[c1]"جديد أقره المجمع"[/c]يخطئ من يظن أن مجامع اللغة في العالم العربي وفي غيره، تستطيع وحدها النهوض بخدمة اللغة، فلكل لغة حياة أطول وأعرض وأقوى وأرحب مما يدور في نطاق مجمع علمي أو لغوي كما يقول الدكتور إبراهيم بيومي مدكور رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الذي يحدد حياة كل لغة في أمرين مهمين:ماض له احترامه وقداسته، وحاضر له حاجاته ومتطلباته. إذا وقفت اللغة عند الماضي وحده كتب عليها الجمود والركود والتخلف، وإذا شغلت بالحاضر فقط فقدت أخص خصائصها من اطراد واستقرار، وأصبحت وليدة الهوى والمصادفة وأدت إلى كثير من البلبلة.ومن بين ما أقره مجمع اللغة العربية وأجاز استخدامه - في دوراته العلمية الأخيرة - جواز استعمال كلمات مصدرية شاعت على ألسنة الكتاب وأقلامهم على وزن الفعالة - بفتح الفاء وكسرها، وعلى وزن الفعولة- بضم الفاء- وهي كلمات ليست من مسموع اللغة، ولذا فقد أنكرها النقاد والمتشددون من حفظة اللغة.من بين هذه الكلمات على وزن فعالة بكسر الفاء: القوامة - الهواية - البداية - اللياقة - العمالة - العمادة - النيافة، وعلى وزن فعالة - بفتح الفاء: الزمالة - العراقة - الفداحة - النقاهة - السماكة.وعلى وزن فعولة - بضم الفاء: السيولة - الليونة - العمولة - الميوعة - الخصوبة - الخطوبة - الخطورة - الحمولة، وكان قرار المجمع على هذه الصورة:"يجاز ما يستحدث من الكلمات المصدرية على وزن الفعالة - بكسر الفاء - إذا احتملت دلالتها معنى الحرفة. أو شبهها من المصاحبة والملازمة، وكذلك يجاز ما يستحدث من الكلمات المصدرية على وزن الفعالة - بالفتح - والفعولة - بالضم - من كل فعل ثلاثي بتحويله إلى باب فعل - بضم العين - إذا احتمل دلالة الثبوت والاستمرار، أو المدح والذم، أو التعجب، وهو قرار يهدف إلى التيسير وإقرار ما ضخ في ذوق الكتاب واستخدموه ويفتح بابا للمزيد من استحداث مثل هذه الكلمات المصدرية وإشاعتها في لغتنا العربية المعاصرة تلبية لاحتياجات التعبير ومتطلبات الحياة التي لا تتوقف.كما أقر المجمع في مجلسه ومؤتمره - ما توصلت إليه لجنة الأصول في دراستها لاستعمال كلمة ( خاصة) و(خصوصا) في تعبير الكتاب، مستخلصة ما يأتي:نص بعض اللغويين على أن (خاصة) اسم مصدر أو مصدر جاء على فاعلة كالعافية وأن ( خصوصا) مصدر، ولهما في الاستعمال صور منها:1- أحب الفاكهة وبخاصة العنب، وفي هذا ونحوه يرفع ما بعدها على أنه مبتدأ مؤخر. 2- أحب الفاكهة وخاصة العنب وفي مثل هذا تنصب (خاصة) على أنها مصدر قام مقام الفعل وما بعدها مفعول به. 3- أحب الفاكهة خاصة العنب (دون الواو) ونحو هذا تنصب فيه (خاصة) على أنها حال وما بعدها مفعول به. 4- أحب الفاكهة وخصوصا العنب، وفي هذا ومثله تنصب (خصوصا) على أنها مصدر قائم مقام الفعل، وما بعدها مفعول به. كما أقر المجمع ما يستعمله بعض الكتاب في مثل قولهم: العضو الرئيسي والشخصيات الرئيسية، وكان كثير من النقاد وحفظة اللغة ينكرون ذلك ويعدونه خطأ في الاستعمال.والواقع أن الكتاب حين استخدموا هذا التعبير الذي شاع على الألسنة والأقلام في مثل قولهم: هذا عمل رئيسي وتلك وظيفة رئيسية نسبة إلى رئيس، يريدون أن العمل له صدارة وتقدم، وأن الوظيفة لها شأن وخطر، فالعمل أو الوظيفة لهما فوقية واستعلاء بالنسبة يلى غيرهما من الأعمال والوظائف.وكان المنكرون لهذا التعبير يأخذون على من يستعملونه إقحام تلك الياء قائلين إن التعبير لا يصح إلا بدونها فيقال: عمل رئيس ووظيفة رئيسة، وقد ورد الوصف بكلمة (الرئيسة) دون استخدام ياء النسبة في رسالة لابن شرف القيرواني إذ قال: " ذوو النفوس النفيسة والأخلاق الرئيسة" (في كتابه رسائل البلغاء).كما ورد في مقدمة معجم الأدباء لياقوت إذ قال: "ربيع النفوس النفيسة ورأس مال العلوم الرئيسة" كما ورد أيضا في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد إذ قال: "والجوع المفرط يضعف الأعضاء الرئيسة".ويمكن القول بأن الكاتب الذي يتوخى النسبة للتشبيه في قوله:(عمل رئيسي) إنما يتوخى ذلك لدقة حسه اللغوي ورهافة ذوقه البياني، إذ إن لفظ الرئيس أصبح لقبا يوصف به الأشخاص عادة، ويدل في الاستعمال على منصب ووظيفة، وكما يقول الأستاذ محمد شوقي أمين خبير لجنة الأصول وعضو المجمع، إن الكاتب حين يريد استخدامه للمعاني ولغير الأشخاص يعمد إلى النسبة للتشبيه، تفرقة بين الأشخاص ووصف المعاني والأدوات وما إليها.واستند المجمع في قراره إلى ما قاله ابن السكيت في الإصلاح والتبريزي في تهذيبه: اعلم أن ما جاء على فعلة (بضم الفاء وفتح العين) من النعوت فهو على تأويل فاعل، وما جاء منه على فعلة (ساكن العين) فهو في معنى مفعول.يقال: هذا رجل ضحكة: كثير الضحك، ولعبة: كثير اللعب، ولعنة: كثير اللعن للناس، وهزأة: يهزأ من الناس، وشخرة: يسخر منهم، وعذلة: كثير العذل للناس، وخذلة: يخذل الناس، وخدعة: يخدع الناس، وهذرة: كثير الكلام، وأكلة شربة: كثير الأكل والشرب.. إلى آخره.وزاد أبوعبيدة في الغريب المصنف:ورجل كذبة: كذاب، وخضعة : يخضع لكل أحد، وجلسة وتكأة، ولججة: كثير اللجاج والجدال، ورجل قبضة رفضة: كثير التمسك بالشيء ثم لا يلبث أن يدعه.وفي ديوان الأدب: يقال: هو نخبة القول: إذا كان النجيب منهم، وهجعة: نئوم، وطلقة: كثير الطلاق.رجل طلبة: يطلب الأمور، وبرمة: يتبرم بالناس، وهذرة بذرة: كثير الكلام، وفشرة: مشؤوم، ونبذة: من النبذ.وهي أمثلة يبلغ عددها مجتمعة زهاء سبعين رآها المجمع كافية في الحكم باطراد صوغ فعلة: للمبالغة من كل فعل ثلاثي.[c1]فاروق شوشة [/c]
|
رمضانيات
جمال العربية
أخبار متعلقة