامنة :[/c]لأجل أغراض المعاهدة الحاضرة سوف تكون المراسلة بين المملكة المتحدة والاتحاد عن طريق الشخص الذي يشغل وظيفة الحاكم والقائد العام لمحمية عدن أو من ينوب عنه.[c1]المادة التاسعة :[/c]سوف يسري مفعول المعاهدة الحاضرة عند التوقيع عليها ويمكن إعادة النظر فيها في أي وقت بالاتفاق المتبادل بين الموقعين عليها. وإشهادا على ذلك فقد وقع المذكورون أدناه على المعاهدة الحاضرة بصفتهم الأشخاص المفوضين من قبل الأطراف المتعاقدين.حررت هذه المعاهدة من نسختين باللغة الإنجليزية.[c1]ملحق للمعاهدة :الفصل الأول :[/c]سوف تتخذ المملكة المتحدة تلك الخطوات التي تراها في أي وقت ضرورية أو مرغوبا فيها للدفاع والأمن الداخلي للاتحاد.[img]Cimg0064.jpg[/img][c1]الفصل الثاني :[/c]1 . سيحتفظ الاتحاد بجيش اتحادي، وسيتخذ تلك الخطوات التي يراها ضرورية لصيانته ليكون في حالة من الكفاءة واستنادا إلى الالتزامات التي تعهدت بها المملكة المتحدة بخصوص الدفاع عن الاتحاد والمصلحة المشتركة للمملكة المتحدة والاتحاد في تقديم الدفاع المتبادل سوف يهيئ الاتحاد بناء على طلب المملكة المتحدة ذك القسم من الجيش الاتحادي الذي تطلبه المملكة المتحدة للخدمة خارج الاتحاد تحت إشراف ضابط من قوات صاحبة الجلالة في المملكة المتحدة كما تختار المملكة المتحدة.2 . إن الضابط الذي سيكون قائدا لجيش الاتحاد سوف يعين من قبل الاتحاد بموافقة المملكة المتحدة.[c1]الفصل الثالث :[/c]سوف يحتفظ الاتحاد بحرس وطني لفرض صيانة الأمن الداخلي وحيث يكون ضروريا للمساعدة في الدفاع عن الحدود. وسيتخذ الاتحاد تلك الخطوات التي يراها ضرورية لصيانته ليكون في حالة من الكفاءة. وبناء على طلب الحاكم العام سيهيئ الاتحاد ذلك القسم من الحرس الوطني الذي يطلبه الحاكم العام للخدمة تحت إشرافه في ذلك القسم من محمية عدن خارج الاتحاد.[c1]الفصل الرابع :[/c]بناء على التزامات المملكة المتحدة بمقتضى المادة الرابعة من معاهدة الصداقة والحماية بأن تقدم المساعدة المالية والفنية بخصوص تأسيس وصيانة جيش الاتحاد وحرس وطني للاتحاد سوف تقدم المملكة المتحدة ما يقرر بمقتضى تلك المادة.(أ) الموظفين للمساعدة في توظيف وإدارة وتدريب جيش الاتحاد والحرس الوطني.(ب) التسهيلات وتشمل الدراسة العسكرية في الخارج لتدريب أفراد جيش الاتحاد والحرس الوطني.(ج) النصيحة والمساعدة من الخبراء في الأمور الحربية والفنية.(د) المساعدة في التزويد بالمعدات لجيش الاتحاد والحرس الوطني.(هـ) الانتفاع بالتسهيلات الموجودة بمحطة مستعمرة عدن.[img]Cimg0063.jpg[/img][c1]الفصل الخامس :[/c]1 . سوف يسمح الاتحاد لقوات صاحبة الجلالة أو إلى قوات أخرى، تعتبرها المملكة المتحدة صديقة أن تتمركز في الاتحاد وأن تتحرك بحرية داخلة وإليه ومنه مع معداتها ومخزوناتها وأن تحلق طائراتها في سماء الاتحاد وأن تقوم بأية عمليات أخرى، كما تدعو الضرورة. وسوف يمنح الاتحاد لأي قوات تكون في الاتحاد كل التسهيلات طبقا لهذا الفصل وسيتخذ خطوات أخرى لمساعدتها كما تدعو الضرورة.2 . ما عدا ما هو متفق عليه بين المملكة المتحدة والاتحاد فأية قضية خاصة أو قضية غير ذي صبغة شرعية بخصوص جميع الإجراءات ضد أفراد تلك القوات والموظفين المذكورين في فقرة (أ) من الفصل الرابع في هذا الملحق.