عيد الاستقلال بعيون النخبة المثقفة:
استطلاع / محمد جابر صلاحاليوم نحن اليمانيين نحتفل بالعيد الأربعين للاستقلال الوطني وجلاء المحتل البريطاني عن أرض الوطن الذي عاث فيه فساداً قرابة مائة وتسعة وثلاثين عاماً . وبهذه المناسبة “ صحيفة 14 أكتوبر” استطلعت آراء الشخصيات الاجتماعية و الأكاديمية حول هذه المناسبة دور مدينة عدن في حركة التنوير الثقافي والنضالي وكيف استطاعت القوى الوطنية مقاومة المشاريع الاستعمارية في الوطن؟تتفق الشخصيات الاجتماعية والأكاديمية أن عيد الاستقلال جاء بعد تضحيات جسام قدمها الشعب اليمني مقابل حصوله على حريته واستقلاله، مؤكدين أن الوحدة جاءت تتويجاً لذلك النضال فهي راسخة بدماء الشهداء وشامخة بعزيمة اليمانيين.وعن دور مدينة عدن في الحركة الثقافية والنضالية د/ محمد عبد الجبار سلام يقول : أن التنوير الثقافي والنضالي بدأ من عدن بإنشاء المخيمات والنوادي الأدبية والجمعيات مثل جمعية المكفوفين وجمعية كبار السن والجمعيات القروية والجمعيات الفكرية، وأن حركة الأحرار أيضاً بدأت من عدن والأحزاب القومية مثل حزب البعث (1957م) وحركة القوميين (1959م) وإن هناك عشرات الصحف منها سبع صحف تصدر بشكل يومي وصحف منتمية وذات اتجاهات محددة فصوت اليمن كانت تمثل الأحرار،و(الفضول) تمثل مقاومة الإمامة و(العامل) و (القات) و(الفكر) كانت تناصر الحركة العمالية و في عدن تشكل أو حزب على مستوى الوطن في عام (1955م) هو الجبهة القومية المتحدة وفيها عقد مؤتمر للنقابات العمالية عام 1956م ، وكان يوجد في كل منطقة جمعية مثل جمعية العواذل وجمعية لحج، وجمعية حضرموت، وجمعية رداع، وجمعية القبيطه ، وكان لهذه الجمعيات دور ثقافي وتنويري فهي المدرسة ومقر للمحاضرات ومجال للنقاشويستطرد قائلاً: فعدن هي الروح الوقادة للثقافة والفكر، الأمر الذي عكس نفسه على مقاومة الاحتلال والبحث عن الحرية، ولذلك عندما قامت ثورة 26 سبتمبر هبوا إلى نصرتها والوقوف إلى جانب إخوانهم ضد الإمامة، فما أن استقرت الجمهورية في صنعاء حتى تحولت عدن منطلق للثوار لمحاربة المحتل البريطاني .[c1]أصبت بنكسة[/c]وحول ما يمثل يوم الثلاثين من نوفمبر له من ذكريات يقول الدكتور سلام : 30 نوفمبر بالنسبة لي كان نكسة لان اليمن ولأول مرة تتشطر إلى دولتين وتشطر الإنسان اليمني شخصياً ووجدانياً وفكريا في أرض يمنية واحدة ولم تزح هذه النكسة من وجداني إلا عندما رفع الأخ/ علي عبد الله صالح- رئيس الجمهورية- علم الوحدة ليرفرف عالياً معلنا انتهاء عهد التشطير ، أتذكر جيداً حينها وأنا طالب في القاهرة عندما قام الإعلام العربي والمصري خاصة باستعراض يوم الاستقلال من مدينة عدن، وحينها عرفت بأن اليمن انشطر الى شطرين. في هذا اليوم ، فعمدت إلى مناصرة الوحدة. فكتبت عدة مقالات الأول كان تحت اسم” ملاحظات حول الأوضاع في الشمال والجنوب “ والثاني “ تساؤلات حول الأوضاع في الشمال والجنوب “وعندما تخرجت أصدرت مجلة (الكلمة) فكان يصدر عدد خاص عن الوحدة اليمنية كلما نشبت الأزمة والصراع بين الحكومتين.[c1]واحدية الثورة[/c]من جانبه تحدث د/ محمد مثنى عبد الله عن مكانة عدن الثقافية والتنويرية بقوله : لعبت عدن بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي كميناء تاريخي دورا رياديا في حركة التنوير الثقافي والنضالي للشعب اليمني وأدى الوعي الثقافي المبكر في مدينة عدن إلى بروز العديد من الحركات الوطنية والقومية التي كان لها الفضل الكبير في بلورة الفكر الوطني والقومي التحرري بين أوساط المجتمع اليمني والذي انعكس بشكل ايجابي في تهيئة المجتمع للتحرر من النظام الملكي الإمامي الكهنوتي في شمال الوطن ومن النظام الاستعماري البريطاني الغاشم في جنوب الوطن، ويضيف: “ فقد احتضنت مدينة عدن احتضنت حركة الأحرار اليمنيين وقادتها من أمثال الشهيد محمد محمود الزبيري والنعمان والحكيمي وغيرهم بعد فشل ثورة 1948م الدستورية ، وفي عدن نشأت العديد من الحركات الوطنية والقومية والتي انخرط فيها أبناء اليمن من كل مناطقه وقراه كتعبير عن واحدية الثورة اليمنية ووحدتها ووحدة المصير.