أصبحت البطالة اليوم هماً مشتركاً يؤرق كثيراً من البلدان النامية ومن ضمنها بلادنا اليمن ، لأن البطالة أخذت تزداد عاماً بعد عام تلقي بالشباب على قارعة الطريق بلا فرص عمل ولا تجنيد لطاقاتهم في العملية التنموية التجنيد الأمثل ، الأمر الذي يعرضهم أن يكونوا لقمة سائغة للإحباط الذي يقودهم صوب التطرف والعنف .ولا شك أن ما نشهده في هذه البلدان النامية – ومنها بلادنا- من تردي الأوضاع الاقتصادية الذي يغذيه التعليم الخاطئ يلعب دوراً كبيراً في إفراز أفكار شريرة وتدميرية تكره التنوير والمعرفة .إن النموذج الاقتصادي المتعولم المبني على آليات السوق الحر الذي أخذت بة البلدان العربية النامية أسوة ببقية الأقطار النامية الأخرى في العالم أدت إلى تفشي الفقر فيها على نطاق واسع وإحدث تفاوت واضح بين الغني والفقير . فبجانب ظهور فقراء جدد بزر أيضاً أغنياء محدثون ، حيث أصبح النصيب الخاص في دخول الأغنياء ، غالباً بنسبة 1:74 إلى دخول الفقراء في العام 1997م حتى اليوم ، فكان ذلك أحد أهم العوامل التي أدت إلى تفشي ظاهرة البطالة بشكل خطير وغير مسبوق من نوعه ، وتهميش الملايين من سكان الأرض وتغييبهم عن التفاعل داخل المنظومة الدولية ، وإحالتهم إلى عناصر خاملة منعزلة تطويها حالة من البؤس والتدهور في المستوى المعيشي والتعليمي والمعرفي.وبعد ذلك جاءت العولمة لتصب من ويلاتها على هؤلاء وتجهز عليهم، وتحسم الأمر بشكل يكاد يكون نهائياً ، ولتغرس بذلك جذور الداروينية وتنميتها ، ولتقوم بدورها بانتخاب واختيار أولئك الذين ينعمون بالحياة ، ويسعدون بها وهم قلة ، وتدور وراءها الأغلبية المهشمة البائسة ، وتسحق في مسيرتها ما كان يعرف بالطبقة الوسطى تلك الطبقة التي طالما ثارت على الظلم والجور والفساد .ومن يطلع منا على تقارير برنامج التنمية للأمم المتحدة في أعوامه من 2003م حتى اليوم يرى بأن بطالة المتعلمين في ازدياد ، وقلة المهارات لديهم ، وبعدهم عن العصر ، حتى قيل إن (أزمة العرب في جوهرها أزمة تربية )ويتضح من خلال تلك التقارير أن هناك ((أزمة تربية)) بالفعل، وأن هناك خللاً جسيماً مشتركاً بين مدخلات التعليم عموماً ومخرجاته في المحصلة التعليمية النهائية ، بدءاً بالتعليم العام وانتهاء بالتعليم الجامعي، مما يدل على أننا بحاجة ماسة إلى إصلاح تربوي شامل للنظام التعليمي نظماً ولوائح وقيادات ومناهج تعليمية حديثة ومتطورة ومواكبة لمتطلبات العصر ، ومرتبطة في المقام الأول بالتنمية واحتياجات سوق العمل من المهارات المطلوبة .... فهل نحن جادون في ذلك بكل همة وعزيمة لا تلين ؟ نرجو ذلك من كل قلوبنا .
البطالة :سببها مخرجات التعليم أم عوامل أخرى؟
أخبار متعلقة