سوف تمارس هذه الأمور بواسطة محاكم وسلطات مؤسسة أو معترف بها من قبل المملكة المتحدة لهذا الغرض، وسوف تتخذ المملكة المتحدة تلك الخطوات الضرورية والعملية لتضمن صيانة القانون والنظام بين القوات والأشخاص.[c1]الفصل السادس :[/c]1 . سوف يعين الاتحاد من وقت إلى آخر شخصين لا أكثر للعمل كأعضاء في مجلس الدفاع الذي سيؤسس من قبل المملكة المتحدة لتقديم النصح إلى الحاكم العام في الأمور المتعلقة بالدفاع عن محمية عدن.2 . سوف يستشير الاتحاد مجلس الدفاع في الأمور المتعلقة بالدفاع والأمن الداخلي للاتحاد، ويشمل ذلك الإدارة والتدريب وعمليات قوات الاتحاد وعلى الاتحاد أن يطلع مجلس الدفاع بكل هذه الأمور.[c1]الفصل السابع :[/c]في هذا الملحق فإن عبارة “الحاكم” إنما تعني الشخص الذي يشغل منصب الحاكم والقائد العام لمحمية عدن أو لمن ينوب عنه.وعلى ضوء هذه المعاهدة يعتبر الاتحاد صورة شكلية وأوهاما خيالية صورها الاستعمار تنفيذا لمخططاته الجديدة، ووسيلة لتنفيذ وتثبيت سيطرته في المنطقة داخليا وخارجيا، والقضاء على المد الثوري الذي تشهده المنطقة، وضرب الحركات التحررية التي تشهدها المنطقة العربية.فالاستعمار بموجب هذه المعاهدة اتخذ لنفسه الحق المطلق في استخدام أراضي الاتحاد بحرا وجوا وبرا لصالح القوى الاستعمارية الغربية واحتلال أي منطقة في أي وقت يشاء، واستخدامها في أي وقت يريد. وعلى الاتحاد أن يسخر كل إمكانياته ويخضع للقوانين التي تصدرها السلطات الاستعمارية في عدن، وتقديم كافة المساعدات لهذه القوات حتى ولو كانت ضد الدول العربية، وأصبح مجلس الاتحاد عبارة عن آلة مسخرة بيد الاستعمار يحركه متى شاء وكيف شاء، وكقوة جديدة لتهديد حكومة الإمام في شمال الوطن والضغط عليها لإيجاد مزيد من التقارب بينها وبين بريطانيا. وقد جعل في كل وزارة مستشار بريطاني ويعتبر المنفذ والمدبر وله السلطة الكاملة قبل الوزير.وكذا جعلت دورية رئاسة مجلس الاتحاد بين السلاطين والمستوزرين مع العلم أن المستشار البريطاني والمعتمد البريطاني هم المنفذون والمسيرون لما يسمى مجلس الاتحاد.[img]Cimg0070.jpg[/img]وقد عارض الرأي العام في المنطقة هذا الاتحاد، ووصفوه أنه مشروع استعماري فرض بالقوة، وقامت المظاهرات والاحتجاجات تندد بالاستعمار وتطالب بالاستقلال وجلاء القواعد العسكرية وإعطاء شعب الجنوب حق تقرير المصير وإنشاء دولة مستقلة لها كيانها، واستقلالها ودستورها.