تجديد " معهد جميل غانم " للفنون الجميلة
بعد أن مر أكثر مَّن عام دراسي، خضع خلالها "معهد جميل غانم" للفنون الجميلة، لأعمال الصيانة والترميم، وحيث بقي طلابه طوال العام الماضي متوقفين عن الدراسةإلا أنه اليوم يفتح أبوابه لاستقبال العام الدراسي الجديد.والسؤال الذي نود طرحه على جميع المسؤولين في إدارة المعهد وكذلك المدرسين الفنيين :نجوى عبد القادر- هل ترافقت فكرة أعمال الصيانة والترميم للمبنى بالكامل مع التغيير أو بعض التغيير لمستوى الدراسة إلى الأحسن؟- هل حصل المعهد على جميع متطلباته الأساسية من الأدوات الموسيقية والفنية والمكتبية؟- هل يمكن ضم شعب جديدة إلى الشعب السابقة في مجال الرسم التشكيلي أو النحت أو الرسوم الجدارية وغيرها من الفنون التشكيلية أو الفنون التطبيقية كالخزف والرسم على الزجاج أو المنحوتات الخشبية؟- هل ثمة مشاكل أخرى سيظل يعاني منها المعهد كمشكلة السكن الداخلي للطلاب وتوفير بعض سبل العيش الضرورية كالغذاء أو توفير بعض شروط الراحة والاستقرار، بالإضافة إلى النظافة والمسكن الصحي اللائق بهم كطلاب من مختلف محافظات الجمهورية.إن ما نأمله ونتمناه هو أن يحظى هذا المعهد بالاهتمام والرعاية وأن تتعهده أياد أمينة وصادقة وحريصة في الوقت نفسه للارتقاء به إلى مصاف المعاهد العليا للفنون في كثير من الدول العربية، أو كما كان يأمل فقيد الموسيقى والفنون الجميلة وعميدها الأول الأستاذ جميل غانم - رحمه الله - وأملنا كبير في ما تبقى من إداريين ومدرسين في هذا المعهد - وعلى رأسهم الفنان "أحمد بن غودل" الذي أعيد تعيينه مرة أخرى كمدير للمعهد.كما نأمل أن تنظم إدارة المعهد ورشات عمل قصيرة في فترات قريبة لكل من يهوى الموسيقى والرسم وغيرها من الفنون الجميلة.وأسوة بباقي الدول المتطورة والمتقدمة في مجالات الفنون الشعبية والفنون التشكيلية والفنون التطبيقية التي لا يقتصر دورها في مثل هذه المعاهد على الجانب التعليمي بل تقدم جميع منجزاتها الفنية إلى الناس أو نماذج من أعمالها للناشئين والجمهور الذي يتطلع دائماً إلى كل فن جديد وأصيل في آن واحد.ولا ننسى ما تقوم به المعاهد الفنية العليا من دور فاعل في إحياء الحفلات الغنائية والمسرحيات.. وإقامة المحاضرات والأمسيات وتقديم الدراسات عن واقع الفن في هذا البلد أو ذاك توجيه الناشئين نحو التراث للتعرف عليه والاستفادة من خصائصه.إن وضع المناهج الخاصة بالتعليم الفني ضرورة ملحة لأنه يساعد الدارس في البحث عن فن أكثر أصالة وأكثر ارتباطاً بالحاضر والمستقبل.وكما نعرف أن خريجي المعاهد الفنية يمكن أن تستفيد منهم الصناعة في بلدانهم ويمكن أن نصنع منهم تربويين فنيين.. وهناك الكثير من المجالات التي يمكن أن تستقبل مثل هذه الكوادر الفنية كالديكور - والخياطة وتصميم الأزياء والاكسسوارات وغيرها من الأعمال الإبداعية التي نحتاج إليها في حياتنا العملية ونحتاج إليها في مؤسساتنا التربوية والصناعية ومتاجرنا ومشترواتنا.ولا نستغرب أيضاً أن كثيراً من الصناعات في الدول المتقدمة كانت قد استفادت من الخبرات الفنية وعلى وجه الخصوص خريجي المعاهد الفنية - كما استفادت أيضاً كثير من الشركات المصنعة للسيارات والدراجات والأثاث والمنتجة للعطور وأدوات التجميل.فما بالنا لا ندعم مثل هذا المعهد الذي يحاول الوقوف على قدميه ولكن لا يجد من يأخذ بيده في خطواته الأولى.. لماذا نستهين بخريجي المعاهد الفنية أو لماذا يستهين هؤلاء الخريجون بأنفسهم.إن العمل الفني المرتبط بروح حضارة أمة من الأمم هو العمل المشروع. فلماذا نلغي مشروعية مثل هذه المعاهد ولا نفتح أبوابها لكل من يملك الموهبة؟ وإذا كانت الدول المتقدمة ترعى أنصاف المواهب ومحدودي الثقافة فلماذا لا نرعى مواهب أبنائنا؟ ولما ندفنها وهي تتنفس من روح حضاراتنا الضاربة في أعماق التاريخ.إننا لا ننكر الدور الكبير الذي لعبه قيام هذا المعهد في حياتنا الفنية ولكن هل قدم لنا المعهد الكوادر الفنية في حياتنا العملية وهل هناك خطوة جديدة نحو العمل الفني الذي يمكن أن نستفيد منه في حياتنا العملية والتربوية.والسؤال الأكثر إلحاحاً..لماذا أصبحت مادة التربية الفنية مادة هامشية لا تقدم ولا تؤخر؟لماذا النقص الكبير في مدرسي التربية الفنية؟وخاصة في مدارسنا الأساسية.ولعل النقص الأكثر خطورة يكمن في ثقافتنا الفنية - كمثقفين وكتاب ومبدعين - كما يمكن في عدم وضوح معنى الفن أو مفهوم الفن في الوسائل المنتشرة بين الناس - وهي الصحافة والإذاعة والتلفزيون - أو وسائل الاتصال الجماهيري - التي يجب أن تحمل رسالة الفن ومفاهيمه.وكما تقع هذه المهمة علينا كإعلاميين فإنها تقع على من يضعون المناهج الدراسية منذ السنوات الأولى للتعليم الابتدائي والتعليم الثانوي والجامعي وهنا يتسع مفهوم الثقافة الفنية بين الخاصة والعامة.. ولا سيما في مجتمعنا اليمني الذي تحيط به معالم الأصالة في الفن، ويملك تراثاً كبيراً وغنياً في مجال الرقص والغناء والطرب ناهيك عن مظاهر حياتنا الشعبية بما فيها من تقاليد محلية وأعراف متأصلة الجذور وهذا لا يمنعنا من خلق فنون أكثر أصالة والتعرف على فنون وحضارات أخرى والتفاعل معها أو الاستفادة منها.والأهم من هذا أن تعرف الأجيال الجديدة والفنون الناشئون معنى الفن وأن لكل أمة خصوصياتها الفنية وعلينا أن نحافظ على خصوصيتنا الفنية ونرعاها في حياتنا العملية.. ومدارسنا ومعاهدنا المتخصصة.