ويضيف:” وكانت البداية الأولى هي تكاتف وتآزر اليمنيين وتلاحمهم في إسقاط النظام الملكي ، ففجر اليمانيون ثورتهم السبتمبرية التي شكلت منطلقا وأساسا لطرد الاستعمار البريطاني وتحرير جنوب الوطن , وبالفعل لم يمض على انتصار الثورة السبتمبرية عام واحد من عمرها الا وقد تهيأت كافة الظروف لانطلاق ثورة الـ 14 اكتوبر 1963 م وانطلق الفدائيون من مدينة تعز و قعطبة و ماوية و حريب والبيضاء,للقيام بعملياتهم الفدائية البطولية ضد القواعد البريطانية التي كانت منتشرة في عدن ومعظم المناطق اليمنية التي أطلق عليها الاستعمار البريطاني بالمحميات الغربية والشرقية, وأمد النظام الجمهوري في شمال الوطن فدائي الجبهة القومية وجبهة التحرير والتنظيم الشعبي بالمؤن والعتاد والسلاح والتدريب للفدائيين وإيواء اسر المناضلين ومدهم بالغذاء والدواء وتعليم أبنائهم واحتضن اليمنيون بعضهم البعض وتقاسموا معا لقمة العيش وقطعة الخبز في تلك الظروف التاريخية العصيبة والقاسية وشكلوا بتلاحمهم وتكاتفهم صورة رائعة لوحدة ثورتهم اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) ووحدة الشعب اليمني .[c1]مشاريع استعمارية[/c]وعن دور الدولة اليمنية الناشئة في مقاومة المشاريع الاستعمارية في الوطن وتعزيز الهوية الوطنية يقول د/ مثنى : ومن خلال تكاتف أبناء الشعب اليمني استطاعوا التصدي للمشاريع والمخططات الاستعمارية البريطانية وأفشلتها في مهدها ومنها الاتحاد الفيدرالي للجنوب العربي الذي كان من أهم المخططات التي تم إسقاطها والى غير رجعة ، وقد أخذت الدولة الناشئة على عاتقها تعزيز الهوية الوطنية فأصدرت القوانين التي تحميها وتصونها من أية تشوهات تعتريها , وعملت على تعزيزها وتوحيد الشطر الجنوبي للوطن من إحدى وعشرين سلطنة ومشيخة إلى كيان وطني واحد ،وهذه تعتبر خطوة هامة على طريق إعادة تحقيق الوحدة اليمنية والتي كان أيضا لمدينة عدن شرف إعلان قيام الدولة اليمنية ورفع علمها الوطني يستظل تحته كل أبناء الوطن اليمني .[c1]افتداء الوطن[/c]ويأخذ أطراف الحديث د .عبدا لرحمن محمد الشامي قائلا: “فبعد رحيل الاستعمار البريطاني تطلعت القوى الوطنية في كل من المحافظات الشمالية والجنوبية إلى اليوم الذي تتوحد فيه الأرض والإنسان بعد جلاء المستعمر، وانتهاء حقبة التشطير.ومن هذا المنطلق سعى أباؤنا وأجدادنا إلى مقاومة الاستعمار البريطاني وافتدوا الوطن بدمائهم الزكية، مواصلين صفحة الكفاح والنضال التي نحتفي به اليوم ويزخر بدروس البطولة والتضحية التي تجد فيها الأجيال قدوة حسنة، ومثالا ساميا يتأسون به لردع كل من يحاول النيل من الوطن.[c1]الحياة الآمنة [/c]عن دورالشباب في مقاومة المشاريع الاستعمارية القديمة الجديدة حاليا يقول: نحن على ثقة من وعي شبابنا اليمني ونضجهم الكبير، وأن الغالبية العظمى منهم قادرون على تمييز الغث من السليم والطيب من الخبيث؛ اعتمادا على تنامي الوعي بين صفوف هؤلاء الشباب، فهم في مقدمة الدفاع عن الوحدة اليمنية التي حققها الآباء بعد طول عناء ونضال فعلى الشباب أن يكونوا على وعي كامل بأن أي نوازع تهدف إلى النيل من الوحدة اليمنية فإنما تحاول النيل من حياتهم، وتمثل تهديدا لمستقبلهم، ومحاولة لمصادرة حقهم في حياة مستقرة، والعيش في رحاب وطن موحد آمن، وهذه الحقائق جديرة بأن يستحضرها الشباب، وأن يعوا معانيها، والعمل بمقتضياتها، فمواجهة المخاطر تستلزم معرفة مواطنها.[c1]إنشاد الحرية [/c]ويشير الدكتور/ عبد الملك الدناني إلى أن الوحدة لا تفريط فيها، ولا يعني إن الذين يفتعلون المؤامرات والدسائس يستطيعون إن يصلوا بالشعب اليمني إلى ما قبل ألـ 22 مايو 1990م فالشعب موحد منذ الأزل،مبينا أنه رأي كثير من اليمنيين عندما كانوا ينشدون الحرية وفك الأسر المتمثل في الحدود بين البلدين وهم يتنقلون حتى لو كلفهم ذلك حياتهم.