وفي عام 1961م استغل وزير المستعمرات البريطاني وجوده بعدن فأثار دمج (عدن) في الاتحاد الفيدرالي، وقام بمشاورات مع وزراء عدن، والمجلس التشريعي، ووزراء الاتحاد مستهدفة وحدة حكومة عدن مع حكومة الاتحاد في دولة واحدة تسمى (اتحاد الجنوب العربي) واقترح أن يقوم وفد من وزراء عدن ووزراء الاتحاد والمندوب السامي بزيارة لندن لاستئناف المفاوضات حول مستقبل المنطقة، فقام وفد برئاسة المندوب السامي البريطاني، والوزراء المعنيين من حكومة عدن والاتحاد بزيارة لندن، وبدأت المحادثات وأقرت بعض النقاط المطروحة للمشروع الاستعماري الجديد، وتركت تفاصيل البت لبعض المواد في اجتماعات أخرى تعقد في عدن برئاسة الحاكم البريطاني.وعاد الوفد إلى عدن واستؤنفت المحادثات من جديد وتكونت لجان لدراسة النواحي المالية والسياسية والقانونية والدستورية اشترك فيها ممثلون من وزارة المستعمرات البريطانية، وبدأت المفاوضات في دمج حكومة عدن في الاتحاد، وقيام لجنة وزارية من حكومة عدن، وحكومة الاتحاد لدراسة الأسس التي سيقوم عليها الاتحاد، بالرغم من معارضة بعض الوزراء في حكومة عدن لهذا المشروع والإصرار على بقاء حكومة عدن مستقلة تتبع التاج البريطاني باعتبار أن حكومة عدن لها جهازها الإداري الحديث، ومجلس تشريعي، وحكومة مركزية ذات صلاحيات واسعة. وبعد سلسلة من المباحثات اتفق بعض الوزراء على دمج عدن مع حكومة الاتحاد في اتحاد جديد يسمى (اتحاد جنوب شبه الجزيرة العربية) كما عارضه آخرون بوحي من السلطات الاستعمارية والتي تطالب بتعدين عدن، وقد اشترطت شروطا أساسية أن يكون لعدن حق الانفصال من الاتحاد متى شاءت، وقد وافقت السلطات البريطانية على هذا المشروع وأعلن دستور الاتحاد الذي جرد حكام الولايات من كثير من صلاحيتهم وأفقدتهم سلطاتهم بقدر ما قلل من صلاحية وزراء حكومة عدن وزاد من صلاحية المندوب السامي والمعتمد البريطاني.وقد عارض هذا الدستور كثير من الأحزاب والمنظمات، واستاء حكام الولايات من مشروع الدستور واعتبروه مجحفا في حق حكومة الاتحاد.وفي 24 سبتمبر عام 1962م تقرر اجتماع المجلس التشريعي العدني للتصويت على دمج عدن في حكومة الاتحاد وسط المظاهرات الصاخبة خارج المجلس، تستهدف منع المجلس من دخول قاعة الاجتماعات لولا قوة القوات المسلحة البريطانية، وضعت حزاما أمنيا حول المجلس الذي اقر أخيرا مشروع الدمج بأغلبية بسيطة، وقد عارضه كثير من الوزراء والأحزاب السياسية العدنية كالجمعية العدنية، ورابطة أبناء الجنوب التي هاجمت الاتحاد الذي يرأسه السيد حسن علي بيومي الذي اقر بصلابة في المجلس التشريعي دمج عدن في الاتحاد باعتباره رئيس الحكومة بعدن، وأصبحت عدن في غليان واضطرابات.وفي 26 سبتمبر عام 1962م فوجئ العالم بقيام الثورة اليمنية في صنعاء وإعلان الحكم الجمهوري فيها فكانت ثورة قاصمة وضربة قوية في نحر بريطانيا وعملائها في المنطقة، أقلقت الأوساط الاستعمارية والرجعية العميلة، وكان هذا اليوم نقطة تحول في المنطقة بل في الجزيرة العربية بكاملها.
صورة جماعية لعدد من القيادات الحكومية في اتحاد الجنوب العربي