الغدر صفة متأصلة في الإنسان منذ قديم الزمان، ومنذ أن قتل قابيل أخيه هابيل بسبب الطمع وحب التملك وجب السيطرة... وأمام هذه الجريمة الشنعاء التي لطخت تاريخ البشرية بدماء طاهرة منذ الأزل، أصبح تداولها بين البشر وعلى مر السنين أشبه "بقصص الخيال" أمام ما نقف اليوم أمامه ونعاني منه في زمننا الحاضر من غدرٍ متقن ونابع من عقول امتازت بمهارة كيفية الاستفادة من هذه الصفة واستغلالها قدر الإمكان وبشكل منظم.ومع ذلك يظل من يمارس هذه الصفة هو في الأصل ضعيف النفس والإرادة ومهما بلغت عبقريته في إيذاء الناس فهو في نهاية المطاف يحتمي ببيوت العنكبوت المبنية من خيوط وهنة قابلة للتمزق "من أقل من نسمه هواء".وعلى الرغم من تلك الحقيقة التي لا غبار عليها يظل الغدر قائماً يتعايش بيننا ويترعرع في كنفنا عن قرب ونتذوقه كل يوم دون أن نعلم أنّه يحيك من حولنا خيوطه ويقدم إلينا كطبق العسل المدسوس بالسم تتجرعه من أقرب الناس إليك بحكم ثقتك العمياء ممن تحب وتقتاد وراؤه وكأنّه النور الذي تبصر من خلاله الدنيا، وأنت لا تعلم أنّ كل ما تواجهك في الحياة من مصائب ومحن وكوارث ورائها غدر متقن، قريب منك ودون أن تشعر به أو تسمح لنفسك مجرد التفكير به.وأمام هذه الغفلة تمتد يد الغدر لتسرق كل شيء جميل في حياتنا وتظل في كياننا ليصبح الحقد والحسد هما الدافع الأول له ومنهم من يرى أنّ المال والتشكيك في نزاهة بعض، هي الأنسب للغدر والتربع على عرشه ونحن نقف أمام هذا وذاك ومن هو الأخطر نجد أنّ من هو اقرب إليك "في المكانة والقلب" وهو "يراك الأقرب إليه في الغدر"، وهو من يستحق أن يتوج بتاج الغدر لبراعته المتقنة في جعل حياتك الشخصية خيوط عنكبوت تحاك حول عنقك لتغتال تلك السعادة التي هي كل ما تملك وكل ما تبقى لك من حطام الدنيا الفانية بعد أن طالتها يد الغدر.وداد شبيلي
"الغدر .. وخيوط العنكبوت" .. والتربع على عرشه
أخبار متعلقة